شارة الهلال والصليب حفظ العهود أعدت الملف: سميحة عبد الحليم لما كانت آلة الحرب لا تذر أمامها أخضر ولا يابس، ولاتفرق بين مدنيين وعسكريين، ولا بين رجال أونساء ولا أطفال أو شيوخ، ظهرت الحاجة إلى اتفاق إنساني له قوة القانون يضع النقاط على الحروف ليميز بين ساحة القتال والمواطنيين العزل، كما يضع إطارا إنسانيا للتعامل مع من وقع أسيرا فى الحرب. وكانت هذه الفكرة هى نواة الاتفاقيات والتى تم التوقيع عليها فى جنيف. واتفاقية جنيف عبارة عن 4 اتفاقيات دولية، تمت صياغة الأولى منها في عام 1864 وأخيرتها في عام 1949، تتناول حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، أي طريقة الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب فضلا عن حماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في منطقة محتلة. وهي: - اتفاقية جنيف الأولى: (لتحسين حال الجرحى ومرضى القوات المسلحة في الميدان). - اتفاقية جنيف الثانية: (لتحسين حال جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار). - اتفاقية جنيف الثالثة: (بشأن معاملة أسرى الحرب). - اتفاقية جنيف الرابعة: (بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب). كذلك نصت اتفاقية جنيف على تأسيس منظمة الصليب الأحمر (والتى تسمى اليوم ب"منظمة الصليب الأحمر والهلال الأحمر الدولية") كمنظمة دولية محايدة لمعالجة شؤون الجرحى وأسرى الحرب. يذكر أنه عند صياغة الاتفاقية الرابعة في 1949 تم تعديل نصوص الاتفاقيات الثلاثة السابقة ودمج النصوص ال4 في اتفاقية موحدة. و تلحق باتفاقية جنيف 3 بروتوكولات وهي عبارة عن إضافات وتعديلات للاتفاقية الأصلية، حيث تم إضافة بروتوكولين اثنين في 8 يونيو/ حزيران 1977 و بروتوكول ثالث سنة 2005. وانضم إلى اتفاقية جنيف 190 دولة، أي عموم دول العالم تقريبا، مما يجعلها أوسع الاتفاقيات الدولية قبولا، وجزءا أساسيا من القانون الدولي الإنساني. واتفاقيات جنيف والبروتوكولات ال3 المضافة إليها هي معاهدات دولية تتضمن أهم القواعد التي تحد من وحشية الحرب، لتحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال (كالمدنيين والأطباء وعمال الإغاثة) والأشخاص الذين أصبحوا عاجزين عن القتال (كالجرحى والمرضى والجنود الغرقى وأسرى الحرب). وهى منظومة كاملة من الأدوات القانونية الواقية التي تعالج سبل خوض الحروب وحماية الأفراد. وتطالب اتفاقيات جنيف والبروتوكولات ال3 الإضافية باتخاذ إجراءات لمنع وقوع "الانتهاكات الجسيمة" أو وضع حد لها، مع وجوب معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات إذا وقعت. ويعد القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان مجموعتين من القوانين المتكاملة. ويسعى كل من القانونين إلى حماية الأفراد من الأعمال التعسفية والإساءة، فحقوق الإنسان ملازمة للطبيعة البشرية وتحمي الفرد في كل الأوقات، أوقات الحرب وأوقات السلم. أما القانون الدولي الإنساني فيطبق في حالات النزاع المسلح فقط. ومن ثم فإن قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يطبقان بطريقة متكاملة في حالات النزاع المسلح. القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني تلخص القواعد التي أعدتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر جوهر القانون الدولي الإنساني، إلا أنها لا تملك سلطة الصك القانوني وليست محاولة لإحلالها بأي شكل من الأشكال محل المعاهدات النافذة، فقد صيغت القواعد بهدف تسهيل نشر القانون، حيث يتعين على أطراف النزاع في كل الأوقات التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين بهدف الحفاظ على السكان المدنيين وعلى الممتلكات المدنية. ولا يجوز أن يتعرض السكان المدنيون للهجوم لا جماعة ولا أفراداً. ويجب أن توجه الهجمات ضد الأهداف العسكرية دون غيرها. كما أن للأشخاص الذين لا يشاركون أو لم يعد بإمكانهم المشاركة في العمليات العدائية الحق في أن تحترم حياتهم وسلامتهم البدنية والعقلية. ويجب أن يحمى هؤلاء الأشخاص ويعاملوا في جميع الأحوال معاملة إنسانية وبدون أي تمييز مجحف. كذلك يحظر قتل أو جرح عدو يستسلم أو يصبح عاجزاً عن المشاركة في القتال. وليس لأطراف النزاع أو أفراد قواتها المسلحة حق مطلق في اختيار طرق وأساليب الحرب. كما يحظر استخدام الأسلحة أو أساليب الحرب التي من شأنها إحداث خسائر لا مبرر لها أو معاناة مفرطة. وأيضا يجب أن يجمع الجرحى والمرضى وتقدم لهم العناية من جانب طرف النزاع الذي يخضعون لسلطته. وينبغي الحفاظ على أفراد الخدمات الطبية وعلى المؤسسات الطبية ووسائل النقل الطبي والمعدات الطبية. وتمثل شارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر على أرضية بيضاء العلامة المميزة التي تشير إلى وجوب احترام من يحملها من أشخاص أو أشياء. كما أن للمقاتلين والمدنيين الذين يقبض عليهم ويقعون تحت سلطة الطرف الخصم الحق في أن تحترم حياتهم وكرامتهم وحقوقهم الشخصية وآراؤهم السياسية ومعتقداتهم الدينية وغيرها من المعتقدات. ويتوجب حمايتهم من كل أعمال العنف أو الأعمال الانتقامية. ومن حقهم تبادل الأخبار مع أسرهم وتسلم المساعدات. كما يجب أن يتمتعوا بالضمانات القضائية الأساسية. شارة الهلال والصليب وتتضمن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها مواد عديدة بخصوص الشارة. وتحدد هذه المواد استخدام الشارة وحجمها والغرض منها والأماكن التي توسم بها، والأشخاص والأعيان الذين تحميهم، والأفراد الذين يحق لهم استخدامها، والاحترام الواجب لها والعقوبات التي توقع على الذين يسيئون استخدامها. ولا يجوز أن يستخدم الشارة - كوسيلة للحماية أثناء النزاعات المسلحة - إلا أفراد الخدمات الطبية للقوات المسلحة، والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر المعترف بها والمرخص لها من حكوماتها بتقديم المساعدة للخدمات الطبية للقوات المسلحة. ويكون استخدام هذه الجمعيات للشارة كوسيلة للحماية قاصراً على من تخصصه من أفرادها أو معداتها لمساعدة الخدمات الطبية الرسمية وقت الحرب، شريطة أن يؤدي هؤلاء الأفراد والمعدات مهام الرعاية الطبية دون سواها، وأن يخضعوا للقوانين واللوائح العسكرية. كما يسمح باستخدامها للمستشفيات المدنية والوحدات الصحية الأخرى المعترف لها بهذه الصفة من الحكومة والمرخص لها باستخدام الشارة كوسيلة للحماية (مراكز الإسعاف ومركباتها) وجمعيات الإغاثة الطوعية الأخرى، وذلك بنفس الشروط التي تسري على الجمعيات الوطنية، حيث يجب أن يكون معترفا بها ومرخصا لها من الحكومة، وأن يقتصر استخدامها للشارة على الأفراد والمعدات المخصصين للخدمات الطبية دون سواها والخاضعين للقوانين واللوائح العسكرية. كما يقضي القانون الدولي الإنساني بضرورة قيام كل دولة طرف في اتفاقيات جنيف باتخاذ تدابير لمنع إساءة استخدام الشارة، سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، وأن تسن قانونا يكفل حماية الشارة. استخدام الشارة استخدام الشارة لأغراض الحماية هو المظهر المرئي للحماية التي تكفلها اتفاقيات جنيف لأفراد ووحدات ووسائل نقل الخدمات الطبية. ويدل استخدام الشارة - سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم - أن شخصا ما أو شيئا ما على علاقة بالحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. ومن حق اللجنة الدولية استخدام الشارة في جميع الأوقات، سواء كوسيلة للحماية أو كوسيلة للدلالة. يعتبر من قبيل إساءة استخدام الشارة أي استخدام لها لا يرخص به القانون الدولي الإنساني وهناك 3 أنواع من إساءة الاستخدام: التقليد: ويعني استخدام علامة يمكن الخلط بينها وبين الشارة نتيجة للتشابه في الشكل أو اللون. الاغتصاب: ويعني استخدام الشارة من قبل هيئات أو أشخاص لا يحق لهم استخدامها (المؤسسات التجارية، والصيادلة، والأطباء، والمنظمات الأهلية، والأفراد العاديون، إلخ) كذلك يعد من قبيل الاغتصاب للشارة استخدامها من قبل الأشخاص المرخص لهم باستخدامها عادة على نحو يخالف القواعد المنصوص عليها في الاتفاقيات والبرتوكولات المضافة لغدر، ويعني استخدام الشارة في وقت الحرب لحماية مقاتلين أو معدات عسكرية. ويشكل الاستخدام الغادر للشارة جريمة حرب في كل من النزاع المسلح الدولي وغير الدولي. وتؤدي إساءة استخدام الشارة لأغراض الحماية في وقت الحرب إلى تعريض نظام الحماية الذي وضعه القانون الدولي الإنساني للخطر. أما إساءة استخدام الشارة لأغراض الدلالة فتؤدي إلى النيل من مكانتها في نظر الجمهور، وتضعف بالتالي قيمتها الحمائية في وقت الحرب. وقد تعهدت الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف بسن تشريعات جزائية تمنع إساءة استخدام الشارة في وقت الحرب وفي وقت السلم. حفظ العهود ولما كان من المفترض أن تحافظ الدول على كلمتها وعهودها والمواثيق والعهود الدولية التي تبرمها ويتناقلها جيل عن جيل ويتم تنفيذها وكأن الاتفاق قد تم عليها حديثاً، حيث إن حفظ العهود والوعود من أهم القيم التي باركتها الديانات السماوية كافة.. فأين عالم اليوم الذي يسمى "العالم الحر" من صيغة حفظ العهود والوعود؟!