كلمات نترقب سماعها كل ليلة عيد، فلا نشعر ان العيد موجود اذا لم نستمع الي هذه الاغنية في شاشات التلفاز او المذياع. للعيد طعم خاص واجواء مميزة، فعلي الرغم من الزحمة المزعجة، واستهتار بعض الشباب، فإن لهذه الاجواء معايير خاصة، وطعماً يختلف عن بقية الايام، فحلاوته تزداد بزيارات الاهل والاقارب، والتسوق في المجمعات، والاكل من شتي الاصناف في مختلف المطاعم. ولكن هذه الفرحة غالبا ما نعيشها علي حساب الغير، اذ لا يحتفل الجميع بالعيد كما نفعل نحن. البعض يتخلي عن هذه الفرحة، من اجل الغير، فهناك الكثير من اصحاب المهن الذين يسهرون ويواصلون عملهم في اثناء عطلات الجميع، ولو عددنا هذه المهن فسنلاحظ ان عددها كبير، فمن الخبار والطباخ، الي البائعين في المحال، ورجال المطافئ والشرطة، كما سنلاحظ انّ الكل له مهنته الخاصة التي يلتزم بها ويمارسها في هذه الايام، بينما الجميع يتمتعون باجازة العيد. قمنا بجولة سريعة مع بعض من يعمل في ايام العطل والاعياد، حتي وقت متأخر فيها. فهنأوا وباركوا، ووجهوا تهانيهم عبر «القبس» وأكّدوا انهم رغم عدم مشاركتهم الاهل والاصدقاء الاعياد، فإنهم معهم قلبا وقالبا. الإطفاء: لا تهاون في العمل في مركز الإطفاء، أكد الإطفائي فيصل المسري ان مجال عملنا لا يعرف عيدا أو غيره، فلا اختلاف بينهم، ففي مهنتنا لا يمكننا التساهل والتهاون في أي يوم من أيام السنة، لأننا نتعامل مع أرواح بشرية غالية ولا تقدر بثمن، فعملنا محاط بالمخاطر التي تحوم حول حماية إخواننا المواطنين والمقيمين، فيجب ألا نتهاون او نتكاسل. وأضاف المسري: أتمني ان يمر العيد بأمن وسلام علي الجميع، وان يهدئ الشباب من استهتارهم تجنبا للوقوع في الحوادث التي تعرض حياتهم وحياة الآخرين للخطر. الطوارئ الطبية: فرحة إنقاذ الأرواح اما عبدالله عاشور، وهو فني الطوارئ الطبية، فقال: «ان عملنا يعتمد علي الجانب الانساني اكثر من المادية، مشيرا الي ان انقاذ الروح البشرية يساوي فرحة العام بأكمله وليس فرحة العيد فقط». واضاف ان: «زحمة الناس في العيد تستدعي ان نزيد الاهتمام والانتباه من مخاطر الحوادث التي تحدث في الطرقات، متمنيا من الناس ان يأخذوا حذرهم ويبتعدوا عن الزحمة». وخلص الي التأكيد انه في الواقع يؤلمنا كثيرا ان نري اسرة تحزن في العيد بسبب فقدان او جرح احد من افرادها. حلويات العيد: ضيف دائم العيد لا يحلو اذا لم تكن اطباق الحلويات تغطي المائدة ليتذوق الضيوف حلاوة العيد وليلتمسوا كرم الضيافة، وفي احد محال الحلويات التقينا محمد الحوافي وتحدث قائلا: «كل عام وانتم بخير، فالعمل في العيد فيه شعور متناقض، فأحيانا يكون جميلا لان فيه الفرح والبهجة اللذين يغمران وجوه الناس، ولكن السعادة تقل عندما ابتعد عن اهلي واحبائي في هذه الفترة التي يزيد فيها الشوق للقاء العائلة وقضاء افراح العيد معهم، وأنا لا اشاركهم تجمعاتهم، ولكن هذا العمل وهذه ظروفه ولا احد يستطيع ان «يرفس» النعمة». الجزارة: هدوء غير متوقع! تعتبر مهنة الجزارة من أهم المهن التي يعتقد البعض أن أصحابها يعملون بشكل أكبر خلال العيد، حيث يعتبر هذا الموسم هو موسمهم، ولكن علي أرض الواقع فإن هذا الأمر غير دقيق، بل يذكر أبو علي وهو أحد الجزارين ان العمل يقل بالنسبة لدينا خلال أيام عيد الأضحي علي وجه الخصوص، حيث أن كمية الاضاحي التي يتم تقديمها خلال هذه الأيام من السنة تجعل سعر اللحم يهبط إلي أقل مستوياته لتوفره بكثرة وقلة الطلب عليه. ويضيف أبو علي ان البعض يعتقد ان الجزارين يربحون خلال هذا الموسم، وهذا الكلام ايضا غير صحيح، نظرا للمنع من قبل البلدية والشؤون لمزاولة هذه المهنة بشكل جزار متجول، حيث يعتبر أي جزار يقوم بذلك بأنه مخالف، ولكن هناك بعض الجزارين الذين يقومون بمثل هذا العمل رغم المنع. وعن طريقة ذبح الأضاحي في العيد يقول أبو علي ان الكثير من الناس في الوقت الحالي يقومون بذبح أضاحيهم من خلال مسالخ البلدية لعدة أسباب من أهمها، أولا أن سعر الذبح يكون أقل في هذه المسالخ، ثم إن الذبح فيه آمن طبيا من خلال ما توفره البلدية من فحص طبي وتأكد خلو الأضحية من أي أمراض. بدوره، يقول حسين علي الأبرص، وهو صاحب مجزرة إن العمل في الايام التي تسبق العيد من خلال الأضاحي التي يوفرها بيت الزكاة. ويضيف أما في ايام عيد الاضحي، فإن الزيادة في اللحم الذي توفره عملية ذبح الأضاحي يحد من الطلب خلال هذه الايام المباركة، ولكن يلجأ بعض الجزارين الي عملية ذبح وسلخ الأضاحي من خلال بعض الزبائن الذين يجلبون أضاحيهم الي الجزارة هربا من الازدحام الذي يحصل في مسالخ البلدية. بائعو الملابس: اعتياد علي الضغوط في أحد أشهر المحال المعروفة لبيع الملابس، قال البائع عمر نصرالدين: في البداية كل عام وانتم بخير، ولله الحمد، نحن نعمل علي سعادة الناس، خصوصا في الأيام التي تسبق الأعياد، لاننا نساعدهم علي اختيار ثيابهم، فالعيد في الكويت له اجواء خاصة، والناس هنا «ذويقة» وتختار لبسها بدقة، لكن رغم هذه السعادة، فإن هناك شيئا ناقصا، وهو عدم مشاركتي للأهل والاحباء فرحتهم، فنحن بالطبع نتمني ان نقضي العيد مع الأهل، ولكن طبيعة عملنا تحتم علينا هذه التضحيات. كذلك زميلته ليلي شويحي من تونس، وهي تعمل مديرة مبيعات، اكدت انها تشعر بالغربة، قائلة: انا في الكويت منذ سنتين، وهذا ثاني عام يمر عليّ من دون ان أعيد مع أهلي، فالعيد في الكويت جميل جدا، ونفسية الموظفين تكون رائعة، لان الزبائن يكونون فرحين، مما ينعكس علي تعاملهم معنا باعتبارنا موظفين، فلذلك نشعر بنكهة العيد الخاصة. واضافت: ان خدمة الزبائن في العيد لها طعم خاص، خصوصا الزبائن في الكويت، فهم مريحون واسلوبهم في التعامل حضاري وأخلاقهم راقية، موجهة تحية الي اهلها في تونس، وإلي الشعب الكويتي عامة. محطات الوقود: لا مجال للتوقف من أهم المجالات التي لا تتمتع بإجازة العيد ويستمر العمل فيها خلال هذه العطلة هي محطات التزود بالوقود، حيث يستمر العمل فيها علي الوتيرة نفسها للحاجة الماسة إلي هذه السلعة من قبل الجميع وخصوصا في أيام العيد. ويقول يوسف ناصر الشمري، وهو أحد العاملين في محطات التزود بالوقود كأمين للصندوق «إننا في هذه المحطات نعمل بنظام النوبات، وهي مقسمة إلي ثلاث نوبات في اليوم، ولا نتمتع إلا بيوم واحد إجازة خلال الأسبوع، وأما في العطل الرسمية الأخري فليس لنا أي حق في التمتع بها. ويضيف إننا نعمل خلال ايام العيد كالأيام الأخري كلا وفق نوبته سواء كان ليلا أو صباحا أو عصرا، مشيرا الي ان العمل في محطات التزويد بالوقود ليس من الممكن ان يتوقف خلال أيام العيد. وعن قضاء العيد في العمل يقول الشمري «هو أمر جيد وطبيعي، وقد تعودنا عليه، ثم إن العمل يستمر إلي 8 ساعات ونقضي بقية اليوم مع الأهل والأصدقاء والأقارب». «تحلوقة» العيد: حتي يكتمل المظهر دارت جولتنا في «حلاق» مزدحم، حيث التقينا بالحلاق سعيد المغربي، الذي قال: في الواقع انا لا اشعر بالغربة في الكويت، لأنها كأي بلد عربي آخر، فلقد عملت في دبي لمدة خمس سنوات، ولي حتي الآن ثلاث سنوات في الكويت، ولم اشعر بالفراغ او فرق في العيد وكأنني في المغرب. ويضيف: العيد موسم عمل لنا، فالعيد لا يكتمل اذا لم يزر الشخص الحلاق لكي نظهره بكامل اناقته، وانا اعشق هذه المهنة لأني اشعر بالسعادة عندما اقوم بتزيين الزبون، وخصوصا بعد شعورهم بالرضا من عملي لهم، فعمل الحلاق يحتاج الي فن عال وصبر طويل، فحب العمل والراتب الجيد يعتبر دافعا اساسيا يجعلني اعمل في العيد، فمع الضغط يزداد الابداع، وفي مهنتنا كثرة العمل والخبرة ترفعان مستوي الكفاءة. وفي الختام وجه المغربي رسالة معايدة الي الشعب الكويتي والامة العربية، ووجدها فرصة لتوجيه التهاني والتبريكات بالعيد لأحبائه واقاربه في المغرب. المطاعم: ارتفاع معدل الطلبات تعتبر المطاعم من اكثر المحلات التي تعمل خلال ايام العيد وربما بشكل اكبر من الايام الاخري. ويقول ابومحمد، وهو مدير لاحد المطاعم ان موسم الاعياد هو من المواسم المهمة لنا خلال السنة، والعمل يكون فيه بشكل اكبر, حتي اننا احيانا نزيد عدد العاملين لدينا في المطعم من اجل مواجهة الزيادة علي الطلب، خصوصا في اوقات المساء بسبب كثرة خروج العائلات في هذه الايام واحتفالهم في العيد، كما انه ومن المفروض ان الكثير من العائلات خلال هذه المواسم لا تقوم بالطبخ في المنازل لكثرة الزيارات العائلية واجواء الفرح والتنقل والتجمع بين العائلات في منازلهم، ما يجعل عملية الطلب الخارجي تزيد بنسبة تفوق 100%، مؤكدا ان المطاعم خلال موسم الاعياد عادة ما تزيد طاقم عمالها لمواجهة هذه الزيادة. ويوضح ابومحمد ان الطلبات تزيد في فترة الظهيرة، ولكن الفترة التي نعتبرها وقت الذروة هي الفترة المسائية، مستطرداً: ويستمر عملنا خلال الاعياد لفترة طويلة جداً، أي ما يقارب الفجر. ويضيف ابومحمد: عادة ما نجهز لأيام العيد قبل فترة كافية، حيث يكون العاملون تم تبليغهم بساعات العمل والايام التي سوف يعطون فيها اجازات من اجل تنظيم العمل وعدم الوقوع في أي اشكال يربكنا في ساعات العمل خلال ايام العيد. الخبز: طعام الجميع المفضل مع الرائحة الزّكية التي تخرج من الفرن الحار، قال الخباز الايراني حسين محمد ان الخباز او الخبز الايراني بالتحديد هو ما يحبه الشعب الكويتي، وخصوصا كبار السن كوجبة رئيسية لا يمكنهم الاستغناء عنها حتي في ليالي العيد التي تكثر فيها طلبات المطاعم لأبناء هذا الجيل. وعن العيد في الكويت قال ان العيد له طعم خاص في الكويت، والدوام طبيعي جدا، ولكن الزحمة تزداد وضغط العمل يصبح كبيرا علينا، الا انني في الواقع اعتدت علي الاحتفال هنا مع زملاء العمل والزبائن وبعيدا عن الاهل، ومعظم الناس اعتادوا علي ويسألون عني اذا لم اتواجد في المخبز الذي قضيت ثلثي عمري فيه. الجمعيات: الفرحة تعم الوجوه لا يمكن الاستغناء عن الجمعية في العيد، لان الناس لا يمكنهم الاستغناء عن المواد الاستهلاكية التي تعتمد الحياة اليومية عليها. وفي احدي الجمعيات التعاونية، ذكر الكاشير محمد مهران ان دوام العيد يختلف عن الايام الاخري، فالجمعية تمتلئ بالأطفال، لانهم يفرحون بالعيدية التي يحصلون عليها، وعندما اراهم وهم سعداء اشعر بحق بأنني اعيش في فترة وموسم العيد. اما زميلته الفلبينية لينا فقالت انها تعمل منذ اكثر من ثلاث سنوات، وفي كل عيد يزداد العمل في الجمعية بسبب زيارة الناس المستمرة لهم، وفي الواقع، العيد جميل للغاية في الكويت، وهي تحب لبس البنات وكيف يظهرن في زي جميل، مستدركة انه لا يوجد تعب في العيد لأنه كعملنا طوال السنة، ولا يوجد فرق. الصيدلة: الحاجة الي الدواء في كل وقت تعمل الصيدليات اثناء العيد علي مدار الساعة وهي من المهن التي يحتاج اليها الانسان في اي وقت وزمان ويقول الدكتور شامان نايف ان «العمل في الصيدلية لا يتوقف اثناء العيد لحاجة الانسان الي الدواء، ولذلك تعتبر مهنتنا من المهن المهمة التي تعمل اثناء هذه الايام السعيدة». ويضيف شامان: «لا يتأثر عملنا في الصيدلية بهذه المناسبات حيث ان الحاجة الي الدواء ليس لها دخل في ذلك، ولذلك نستقبل المراجعين خلال اجازة العيد، وطبعا يعتبر هذا الجانب انسانياً حيث ان مهنة الصيدلة انسانية، والحاجة اليها غير متعلقة بوقت محدد لكي تتوقف خلال مواسم الاعياد». ويبين شامان ان العمل خلال هذه الايام السعيدة ربما يقل بشكل بسيط، ولكنه يمثل عبئا علينا كصيادلة لان لاهلنا ولانفسنا حقوقاً علينا حيث اننا نحتاج الي مثل هذه العطل في هذا الوقت الذي يقضيه الانسان بين ابنائه واهله ولكن يبقي الدور الانساني هو الموجه، موضحا ان العمل في مثل هذه الاوقات تقل ساعاته بشكل اكبر، وليس كما هو في الايام العادية ثم اننا نقسم ساعات العمل بيننا كعاملين في الصيدلية من اجل كسب اكبر وقت لقضائه مع الاهل والعائلة.