فوجيء السينمائيون وجمهور السينما في مصر بإعلان المنتج كامل أبو علي ان شركته "مصر للسينما" التي يشاركه فيها رجل الأعمال نجيب ساويرس ستطلق مع مستثمرين مصريين آخرين في مطلع عام "2010" أكبر مهرجان سينمائي في المنطقة العربية في مدينة شرم الشيخ!. وصرح أبو علي بأن مصر تحتمل وجود أكثر من مهرجان. خاصة بعد أن زاد عدد المهرجانات في المنطقة العربية. وان هذا المهرجان الوليد سينافس ويتفوق عليها. بسبب أن المدينة تشكل منطقة جذب سياحي. كما يتوقع أن يلقي المهرجان دعماً من وزارة السياحة بعد نجاحه! ميزانية المهرجان الجديد المعلنة هي "35" مليون جنيه. وتشكل نصف التكلفة الفعلية التي تبلغ "70" مليوناً إذا أقيم خارج شرم. حيث سيوفر المستثمرون فيها ألف غرفة فندقية لخدمة المهرجان وضيوفه. فضلاً عن مساهمات شركات الانتاج الأخري!! مقاولات يجيء هذا المهرجان الوليد ضمن ظاهرة غريبة بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة باسم "تكاثر المهرجانات السينمائية العربية وانتشارها وتنافسها بلا هدف واضح معلن.. وليس فقط بين البلدان العربية.. بل وحتي داخل البلد الواحد.. كل هذا في الوقت الذي تشهد فيه صناعة السينما العربية تراجعاً خطيراً في عدد الأفلام المنتجة والتي تشهد انخفاضاً غير مسبوق.. والأكثر خطورة في توعيتها التي تمول معظمها خاصة في دول شمال أفريقيا من أوروبا.. وباستثناء عدد من الأفلام المتميزة والقليلة التي تظهر بين الحين والآخر.. تسيطر موجة سينما المقاولات أو الفضائيات مع الأفلام التجارية المحلية علي السينما المصرية. وسينما دول العالم العربي التي معظمها من لايزال لا يعرف طريقاً لصناعة الأفلام. أو حتي وجود دور عرض بها.. ومع ذلك تصر وتحرص علي وجود مهرجان للسينما. هدفه المجاملات وتبادل الوفود والزيارات!! وخبر إنشاء مهرجان "شرم" هذا يثير عند السينمائيين عدة تساؤلات محيرة.. خاصة وأن أحد طرفي قيادته وهو رجل الأعمال نجيب ساويرس كان يدعم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الراسخ منذ 32 عاماً. والمعترف به دولياً ضمن أهم "11" مهرجاناً في العالم كله. ثم انسحب منه هذا العام بسبب هجوم الصحافة عليه بالرغم أن "مهرجان القاهرة" بالذات وقياداته الكبري منذ كمال الملاخ وكمال الشيخ وسعد الدين وهبة وحتي حسين فهمي وشريف الشوباشي وأخيراً عزت أبو عوف وهو يلقي هجوماً. ومع ذلك لا تؤثر في مسيرته التي تتقدم باستمرار مع الأخذ في الاعتبار الاستفادة من الكثير من الملاحظات التي يمكن أن تقال هنا أو هناك!. وعندما يجيء ساويرس ويدخل شراكة جديدة لصنع مهرجان جديد يؤكد ما يدور في ذهن السينمائيين من أن تركه لمهرجان القاهرة بإرادته أو مرغماً قد ضايقه.. بل وضايقه أكثر أن يحل محله منافسه القديم في شركات المحمول محمد نصير ويعبر بالمهرحان هذا العام إلي بر الأمان باستقدام عدد كبير من نجوم هوليوود والانفاق عليهم حتي سفرهم! فعاند بهذه الشراكة لضرب مهرجان القاهرة العتيد؟!. أما كامل أبو علي الشريك أو الطرف الآخر في صنع المهرجان الجديد.. فقد رأي البعض انه مازال ينظر إلي المسألة نظرة تجارية بحتة.. بصفته أحد رجال الأعمال النشطين في مجال السياحة.. وانه بهذا المهرجان "الشرمي" السينمائي سيكون أشبه بمهرجانات السياحة والتسوق.. أي سيجعل الناحية التجارية تغلب علي الفن. ويستفيد من قدوم كافة السينمائيين والنجوم المصريين والعرب والأجانب للتسوق والسياحة في منتجعات أبو علي وشركائه وأصدقائه.. وتجيء السينما وحواديتها في المرتبة العاشرة في هذه القضية!. هذه بعض الأسئلة التي يطرحها البعض.. ليبقي السؤال الأكبر الذي يوجه لكل من يهتم بالسينما في الآونة الأخيرة. ومنها دول الخليج نفسها التي تتباهي بمهرجاناتها الوليدة.. أين انتاج الأفلام؟.. "40" مليار دولار السينمائيون مازالوا يرون ان أمريكا جعلت من صناعة السينما لديها صناعة استراتيجية من الدرجة الأولي.. تصل ربحها في العام الواحد إلي أكثر من "40" مليار دولار.. حتي ان رؤساء الجمهورية يتدخلون بأنفسهم للحفاظ علي حقوقها عند زيارتهم لبعض الدول التي تهدر هذه الحقوق! وكذلك الحال في صناعة السينما الصينية والهندية وحتي بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا واسبانيا.. لمعرفتهم جيداً بأهمية هذه الصناعة التي يعمل فيها الآلاف بل والملايين وتدر دخلاً بالملايين أيضاً. فضلاً عن فرض ثقافات هذه الدول ورؤيتها للعالم من حولها!! أما نحن فلا يشغلنا سوي المهرجانات والحفلات والبابيونات والسواريهات وهلم جرا.. أما انتاج الأفلام وحفظ حقوقها وحقوق العاملين فيها فلا يعني شيئاً عند محترفي الطبل والزمر!! هوس ومكلمة وصل الحال بكثرة المهرجانات السينمائية في مصر والعالم العربي أن يقول أحدهم للآخر علانية وفي الصحف أو علي الفضائيات: "في أي مهرجان سينمائي ستقضي إجازتك هذا الشهر"؟! هذا هو الشعار الجديد الذي بدأ يرفعه السينمائيون والفنانون بدلاً من العمل والانجاز.. ولهم الحق وقد تعدي الرقم "20" مهرجاناً تعقد كل سنة علي امتداد البلدان العربية.. بدءاً من مهرجان القاهرة السينمائي بصفته الأكبر إلي مهرجان سينما الأطفال ومهرجان الإسكندرية ومهرجان الإسماعيلية ومهرجان المركز الكاثوليكي وجمعية الفيلم وجمعية فن السينما. وحتي مهرجان النيل لأفلام البيئة. ثم مهرجان دمشق وأيام بيروت السينمائية ومهرجان قرطاج ووهران وتطوان ومراكش وآسفي وخريبكة. وطنجة ودبي وأبو ظبي والخليج ومسقط وصنعاء وحتي مهرجان بغداد رغم الظروف الأمنية الصعبة التي يمر بها العراق حالياً.. الكل يري ان هذا الهوس لاقامة مهرجانات للسينما. دون وجود صناعة سينما حقيقية يؤدي إلي خراب للسينما لا إلي بناء.. خاصة وأن كثيرا من الدول العربية لازالت حتي الآن ليس بها استوديو سينما أو حتي دار عرض سينمائي. وبالتالي ليست بها صناعة علي الاطلاق!.. صدق من قال: "ان العرب يفضلون الحديث كثيراً عن السينما أكثر من صناعتها".. أي انهم "مكلمة" سينما متحركة!!