قبل ساعات من حلول شهر رمضان أصدرت هيئة الشؤون الدينية التركية فتوى مثيرة للجدل تبيح استخدام لاصق طبي، لمنع الشعور بالجوع والعطش خلال شهر الصوم الذي حل في أجواء ساخنة جدا. الفتوى التي تلقى مجمع البحوث الإسلامية في مصر نسخة منها وصفت اللاصق الطبي بأنه يفقد الصائم الشهية، ويخفف من شعوره بالجوع والمشقة والتعب والإرهاق. وكان عضو الهيئة التركية صرح لوكالة الأنباء الفرنسية قبل أيام بأنه «إذا كان الصيام يساعد في الحفاظ على الجسم ورشاقته عبر تنظيم عملية الغذاء، فإن هذا اللاصق يؤدي الغرض نفسه من خلال تقليل إحساس الصائم بالجوع، وعليه فإن استخدامه يكون مباحا، وليس محرما»، مضيفاً «اللاصق يتحكم في الشهية، ويقوي العضلات، ويقلل المياه التي يفقدها الجسم، ويقلل التعب والإرهاق، من خلال إفراز مادة تدخل إلى الجسم عبر الجلد». لكن علماء الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية اتخذوا موقفا معارضا تجاه هذا اللاصق، مؤكدين أنه إذا كان من شأنه منع الإحساس بالجوع والعطش فإنه يتنافى مع أحد الأهداف السامية للصيام وهو الشعور بما يعانيه الفقراء والمساكين من جوع وعطش ومعاناة. أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر الدكتور علوي أمين، قال «إن الله لا يطلب منا الجوع أو العطش خلال شهر رمضان، لأن هذا الشهر يرتقي بمشاعر المسلمين ويقربهم إلى الله»، مشيرا - في تصريحات خاصة ل «الراي» - إلى واقعة معروفة، عندما جاءت امرأتان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تبكيان وقالتا له: شعرنا بالجوع والعطش، فقال لهما تقيآ في هذا القدح،، فتقيأتا قرحا ودما، فقال عليه الصلاة والسلام: «صمتما على ما حرم الله وأفطرتما على ما حرم الله»، لأنهما كانتا تمشيان بين الناس بالنميمة»، مؤكدا أن «الصيام لابد أن يكون عن كل شيء لحفظ النفس من كل ما حرم عليها وليس عن الطعام والشراب فقط». ولفت أمين إلى أن «جميع الفتاوى الخاصة بمحاولة تخفيف مشقة الصيام على الصائم من خلال اختراع مواد أو أجهزة طبية أو حقن للتخفيف هي عبارة عن بدع عقلية، تُخرج الصيام عن مضمونه والهدف منه هو الابتعاد عن اقتراف المعاصي والذنوب والتقرب إلى الله والاجتهاد في طاعته، والشعور بالفقراء والمساكين». من جانبه، اعترض مدير الإدارة العامة للإرشاد الديني بوزارة الأوقاف الشيخ أحمد أبوسيف على استخدام هذا اللاصق، مشيرا إلى وجود مجموعة من الأشياء التي يستطيع المسلم القيام بها، وهي ليست محرمة، ومنه الاستحمام الذي لا ينقض الصيام ويخفف من الشعور بالعطش، ويبرد الجسد، بالإضافة إلى الابتعاد عن مصادر الحرارة والاستظلال من الشمس، وكذلك النوم الذي تعيد خلاله دورة الجسم نفسها، فيستيقظ الصائم وهو لا يشعر بالجوع الذي كان يشعر به قبل النوم، وهذه الأمور غير محرمة على الإطلاق، وهي وسائل للتخفيف من الجوع والعطش. وأضاف أبوسيف في تصريحات ل «الراي» إنه «إذا كانت هذه اللاصقات الطبية تندرج تحت هذه الأشياء ولا تخرج الصيام عن مضمونه فهي مباحة، ولكن إذا كانت تحمل شيئا يدخل إلى الجسم، فهي في حاجة إلى حكم آخر، ولذلك تحتاج إلى طبيب يوضح ما هي المادة التي يحتويها اللاصق الطبي وتجعل الإنسان يفقد شهيته للطعام والشراب وبالتالي يستطيع تحمل الصيام أم أنها لاصق طبي يخرج ذبذبات ليشعر الإنسان بالشبع ولا يشعر بالعطش». وتساءل الشيخ أبوسيف هل هذه الوسيلة التي تستطيع التخفيف من مشقة الصيام تضيع غرض الصيام وهو تهذيب النفس وإحساس الصائم بمن حوله، بالتأكيد نعم. وكان عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد رأفت عثمان، صرح لموقع قناة العربية بأن «هذه الفتوى لابد أن يؤخذ فيها الرأي بشكل جماعي، ولهذا يدرسها المجمع حاليا»، مؤكدا أنه «ليس هناك رأي قاطع بتحريمه أو إباحته» مضيفاً «علينا استشارة الأطباء الثقات لمعرفة هل يمد هذا اللاصق الجسد بالغذاء أم لا، وإذا كان لا يمد الجسد بالغذاء، ولكن يفقد الصائم الشهية فحكمة الصوم تزول، وإن كان هذا لا يعني إبطاله، فالصوم في الفقه الإسلامي يبطل إذا دخل جوف الإنسان شيء سواء عن طريق الحقن بالجلوكوز، أو أي وسيلة أخرى، يمتص بها الدم أي شيء».