ترقب حذر إعداد: إيمان التوني المنطقة نفسها يبعث إليها والهدف نفسه يبعث من أجله، فبعد 8 أعوام من إنهاء مهمته المتعلقة بدفع عملية السلام بمنطقة الشرق الأوسط في أعقاب الانتفاضة الثانية عام 2000 وإعداد التقرير الصادر عام 2001 عن اللجنة الدولية الشهيرة التي حملت اسمه، يعود السيناتور الأمريكي "جورج ميتشيل" مرة أخرى إلى المنطقة كمبعوث للرئيس الأمريكي "باراك أوباما". ويبدو أن مهمة "ميتشيل" – الملقب بالمفاوض الماهر - لم تتغير بعد هذه الأعوام، فها هي جولته الأولى لعام 2009 - والتي بدأها من القاهرة في 27 يناير/ كانون الثاني - تحمل الهدف نفسه الذي حاول تحقيقه في مهمته الأولى عام 2000، وهو بحث سبل إحياء عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، بالإضافة إلى إيجاد الضمانات اللازمة من أجل ترسيخ وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" بعد الهجوم الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة لمدة 3 أسابيع – من 27 ديسمبر/ كانون الثاني إلى 17 يناير/ كانون الثاني 2009 – "ميتشيل" ومهام السلام "جورج ميتشيل" السيناتور البالغ من العمر 75 عاما من عائلة متوسطة في ولاية "ماين" - مسقط رأسه - وله أصول عربية، حيث تزوج أبوه "جون ميتشيل" الأيرلندي الأصل بفتاة لبنانية مهاجرة تدعى "ماري سعد" العاملة في معمل للنسيج حينئذ، والتي أصبحت فيما بعد أما ل "جورج ميتشيل" المولود في 1933. حصل "ميتشيل" على الإجازة في الحقوق من مركز القانون في جامعة "جورج تاون" بواشنطن، ثم تدرج في عمله كمحام ثم مدع قضائي حتى أصبح المدعي الفيدرالي (قاضيا) في ولاية "ماين" الأمريكية. مارس السياسة من خلال الحزب الديمقراطي، وفي 1980 أصبح عضوا بمجلس الشيوخ، وزعيما للأغلبية في المجلس من 1988 حتى 1994 خلال إدارة الرئيسين "جورج بوش" الأب و"بيل كلينتون". المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط "جورج ميتشيل" وعلى الصعيد الدولي، لعب "ميتشيل" دورا بارزا في أيرلندا الشمالية على مدى 3 أعوام بدأت في 1995 بذل خلالها جهودا كبيرة كللت بالنجاح، مع إبرام اتفاق "بلفاست" للسلام بين الكاثوليك والبروتستانت، المعروف باسم اتفاقية "الجمعة العظيمة" في 4 يوليو/ تموز عام 1998. وكان "ميتشيل" الرئيس الأول لمجموعة الأزمات الدولية – وهي منظمة أمريكية غير حكومية لإدارة بالأزمات – وذلك خلال الفترة من 1995 إلى 2000. وفي عام 1999 تولى رئاسة لجنة التحقيق في فضيحة تلاعب لإسناد تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية لمدينة "سولت لايك سيتي" الأميركية. كان "ميتشيل" مرشحا ليكون في تذكرة انتخابية واحدة مع "آل جور" في انتخابات الرئاسة عام 2000 - التي فاز بها الرئيس السابق "جورج دبليو بوش" - لكن "جور" فضل اختيار "جوزيف ليبرمان". وفي عهد الرئيس الأسبق "بيل كلينتون" ترأس "جورج ميتشيل" لجنة السلام في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب الانتفاضة الثانية عام 2000، التى اندلعت إثر دخول زعيم حزم الليكود الإسرائيلي آنذاك "أرييل شارون" - الذي أصبح رئيسا للوزراء في 2001 - حرم المسجد الأقصى بحراسة مئات من الجنود. ونتاجا لأعمال هذه اللجنة، صدر تقرير في أبريل/ نيسان 2001 حمل اسم "تقرير لجنة ميتشيل"، والذي دعا الجانبين – الفلسطيني والإسرائيلي - إلى اتخاذ إجراءات فورية لإيقاف العنف بلا شروط. وفي عام 2002 التحق "جورج ميتشيل" بمركز تسوية النزاعات الدولية بجامعة كولومبيا. كما ترأس مؤسسة "والت ديزني" لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة عام 2006. وكانت جامعة "كوينز" في "بلفاست" اختارته رئيسا لها ولقب بمستشار الجامعة. وفي الوقت نفسه، عمل رئيسا لأهم شركة عالمية للخدمات القانونية "دي إل أيه بايبر" الناشطة في أمريكا الشمالية وأوروبا ودول أخرى. ترقب حذر جذور "ميتشيل" لأمه اللبنانية لم تضعه يوما في صف القضايا العربية، ولم تؤثر على النهج الأمريكي الداعم دوما لدولة الاحتلال الإسرائيلية. والدليل على ذلك ما أثبته موقف السيناتور بمجلس الشيوخ "جورج ميتشيل" الذي كان مؤيدا لتزويد إسرائيل بمساعدات عسكرية واقتصادية أمريكية، في الوقت الذي كان يعارض فيه إقامة دولة فلسطينية، بل سبق أن انتقد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق "جيمس بيكر" عندما وصف المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بأنها تقام على أراض احتلتها إسرائيل في 1967. "جورج ميتشيل" والرئيس "باراك أوباما" لكن في المقابل أيضا، فإن إسرائيل لم تخف استياءها من تعيين "ميتشيل" مبعوثا للرئيس "أوباما" إلى الشرق الأوسط، بسبب ما ذكره في تقرير لجنته للسلام عام 2001، والذي ساوى من خلاله بين وقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتجميد الاستيطان الإسرائيلي، وهي المعادلة التي شكلت في وقت لاحق أساسا لخطة خريطة الطريق. ومع مهامه الجديدة في الشرق الأوسط في 2009، تترقب الأطراف كافة الخطوات القادمة للمبعوث الأمريكي العائد ثانية إلى المنطقة بحذر نابع من خلفيات مواقفه القديمة التي لم تمح آثارها بعد.