السعودية ترى 75 دولارا سعرا عادلا.. واليابان تستنكر بالرغم من أن أسعار الوقود المنخفضة مبعث ارتياح على المدى القصير للمستهلكين والشركات التي تكافح لمواجهة الازمة المالية والاقتصادية فانها قد تكون نقمة على الجميع على المدى البعيد. فأسعار الطاقة المنخفضة تحد من الاستثمار في صناعة النفط مما يقلص الامدادات المستقبلية للاسواق، كما أنها لا تشجع على ترشيد استهلاك الطاقة وتزعزع استقرار الدول المعتمدة على تصدير النفط مما يعزز احتمالات ارتفاع تكلفة النفط مستقبلا ويجعل امداداته أقل استقرارا. وربما يكون الاهم من ذلك كله أن أسعار الطاقة المنخفضة توقف فعليا الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة وهو ما يؤدي بدوره الى تفاقم الاعتماد على النفط وغيره من انواع الوقود الاحفوري مما يزيد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. يقول مايك ويتنر رئيس ابحاث النفط في بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي "على المدى القصير جدا ولاننا في حالة كساد فان انخفاض أسعار النفط أمر مفيد لنا جميعا. انها بمثابة اعفاء ضريبي حيث توفر لنا اموالا لفترة قصيرة. لكن على المدى البعيد- يستكمل المصدر- فان أسعار النفط اليوم أقل من أن تدعم امدادات جديدة تذكر وستؤدي الى ابطاء التحرك نحو الوقود البديل والتكنولوجيا الجديدة وترشيد الاستهلاك. وانهارت أسعار النفط العالمية منذ يوليو/ تموز 2008 وفقدت ثلثي قيمتها بعد وصولها الى أعلى مستوى على الاطلاق قرب 150 دولارا للبرميل مما أدى الى نزول أسعار الوقود الى أدنى مستويات منذ عدة سنوات. السعودية ترى 75 دولارا سعرا عادلا.. واليابان تستنكر وكان الملك عبدالله عاهل السعودية صرح السبت ان 75 دولارا للبرميل يمثل سعرا عادلا للنفط. وأثار التعليق انتقادات من بعض الاوساط وقال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني توشيهيرو نيكاي للصحفيين في طوكيو "هناك تعليقات متكررة من منتجي النفط عن سعر بين 60 و 75 دولارا للبرميل، بالنسبة لنا فانه كلما كان سعر النفط أرخص كان ذلك أفضل. الا ان وزير البترول السعودي علي النعيمي فسر تصريحات العاهل السعودي بان النفط عند هذا المستوى سيشجع على الانتاج الجديد من مصادر هامشية أعلى تكلفة. ولكن معظم المحللين يتفقون بشكل عام مع وجهة النظر السعودية ويقولون انهم يخشون عواقب نقص الاستثمار في صناعة النفط ويشددون على ضرورة الحيلولة دون نقص المعروض في الاعوام المقبلة. ويرون ان تعليق اليابان التي تعتمد كليا تقريبا على واردات الطاقة وتبدو في طريقها الى أطول فترة انكماش الاقتصادي على الاطلاق يعكس رؤية استراتيجية قصيرة المدى. ومن جهته اوضح مايكل لويس رئيس ابحاث السلع الاولية في دويتشه بنك انه اثناء التباطؤ الاقتصادي تحتاج لأي نوع من المحفزات يمكن الحصول عليه ومن شأن انخفاض سعر النفط أن يساعد في ذلك، لكن لابد من الوصول إلى سعر مثالي مستقر يحقق التوازن بين الحاجة للتنقيب وتمويل مشروعات الطاقة البديلة، مضيفا ان الاستقرار في أسعار الطاقة أمر ضروري لأي نوع من التخطيط على المدى البعيد. ويؤكد رأي لويس تصريحات وزير النفط الهندي اب. اس. باندي الذي قال الثلاثاء "بصفتنا من كبار المستهلكين فاننا نريد أن تظل الاسعار مستقرة حول هذا المستوى.. والاهم هو استقرار الاسعار، فالتقلبات بالشكل الذي شهدناه في عام 2008 كانت بالغة السوء." ويرى لويس أن السعر المثالي للنفط هو بين 60 و 80 دولارا للبرميل ويقول ان هذه هي القيمة العادلة على المدى البعيد. اما سايمون وارديل مدير مجموعة أسواق الطاقة في مؤسسة جلوبال انسايت بلندن فاشار الى ان هناك اتفاقا عاما بين دول اوبك والدول المستهلكة على أن السعر الملائم للنفط يبلغ نحو 75 دولارا للبرميل. وشدد على ان هذا السعر يجذب الاستثمار في الانتاج الجديد وهو مرتفع بما يكفي لتشجيع ترشيد استهلاك النفط كما أنه كاف للحفاظ على ميزانيات دول الشرق الاوسط، لافتا الى ان مايقلقه هو أن ينخفض السعر أكثر من اللازم. وبحسب مؤسسة "بي.اف.سي انرجي للاستشارات" ومقرها واشنطن فان منتجي النفط في الشرق الاوسط يحتاجون لاسعار النفط في عام 2008 تتراوح بين 40 و 60 دولارا للبرميل للحفاظ على موازين المعاملات الخارجية دون عجز. ويأتي ذلك في الوقت الذي اعلنت وكالة الطاقة الدولية انها تريد أسعار نفط مرتفعة بما يكفي للتشجيع على مواصلة الاستثمار في مصادر طاقة جديدة بما فيها حفر ابار في المياه العميقة وهي عملية باهظة التكلفة. وقال ديفيد فايف رئيس قسم صناعة وأسواق النفط في الوكالة "من الصعب جدا تقدير مستوى مطلق للسعر العادل. ولكن هناك الكثير من النفط مرتفع التكلفة سواء في المياه العميقة جدا أو في الرمال النفطية في كندا أو في المناطق القطبية في شمال روسيا وكلها تحتاج لسعر مرتفع نسبيا." واردف "سيكون هناك خطر اذا انخفضت الاسعار أكثر فسيؤدي هذا الى تفاقم احتمالات شح الامدادات على المدى المتوسط". وهوت أسعار النفط حوالي 100 دولار منذ ان سجلت أعلى مستوى لها على الاطلاق البالغ 147.27 دولار في يوليو تموز 2008. (رويترز)