نحن الآن في حقبة "الباندورا" pandoras box التي يقال عنها عوضا حقبة "الحرب البيولوجية"..! "فصندوق الباندورا" بحسب الترجمة الحرفية للكلمة هي اسطورة يونانية قديمة ،(وباندورا) هذه هي امراة ارسلها "زيوس"ZEUS كبير آلهة اليونان عقابا للجنس البشري وذلك بعد سرقة "بروميثيوس"Prometheus للنار من برق السماء وتعليمه البشر كيفية استعمالها والاستفادة منها ،ولقد اعطي زيوس لتلك المرأة علبة ما ان فتحت بدافع الفضول حتي انطلقت منها جميع الشرور والرزايا فعمت البشر ولم يتبق منها غير الأمل.. بصورة أخري فإن الحرب البيولوجية (biowarوكذلك الإرهاب البيولوجي bioterrorism) هو الاستخدام المتعمد لبعض الكائنات الحية الدقيقة التي تعرف اختصارا باسم الميكروبات (مثل الفيروسات والبكتريا والفطريا) وكذلك إفرازاتها السامة لإحداث المرض او القتل الجماعي للانسان عبر ما يملكه من ثروة نباتية او حيوانية (اقتصادية) او تلويث لمصادر المياه والغذاء او تدمير البيئة الطبيعية التي يعيش فيها. ولمزيد من الشفافية ،يوضح العلماء،انه يجب ان نفرق بين (الامراض الوبائية الطبيعية) وبين تلك الاوبئة الناتجة عن تدخل جهات معادية تستخدم اسلحة بيولوجية فتاكة مما يعني ان نفرق، بين الميكروب او الفيروس (المستوطن) لبيئة معينة كالبلهارسيا مثلا والميكروبات او الفيروسات الاخري الدخيلة كأنفلونزا الطيور او أنفلونزا الخنازير التي تكون عادة كسلاح بيولوجي، وهذا يوجب علينا عمل بصمة جزيئية molecular fingerprint تحمل الصفات الوراثية للميكروبات او الفيروسات المستوطنة. وهذا ما يفسر ان متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد المعروف "بفيروس سارس" انطلقت من الصين الي العالم وهذا ايضا ما يفسر ان انفلونزا الخنازير انطلقت من امريكا رغم الشائعات الاعلامية التي تردد انها انطلقت من المكسيك. انها حرب بيولوجية يحكي لنا التاريخ احداثا لمعارك حربية استخدم فيها المحاربون اسلحة بيولوجية ضد اعدائهم ففي عام 600 قبل الميلاد قام حاكم اثينا بإلقاء جذور نبات يعرف باسم هليورس في نهر صغير كان اعداؤه يشربون منه ،فسبب ذلك اسهالا شديدا ادي الي هزيمتهم ،وفي العصور الوسطي كان من المألوف قذف جثث الحيوانات النافقة وكذلك ضحايا مرض الجدري والطاعون من فوق اسوار المدن المحاصرة بواسطة المنجنيق، وهذا ما حدث في القرن الرابع عشر الميلادي، حينما حوصر الميناء البحري كافا kaffa الذي يقع علي البحر الاسود وادي ذلك الي انتشار وباء عجل من استسلام الجنود المحاصريين. ومن اشهر الحروب البيولوجية المدمرة ما مارسه الاوربيون ضد الهنود الحمر في امريكا بغرض القضاء عليهم وهم اهل البلاد الأصليين حيث عملت انجلترا بتوزيع بطاطين ملوثة بفيروس الجدري تم الحصول عليها من محجر يحتجز فيه المصابون بهذا المرض المعدي الفتاك علي قبائل الهنود الحمر بغرض المساعدة بينما كان الغرض الحقيقي هو نشر وباء الجدري مما ادي الي قتل اعداد كبيرة منهم دون قتال. وفي العصر الحديث شن اليابانيون حربا بيولوجية قاتلة ضد جيرانهم الصينيين حيث اطلقوا قنابل البراغيت الحاملة لمرض الطاعون فوق المدن الصينية خلال الحرب العالمية الثانية كما اجروا تجارب لاستعمال بعض الميكروبات الممرضة علي اسري الحرب الصينيين دون رحمة او شفقة ولم يعلم العالم شيئا عن ذلك الا عام 1980 بعد نحو 35 عاما من انتهاء الحرب. ولقد عانت الولاياتالمتحدة نفسها من آثار الحرب البيولوجية خلال حربها مع العراق عام 1991 فيما سمي لاحقا "بمتلازمة حرب الخليج " حيث انتشرت بين بعض جنودها اعراض غريبة ظهرت في معاناة الجنود العائدين من الآلام شديدة في المفاصل وعدم القدرة علي التركيز تصل الي حد الاصابة بالزهايمر وصعوبة في التنفس ثم الموت..! وفي الاونة الاخيرة ظهرت حالات مرضية غريبة في اماكن مختلفة من العالم منها ما ظهر في ولاية اوهايو الامريكية في سبتمبر 1998، حيث تعرض بعض الاشخاص للعدوي بفيروس فقد المناعة الطبيعية للجسم AIDS ويعتقد ان هذا الفيروس تمت هندسته وراثيا بدمج فيروسين مختلفين تكون منهما هذا الفيروس. وكذلك فيروس الايبولا المنتشر في افريقيا حيث يعتقد بعض العلماء ان ذلك الفيروس ليس طبيعيا ولكنه مسخ مهندس وراثيا،أطلق عمدا في افريقيا لدراسة تأثيره علي الإنسان. ومن اشهر الاسلحة البيولوجية التي ظهرت في العشر سنوات الاخيرة هي: بكتريا الجمرة الخبيثة (الحمي الفحمية)، بكتريا حمي البغاء، مرض حمي الارانب، بكتريتا السالمونيلا، بكتيريا الزحار (الدوسنتاريا)، بكتريا الكوليرا، بكتريا الطاعون (الموت الاسود)، فيروس حمي الخنازير الافريقي، فيروس انفلونزا الطيور، فيروس الحمي القلاعية، فيروس الخنازير (انفلونزا الخنازير)، الفيروس الداخلي للخنازير، فيروس جنون البقر، فيرس سارس، التبقع البني في الارز، جرب القمح وغيرها. أيد خفية في عام 1998 نشر تقرير صحفي يفيد بأن حكومة البيض العنصرية (السابقة) بجنوب افريقيا كانت قد تبنت برنامجا لتطوير سلاح بيولوجي يعتمد علي الهندسة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية، يكون متخصصا في قتل البشر ذوي البشرة السوداء دون غيرهم من الادميين،معتمدا في ذلك علي جغرافية الجينات البشرية (وهي متاحة الان للعامة علي النت) وعرف بإسم "القنبلة العنصرية العرقية". وفي بداية الالفية قالت وكالات الانباء ان اسرائيل تعمل جاهدة علي انتاج اسلحة بيولوجية متخصصة في الحاق الضرر بالسكان العرب الذين يحملون جينات وراثية خاصة بهم اي انها اسلحة بيولوجية للتطهير العرقي. لذلك فإن هذه الاخبار سيئة السمعة تثير سؤالين: هل من الممكن ان يكون هناك سلاح بيولوجي متخصص في الاضرار بجنس بشري ذي صفات وراثية معينة دون غيره..؟! هل يجب علينا نحن العرب ان نتخوف من ذلك السلاح البيولوجي الفعال الذي قد يوجه الينا يوما ما ،دون غيرنا من اهل الارض..؟! الحقيقة انه من الممكن عبر هندسة جين او فيروس لتخليق مادة سامة (اي ما يسمي بالتوكسين) في خلية بكتيرية وتنشيطها عبر ربطه (بمستقبل خاص) يمكنه تحديد صفة عنصر بشري معين لصفة محددة. مثل تكوين صبغة لونية للجلد (لون البشرة) او لون العين او غيرها من الصفات التي تحمل علي جين واحد. ولكن لاتتشاءموا كثيرا، فكما ان الهندسة الوراثية تلعب دورا في الحرب البيولوجية فإنها في ذات الوقت تحصن الانسان ضد الاصابة بها ،فقد اثبتت الابحاث الحديثة في مجال اللقاحات إمكانية زيادة مناعة الانسان لمرض ما عن طريق التغذية علي نباتات مهندسة وراثيا مثل الموز والتي تحتوي علي جين المناعة ضد امراض معينة وهكذا تزداد مناعة المدنيين المعرضين للعدوي دون ان يعلم احد شيئا عن ذلك. سمعة سيئة لا تقل اسلحة الحرب البيولوجية خطورة عن اي نوع آخر من اسلحة الدمار الشامل ،بل انها اكثر خطورة من حيث سهولة الاعداد والاستخدام وسرعة الانتشار لذا اطلق عليها اسم "الاسلحة القذرة" او "سيئة السمعة" ولقد حرم القانون الدولي استخدام اسلحة وسائل الحرب البيولوجية وتعددت التشريعات التي حظرت استخدام اسلحة الدمار الشامل (الكيميائية والبيولوجية). ورغم ان الولاياتالمتحدة في عام 1969 وفي عهد الرئيس نيكسون اتخذت قرارا بإلغاء برنامج التسليح البيولوجي من جانب واحد، ثم صدقت علي اتفاقية حظر انتاج وتخزين الاسلحة الكيميائية بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت عام 1990 فيما عرف بقمة جورباتشوف - بوش تم خلالها الاتفاق علي تخلص الدولتين من مخزونهما الاستراتيجي للاسلحة الكيميائية بحلول عام 2000 الا ان الولاياتالمتحدة امتنعت عن التصديق علي معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية التي انطلقت عام 1993 نتيجة خلاف حول اجراءات التحقق من تنفيذ بنود المعاهدة مما يعني ان الولاياتالمتحدة لا تزال تمتلك اسلحة بيولوجية اضافة لاسرائيل التي رفضت هي الاخري التوقيع علي المعاهدة والتي تمتلك اكبر ترسانة في الشرق الاوسط لاسلحة الدمار الشامل (نووي- كيميائي- بيولوجي- ارتجاجي) فمتي تصدر الاممالمتحدة قانونا يلزم بالتفتيش الدولي علي الاسلحة البيولوجية الفتاكة والتي اصبحت تهددنا من انفلونزا طيور وخنازير وانثراكس وحمي قلاعية وجنون البقر وغيرها تماما كما تفتش علي اسلحة الطاقة النووية المدمرة؟! ومن يحمينا من خطط الدول العظمي والشركات متعددة الجنسيات التي تحاول كل عام نسج سيناريو لازمة اقتصادية-نفسية للمواطن العالمي سواء عبر ازمة الطاقة والمحاصيل الزراعية في عام 2008 او ازمة الاقتصاد العالمي عام 2009 واخيرا ازمة انفلونزا الخنازير التي ستؤثر علي قطاعات خدمية كثيرة ناهيك عن حياة المواطن نفسه!