حين الحديث عن العنف المنزلي، يذهب تفكيرنا على الفور إلى المرأة اعتقاداً بما هو شائع من أن الأنثى هي الضحية دائماً. لكن دراسة أميركية حديثة تقول ان الرجل يعاني الكثير من العنف المنزلي وهو الآخر ضحية له. وتجدر الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الغربية بالإضافة إلى اليابان، افتتحت في السنوات الأخيرة مقرات خاصة لإيواء الرجال الذين يتعرضون للعنف المنزلي، وربما الطرد من المنزل، فيجدون في المقر المأوى والمأكل والمساعدة المالية إذا لزم الأمر، إلى حين إيجاد الحل المناسب. وتقول نتائج دراسة شملت استفتاء أكثر من أربعة آلاف رجل أن 29% منهم يعتبرون ضحايا للعنف المنزلي الذي تُعَرّفُه المصطلحات بأنه إحدى الممارسات التالية: الصفع.. الضرب.. الركل.. العنف والأذى النفسي.. التهديد.. تكرار التعرض للاستخفاف والاستهزاء وتقليل القيمة.. التسلط، وأخيراً ممارسة الجنس بالقوة. ويقول المشرف على الدراسة الدكتور روبيرت ريد أستاذ الدراسات الصحية في جامعة سياتل الأميركية أن العنف ضد الرجال مسألة في حاجة إلى تسليط المزيد من الأضواء عليها لأن ضحايا العنف المنزلي من الرجال غالباً ما يجدون حرجاً في كشف المستور تماماً كما كانت الحال مع النساء قبل ثلاثين أو أربعين سنة. ويمضي قائلاً ان الغالبية تتعامل مع الموضوع على أن العنف المنزلي مسألة عائلية لا يجوز الكشف عنها باعتبارها أحد الأسرار. ويضيف: «نريد من الرجال الذين يتعرضون للعنف المنزلي أن يعرفوا أنهم ليسوا وحدهم ولا بد لهم من طلب المساعدة ممن يقدر على المساعدة». ولاحظت الدراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلة الطب الوقائي الأميركية أن الشباب أكثر استعداداً للكشف عن تعرضهم للعنف المنزلي من المتقدمين في السن، بل أن النسبة بين الفئتين تبلغ الضعفين. ومن الواضح أن النتائج التي أظهرتها الدراسة تدحض العديد من المفاهيم الخاطئة والشائعة عن العنف المنزلي ومنها: قليل من الرجال يتعرضون للعنف المنزلي ...خطأ الدراسات المتعددة التي أجريت في الكثير من الدول أثبتت العكس، وأن نسبة لا بأس بها من الرجال تعاني من العنف المنزلي .. ومن الواضح أن نسبة ال 29%، أي قرابة الثلث، ليست بالأمر الذي يمكن التغاضي عنه. العنف الذي يتعرض له الرجال لا يترك آثاراً جسدية ... خطأ الأبحاث تؤكد أن العنف المنزلي يترك آثاراً نفسية مدمرة، وربما دائمة، على حياة الضحية. فمن المعروف أن المرأة أكثر تعرضاً للعنف المنزلي الذي يترك آثاراً جسدية مرئية، لكن هذا لا يعني أبداً أن العنف النفسي أقل إيلاماً وتأثيراً.. ولعل الاكتئاب يعتبر أبرز نتائج العنف المنزلي بكل أشكاله على المتقدمين في السن. الرجل الذي يتعرض للعنف المنزلي يغادر المنزل ... خطأ القول ان الرجل الذي يتعرض للعنف المنزلي غير مضطر للبقاء وهو حر في المغادرة متى شاء، قول مردود على قائله. ويقول الدكتور ريد «النساء اللواتي يتعرضن للعنف المنزلي يفضلن البقاء في المنزل، لكننا دهشنا حين تبين لنا أن الرجال الذين يتعرضون للعنف النفسي أو الجسدي أو الاثنين معاً يفعلون ذلك أيضاً». العنف المنزلي للفقراء فقط ... خطأ العنف المنزلي لا يميز بين فقير أو غني . ويقول المشرف على الدراسة ان الضحايا من الرجال ينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع، بل إنهم في الغالب «أعلى» من المستوى العام.. فهم يملكون تأميناً على الحياة بمبالغ كبيرة بالإضافة إلى تأمين صحي وعمل براتب مجزٍ.. والأدهى أنهم ذوو مستويات علمية واجتماعية رفيعة. تجاهل العنف المنزلي يمنع تكراره ... خطأ من يمارس العنف مرة ولا يجد الرد المناسب، لا بد أن يكرر فعلته. ويقول الأطباء والمشرفون الاجتماعيون أنهم غالباً ما يجدون حرجاً في سؤال الضحايا من الرجال إن كانوا قد تعرضوا للعنف، لأن الرجل بطبيعته يخجل من الاعتراف بتعرضه للعنف من جانب امرأة يصفها العالم كله بأنها الجنس الناعم.