تبدو دولة الامارات العربية المتحدة مقبلة على تباطؤ اقتصادي أشد مما تواجهه جاراتها في منطقة الخليج حيث يضر خفض الوظائف بالطلب في قطاعي العقارات والخدمات اللذين شهدا طفرة قوية استمرت 6 سنوات. وحقق اقتصاد خامس أكبر مصدر للنفط في العالم نموا حقيقيا بنسبة نحو 50% منذ عام 2004 بفضل ارتفاع أسعار النفط الذي أتاح للمستثمرين من الحكومة والقطاع الخاص ضخ مليارات الدولارات في مشروعات لتعزيز الصناعات التي لا تعتمد على النفط. لكن المد انحسر سريعا بعد أن وضع هبوط أسعار النفط والانهيار المالي العالمي نهاية للطفرة العقارية في امارة دبي وأرغم الشركات على التخلص من الاف الوظائف والغاء مشروعات توسع عملاقة. ووفقا لمحللون فان الوافدين يمثلون أكثر من 80% من القوة العاملة بالامارات ولا يحق لهم الاقامة الا بتأشيرات عمل فان تأثير عمليات تسريح الموظفين على الاقتصاد الحقيقي قد يكون شديد الوطأة. وارجع سايمون وليامز أحد كبار الخبراء الاقتصاديين في بنك اتش.اس.بي.سي في دبي، النمو السريع في الاستهلاك خلال الاعوام الاخيرة الى نمو الوظائف، وتوقع الا يستمر خلال عام 2009. وأكد أن الاثار غير المباشرة لالغاء وظائف تصبح أكبر عندما تكون القوة العاملة مؤلفة أساسا من أجانب مضطرين لمغادرة البلاد حيث لم يعد بوسعهم العثور على فرص عمل جديدة وعندما يغادرون يأخذون معهم الانفاق والمدخرات والخبرة. ويتكهن الاقتصاديون بتباطؤ حاد في النمو الاقتصادي بدول الخليج خلال 2009 مع خفض انتاج اوبك من النفط لتحسين أسعار النفط المتهاوية التي انخفضت أكثر من 100 دولار للبرميل منذ يوليو/ تموز 2008. لكن يبدو تراجع النمو الاقتصادي في دولة الامارات أشد وضوحا منه في باقي دول الخليج مع تضرر القطاعات غير النفطية التي تمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي من جراء تباطؤ الطلب الاستهلاكي. وأفاد مسح أجرته رويترز خلال ديسمبر/ كانون الاول 2008 فان أسعار العقارات في دبي في طريقها للتراجع عن 28% عن الذروة التي بلغتها في وقت سابق من عام العام. وفي سياق متصل، قالت شركات تجزئة في دبي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني ان المبيعات انخفضت 20% حتى رغم افتتاح أكبر مركز تسوق في العالم في الامارة. ومن جانبها قالت كارولين جريدي الاقتصادية الاقليمية في دويتشه بنك، إن فترات انخفاض أسعار النفط كان لها تاريخيا تأثير أكبر على دولة الامارات العربية المتحدة، ويتوقع دويتشه بنك تباطؤ النمو الاقتصادي في دولة الامارات الى 1.6% خلال 2009. وعلى صعيد أداء القطاع غير النفطي، توقعت جريدي ان ينخفض نموه بشدة لان تأثير مستوى السيولة أكبر في دولة الامارات منه في السعودية نظرا لان صناعة الخدمات أكثر ارتباطا بأموال النفط. وقالت ان نمو القطاع غير النفطي قد ينخفض الى 2% خلال 2009 من 7.5% في 2008. لكن الاقتصاديين لم يصلوا الى حد التكهن بكساد اقتصادي في دولة الامارات لانهم يتوقعون أن تلجأ الحكومة الى استخدام فوائض ايرادات النفط الهائلة لابقاء عجلة الاقتصاد دائرة. من ناحية أخرى، فمن المتوقع أن يظل الطلب على العقارات في ابوظبي أكبر من العرض حتى 2011 على الاقل بينما تقول شركات التطوير العقاري في عاصمة الامارات انها لن تقلص خطط التوسع ولن تستغني عن أي عمالة. ومن المرجح أن تظل تخفيضات الوظائف قاصرة على دبي التي تحولت بفضل مشروعات باذخة في مجالات العقارات والسياحة والتجزئة الى مركز جذب عالمي لاعداد كبيرة من العمالة الاجنبية. وفي ذروة الطفرة الاقتصادية في عام 2007 قال حاكم دبي انه يستهدف نموا حقيقا في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 11% سنويا حتى عام 2015 الذي يستهدف بحلوله خلق 900 ألف فرصة عمل جديدة. بيد أن هذه الخطط الهائلة توقفت بشكل مباغت مع تجميد الشركات في دبي عمليات التوظيف وتحركها لخفض أعداد العاملين لديها، فقد استغنت شركة نخيل العقارية المملوكة لامارة دبي عن 500 موظف خلال نوفمبر 2008 بينما تحذو شركات عقارات ومالية أخرى حذوها. (رويترز)