الجمهورية 16/5/2009 كلما اقتربت الامتحانات ازداد التوتر والقلق بين أوساط الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات.. فهناك من استعد بالمذاكرة والاجتهاد والتحصيل وهناك من استعد بطريقته الخاصة التي تقوم علي الغش مستخدما التكنولوجيا الحديثة في تحقيق هذا الغش الحديث أو "الفوسكا" كما يسمونها وهي تعني تكنولوجيا الغش.. وهؤلاء الطلاب لايبتغون بذلك سوي الحصول علي النجاح بوسائل غير مشروعة في ظل مجتمع لايعظم قيمة العلم والمعرفة بقدر ما يعظم الحصول علي شهادات والتي اصبحت هدفا في حد ذاتها يبذل من اجلها الغالي والرخيص.. ليصبح ذلك الغش مطلبا اجتماعيا لاتسعي اليه فئة بعينها بل جذبت اليها باقي الفئات الاخري إعمالا لمبدأ تكافؤ فرص الغش للجميع في ظل وسائل تكنولوجيا وأساليب تقنية يستخدمها الطلاب ويوظفونها لتحقيق هذا الغش الذي تعددت ألوانه وصوره ولم تعد تعتمد علي الوسائل التقليدية التي رغم ذلك مازال بعضها يستخدم حتي الان مثل استخدام البراشيم "اوراق مصورة في حجم صغير وتباع نهارا جهارا في المكتبات" وكذلك الكتابة علي الجسم احيانا وكذلك الخروج اثناء الامتحانات لدورات المياه بل وصلت الي صور أكثر خسة من خلال الغش الجماعي كاستخدام المايكروفونات خارج اللجان لحل الاسئلة أو استخدام كلاكس سيارة بعد خروج احد الطلاب من اللجان ومعه ورقة الاسئلة لحل اسئلة الصواب والخطأ والاختيارات والتي يسبقها بروفات بين الطلاب.. وكما أن للتكنولوجيا مزايا فإن لها عيوبا جراء توظيفها لتسهيل عملية الغش من خلال استخدام الهواتف المحمولة التي تتعدد تقنياتها عن طريق الاتصال ولايستطيع المراقب رؤيتها في أذن الطالب أثناء الامتحان والتي قد يسترها غطاء الرأس عند الفتيات مما يزيد الأمر صعوبة أو القيام بتفكيك تلك السماعات ووضعها في ساعة اليد او الغش عن طريق خاصية البلوتوث أو ارسال الرسائل القصيرة SMS او عن طريق تصوير ورقة الاسئلة اثناء الامتحان وارسالها الي المكلفين بحل رموز الأسئلة عن طريق رسائل SMS او استخدام خاصية الانترنت في الهاتف المحمول.. بل إن العدوي اصابت الآلات الحاسبة التي تجيز الوزارة استخدامها وذلك عن طريق امكانية تخزين المعلومات وسهولة استخراجها اثناء الامتحانات. ان تعدد وسائل وأساليب الغش الحديثة يرجع الي عدة اسباب لعل ابرزها اننا أصبحنا نعيش في مجتمع يسعي افراده الي الوثوب الي مواقع لاتناسب مؤهلاتهم او قدراتهم بالغش او التزوير والفهلوة ليتحول ذلك الي ثقافة بين مختلف افراد المجتمع وليقاس النجاح حسب قدرة الشخص في استغلال قدراته المحدودة وتوظيف اي شئ بشكل مشروع أو غير مشروع لتحقيق مبتغاه.. اما السبب الابرز الاخر فهو تلك الامتحانات الروتينية التي لاتشجع علي الابداع أو الابتكار ولكنها تقيس القدرة علي الحفظ ولهذا فإن الغش في الامتحانات سيظل مشكلة تؤرق المجتمع ويقضي علي مبدأ تكافؤ الفرص ويقضي علي العقول والكفاءات وهذا يفرض علي المسئولين ضرورة عقد المؤتمرات المستمرة والتصدي للوسائل التقنية الحديثة وضرورة تغيير اسلوب الامتحانات بشكل يقيس الفهم والاستيعاب والابداع والسعي ايضا الي ترسيخ قيم تحارب الغش والغشاشين في كافة مناحي الحياة لان غشهم لن ينتهي بتحقيق النجاح المزعوم بل هو بداية لمسلسل غش مستمر ليصبح عقيدة تورث ولايجني المجتمع من ذلك سوي مزيد من التخلف والتراجع.