ألقت الأوضاع السياسية الناجمة عن ثورة 25 يناير بظلالها علي كل الأحداث الفنية واصبح في حكم المؤكد تأجيل عدد من المهرجانات السينمائية هذا العام بعد احداث الثورة وارتباك الاقتصاد المصري الداعم لهذه المهرجانات، اول هذه المهرجانات التي تأكد الغاؤها هو المهرجان القومي للسينما المصرية الذي كان مقررا بدء فعالياته في ابريل الجاري لكنه تأجل للعام المقبل وفقا للاحداث كما أعلن وزير الثقافة الجديد في حكومة تسيير الاعمال الدكتور عماد ابو غازي إلغاء المهرجان التجريبي لهذا العام نتيجة سوء الاوضاع المالية بالوزارة والإحتجاجات التي تشهدها جميع المناطق العربية وعلي رأسها مصر والتي بدأت بثورة 25 يناير كذلك حالة الحوار المطروحة في المجتمع ومواعيد مقترحة للانتخابات لا تسمح بإقامة فاعليات لمهرجانات والحال نفسه مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي اعلن وزير الثقافة ان المهرجان يواجه مشاكل كثيرة علي مستوي الدعمين المالي والمعنوي وانه يفكر في تأجيل الدورة الخامسة والثلاثين من المهرجان الي العام المقبل، ويتبقي مهرجان الاسكندرية السينمائي الذي لايزال هناك امل داخل جدران الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في اقامته لكن هذه المرة سوف تواجهه مشاكل كثيرة بسبب رفع وزارة الثقافة يدها عن المهرجان كما هو متوقع.. وصرح أبو غازي بأن هدف الوزارة في الأيام القادمة استعادة الوزارة لأنشطتها مشيراً إلي الانشطة التي بالفعل استعادت عافيتها بتوثيق ماحدث في ثورة 25 يناير كمركز الإبداع ومعه قصر الامير طاز الذي شهد مهرجان افلام الموبايل .. كما أثارت تصريحات يوسف شريف رزق الله المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي عن احتمالية إلغاء الدورة ال35 للمهرجان، بسبب الظروف التي تمر بها مصر خاصة أن موعد إقامة المهرجان قد يتزامن مع انتخابات مجلسي الشعب والشوري. دراسة متأنية الفنان عزت أبو عوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي اكد أنه حتي الآن لم يصدر قرار نهائي من وزارة الثقافة بهذا الشأن، وأضاف تقابلت مع وزير الثقافة منذ عدة أيام بناء علي طلبي للتأكد من ذلك بالإضافة إلي موقفي من الاستمرار في رئاسة المهرجان، وقد أكد لي الوزير أنه لن تكون هناك قرارات متسرعة بذلك الشأن خاصة في الظروف الراهنة ولابد أن ندرس الموقف جيدا حتي نتخذ القرار المناسب.. وعن تقديم استقالتي أم لا في ظل هذا التغيير، أكد لي الوزير أنه لم يغير في هيكل المهرجان وقال "لابد أن نكمل المرحلة المقبلة كما نحن".. ويري أبو عوف أنه من الصعب جدا إقامة المهرجان هذا العام لأن البلد يمر بمرحلة انتقالية صعبة والظروف غير مناسبة ليس فقط لمهرجان القاهرة ولكن لأي مهرجان فني الآن، كما أن الظروف المادية غير مؤهلة لإقامة المهرجان لعدم وجود رعاة يساهمون في التمويل، بالإضافة لذلك من الصعب أن يتم حضور 560 ضيفا من الأجانب من جميع دول العالم في ظل الظروف الأمنية الحالية لأن أي مشكلة ستحدث قد تتسبب في أزمة كبيرة.. واضاف أبو عوف سحب صفة الدولية من المهرجان هي أكثر ما يقلقني الآن، لذا سأبدأ خلال هذه الأيام بإجراء اتصالات مع المسئولين في الاتحاد الدولي للمنتجين لبحث ذلك ، ولكن أعتقد أن العالم كله يتفهم الوضع الذي يمر به البلد لأنه في النهاية ظرف قاهر .. وأكد أبو عوف نيته إعادة هيكلة المهرجان بالكامل، وإذا كان المهرجان سيؤجل هذا العام فيعتقد أن فرصة تنظيم المهرجان ستكون أفضل. حالة انشقاق ممدوح الليثي رئيس مهرجان الاسكندرية السابق الذي اوضح ان هناك حالة انشقاق بالغة بين من يؤيدون قرار الالغاء بدعوي نقص الامكانات المادية والامنية وبين من يعارضون هذا القرار لان هذه المهرجانات ستكون خير دعاية لمصر علي المستوي الخارجي وسيمثل وجود مثل هذه الفعاليات حالة جذب سياحي ايجابية الا انني اري ان هناك عجلة في طرح ومناقشة مثل هذه الامور فالثورة لم يمر عليها ثلاثة اشهر بعد اي ان كل هذه الاحداث التي مررنا بها لم يمر عليها سوي اسابيع معدودة وان مثل هذه القرارات الحساسة يجب ان تأخذ وقتها فما زال امامنا الوقت الكافي لتقرير مثل هذه الامور الا ان موضوع الاستقرار عامل مهم لا يمكن اغفاله بل يجب توفيره لأنه علي هامش هذه المهرجانات تعقد عدد كبير من الندوات الفيلمية التي يحضرها عدد كبير من الضيوف من مختلف دول العالم بالاضافة الي اللجان التحكيمية والنجوم العالميين الذين يكرمون كل عام ولكل هذه الاسباب يجب ضمان الحد الكافي لتأمين هذا التواجد علي المستوي الامني اما بخصوص الجانب المادي فيجب البحث عن جهات تمويلية للمهرجانات ولو ان تقام في اضيق الحدود. اهتمام إعلامي الناقد نادر عدلي يري ان المهرجانات السينمائية ليست مجرد احتفاليات هامشية لا ضرورة لها ولكنها بمثابة الصورة النهائية للحالة السينمائية لاي بلد في العالم فمابالك بدولة قامت بها ثورة بهذه الضخامة ونالت اهتماماً اعلامياً من جميع دول العالم وهو ما سيضعنا تحت المجهر لمعرفة نتاجنا السينمائي والثقافي خلال هذا العام الفارق في التاريخ المصري فمن غير المعقول ان تكون ثورة مليئة بالافكار العميقة لا يوجد لها مرأة حقيقية وهي السينما لتعبر عنها وفي رأيي الشخصي ان الغاء المهرجانات سيعطي للعالم انطباعاً سلبياً عن شكل الاستقرار في مصر كما ان الحالة السينمائية بشكل عام كانت تعاني منذ فترة طويلة قبل الثورة وهو ما زاد بعدها فهناك 6000 ممن يعملون بهذه المهنة وانقطاعهم عن العمل طوال هذه الفترة يهدد ببطالة ستؤدي تكهين تلك الصناعة الفريدة من نوعها في المنطقة وللاسف ان عدم الاهتمام بالجوانب الثقافية سيكون احد موروثات الحكومات التالية من النظام السابق فالاحزاب التي نراها الآن تظهر علي السطح لم تضع الخريطة الثقافية ضمن برامجها وهذا هو الخوف ان تظل الثقافة علي الهامش فيجب ان يكون هناك دعم حكومي لجميع مناحي الثقافة وعلي وجه الخصوص السينما والمسرح فكيف يكون الالغاء هو اول نتائج الثورة الا اذا كانت نقص الامكانات المادية والامنية مجرد حجة زائفة وراءها الخوف المبالغ فيه من الاتجاه السلفي الراهن واذا كان هذا الهاجس هو السبب الحقيقي فهذه مصيبة لانه من الادعي ان تكون هذه المهرجات هي خط الدفاع الاول عن الفن المصري . نصف مهرجان الناقد علي أبوشادي رئيس المهرجان القومي للسينما ورئيس مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة يري أنه لو كان في إمكان إدارة مهرجان القاهرة عمل نصف مهرجان فهو شيء أفضل من إلغائه، ويقول: «أعتقد أن التوقيت الذي سبق وأعلنت عنه إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي سوف يشهد زخما كبيرا في الحياة السياسية المصرية وسوف يتعارض الميعاد مع انتخابات الرئاسة وأظن أن هناك أسبابا أخري لتأجيل المهرجان لكني وبصفة شخصية أتمني أن يتم انعقاد الدورة القادمة من المهرجان حتي لو كانت في أضيق الحدود وأعتقد كان من الممكن تأجيل ميعاد انعقاد المهرجان إلي شهر أكتوبر لكن هذا مرهون بقدرة إدارة المهرجان علي انعقاده في هذا التوقيت فوجود مهرجان كبير مثل مهرجان القاهرة السينمائي علي الخريطة الدولية يحتم ظهوره ولو في أضيق الحدود فأنت تعطي رسالة سياسية من خلال انعقاده بوجود أمن وأمان في مصر إضافة إلي أنك تحافظ علي مكانة المهرجان من بين المهرجانات العالمية». أبوشادي أضاف: «هناك مهرجانات عالمية توقفت بسبب أحداث طارئة مثل مهرجاني كان وفنيسيا اللذين توقفا بسبب الحرب العالمية لكن في حالة مهرجان القاهرة أتمني أن ينعقد لأننا لسنا في ظروف حرب وأتمني أن يظل المهرجان قائما حتي لا يتخلف عن الركب السينمائي العالمي، أما مهرجان الاسماعيلية فحتي الآن لا يوجد أي شيء بخصوصه وإن كنت سأقاتل من أجل بقائه حتي لو لم أكن رئيسه، خاصة أن المهرجان أصبح لديه سمعة عالمية مهمة وأخشي أن يأتي وزير جديد بعد وزارة تسيير الأعمال الحالية فلا يجد المهرجان فيلغيه تماما وهو خسارة كبيرة لمصر وللسينما في نفس الوقت». القائمة الدولية اما بخصوص ما اشيع عن شطب المهرجان من قائمة المهرجانات الدولية الاحد عشر الي الفئة ب فقال الناقد يوسف شريف رزق الله ان إلغاء المهرجان هذه الدورة لا يؤثر علي وضعنا دوليا للدرجة التي يتخيلها البعض، بل إن كل الدول المشاركة في المهرجان ستراعي الأوضاع فطالما هناك ضروره فلا خوف من هذا لان الامور لا تحسب بهذا الشكل وأن هذا القرار يرجع للوضع الراهن للدولة متسائلا: كيف نستطيع أن نحضر لمهرجانات وخصوصا دولية تعتمد علي استضافة نجوم أجانب في ظل تعديلات دستورية وانتخابات مجلسي شعب وشوري وأوضاع غير مستقرة، هذا بالإضافة إلي قلة الموارد المالية . ملفات الفساد المخرج أحمد عاطف يري أن خطوة إلغاء مهرجان القاهرة السينمائي ليست في محلها ويقول: أنا ضد قرار الدكتور عماد أبوغازي بإلغاء المهرجان وهي خطوة تحسب عليه فلا أعتقد أن هناك وزير ثقافة بدأ حياته بالإلغاء فإلغاء المهرجان هذا العام فكرة ليست في صالح مصر خاصة أنه كان لدينا فرصة ذهبية لإعطاء صورة مختلفة عن مصر، صورة تفيد الاقتصاد والسياحة والسينما المصرية. ويضيف أحمد عاطف: لدي ملف فساد كبير عن المهرجان ومخالفات سوف أتحقق منها قريبا لكن هذا لا يعني إلغاء المهرجان خاصة أن الوزير أشار إلي وجود أنشطة جديدة مستحدثة سوف تنفق عليها الوزارة وهو ما يؤكد أن الإلغاء ليس له علاقة بنقص الموارد المالية وكان الأجدي فتح تحقيق في خسائر المهرجان وتغيير إدارته لكن إلغاءه شيء مرفوض تماما. بدون داع مدير التصوير الدكتور محسن أحمد يري أن التأجيل يقلل من تقدير العالم للسينما المصرية ويقول: أنا مع أن تستمر الحياة مهما حدث وأعتقد أن الحياة لن تعود إلي ما هي عليه إلا عندما نعود لنعمل ونقدم سينما وفنونا وتظاهرات فنية ورياضية وغيرها وفكرة التأجيل في رأيي تشبه فكرة التأجيل التي تحدث في المشاريع الفنية والتي يتحجج أصحابها بأنهم يقومون بالتحضير الجيد للعمل وفجأة تجدهم يبدأون التصوير وتشعر أنهم تعجلوا الأمر ولا تعرف لماذا تأخروا كل هذا الوقت وفي أي شيء كانوا يحضرون. ويضيف محسن أحمد: عشنا ثلاثين عاما ونحن نخاف من المواجهة وعندما واجهنا تأكد أن خوفنا لم يكن له مبرر ولذلك فأنا أدعو وزير الثقافة أن يواجه المشاكل التي تواجه المهرجان ويعمل علي حلها بدلا من تأجيل المهرجان وأعتقد أن الناس سوف يدركون ويقدرون ظروفنا لو قمنا بعمل مهرجان متواضع من أجل الاستمرار ومن أجل أن نعيش حياتنا بالصورة التي نتمناها ويتمناها لنا العالم من حولنا وأعتقد أنه لو تمت هذه الدورة كانت سوف تبقي دورة احتفالية مهمة بالثورة وبما فعله الشعب المصر خسارة التجريبي وبخصوص نية الغاء دورة مهرجان المسرح التجريبي لهذا العام يقول المخرج المسرحي خالد جلال ان هذا الالغاء خسارة بكل المقاييس فهذا المهرجان يمثل زخما حقيقيا في الحركة المسرحية المصرية علي جميع الاصعدة سواء علي صعيد الفرق المسرحية الحرة المستقلة او مسارح الدولة ويتيح فرصة كبيرة للتبادل الثقافي مع الفرق المسرحية المختلفة من العديد من دول العالم وصحيح اننا وقد سبق ان الغينا دورة مهرجان المسرح التجريبي عام 1990 بسبب غزو الكويت عندما يكون هناك ضرورة ولكني الآن لا اري ضرورة ملحة للالغاء ولكن التأجيل هذا العام فلا ضرر من ذلك وبالفعل تم ارسال فاكسات ومكاتبات الي الفرق المسرحية الخارجية المختلفة خاصة بقرار التأجيل وهو ماأراه فرصة للاستعداد بشكل اكبر لدورة العام القادم. دعاية سلبية اما د. احمد سخسوخ فهو رافض تماما لقرار التأجيل لان الثورة لم تأت للانغلاق علي انفسنا ام انفتاح واحتكاك بشكل اكبر مع العالم الخارجي فكيف نغلق نافذة بهذا القدر من الاهمية فاذا كنا نؤجل او نلغي بدعوي الازمة المالية التي تمر بها البلاد بعد الثورة فهذا المهرجان لن يكلف سوي بضعة ملايين بسيطة يمكن تدبيرها ولو بأقل التكاليف وفي اضيق الحدود خير من التأجيل او الالغاء فهذه دعاية سلبية لمصر بعد الثورة فهذا رأي متعجل من وزير الثقافة وانا غير موافق ان هناك تياراً سلفياً قوياً يطالب بتغيير الصورة الثقافية لمصر فهذه فزاعة كانت تستخدم من رجال النظام القديم واعتقد انها مازالت تعبث بهذه الفزاعة الي الآن وانها ليست بهذه الصورة من الضخامة ولكنها مجرد ستار لعدم تطهير وزارة الثقافة فالدكتور عماد ابو غازي وزير الثقافة رجل طيب وشريف ولكنه يخشي التغيير والمواجهة ونظام تأجيل وتسويف هذه المواجهة لن ينزع فتيل الازمة بل علي العكس سيؤدي الي الانفجار فالاوضاع في الوزارة في حالة من الغليان تنذر بكارثة في جميع القطاعات لا يمكن حلها بالالغاء ولا بالتهدئة ولكن بالمواجهة .