هل توجد إعلانات طرح وحدات إسكان اجتماعي قريبا؟.. مي عبد الحميد تجيب    رئيس بلدية رفح الفلسطينية: المدينة أصبحت منكوبة وأوضاعها كارثية    تعرف على موعد مباراة المنتخب أمام بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    التحفظ على كاميرات مراقبة لكشف ملابسات حادث تصادم نجل الفنان أحمد رزق    أحمد موسى يطالب برفع أسعار الخدمات المقدمة للسائحين بالفنادق.. (فيديو)    تفاصيل الحالة الصحية للفنانة ليلى طاهر    تراجع إيرادات فيلم "شقو" في إيرادات أمس    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    الاتحاد السكندري يعلن قبوله دفعه جديدة من الناشئين بسعر رمزي لشراء استمارة التقديم    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    بسبب نادي نيس.. مانشستر يونايتد قد يشارك في دوري المؤتمر الأوروبي    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    رئيس الأعلى للإعلام يشيد بالعلاقات القوية بين مصر والسعودية    ختام المؤتمر العربي ال22 لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    محمد نشأت العمده: افتتاح الرئيس لمشاريع جنوب الوادي يضيف للتنمية الشاملة    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    دفاع الفنان عباس أبو الحسن: تسلمنا سيارة موكلى ونتتظر سماع أقوال المصابتين    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    وزيرة الهجرة تلتقي أحد رموز الجالية المصرية في سويسرا للاستماع لأفكاره    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضوء
نشر في أخبار مصر يوم 12 - 07 - 2008


الأهرام: 11/7/2008
**‏ الفوضي الشاملة التي اجتاحت الشارع الرياضي المصري مؤخرا لا هي مصادفة ولا هي مفاجأة إنما هي نتاج طبيعي لإدارة رياضية فاشلة علي كل المستويات وابحث دائما عن الإدارة تجدها خلف كل نجاح ووراء كل فشل وعندما يصبح الشارع الرياضي بوابة من غير أبواب وبواب فالطبيعي أن يحدث أي شيء وكل شيء‏!‏
عندما تتنازل الجهة الإدارية عن مكانها ومكانتها وعن أنها الحكم الذي يعدل بين الجميع وتتحول إلي خصم ينحاز إلي طرف ضد طرف ويؤلب جهة علي جهة ويقسم جسد الرياضة المصرية‏..‏ مع وضد‏!‏
عندما يصبح دور الجهة الإدارية تعميق وترسيخ الخلاف والكراهية بين اتحادات مصر الرياضية والاجتماع مع اتحادات دون أخري وتحريض اتحادات علي اتحادات والإيعاز إلي اتحادات بمقاطعة اجتماع عقد أول أمس الأربعاء بدعوة من رئيس اللجنة الأوليمبية وجهها لكل رؤساء الاتحادات لمناقشة حقيقة الأزمة‏..‏ عندما نصل إلي هذا الدرك من السقوط الإداري لقمة الإدارة فطبيعي ومنطقي أن تري الرياضة المصرية ما لم تره يوما من تهتك للقيم والمواثيق ونقض العهد واختفاء للوعد وموت لكلمة الشرف‏..‏ والأمر والأدهي فقدان العقود المكتوبة لشرعيتها وعندما يحدث هذا ونصل إلي ذلك فنحن في قلب وليس علي أبواب فوضي شاملة ما كانت تطل علينا لو عندنا إدارة بالمعني الحقيقي لمفهوم الإدارة‏..‏ لكنها بكل أسف غير موجودة لأنهم اختاروا من أهل الثقة واحدا أولوه مسئولية الرياضة‏..‏ صحيح أنه رياضي سابق والأصح أنه ليس له في الإدارة‏,‏ والرياضة هي التي تدفع فاتورة عدم المعرفة التي قسمت اتحادات مصر الرياضية إلي مع وضد‏,‏ والغريب أن المسئول عن الرياضة يدعم ويعمق هذا الخلاف ويبارك اجتماعات طرف بحضوره وطبعا بدعمه المادي لهذه الاتحادات والذي سيظهر يوما ما‏,‏ والدعم سلاح ترغيب لأجل أن
تنقذه هذه الاتحادات من ورطة اللائحة التي أصدرها‏,‏ والفكرة من أساسها خطأ لأن اللجنة الأوليمبية الدولية في السنوات الثلاث الأخيرة تركيزها وكل همها واجتماعاتها لأجل غرض واحد حماية استقلالية الحركة الرياضية في العالم عن الحكومات‏!.‏ فكرة إصدار المسئول الحكومي للائحة‏..‏ فكرة خاطئة ومخالفة وتجلب العقاب‏,‏ وسواء كان يجهل هذا أو يعرف ذاك فالنتيجة واحدة وخطيئته فادحة‏,‏ وباتت أفدح عندما ركب رأسه ونشر لائحة الاتحادات في الوقائع المصرية ونشرها في الجريدة الرسمية للدولة إدانة موثقة لمخالفة الميثاق الأوليمبي‏!‏
سيادته بدلا من التراجع نزل من علي كرسيه ودخل طرفا مع ناس ضد ناس وهو أصلا الحكم بين كل الناس‏!.‏ سيادته يتصور أن إعلان رؤساء الاتحادات الذين معه عن قبولهم للائحة يحل المشكلة‏!.‏ سيادته يتصور أن المبايعات التي تتم يوميا‏..‏ تحل المشكلة‏!.‏ سيادته لا يعرف أن أعضاء في الجمعية العمومية لاتحادات كثيرة وأولها الكرة يجهزون الآن ملفا كاملا للفضيحة‏..‏ فضيحة التدخل الحكومي الموثق بالجريدة الرسمية‏!‏
أعضاء في الجمعية العمومية لاتحاد الكرة انتهوا تقريبا من إعداد الملف الذي سوف يرسلونه إلي‏'‏ الفيفا‏'!.‏ الملف فيه نسخة من الوقائع المصرية التي نشرت اللائحة وترجمة معتمدة لها‏!.‏ الملف فيه صورة من محضر مجلس إدارة اتحاد الكرة والذي أعلن فيه الاتحاد قبول اللائحة التي أصدرها حسن صقر‏!.‏ الملف فيه توضيح أن تاريخ موافقة اتحاد الكرة علي اللائحة لاحق لتاريخ نشر اللائحة في الوقائع المصرية‏!.‏ الملف من خلال مستند الوقائع الرسمية ومستند محضر مجلس الإدارة يثبت أن اللائحة جاءت جاهزة من الجهة الإدارية وأنها التي أعدتها وهذا تدخل حكومي‏,‏ والمخالفة الأخري أن اتحاد الكرة بموافقته علي لائحة صقر وقع في مخالفة لأنه محظور عليه الرضوخ لأي ضغوط والمسألة هنا ليست ضغطا إنما لائحة مفروضة عليه لإدارة شئونه والاتحاد الدولي يمنعه من قبولها ويحميه من أي ضغط يمكن أن يحدث‏,‏ لكن اتحاد الكرة المصري قبل التدخل في شئونه ووافق علي لائحة مفروضة عليه وهي أصلا من صلب اختصاصاته لكنه وافق بالمخالفة‏'‏ للفيفا‏'‏ وللميثاق الأوليمبي‏..‏ وافق وموافقته ليست حبا في الجهة الإدارية ولا إنقاذا لمسئولها من ورطته إنما لأن المفاوضات السرية التي تمت في المغارة
قدمت لرئيس اتحاد الكرة صفقة انتخابية صعب أن يرفضها‏..‏ وهي أن تقام الانتخابات مبكرا عن موعدها بالمخالفة لتعليمات‏'‏ الفيفا‏'‏ وهذا التبكير يضمن عدم نزول منافس قوي ولا يؤثر علي انتصار كأس الأمم الأفريقية‏,‏ وهذا الأمر تحديدا بالغ الأهمية لأن الانتخابات لو أقيمت بعد سنة لا أحد يعرف ولا أحد يضمن النتائج الكروية خلال هذه السنة‏!‏ المهم أن التلاقي بين الجهة الإدارية واتحاد الكرة تم بصفقة أعلن فيها الاتحاد موافقته علي لائحة وضعتها الجهة الإدارية وهذه مخالفة‏,‏ وقبل بلائحة فيها مواد مخالفة للميثاق الأوليمبي وهذه مخالفة‏!‏
كل هذه المخالفات مؤيدة بمستندات تم جمعها بمعرفة جزء من جمعية اتحاد الكرة العمومية التي رأت الجهة الإدارية الحكم بين هيئات الرياضة وهي طرف يدخل في صفقة مخالفة للنظام والالتزام واللوائح ومهدرة لهيبة الجهة الإدارية‏..‏ صفقة دهست فيها الجهة الإدارية قيما ومبادئ وانتهكت عرض الإدارة وقضت علي ما كان موجودا من نظام والتزام‏!‏
عندما يكون هذا حالنا الذي وصلنا إليه فلا عجب أو دهشة مما يحدث‏!‏
لا عجب أن تستيقظ مصر يوما علي خبر هروب نجم كروي من ناديه‏!‏
لا دهشة من سماع خبر توقيع لاعب ليلا لناد وتكتشف صباحا أنه خطف العقد وتراجع عن العهد‏!‏
لا دهشة عندما تصبح الأندية طرفا مؤيدا ومشجعا لكل لاعب ينقض عهدا أو يخطف عقدا‏!‏
لا غرابة من الاجتياح الكامل الشامل لجذور العهود والمواثيق وكلمة الشرف‏..‏ من قاموس تعاملاتنا الكروية‏!‏
لا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏

........................................................‏

**‏ انتهي الكلام عن الرياضة وحالها الفاسد‏,‏ لأن حضراتكم لستم ناقصين إحباطا وهما وغما‏!.‏
الكلام الآن عن الرجال بحق‏.‏ الرجال الذين يضعون أرواحهم علي أيديهم في كل لحظة فداء لوطن ودفاعا عن حدود وطن وحماية لشرف ومقدسات الوطن‏!.‏
الكلام عن ساعات ذلك اليوم‏..‏ يوم‏30‏ يونيو‏1967..‏ وهي كما قلت الأسبوع الماضي‏,‏ لحظات فارقة في تاريخ أمة لأن الصهاينة بعد انتصارهم الكاسح في حرب ربع اليوم وليس الأيام الستة كما يقولون‏..‏ بعد هذا الانتصار الذي جاء من طرف واحد حيث الطرف الثاني في الحرب الذي هو نحن لم نحارب يوم‏5‏ يونيو‏1967‏ لأن جيشنا لم يطلق طلقة‏,‏ وهو لم يضرب طلقة لأنه بعد ضربة الطيران الصهيونية لمطاراتنا فوجئ الجيش بقرار انسحاب ولعله أسوأ قرار لأسوأ انسحاب في تاريخ الحروب‏!.‏
والجيش المصري يحاول إعادة تشكيل ما يصل من وحدات إلي غرب القناة لأجل مواجهة أي مغامرة يمكن أن يقوم بها العدو ولماذا لا يغامر وهو المنتصر وهو الجيش الذي لا يهزم؟‏.‏ لماذا لا يغامر وكل خبراء العسكرية في العالم أجمعوا علي أن مصر أمامها‏30‏ سنة علي الأقل لكي تقف علي حيلها من تلك الهزيمة الرهيبة‏!.‏
الرأي العام والشارع المصري غير مصدق ما حدث لأن الوطن العربي كله من المحيط إلي الخليج علي ثقة من أن أي حرب مع الصهاينة هي نهاية لهم‏!.‏ الكل مصدوم والصدمة هائلة عند المصريين تحديدا لأن جيش مصر أقوي وأكبر جيوش العرب وهو الأمل وهو الأمان‏!.‏ الرأي العام المصري غير مصدق ما حدث وغير مستوعب ما تم‏!.‏ الرأي العام حزين ومكتئب ومذهول وذهوله أوصله لدرجة الاستسلام لحرب النكات علي مصر وجيش مصر‏,‏ ولعلها في قسوتها فاقت الهزيمة‏!.‏
وسط هذا المناخ‏..‏ الأيام ثقيلة كئيبة في مكانها واقفة لا تتحرك‏..‏ والقلق كله من أن يستغل الصهاينة الموقف الأسوأ ربما في تاريخ مصر ويحاولوا أن يقضوا علي ما تبقي من معنويات‏!.‏ وفعلا ما توقعه القادة المصريون وقتها وجدوه‏,‏ وبسهولة رصدوه‏,‏ وبقدر الموجود من قوات واجهوه‏!.‏
القادة المصريون لاحظوا تحركات في الشرق ورصدوا قوات استطلاع العدو وهي تعمل‏,‏ وبسهولة أدركوا أن الصهاينة يريدون الاستيلاء علي بورفؤاد‏!.‏ المهمة صدرت إلي المهندسين العسكريين لأجل تلغيم المدق الموازي للقناة كإجراء تعطيلي إلي أن تتحرك القوة المعنية باحتلال رأس العش وهي نقطة الدفاع عن بورفؤاد‏!.‏
قلت الأسبوع الماضي إن الكتيبة‏43‏ صاعقة لم تكن تعرف أنها علي موعد مع القدر‏!.‏ الكتيبة عادت من سيناء وأعادوا تشكيلها لأجل أن تتولي مهمة نجدة الأهداف الحيوية في بورسعيد وعندما رصدوا تحركات الصهاينة تم تكليف الفصيلة الثانية من السرية الثانية لاحتلال شريط الأرض الصغير المعروف باسم رأس العش‏..‏ والمهمة التي تلقاها قائد الفصيلة الملازم فتحي عبد الله من الرائد سيد الشرقاوي قائد الكتيبة‏43‏ صاعقة‏..‏ المهمة جملة واحدة‏:‏ العدو لن يمر تجاه بورفؤاد إلا علي جثثكم‏!‏
في هذا اليوم‏..‏ يوم‏30‏ يونيو لم يكن الرائد سيد ولا الملازم فتحي يدركان أنهما علي بعد خطوات من إحدي أهم اللحظات المضيئة في تلك الأيام السوداء الحزينة‏!‏ فصيلة الصاعقة المكلفة بالدفاع عن نقطة رأس العش تلقت تعليمات احتلال نقطة رأس العش الساعة الثانية من ظهر يوم‏30‏ يونيو وخلال ساعة أعطي قائد الفصيلة تمام الاستعداد لقائد الكتيبة وقبل مرور ساعة أخري كانت الفصيلة قد احتلت موقعها في شرق القناة وبدأت تجهز مواقعها الدفاعية ولعلها أول قوات تقتحم القناة من الغرب إلي الشرق منذ وقف إطلاق النار يوم‏9‏ يونيو‏1967.‏ المهم أن الفصيلة بدأت تضبط وضعها الدفاعي وأهم شروطه ألا يبقي مقاتل أو سلاح أو معدات أو ذخيرة فوق الأرض وهذا معناه حفر خنادق ونقط قتال وحفر برميلية تستوعب مقاتلي الفصيلة وعتادهم من فوق الأرض إلي باطنها‏!.‏
المشكلة التي ظهرت من أول لحظة طبيعة الأرض وهي تربة ترابية هشة غير متماسكة لأن تربتها لا هي رمل ولا هي طمي‏..‏ تهيل باستمرار وصعب جدا حفر خنادق وحفر فيه ومستحيل سير أي مركبات عليه وعموما هذه المسألة معروفة مسبقا عن تلك المنطقة الواقعة بين القنطرة شرق والكرنتينة واسمها سهل الطينة‏..‏ حيث لا تفكير في المرور خلالها بأي مركبات والذي جعل الصهاينة يفكرون في المنطقة ذلك المدق الترابي الموازي للقناة والذي تتحمل تربته أي مركبات رغم أنه في سهل الطينة لكنه مختلف والذي صنع هذا الاختلاف هيئة قناة السويس خلال عمليات التطهير المستمرة للمجري المائي وهذا المدق نتاج ما أخرجته الكراكات من جوف القناة حيث ترمي ماتخرجه من رمال وخلافه علي شريط الأرض الموازي للقناة وهذه الرمال هي التي صنعت هذا المدق الصالح للسير وسط أرض غير صالحة ليصبح الممر الأوحد لمن يريد الوصول إلي بورفؤاد من هذه المنطقة وتصبح نقطة رأس العش هي الموقع الدفاعي الوحيد وإذا كان العدو يريد احتلال بورفؤاد فعليه أن يمحو أولا رأس العش‏!‏
أعود إلي مرحلة تجهيز الموقع دفاعيا والتي بدأت من الساعة الرابعة بعد ظهر‏30‏ يونيو تقريبا وبعد جهد هائل نجح مقاتلو الصاعقة في حفر خنادق للتعامل مع العدو من الوضع مرتكزا لأن الأرض الهشة التي تهيل مستحيل حفر خنادق للوضع واقفا‏!.‏ بنهاية الحفر احتلت الفصيلة مواقعها وفقا لتسليحها والتسليح في الصاعقة خفيف ليلائم طبيعة المهام الخاصة والسلاح الموجود مع الفصيلة التسليح الشخصي وهو البندقية الآلية والرشاش الخفيف وقاذف‏RBG7‏ وهذا القاذف وصل في منتصف يونيو‏1967‏ لدرجة أنه لم يتم التدريب عليه ولعل أول استخدام فعلي له في قتال جاء في معركة رأس العش‏.‏
القيادة رأت دعم فصيلة الصاعقة الموجودة في الشرق بفصيلة من كتيبة المدفعية المعاونة للصاعقة تحسبا لدخول المدرعات الصهيونية طرفا‏.‏ فصيلة المعاونة يقودها الملازم أول جابر الجزار ومعه‏2‏ مدفع مضاد للدبابات و‏2‏ رشاش متوسط ومعه أيضا الأهم‏..‏ قلب لا يعرف الخوف‏!‏
علي جانب آخر انتهت مجموعة المهندسين العسكريين من تلغيم المنطقة الأمامية للموقع الدفاعي وبانتهاء مهمتها عادت إلي غرب القناة والشمس بدورها بدأت هي الأخري تفكر في الاتجاه للغروب‏!‏
الساعة تقترب من السادسة مساء وإذا بطابور مدرع للعدو عينك تري بدايته ولا تجيب نهايته‏..‏ طابور مدرع ليس له آخر‏..‏ فيه دبابات وناقلات جنود وعربات نصف جنزير محملة بمدافع هاون‏120‏ مم وقوات مشاة صهيونية في عربات نقل الجنود‏..‏ بدأ تحرك الطابور الصهيوني المدرع‏!‏
الساعة تقترب من السابعة والنصف في التوقيت الصيفي وآخر ضوء لم يأت لأن الشمس مازالت في السماء ولو الأمر بيدها ما غربت قبل أن تري ما ينتهي إليه الأمر بين مقاتلين أقل عددا وسلاحا وعتادا وكل ما يملكونه عقيدة راسخة وقلوب شجاعة وبين طابور مدرع له أول وليس له آخر وفيه من كل سلاح نوع واثنان‏!‏
وتحرك الطابور المدرع وكل من فيه قناعته أنهم في مهمة أقرب إلي الفسحة والنزهة لأن المصريين أمامهم سنين كي ينهضوا من رقدتهم‏!‏
تحركت قوات العدو وفي ذهنها المؤتمر الصحفي العالمي الذي سيعقد في بورفؤاد بعد الاستيلاء عليها في مهمة دعائية أكثر منها عسكرية لن يجدوا خلالها من يطلق عليهم طلقة واحدة‏..‏ تحركوا وبعد السير توقفوا بعد أن فوجئوا‏!‏
فوجئوا علي مرمي البصر بموقع دفاعي مصري بمواجهة‏200‏ متر تقريبا تحده من الجانبين القناة ومنطقة ملاحات وأي تقدم لابد أن يكون اختراقا لهذا الموقع الواضح من الوهلة الأولي أنه لن يقدر علي الصمود دقائق أمام الطابور المدرع ومع هذا توقف الصهاينة علي مسافة أقل من‏100‏ متر من الحد الأمامي لموقع فصيلة الصاعقة‏..‏ توقف العدو وطلب المدد‏!‏
وصلت في دقائق طائرة مروحية استطلاع وحلقت فوق موقع فصيلة الصاعقة علي ارتفاع منخفض جدا لرصد عمق هذا الموقع الدفاعي وتسليحه وانتهت المروحية من مهمتها ورحلت وقبل أن يختفي أزيزها ظهرت في الأفق طائرتان فانتوم علي ارتفاع أقل من المنخفض وخط سيرهما مواز للقناة وفوق موقع الفصيلة وهذا العمل رسالة بأن السماء ليس فيها إلا الفانتوم وأن التصدي لهذا الطابور المدرع معناه الموت وأن الفرصة مازالت قائمة لأجل أن تفلت هذه القوات المصرية بجلدها وتهرب‏!‏
طابور فيه مدرعات وهاونات ورشاشات وبإمكانه في لحظة استدعاء طائرات الهليوكوبتر والفانتوم‏!.‏ الطابور واقف علي أقل من‏100‏ متر وصوت الفانتوم مازال في الآذان‏..‏ فماذا كان رد فعل مقاتلي الصاعقة‏!‏
ولا كأنهم هنا‏..‏ وكل مقاتل يعرف جيدا أن الموت حق وقد يكون قريبا جدا وقد يأتي بعد سنوات‏!.‏ وهذا الإحساس فجر طاقات هائلة داخل الصدور وإذا كان الموت حل والأجل قد حان ولا توجد قوة في الدنيا بإمكانها تأجيل القدر‏..‏ فهذا دافع لكل مقاتل صاعقة لأن يأخذ معه ما يقدر علي أخذه من أرواح العدو طالما أن أجله حان وميت ميت‏!.‏ وإذا كان في العمر بقية والموت بعيد‏..‏ فهذا دافع هائل للدخول في أي معركة دون تردد أو خوف وممن يخاف مقاتل تحرر من خوف الموت‏!‏
قتال عن عقيدة دفاعا عن أرض وشرف وعرض ومن يدافع عن عرضه لا يخشي الموت وعندما لا يخاف الإنسان من الموت يتحرر من كل النقائص ويتخلي عن كل نقاط الضعف البشري ويصبح أمام خيارين لا ثالث لهما‏..‏ النصر أو الشهادة‏!‏
الموقع الدفاعي الموجود فيه فصيلة صاعقة وفصيلة مدفعية معاونة والفصيلتان عددهما لا يزيد علي ال‏40‏ مقاتلا‏..‏ وكل واحد منهم بعد مرور الفانتوم ومن قبله الهليوكوبتر وبعد رؤيته للطابور المدرع‏...‏
كل مقاتل مصري في الموقع الدفاعي وضع نصب عينيه‏..‏ النصر أو الشهادة ولا شيء وسط بينهما‏!‏
علي الجانب الآخر وبعد أن تأكد الصهاينة من أن الموقع الدفاعي كل من فيه أقل من حمولة عربة واحدة من طابورهم‏!.‏ وبعد أن رصدوا التسليح وبعد أن أدت الفانتوم دورها‏..‏ بعدما تأكدوا أن المسألة مازالت نزهة قرروا أن يبدأوا التنزه‏!‏
الهاونات‏120‏ مم بدأت الضرب ودون انتظار تبعتها المدرعات وبعد عشر دقائق تحركت دبابات العدو تجاه الموقع وإن تحركت الدبابات ولم تجد من يوقفها‏..‏ خلفت وراءها الموت‏!‏
وتحرك المصريون لأن الدبابات لابد أن تتوقف‏!.‏ تحرك المصريون بقدر ما يملكون من سلاح والموجود‏RBG7‏ وهذا السلاح فعال إذا ما كان من يحمله قلبه ميت لأن قذيفة ال‏RBG‏ المؤثرة لابد أن تكون أقرب ما يكون من الدبابة‏..‏ فماذا حدث؟
رقيب فصيلة الصاعقة حسني سلامة والضرب من كل جهة ينهمر علي الموقع‏,‏ ترك الخندق ولم يبال إذا ما جاءه الموت من هاون أو دبابة أو رشاش نصف بوصة‏..‏ لم يفكر إلا في شيء واحد‏..‏ إيقاف أول دبابة في الطابور المتحرك‏!.‏ المقاتل المصري حسني سلامة بأقصي سرعة وصل إلي جانب الموقع حيث فرد ال‏RBG‏ وبسرعة أكبر خطف القاذف ومعه قذيفتان وتوجه تجاه الطابور المتقدم لأجل أن يوقف تقدمه وهذا لن يحدث إلا بإصابة مباشرة لأول دبابة والإصابة المباشرة المدمرة لن تحدث إلا من مسافة أمتار عن الدبابة والذي يقرب لأمتار من دبابة مثل الذي يضع ذراعه في فم أسد‏..‏ نفس الخطر لأن الدبابة عليها جوز نصف بوصة بخلاف مدفعها الذي إذا لبست دانة منه في إنسان فلن يجدوا من أشلائه شعرة‏!‏
الرقيب حسني سلامة وصل بسلاحه إلي المدي الذي يمكنه من اصطياد أول دبابة وأطلق قذيفة‏R.B.G‏ ولم يكن في حاجة لإطلاق الثانية لأن الدبابة إصابتها مباشرة والنار فيها اشتعلت والذخيرة بدأت تتفجر ولحظات والدبابة كلها انفجرت بمن فيها ومن عليها‏!.‏
الطابور المدرع المتحرك‏..‏ توقف لأن المسألة اتضح أنها ليست نزهة كما كانوا يعتقدون وأول القصيدة كفر‏..‏ دبابة تفجرت والقتلي ثلاثة وهذه كارثة والكارثة الأكبر أن تدميرها جاء بقذيفة‏R.B.G‏ وهذه رسالة موت من المصريين‏!.‏
الطابور المدرع الصهيوني توقف لأن الملازم أول جابر الجزار قائد الفصيلة المعاونة لديه مدفعان‏B10‏ أحدهما يمين الموقع بجوار القناة والثاني بجوار الملاحات في اليسار والجزار يقطع المسافة بين المدفعين جريا لأجل التوجيه الدائم لهما بما يحقق إصابات مباشرة في إحداها دمر ناقلة جنود أخذت معها من كان عليها منهم‏..‏ والملازم أول الجزار لا يتوقف عن الحركة رغم كم النيران الهائل علي الموقع المصري من هاونات ودبابات ورشاشات وشاء الله أن يستشهد الملازم أول الجزار بطلقة من رشاش نصف بوصة علي سيارة صهيونية مجنزرة‏!.‏ سقط الجزار شهيدا ولعل روحه الطاهرة لم تصعد إلي بارئها قبل أن تطمئن علي ما ستنتهي إليه هذه المعركة الشرسة التي يستخدم فيها العدو كل أنواع الأسلحة ومعه كل أنواع الدعم‏!.‏
الوقت تخطي منتصف الليل بساعة والعدو لم يتقدم خطوة وفي كل مرة يحاول يفاجأ بجهنم مفتوحة عليه وكأنه في مواجهة لواء بأكمله وعندما اكتشف أن التقدم من العمق مستحيل لاستحكام دفاعات المصريين وقوة نيرانهم لجأ إلي الخداع بالالتفاف من الخلف بقوة كوماندوز تقدمت من الملاحات والتفت حول الموقع وفاجأت المصريين بنيران هائلة من خلفهم وميكروفون يطالب المصريين بالاستسلام وجاء الرد أسرع مما يتوقع اليهود وشجاعة منقطعة النظير من الرقيب أول البحيري الذي حمل الرشاش المتوسط وتحرك تجاه قوة الكوماندوز الصهيونية دون التفات للقذائف والقنابل والطلقات المنهمرة من كل اتجاه‏..‏ تحرك برشاشه المتوسط وقلبه الحديدي ويكاد يكون قد دخل وسط قوة الكوماندوز وهذا ما جعل نيرانه تحصد أرواحهم وتفرق شملهم والكوماندوز الذين التفوا لإجبار المصريين علي الاستسلام من نجا منهم لم يتوقف عن الجري إلا في القنطرة شرق‏!.‏
الساعة تقترب من الثالثة فجر أول يوليو والدعم الذي طلبه الصهاينة لتعويض خسائر الليل وصل علي هيئة قول أي طابور من العربات نصف جنزير المحملة بالأفراد وعربات ذخائر وأسلحة والقول يتقدم من القنطرة شرق علي المدق الترابي الموازي للقناة متجها إلي الكاب والتينة في طريقه إلي رأس العش‏!.‏ هذا القول لم يكن يعرف أنه لن يصل رأس العش وأن نهايته ستكون في التينة‏!.‏
التعليمات صدرت للكتيبة‏103‏ صاعقة الموجودة غرب القناة بدفع فصيلة للتعامل مع أي قوات للعدو ومنعها من الوصول إلي رأس العش‏.‏ نفس الشجاعة ونفس الرجولة ونفس الولاء ونفس الانتماء أكدته فصيلة من ك‏103‏ صاعقة قادها الملازم عبد الوهاب الزهيري ليدمر برجاله عددا كبيرا من مجنزرات العدو واستولوا علي أسلحتها وذخائرها وعادوا بها إلي غرب القناة وهذا العمل البطولي قطع كل خطوط الإمداد علي الطابور المدرع الموجود في رأس العش والذي حاول علي مدي ساعات الليل أن يتخطي فصيلة الصاعقة ويحتل بورفؤاد لكنه فشل في أن يتقدم خطوة واحدة وفشل في أن يكسر إرادة أقل من‏40‏ مقاتلا وفشل بمجنزراته ومدرعاته في أن يهزم إرادة وعقيدة مقاتلين بأسلحة خفيفة‏!.‏
اليهود قبل أن تشرق الشمس انسحبوا بعد أن فشلوا في أول مواجهة قتال حقيقي في حرب بين الصهاينة والمصريين‏.‏
هذه المواجهة القتالية وجها لوجه بين المصريين والصهاينة لم تحدث لا في‏1956‏ ولا في‏1967‏ ولا حتي في‏1948‏ وأراد الله أن تحدث هذه المواجهة القتالية الأولي يوم‏30‏ يونيو‏1967‏ في رأس العش‏...‏
أرادها الله لنا لنعرف في هذا اليوم أننا أحياء وأننا لم نمت وأننا نقدر عليهم وعلي من هم أتخن منهم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.