رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإضراب عن الطعام .. سلاح المعارضين والحكام


رؤساء أحزاب صائمون
ممنوع الأكل تحت قبة البرلمان
إعداد: د. هند بداري
إعلان رئيس دولة الإضراب عن الطعام تعبيراً عن الاحتجاج السياسي، يكشف عن تحول كبير في ثقافة المقاومة السلمية التي لم تعد سلاح المعارضين والبسطاء من أفراد الشعب في مواجهة الزعماء والحكومات، بل انتقلت إلى الرؤساء والقادة السياسيين وصناع القرار الذين اتجهوا إلى مقاطعة مآدبهم الفاخرة من أجل كسب تعاطف القوى المعارضة بدلا من اللجوء إلى وسائل القمع والقهر والعنف التي قد تحقق نتائج عكسية وتشوه صورتهم أمام منظمات الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ففي سابقة تعد الأولى من نوعها على مستوى رؤساء الدول الذين يعتلون قمة السلطة ويتمتعون بكامل الصلاحيات والسلطات في تسيير أمور البلاد، نفذ الرئيس البوليفي ايفو موراليس إضراباعن الطعام على مدى 6 أيام متواصلة في محاولة لاستجداء عطف المعارضة حتى لا تعرقل تنفيذ قانون الإصلاحات الانتخابية، الذى يسمح بتخصيص مقاعد أكثر للمناطق الفقيرة التي يحظى بشعبية كبيرة فيها، ويمنح الأغلبية من السكان الأصليين حقا أكبر فى التصويت وحقوقا أخرى.
وقد أمضى رئيس بوليفيا مع العديد من أنصاره ليال فوق وسائد متواضعة على أرضية القصر الرئاسي. وكان يكتفي بتناول السوائل ومضغ أوراق "الكوكا" التي تساعده على مقاومة الجوع دون أن يتناول أي طعام.
وبعد التصويت على القانون الانتخابي الثلاثاء الموافق 14 أبريل / نيسان 2009 م، أوقف "موراليس" الذي يأمل في الفوز بولاية رئاسية ثانية في ديسمبر/ كانون الأول الإضراب عن الطعام. وقد انتخب "موراليس" في ديسمبر/ كانون الأول عام 2005م، وتولى مهام منصبه في يناير/ كانون الثانى عام 2006 م لفترة رئاسة مدتها 5 سنوات.
فلسفة المقاومة السلمية
ويستلهم موراليس هذه الفلسفة من مسيرةالزعيم الهندى "المهاتما غاندي" المتحمس للسلام، الذي أسس ما عرف في عالم السياسة ب"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وقد استخدم "غاندى"هذا السلاح حين قرر أن يحارب الاستعمار البريطاني في ثلاثينيات القرن ال20 بالامتناع عن الطعام وسانده ملايين الهنود، ففي عام 1932 م قررالصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد الهنود المنبوذين، واستجاب الزعماء السياسيون والدينيون له بالتفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا" التي قضت بإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
مسيرة الملح بقيادة غاندى
ولم تفترض فلسفة "غاندي" وجود تعاطف أو إحساس بالعدالة من جانب الطرف الظالم، بل ركزت على التغييرات التي يجب أن تطرأ على سلوك الطرف المعرض للاضطهاد. ويؤكد غاندي بأن قيمة اللاعنف لا تقاس فقط بقدرته على تحقيق تغيير سياسي وإنما بكونه يسجل موقفا إيجابيا ضد الاستعمار والظلم.
نيلسون والجوع من أجل الحرية
وسار "نيلسون مانديلا" الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا الذي تجاوز 90 عاماً على درب "غاندي" أثناء كفاحه ضد سياسة التمييز العنصري في جنوب إفريقيا حتى لقبه أفراد قبيلته ب"ماديبا" التي تعني العظيم المبجل. وقد صدركتاب جديد بعنوان "الجوع من أجل الحرية" من تأليف "آنا ترابيدو" عن حياة هذا الزعيم الإفريقي يؤرخ لاستخدام "مانديلا" الطعام لمناهضة العنصرية.
وأشارت المؤلفة إلى استخدامه "نيلسون" آنية الطهي لتهريب رسائل أثناء فترة سجنه التي استمرت 27 عاما إلى سجناء غير سياسيين لإبلاغهم بأحدث الأخبار والقرارات التي اتخذتها قيادة المؤتمر الوطني الإفريقي في السجن.
وألقى الكتاب الضوء على طرق إضراب الزعيم الإفريقي وزملائه المعتقلين بسجن جزيرة روبين آيلاند بجنوب إفريقيا، وكيف كانوا يحاولون المعيشة بكميات ضئيلة للغاية من الذرة، بينما كان الحراس يلتهمون الجمبري "الروبيان". وكان نيلسون يزرع بحديقة السجن بعض وجباته الهزيلة.
إضراب "صدام حسين"
وقد سبق رئيس بوليفيا فى التعبير عن الاحتجاج من خلال مقاطعة الطعام رؤساء آخرون ولكن أثناء اعتقالهم، حيث أعلن المحامي خليل الدليمي رئيس هيئة فريق الدفاع عن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في يونيو/ حزيران 2006م أن صدام وعدداً من المعتقلين أضربوا عن الطعام احتجاجا على مقتل المحامي خميس العبيدي قبيل مرافعة الدفاع أمام المحكمة الجنائية العليا. وكان الإضراب مفتوحا ومشروطاً إلى أن تتعهد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بضمانات دولية لباقي المحامين.
صدام حسين
وعند دخول "صدام حسين" قاعة المحكمة فى ديسمبر/ كانون الأول 2006م، أعلن إضرابه عن الطعام احتجاجا على سوء معاملته، ونفي الاتهامات الموجهة إليه بشأن مذبحة الدجيل التي قتل فيها 148 من سكان البلدة في عام 1982م .
وبالمثل أعلن محامي الرئيس التايواني السابق شين شوي أنه أعلن إضرابه عن الطعام للاحتجاج على طريقة اعتقاله في تايبيه بشأن مزاعم فساد وغسيل أموال، وكان يكتفي بشرب الماء فقط حتى أظهرت نتيجة التحاليل الطبية أنه يعاني انخفاضا طفيفا للسكر في الدم، لكن حالته الصحية مستقرة بوجه عام. وترك "شين" منصبه بعد 8 سنوات وتم احتجازه في 2008، ثم عقدت له سلسلة من المحاكمات في 2009 بتهم فساد.
أما على مستوى صناع القرار والسياسيين ورؤساء الأحزاب ونواب البرلمان، فالأمثلة كثيرة على خوض تجربة الاعتراض السلمي بعدم تناول الطعام، ومن أبرزهم كريستوس كوتزيديس رئيس بلدية "الينيكون" جنوب أثينا، الذي أضرب عن الطعام فى مايو/ أيار 2007 م في محاولة للدفاع عن حق المواطنين فى الاستمتاع بجزء من شاطئ رئيسي في العاصمة.
وبرر رئيس البلدية سلوكه بأن خطة الحكومة للإعلان عن مناقصة لبيع مركز للإبحار بالمراكب الشراعية لشركة خاصة ستمنع سكان أثينا من الدخول إلى معظم شواطئ البلدية. وكانت الشواطئ المتميزة في السنوات الماضية مؤجرة لرجال أعمال طالبوا برسوم دخول من المواطنين.
رؤساء أحزاب ..صائمون
وفى مايو/ أيار 2008م، أعلن قيادات حزب "رابطة عَوامي" - أحد أكبر الأحزاب السياسية في بنجلاديش - الإضراب عن الطعام، مطالبين بإطلاق سراح الشيخة حسينة واجد زعيمة حزبهم ورئيسة وزراء بنجلاديش السابقة وقتها التى أعتقلت مع أكثر من 170 سياسيا خلال هذه الفترة بتهمة الفساد وتم إطلاق سراحها لخوض الانتخابات التشريعية الأخيرة. وكانت بنجلاديش تعيش حالة طوارئ منذ يناير/ كانون الثاني 2007 م، حيث يتمتع الجيش بالسلطة في البلاد ومساندة الحكومة المؤقتة. وفى 6 يناير/ كانون الثانى 2009 م شهدت بنجلاديش تنصيب الشيخة حسينة واجد زعيمة رابطة عوامي رئيسة للوزراء للمرة الثانية وإنهاء حكم الجيش.
الزعيم الإيطالى الرافض اعدام صدام
كما نظم ماركو بانيلا رئيس الحزب الراديكالي الإيطالي - المنتمي إلى الائتلاف اليساري الحاكم فى إيطاليا - أثناء محاكمة "صدام حسين" إضرابا عن الطعام احتجاجا على تأكيد الحكم بإعدام الرئيس العراقي الراحل عام 2006 م، حتى يتراجع القضاة العراقيون عن الحكم، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من مجرمي الحرب مازالوا يتمتعون بجميع سلطاتهم وامتيازاتهم ويواصلون جرائمهم في حق الإنسانية دون تعريضهم للمحاكمة.
وحين دخل الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض بالسودان سجن كوبر بالخرطوم، فى 26 يوليو/ تموز 2004م، أعلن اضراباً مفتوحاً عن الطعام بعد نحو أسبوع من إنهائه إضراباً سابقاً مع أنصاره استمر أسبوعين، وذلك بسبب تراجع الحكومة السودانية عن اتفاق وقعته مع حزبه يقضي بأن تطلق سراح معتقلي الحزب خلال أسبوعين من الاتفاق مقابل إنهاء أنصاره إضرابهم المفتوح عن الطعام ،وتضامن معه فى الاضراب قيادات الحزب حتى تم إطلاق سراحه.
كذلك قام أوليفيه دبوي زعيم الحزب الراديكالي العالمي في فبراير/ شباط 2002 م بإعلان إضرابه عن الطعام بهدف لفت أنظار العالم إلى المأساة الإنسانية فى الشيشان. وأرسل أوليفيه دبوي النائب في البرلمان الأوروبي رسالة إلى رئيس البرلمان عن فظائع حركة الإبادة المستمرة في "القفقاس" التي تأججت في الشيشان باندلاع الحرب الروسية الشيشانية الثانية عام 1999م.
ممنوع الأكل .. تحت قبة البرلمان
وفى مارس / آذار 2006 م، قاد جان لاسال نائب الجمعية الوطنية الفرنسية الذى ينتمي إلى الحزب الحاكم، إضراباً عن الطعام تحت قبةالبرلمان احتجاجاً على إغلاق آخر مصنع في الدائرة التي يمثلها في قلب واد بجبال البيرنييه، جنوب غربي فرنسا. ونفذ إضرابه فوق أريكة من القطيفة الحمراء تتوسط قاعة الأعمدة الأربعة في البرلمان، كان يشغلها طيلة النهار لإعلان احتجاجه، بحضور طبيب يراقب حالته الصحية. ورغم تهديد رئيس البرلمان جان لوي دوبريه، بطرد هذا النائب من المبنى إلا أنه حرص على تفقد حالته بنفسه بعد فقدانه عدة كيلوجرامات من وزنه.
البرلمان الفرنسى
وكان "لاسال" ابن لراعي غنم من قرية "لورديوز"، وأصبح مستشارا بلديا عاما في سن ال23، وفسر موقفه بأن منصبه كنائب "للجماهير التي انتخبته" يفرض عليه ان يدافع عن مصالح 150 عاملا في مصنع "تويال" مهددين بالبطالة في حال نقله الى منطقة اخرى. وبالفعل نجح النائب الفرنسي جان لاسال في تحقيق هدفه من وراء إضرابه عن الطعام الذي استمر 39 يوما.
ومن المواقف الطريفة أنه أثناء اعلان مجموعة من نواب تكتل الوطن في البرلمان الروسي الإضراب عن الطعام فى يناير/كانون الثانى 2005 م ، واعتصامهم في مقرهم داخل مبنى البرلمان احتجاجا على تعديلات القانون الاجتماعي واستبدال الامتيازات ، فوجئوا بتسرب رائحة شواء اللحم وبعض الأطعمة الشهية ونكهة البهارات الشهية عبر قنوات وفتحات التهوية ، ورغم هذا الاغراء أعلن راجوزين رئيس تكتل الوطن أن الاضراب سيستمر حتى يتم إيقاف هذا القانون الجديد منوها بأن تكتله يشارك في حملة حجب الثقة عن الحكومة.
وفى مايو / أيار من كل عام، يقوم زعماء حزب شين فين الأيرلندي بإحياء ذكرى وفاة بوبي ساندز في سجن ميز الذي مات فيه نتيجة اضرابه عن الطعام. وكان "ساندز" قد رشح نفسه في الانتخابات البرلمانية الأيرلندية وأصبح أثناء اعتقاله - وقبل شهر واحد من وفاته - عضو برلمان عن دائرة فيرمانا وجنوب تيرون. ويعد ساندز - 27 عاما - أول جمهوري أيرلندي من 10 أشخاص ماتوا عام 1981م إثر اضراب عن الطعام، ضمن حملة قام بها السجناء السياسيون للحصول على حقهم في حسن المعاملة.
وقد بدأ الاضراب عن الطعام في الأول من مارس/ أذار عام 1981م ، وفاز بمقعد في البرلمان في 11 أبريل/ نيسان، ثم توفي في 5 مايو/ أيار من العام نفسه، و إندلعت أعمال شغب في أيرلندا فور الاعلان عن وفاته.
مضربات عن الطعام
ومن أشهر الناشطات السياسيات اللاتى أضربن عن الطعام، الناشطة المناهضة للحرب في العراق سيندي شيهان التي قتل ابنها الشاب في العراق، فتضامنت مع الممثلين سوزان ساراندون وشون بين في الولايات المتحدة لتنظيم حركة إضراب عن الطعام أملا فى إنهاء التدخل العسكري الأمريكي بالعراق منذ مارس /آذار 2003 م، ورغم أنها حققت صدى كبيراً إلا أنها لم تنه غزو العراق.
أما إيروم شارميلا، فهى ناشطة سياسية قامت بتجويع نفسها طوال 7 سنوات كسلاح سياسي اعتراضاً على قانون السلطات الخاصة للقوات المسلحة الذى يعطي سلطات شاملة للجيش الهندي. ورغم أن صوم شارميلا يعد مثالاً قوياً وملهماً للمقاومة النسائية العنيفة، إلا أنها لم تنجح في إلغاء القانون الصادرعام 1958 م.
وتم سجنها بسبب الصوم في الجناح الأمني بمستشفى جواهر لال نهرو في مسقط رأسها بمانيبور بالهند ،حيث اعتبرت الحكومة صومها حتى الموت محاولة للانتحار بمثابة جنحة، وبدأت "شارميلا " الصوم حتى الموت منذ 2 نوفمبر/ تشرين الثانى 2000م ،و ظلت تعيش على السوائل من خلال أنبوب يدخل أنفها.
الأنبوب الذى يغذى ايروم شارميلا
وبعد إطلاق سراحها في أكتوبر/ تشرين أول 2006م، سافرت سراً إلى نيودلهي مع أخيها وناشطين آخرين، واستمرت في الصوم على أمل جذب الانتباه لقضيتها وبعد ساعات قليلة من عودتها إلى مانيبور في مارس/ آذار 2007 تم اعتقالها مرة أخرى. وفي أبريل/ نيسان 2007 م، تم تكريمها بمنحها جائزة "جوانجيو" لحقوق الإنسان، التى تبرعت بقيمتها ( 125000 دولار أمريكي ) لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في مانيبور.
وسجل التاريخ موقفاً لا ينسى لكويفا بترلي ، الناشطة الإيرلندية فى نوفمبر/ تشرين الثاني 2006 م التى استقبلت رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالسرايا الحكومية في بيروت، برفع لافتة كتب عليها "قاطعوا التمييز العنصري الإسرائيلي"، وبعد أن أجبرتها القوى الأمنية اللبنانية على مغادرة القاعة، قررت فى الساعة الواحدة من اليوم نفسه، بدء إضراب عن الطعام في خيمة أمام مكاتب "اليونيفيل" قرب مبنى البنك المركزي في صور بمشاركة نشطاء من لبنان وفلسطين والولايات المتحدة وأيرلندا، حيث اكتفوا بشرب الماء فقط تضامناً مع شعب غزة المحاصر، عقب مجزرة بيت حانون.
لغة اللاعنف بين الانتقادات والتبريرات
وتجدر الإشارة إلى أن فلسفة المقاومة أو المعارضة السلمية تعتبر استراتيجية سياسية أو فلسفة أخلاقية تنبذ استخدام العنف في سبيل تحقيق أهداف اجتماعية أو تغيير سياسي. وتمثل حلا وسطاً بين موقفين آخرين هما الانصياع السلبي أو الصدام المسلح، حيث يدعو اللاعنف إلى وسائل أخرى للكفاح الشعبي منها العصيان المدني أوالاضراب عن الطعام أوعدم التعاون. وتنقسم أنماط المقاومة السلمية إلى فرعين، اللاعنف المبدئي أو الأخلاقي، واللاعنف الاستراتيجي أو النفعي (البراجماتي).
وقد كتب الناشط الأمريكي جورج لاكي رداً بعنوان "العمل اللاعنفي سيف الشفاء" على كتاب "مرض المسالمة" الذي ألفه نظيره الأمريكي الأكاديمي وارد تشرتشل، حيث يؤخذ على سياسة اللاعنف أنها تعمل بشكل بطيء، وبوسائل متدرجة من أجل تحقيق التغيير السياسي، وبذلك تضعف العلاقة ما بين السبب والنتيجة أو الفعل ورد الفعل علاقة أو تصبح غير واضحة.
بينما يرى المدافعون عن اللاعنف أن الناقدين له عادة ما يتجاهلون الفوائد العملية والسياسية له، و بعضهم يتناسى النجاحات التي حققها اللاعنف على مدى التاريخ في مواجهة الحكومات المتسلطة خاصة بالعالم الثالث ودول أوربا الشرقية السابقة مشيرين الى كيفية نجاح الحملات السلمية فى حرمان النظم الحاكمة من الدعم المالي، وينظرون إلى اللاعنف على أنه وسيلة للهجوم على الهيكل القيادي للحكومة أو النظام، أكثر من هجومها على شخص الحكومة أو شخص الحاكم.
ويؤكدون أن وسائل الاعتراض والمقاومة العنيفة غير فعالة من منظور استراتيجي لأنها قد تستخدم ذريعة في تبرير ممارسة القمع لتعزيز سلطة الدولة، ومن ثم يفضلون الاحتجاج الحضارى الذى يقود إلى الحوار المثمر، وحسم المشكلات سلمياً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة