جاء كتاب (عبد الوهاب المسيري فارس التغيير) في 112 صفحة متوسطة القطع وأصدره عدد من تلاميذ المسيري وأصدقاؤه كرد تحية لرجل يعد "موسوعة على قدمين" على حد وصف الكاتب المصري ياسر علوي في دراسة نوه فيها أن المسيري قدم مشروعا فكريا امتزج فيه الهم العلمي بالنضال من أجل التغيير. ويضم الكتاب دراسات ومقالات متعجلة تفاوتت طولا وقصرا وعمقا ألقي بعضها في حفل تأبين المسيري بعد أيام من رحيله في يوليو/ تموز الماضي. وقال علوي إن المسيري "كان نموذجا استثنائيا لمثقف مناضل يحيا مشروعه ويعيش قيمه باتساق واستقامة يكادان يستعصيان على التصديق ومثل هذا الرجل لايرثى فرثاؤه إهدار لأهم ما في تجربته" كما حذر من التلقي السلبي لدراسات المسيري داعيا للتفاعل معها وتطويرها وعدم الاكتفاء بالثناء على مؤلفها حتى لايتحول الجهد العلمي إلى " أيقونة نتبرك بها". ويقول الروائي المصري بهاء طاهر إن المسيري لم يكن فقط نموذجا "للمثقف الشامل الذي يجمع بين العلم والعمل إنه أكبر منذ ذلك بكثير.. لانظير له بين المثقفين كما كان (المفكر المصري الراحل) جمال حمدان بلا نظير في الجيل الأسبق". وإلى هذا المعنى يصل أيضا الكاتب المصري أحمد بهاء الدين شعبان قائلا إن المسيري "قاتل بضراوة ضد الزيف والاستبداد والفساد والخنوع" واصفا إياه بالمثقف النموذج. ويرى الكثيرون أن المسيري من أبرز العقليات العربية في النصف الثاني من القرن الماضي وتشهد على ذلك آثاره الفكرية وأهمها موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية.. نموذج تفسيري جديد) 1999 وتقع في ثمانية مجلدات وكتبت في نحو 25 عاما و"إشكالية التحيز".. رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد في سبعة أجزاء و"الفردوس الأرضي.. دراسات وانطباعات عن الحضارة الامريكية الحديثة و (الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان) و (الحداثة وما بعد الحداثة) و(دراسات معرفية في الحداثة الغربية) و(الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية) إضافة إلى دراسات في اللغة والنقد الأدبي منها (اللغة والمجاز) و(دراسات في الشعر) و(في الأدب والفكر). كما ترجم قصيدة (الملاح القديم) للشاعر الإنجليزي صمويل تيلور كوليردج مصحوبة بدراسة في أبعادها الجمالية والمعرفية في طبعة فاخرة مصحوبة بتسع لوحات تصويرية. وحظي المسيري في حياته باهتمام مفكرين وكتاب وباحثين ينتمون إلى مختلف التيارات الفكرية والإيديولوجية إذ نظمت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ندوة موسعة استمرت أياما لمناقشة موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية). وفي عام 2004 صدر عنه كتاب (في عالم عبد الوهاب المسيري.. حوار نقدي حضاري) ويقع في 1130 صفحة ويضم دراسات لأكثر من 80 مؤرخا ومفكرا عربيا وأجنبيا بمقدمة للكاتب المصري محمد حسنين هيكل قال فيها ان العقل والفعل العربيين كانا "في حاجة الى هذا المرجع (موسوعة اليهود واليهودية..) لقيمته المعرفية أولا ولقيمته السياسية ثانيا والسبب أن هذا المرجع كشاف قوي موجه باتساع كبير وتركيز شديد إلى ساحة دار عليها صراع من أخطر وأعنف ما عرفته الأمة العربية طوال تاريخها وهو صراع انقضى من عمره حتى الآن قرن بكامله". وكان المسيري يتولى منصب المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير ( كفاية) التي تأسست نهاية عام 2004 وتضم رموزا من ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والنقابي وتتلخص جهود الحركة في شعار "لا للتجديد ( للرئيس حسني مبارك) لا للتوريث (لابنه جمال)." وقبل شهر من وفاة المسيري أعلن الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أول يونيو /حزيران الماضي منحه (جائزة القدس) وكان مقررا أن يتسلمها في الاجتماع القادم للاتحاد بدمشق في نوفمبر /تشرين الثاني القادم. (رويترز)