أدي الارتفاع الجنوني لأسعار النفط والوقود إلي تغيرات كبيرة في خريطة صناعة السيارات في العالم بعد أن تخلي الكثير من العملاء عن السيارات كبيرة الحجم كثيفة استهلاك الوقود واتجاه شركات صناعة السيارات إلي إعادة هيكلة خطوط إنتاجها للتركيز علي السيارات الاقتصادية في استهلاك الوقود. ففي الولاياتالمتحدة - أكبر سوق للسيارات في العالم - أظهرت أرقام المبيعات لشهر مايو الماضي تحولا رئيسيا من السيارات متعددة الأغراض ذات التجهيز الرياضي «إس يو في» والشاحنات الخفيفة التي اشتهرت بها الطرقات الأمريكية إلي السيارات الصغيرة قليلة استهلاك الوقود. كما تراجعت مبيعات «جنرال موتورز» الأمريكية - أكبر منتج للسيارات في العالم - خلال مايو الماضي بمقدار الربع تقريبا إلي 272 ألف سيارة، في حين تراجعت مبيعات «فورد» ثاني أكبر منتج للسيارات في الولاياتالمتحدة إلي 257 ألف سيارة. وفقدت الشاحنة الخفيفة «إف فورد» عرشها كأفضل السيارات مبيعا في السوق الأمريكية علي مدي 26 عاما لتسبقها 4 سيارات صالون يابانية الصنع خلال مايو الماضي. في الوقت نفسه، أرجأت «جنرال موتورز» خططها لطرح أجيال جديدة من شاحناتها الخفيفة وسيارات «إس يو في» حتي عام 2012 كما تعتزم إغلاق 4 مصانع تنتج هذه الفئات من السيارات. وفي ألمانيا، تراجعت مبيعات السيارات الجديدة خلال مايو الماضي بنسبة 6%، 275.3 ألف سيارة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي وفقا للبيانات الصادرة عن اتحاد صناعة السيارات الألماني «في.دي.أيه». كما تراجعت مبيعات السيارات التي تسير بالديزل بنسبة 3% خلال الفترة نفسها. كان المستهلكون في الماضي يفضلون شراء سيارات الديزل ويتحملون دفع ضرائب أكثر من تلك المفروضة علي سيارات البنزين للاستفادة من انخفاض سعر الديزل عن البنزين ولكن هذه الظاهرة تلاشت في الوقت الحالي بعد أن تساوت أسعار الديزل والبنزين في السوق الألمانية. وأكد خبير التسويق فرديناند دويدنهوفر انتهاء عصر ازدهار محركات الديزل حيث تتراجع حصة هذه المحركات السوقية بسرعة كبيرة لتصل إلي حوالي 38% بحلول 2015 مقابل 44.5% حاليا. ويمثل هذا التحول نبأ سيئا لصناعة السيارات الألمانية التي استثمرت مئات الملايين من الدولارات لتطوير أجيال جديدة من محركات الديزل بحيث تصبح أكثر جاذبية في سوق السيارات الفارهة. ومن غير المنتظر أن يشتري المستهلكون سيارات «إس يو في» أو شاحنات خفيفة أو سيارات صالون كبيرة تستهلك كميات كبيرة من الوقود بعد أن تدهورت قيمة هذه الفئات في سوق السيارات المستعملة بقوة. كما أن أغلب منتجي السيارات في العالم يتجهون بقوة نحو تطوير سيارات هجين تعمل بالوقود والكهرباء بهدف تقليل الاعتماد علي الوقود التقليدي الذي لا يبدو أن هناك نهاية لارتفاع أسعاره.