تحول الطلاق في مجتمعاتنا العربية المعاصرة الى ظاهرة تهدد التماسك الاسري وتشير الاحصاءات الرسمية العربية في هذا الصدد الى ارتفاع نسبه بشكل متزايد في السنوات الاخيرة وهو ما يعكس حالة خلل اجتماعي يتحمل الجميع مسؤوليته فضلا عن كونه يشكل ازمة مجتمعية في المقام الاول وازاء ذلك لاقت فكرة نادي المطلقات الذي تم اطلاقه مؤخرا عبر الشبكة العنكبوتية ترحيباً شديداً لدى كثير من الاوساط الاجتماعية والنسائية. وفي هذا السياق التقت الراية بصاحبة الفكرة كوثر الخولي لتتعرف على طبيعة النادي والخدمات التي يقدمها لاعضائه والاهداف التي يسعى اليهاوالتي لفتت الى ان فكرة انشاء النادي جاءت من خلال تفاعل شبكة اسلام اون لاين مع احدى زوارها وهي الناشطة الاجتماعية غادة أحمد من السعودية حيث لاحظت ان المرأة المطلقة يفرض عليها سياج من العزلة وبذلك لا تجد مؤسسة ترعاها او تقبل باندماجها في أسرة جديدة ومن هنا جاءت الفكرة وبالفعل تم دراستها وتم عرضها على ادارة الموقع موضحة انه من خلال هذا النادي يتم تقديم الدعم النفسي للمرأة المطلقة والتي تعاني من نظرات الاتهام من قبل المحيطين بها بحسبانها السبب الرئيسي في فشل حياتها الزوجية اضافة الى اعتبارها خطرا على زوج جارتها كما انه ليس بمقدورها تربية ابنائها بمفردها دون دعم الاب لذلك نجدها تواجه مشكلات كثيرة مع اصدقائها ومعارفها ومع جيرانها وحتى مع أسرتها. وتشير الخولي على انه لدى كل أسرة امرأة مطلقة على الاقل وبالتالي فهي تعاني من أزمة ثقة الامر الذي يستوجب تقديم المساعدة لها لتخطي هذه الازمة وإعادة ثقتها لنفسها مرة اخرى لكي تواجه المجتمع وتستطيع ان تقف بجوار ابنائها وتقوم بتربيتهم على أكمل وجه في ظل غياب الاب كما يتم الى جانب ذلك تقديم دعم اجتماعي لها. وتضيف: بدورنا نحاول ان نلفت انتباه المجتمع العربي الى ارتفاع نسبة المطلقات وهو ما اشار اليه تقرير لوزارة التخطيط في السعودية متضمنا ان هناك حالة طلاق كل 40 دقيقة بمعدل 33 حالة في اليوم أي 12192 حالة في السنة وهذه النسبة في زيادة مستمرة اما في المغرب فوصل عدد حالات الطلاق المسجلة الى 26914 حالة وفي مصر طبقاً لتقرير صدر عن وزارة الشؤون الاجتماعية هناك 2 مليون و458 ألف مطلقة وفي الامارات هناك حوالي 3390 حالة طلاق من مجموع 11285 حالة زواج تمت في عام 2007 ومن هنا نحن نعمل على رفع درجة الوعي لدى المجتمع العربي بالتداعيات الخطيرة من جراء تفاقم هذه المشكلة. وترى كوثر الخولي ان هناك طرفين لمشكلة الطلاق وليس طرفا واحداً فشباب اليوم يرغب في ان يتزوج فقط دون ان يعرف ماهو الزواج وما له من حقوق وما يرتبط به من مسؤوليات اما الفتيات فيسعين الى الزواج لتجنب حالة العنوسة ومن هنا تبنت شبكة اسلام اون لاين الفكرة. وتتمثل أهداف النادي وفقا لما تقوله كوثر الخولي في تقديم التوجيهات والاحكام والفتاوى فيما يتعلق بامور الزواج، توعية الاهل بعدم المغالاة في المهور وتيسير الزواج، المساهمة في ايجاد حلول عملية لمشكلات الاسرة، الاهتمام بالثقافة الجنسية بوصفها عاملاً من عوامل الزواج الناجح الى جانب انه يهدف الى مساعدة المطلقات في الوطن العربي والاسرة العربية من خلال 52 مستشارا اجتماعيا ونفسيا فهدفنا - كما تضيف- هو تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني والمادي للمطلقة فنحن نؤمن بان الطلاق ليس نهاية العالم وأنه بإمكانها ان تبدأ من جديد وتتعامل مع الواقع الاجتماعي بشكل سليم خاصة انها بعد الطلاق ينتابها إحساس بخيبة الامل والاحباط والفشل وبالتالي فهي في أمس الحاجة الى الاتزان النفسي. ولا يهدف النادي - الكلام ما زال لكوثر - الى البحث وراء أسباب الطلاق فحسب بل هدفه الاساسى العمل على إعادة تأهيل المطلقة نفسياً واجتماعياً للوصول بها الى ان تكون عضوا فعالا ومنتجا في المجتمع. وأضافت ان هناك زوايا داخل موقع النادي لمساعدة المرأة فيما ترغب في الوصول اليه من معلومات منها زاوية يمين الطلاق الذي يتضمن إعداد المطلقات في الوطن العربي الى جانب أهم المشكلات التي يتعرضن لها وقصص النجاح بالاضافة الى كيفية تدبير حياتهن والتعامل مع مشكلات مرحلة ما بعد الطلاق. وهناك زاوية دليل المساندة التي تقدم الدعم الاجتماعي والنفسي والقانوني والمادي بالاضافة الى بعض البيانات عن المؤسسات التي توفر فرص عمل للمطلقات. الى جانب زاوية أبغض الحلال وهي عبارة عن صفحة تحريرية عن الفتاوى لبيان حقوقها في الشريعة الاسلامية سواء كانت مادية او معنوية وزاوية شاطئ البوح التي تمثل ساحة للحوار تتبادل فيه عضوات النادي الافكار والتجارب والاستفسارات والشكاوى التي تحتاج للرد من متخصص. وهناك زاوية في غياب الاب: وهي صفحة تربوية تعرض لاهم المشكلات التي يمكن ان تواجهها المطلقة مع أطفالها والسبل لتعوض غياب الاب. وتبدي كوثر ارتياحها لأن فكرة النادي لاقت نجاحاً كبيراً بدليل ان بعض الجمعيات الاهلية اصبحت الان تلجأ لمستشاري النادي لتنظيم ندوات للسيدات المطلقات خاصة في ظل ما بات يمتلكه من خبرات تؤهله لمساعدتهن الى جانب ذلك فانه يقدم دورات تدريبية يشارك فيها مستشارون متخصصون لتدريب المطلقة حول كيفية التعامل ومواجهة المجتمع موضحة ان النادي يشهدإقبالاً واسعا للغاية حيث يشترك فيه حوالي 450 مطلقة تقريباً بالاضافة الى وجود ما بين 50 الى 60 ألف زائر. والطريف كما تقول الخولي ان زوار النادي ليس كلهم من النساء بل هناك ذكور ايضاً حيث نجد بعض الرسائل من رجال يعرضون الزواج من احدى المطلقات غير ان ذلك ليس من أهدافنا فتركيزنا هو على مساعدة المرأة المطلقة لافتة الى وجود خدمة شريك الحياة في الموقع تقوم بتحويله اليها لمساعدته في ايجاد ما يبحث عنه. وتشدد كوثر على ان المعضلة الرئسية التي يركز النادي على مواجهتها تتمثل في تصحيح نظرة المجتمع للمطلقة فالواجب على المجتمع ان يعطي المطلقة فرصة ثانية تليق بها كامرأة وأم دون ان يتعامل معها باعتبارها السبب الرئيسي في إنهاء زواجها فهي طرف من طرفي العلاقة الزوجية. وتضيف: لسنا مؤسسة اجتماعية فنحن نحاول تقديم المساعدة من خلال ما يتاح لدينا الى جانب توفير بعض المعلومات عن جمعيات اهلية قد تساعد المطلقة في توفير فرصة عمل لها او تقدم لها قروضا فنحن نخاطب جمهورا معينا هو الذي يستطيع الوصول الينا عن طريق النت ولكن كيف ينظر الخبراء الى هذه الفكرة؟. في رأي د. أحمد خيري حافظ استاذ علم النفس بجامعة عين شمس فان ظاهرة المطلقات في المجتمع العربي بشكل عام ظاهرة مقلقة ومحيرة لانها تتزايد يوما بعد يوم وطبقاً للاحصائيات فان نسبتها ترتفع الى 20 و30 و40% من عدد المتزوجات وهي نسبة مخيفة في المجتمعات العربية التي تتسم بالمودة والمحبة والطلاق هو نفي للآخر فهي امرأة منفية من المجتمع والاسرة وهذا أشد أنواع العقاب النفسي غالباً ما سيكون رد الفعل للمطلقة هو الدخول في حالة من الحزن والعزلة والاكتئاب مع ما تعانيه من ضغوط خارجية والمشكلة كما يؤكد د. أحمد ان الطلاق أصبح سمة السنوات الاولى للزواج لذلك فان المرأة هي التي تدفع ثمن حياة لم تعشها وخبرة لم تكتسبها وهذا ايضاً يعود الى سرعة الزواج وعدم التدقيق في الاختيار. واشار د. خيري الى ان نادي المطلقات موجود في المجتمعات الغربية ومن هنا لابد ان نسأل هل له اهداف واضحة وهل هناك علاقات مباشرة بين اعضائها. ويتساءل د. أحمد: هل هناك خبراء متخصصون داخل النادي وهل هناك برامج متخصصة لاعادة تأهيل المطلقة لانه لابد ان يكون بعيداً عن نوادي الدردشة لاننا سننتهي الى أحاديث مكررة وربما تنتهي الى كوارث عندما تتحول المطلقة الى امرأة عدوانية عن طريق كثرة هجومها على الرجل. وطالب د. خيري بضرورة أن يشرف على مثل هذه الاندية متخصصون في علم النفس والاجتماع لتقديم مختلف اشكال الدعم والاسناد المادي والمعنوي مع تخصيص جزء لعلاج الحالات الشديدة او المعقدة. وحسب منظور د. إيمان الحضري استاذ علم الاجتماع بالجامعة الامريكية فانه لا ضرر من إنشاء هذا النادي خاصة اذا كان يقدم خدمة هدفها مساعدة المرأة المطلقة على الاندماج داخل المجتمع الذي تعيش فيه حتى لا تصبح منغلقة على نفسها وعلى اولادها بعد الطلاق. مشيرة الى انه اذا كان الهدف الاساسي للنادي يتمثل في تغيير وجهة النظر السيئة التي ينظرها المجتمع للسيدة المطلقة فانه ليس ثمة ما يمكنه من توفير مختلف اشكال الدعم وتحويله من الشبكة العنكبوتية الى أرض الواقع لاتاحة الفرصة امام المطلقات للتوجه اليه والتفاعل معه والخروج من تجاربهن المؤلمة. لكن د. إمام حسانين الخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث يرى ان المجتمعات العربية ما زالت غير قادرة على تقبل مثل هذه النوعية من الخدمات الاجتماعية خاصة ان هذا النادي قد يكون مصدر شبهات للعضوات اللاتي ينتمين اليه. وأضاف ان هذا النادي لن يكون بديلاً ابداً عن التضامن الاجتماعي العام خاصة انه عن طريق الانترنت مؤكداً انه لكي تنجح مثل هذه الافكار لابد ان تكون السرية التامة هي المفتاح الاساسي لالتحاق اعضائه به وبقائهم فيه من حيث طريقة عرض الشكوى او ابداء الرأي او تقديم المساعدة الى جانب التأكيد عن طريق الاختبارات قبل قبول اي عضوة للنادي. وتمتدح د. شاهيناز اسماعيل استاذ علم النفس بجامعة عين شمس وجود ناد للمطلقات وتعتبره دليلا على فكر ايجابي لدى أصحابه لكنها تنبه الى اهمية ان يتسم بالفعالية في تقديم المساعدات المتنوعة للمطلقة الى جانب ضمان السرية والخصوصية لاسرارها الشخصية وان كان ذلك قد لا يجدي نفعاً مع بعض السيدات خاصة ان هناك بعض الحالات التي تحتاج الى مقابلات شخصية لا يصلح معها التواصل عبر شبكة الانترنت .