ليس جديداً على الفضائيات العربية استقطاب كوادر سياسية وشخصيات من أهل الصحافة في برامج «التوك شو»، والتي أصبحت تحقق رد فعل قوياً على الساحة الإعلامية من حيث جذب المشاهدين لهذه القنوات و جلب الإعلانات وهو المطلوب وإن كانت في النهاية أيضا تحقق استفادة للمشاهد بشكل أو آخر من ناحية تأثيرها الكبير عليه وعلى تواصله مع الأحداث الموجودة على الساحة كما اوردت جريدة الوسط البحرينية.. لكن الغريب هو إصرار نفس هذه الفضائيات على التعاقد مع كثير من الفنانين لتقديم برامج على شاشتها بعد أن ظل ظهورهم في وقت سابق يقتصر فقط على شهر رمضان.. والأغرب من ذلك حاليا هو الزحف المستمر من هؤلاء النجوم تجاه هذه البرامج رغم أن معظمها مكررة ولا تضيف لهم جديدا..وما بين الفضائيات من جهة والفنانين من جهة أخرى، تثار العديد من التساؤلات حول ظاهرة «مقدمي البرامج الفنانين» وهل أصبح تقديم هذه البرامج نوع من البيزنس من جانب النجوم كتعويض عن توقفهم بعض الفترات عن تقديم الأعمال الفنية وفرصة لتواجدهم على الساحة وأيضا جلب الأموال والتي بالتالي لا تختلف عن مصحلة القنوات الفضائية من الاستعانة بنجم لجذب الجمهور والإعلانات من وراء هذا النجم. أيضا هناك تساؤل آخر يتعلق بهذه الظاهرة يتمثل في وجه الاستفادة من هذه البرامج التي لا تخرج عن حد التفاهة والتهريج وهل أصبح هناك أزمة في الاستعانة بالمذيعين أم مع تطور القنوات انتهى عصر المذيعين ؟ الفنان نور الشريف بدأ تعليقه على هذه الظاهرة برأيه فى الاعلام بشكل عام، مؤكدا أن الإعلام وصل في العصر الحالي إلى مرحلة مختلفة وإن كان أفضل بكثير من 15 عاما مضت من ناحية الجرأة في تقديم الموضوعات والقضايا المطروحة على الساحة، سواء سياسية أو اقتصادية أو دينية. إلا ان ذلك التطور، في رأى الشريف، يمثل خطورة كبيرة لأن البعض بدأ يستخدم هذه المميزات التى تحلى بها الإعلام مؤخرا بشكل خاطئ، فمثلا القنوات الإخبارية من الصعب اتهامها بإحداث إرهاب للمجتمع رغم انها بالتأكيد تفعل ذلك بينما أصبح كل هم أغلب مقدمي البرامج السياسية في أن ينجح في عمل وقيعة بين الضيوف أو مسؤول آخر لكي يخرج بحلقة ساخنة ومثيرة. الشهرة والمال ويعود الشريف للحديث حول برامج الفنانين، مؤكدا أن كل شيء أصبح متصلا بالآخر واصبح ما تسعى إليه الفضائيات بشكل أو آخر هو استخدامها لبعض رجال السياسة والدين والرياضة وغيرها لتأثيرهم على المشاهد ولتحقيقهم لمزيد من الشهرة وجلب الأموال أصبحت البرامج الفنية لها مكانة كبيرة خاصة، وتحقق هذا بشكل أسرع بسبب حب الناس وتهافتهم على نجومهم لتخرج البرامج الفنية، ومن هنا بدأ التكرار لأفكار خفيفة تخفيفا على المشاهد من تخمة البرامج الثقيلة. أمر صعب يرى الفنان خالد الصاوي أن مسألة تقديم الفنانين للبرامج مسألة صعبة جدا، كون النجم يؤثر في المشاهد ما يلقي عليه مسؤولية اختيار الفكرة المناسبة التي سيقدمها في البرنامج.. لافتا الى أنه ليس مع برامج النجوم التي تقدم دون هدف واضح وفائدة للمشاهد. أما بالنسبة لاستقطاب الفضائيات للنجوم فهذا، والكلام للصاوي، يعبر عن الشكل الذي أصبح عليه حال عدد كبير من القنوات الفضائية من كونها تبحث عن مكسب وشهرة سريعة علي حساب هؤلاء الفنانين والذين ايضا قرروا خوض التجربة سواء لزيادة رصيدهم الفني أو رصيدهم المادي. منفعة متبادلة أما الفنان أشرف عبد الباقي صاحب الرصيد الكبير في تقديم البرامج، التي تنوعت بين الفنية الخفيفة والمقالب، فيؤكد أنه يستمتع بكلا النوعين لأنه في النهاية يقدم هذه البرامج بشخصيته الطبيعية وليس المذيع باعتبار أنه ليس مقدم برامج بالمعنى الصريح كما أنه يضيف إليها أكثر ما تضيف له. عبدالباقي رفض في هذا السياق مهاجمة البعض لبرامج النجوم، لأنها لو لم تكن ناجحة ما كان يسعى أصحاب القنوات الفضائية للتعاقد مع مقدميها من الفنانين، بالتالي فهناك منفعة من الجانبين سواء للقناة التى تستفيد من شهرة النجم وجمهوره وأيضا لابد أن يحصل النجم على عائد ما يقوم به من عمل. الفنانة هالة فاخر لها رأى حول قضية برامج الفنانين، توضحه بقولها إن طبيعة البرنامج وفكرته هي التي تفرض نفسها وتحدد ملامحه، موضحة أنه لا يمكن أن تستعين قناة بنجم أو فنان لكي تجعله يقدم قضية سياسية أو غير ذلك، لأنه ليس إعلاميا، مشيرة إلى أنه «حتى لو كانت هناك مصلحة مادية فأعتقد أنها تعود علي الطرفين وهذا حق الفنان، لأن البرنامج مثله مثل العمل الدرامي أو الفني بشكل عام يتم تسويقه باسمه ويجلب الإعلانات وبالتالي فأجره هنا يحدده أيضا العرض والطلب ونجاح العمل». اسأل رجاء وتضيف الفنانة رجاء الجداوي والتي تقدم فقرة ضمن برنامج «القاهرة اليوم» مع الإعلامي عمرو أديب تحت عنوان «اسأل رجاء»، والتي سبق أيضا وقدمت بعض البرامج خلال مشوارها فأكدت أنها كفنانة ليس لديها مانع من تقديم برامج وقضايا مختلفة شرط أن تضيف كفنانة لهذا العمل وليس مجرد التواجد فقط.. منتقدة في هذا الصدد ما تردد حول أن تواجد النجوم في هذه البرامج يأتي في أوقات فراغهم وعدم وجود أعمال فنية لديهم. صاحب بالين كداب على العكس من آراء الفنانين، كان هناك رأي آخر مختلف للإعلاميين، حول سيطرة الفنانين على البرامج، الإعلامي مفيد فوزي الذي بدأ حياته صحافيا وانتقل إلى صفوف الإعلاميين، يقول: لا يوجد خطر يواجه العمل الإعلامي من بعض الكوادر الصحافية وغيرها ولكن الأهم هو أن يكونوا على إدراك جيد بشرف المهنة وأن يستطيعوا حقا أن يثبتوا أنفسهم وإلا ما كانوا قد اقتحموا هذا المجال. وبالتحديد، والكلام لفوزي، فإن دخول بعض الكوادر الصحافية لا يعد شيئا غريبا لأنهم في النهاية مجال واحد ولكن المشكلة الحقيقية أصبحت تكمن في أصحاب القنوات الفضائية واختيارهم للبعض لتقديم البرامج لمجرد فقط كونهم أسماء لمعت على الساحة ودون ان يمتلكوا أي مؤهلات وهذه هى الكارثة الحقيقية. يضيف فوزي: والى جانب ذلك يبدو أن الفنانين قرروا فجأة الاستغناء عن أدوارهم الحقيقية وتقمص شخصيات أخرى لدرجة اعتقد البعض إنهم يصلحون لهذه المهنة وفى النهاية فلا يمكن على الإطلاق تبادل الأدوار لأن صاحب بالين كداب. تؤكد الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع، أنه لا يمكن الاستغناء عن المذيعين ولن تنتهي أدوارهم لأن هذه مهنتهم وسيظلون يتربعون على عرشها مهما أتى إليها من خارج الوسط.. لكن ظهور النجوم وتقديمهم للبرامج يأتي من باب الترفيه والبرامج الخفيفة وأيضا في ظل مئات القنوات الفضائية الموجودة أصبحت المنافسة ساخنة بين هذه القنوات والتي تسعى بكافة الطرق إلى جذب المشاهد إليها ومن هنا جاءت الاستعانة بالنجوم والرياضيين والسياسيين والصحافيين للمشاركة في هذه البرامج بهدف جذب الجمهور ولكونهم يحملون شعبية وجمهور . دخلاء أما الإعلامية منى الحسيني فتؤكد أن الإعلام مثله مثل أي مجال آخر يعانى من العيوب والدخلاء عليه.. ولكن هذه المهنة بالتحديد، مقدم البرنامج، هي مهنة مؤثرة على الساحة وهمزة وصل بين الناس والمجتمع والعالم. وتوضح في هذا الصدد أن الإعلامي بعيدا عن مؤهلاته البدائية التي يجب أن يكون عليها لابد أن تكون لديه أمانة شديدة، لأنه يتعامل مع ملايين من البشر ليس فقط داخل وطنه ولكن أيضا على مستوى العالم، لأننا أصبحنا في عصر الفضائيات. موضحة أن من يفتقد هذه الصفات سيحقق فشلا ذريعا.