وسط موجة الارتفاع الجنوني لأسعار الغذاء وتزايد تعداد سكان العالم بواقع مليار نسمة كل عقد، وارتفاع تكاليف الأسمدة وتراجع المحصول، وجد خبراء في البطاطس علاجاً محتملاً لمشكلة الجوع، فيما تصفها الأممالمتحدة ب«الكنز الخفي»، مما دفعها إلي إعلان 2008 «عاماً دولياً للبطاطس» للتوعية بأهميتها في مواجهة أزمة الغذاء. وتري الدول الآسيوية في البطاطس منقذها المحتمل، فيما تصارع لتوفير الغذاء لمواطنيها بسعر معقول في المستقبل في منطقة يتوقع أن يرتفع تعداد سكانها بنحو 35% إلي 4.9مليار نسمة بحلول عام 2025، مما يجعل الأمن الغذائي موضوعا حيويا في المنطقة، حيث تخشي الحكومات وقوع قلاقل إذا استمر ارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية. وتقول الهند إنها تريد مضاعفة إنتاج البطاطس في السنوات ال5 إلي ال10المقبلة، وأصبحت الصين وهي مستهلك ضخم للأرز أكبر دولة تزرع البطاطس، وفي أفريقيا جنوب الصحراء سجلت البطاطس أكبر معدل توسع مقارنة بالمحاصيل الأخري. وها قد تحركت ثمرة البطاطس للأمام لتدخل دائرة الاهتمام العالمي، بعد أن قام مسؤولو الأممالمتحدة بإطلاق العام الدولي للبطاطس. وتهدف هذه الاحتفالية إلي مساعدة دول مثل الصين وبيرو علي زيادة إنتاج البطاطس ووضع رابع أكبر محصول في العالم- بعد الأرز والقمح والذرة - في مكانه في قمة الهرم الغذائي للفقراء. وقال جاك ضيوف، المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة «فاو» العام الماضي إن إنتاج البطاطس تضاعف في ال15عاماً الماضية فيما يحاول العالم إطعام فقرائه. وأبرز ضيوف أيضاً أهمية البطاطس في الزراعة والاقتصاد والأمن الغذائي للعالم أجمع، إذ أنها تعد غذاء أساسياً يستهلك منذ أكثر من 7 قرون، فضلاً عن كونه المحصول الرئيسي الوحيد من غير الحبوب الذي يبلغ حجم إنتاجه 315 مليون طن سنوياً، نصفها من حصاد البلدان النامية. وأشار ضيوف إلي أن إطلاق العام الدولي للبطاطس يشكل فرصة ممتازة للتأكيد مجدداً علي الأهداف الإنمائية للألفية، وعلي الأخص هدف خفض عدد الجياع في العالم بمقدار النصف بحلول عام 2015. ويتعين أن تكون البطاطس مكوناً رئيساً في الاستراتيجيات الرامية لتقديم طعام مغذٍ للفقراء والجوعي. فهي ملائمة تماماً للأماكن ذات الأراضي المحدودة واليد العاملة الوفيرة، وهي ظروف تتميز بها مناطق كثيرة في العالم النامي. كما أنها تنتج غذاء أكثر تغذية، بسرعة أكبر، من أراضٍ أقل، وفي مناخ أشد قسوة، من أي محصول رئيسي آخر- حيث إن زهاء 85% من هذا النبات غذاء مستساغ لبني البشر، مقارنةً بنحو 50% في الحبوب. وفي بنجلاديش، دفع ارتفاع أسعار الحبوب الحكومة إلي تنظيم حملة لإقناع ملايين المواطنين بتناول البطاطس كطعام رئيسي خلال الأسبوع الثاني من مايو 2008، تحت شعار «فكروا في البطاطس وازرعوا البطاطس وكلوا البطاطس». وعزز من الاتجاه حصاد بنجلاش محصولا وفيرا من البطاطس بشكل استثنائي خلال الموسم السابق، مما يحتم استهلاكه سريعا وإلا أصابه التلف. وتأمل حكومة بنجلاديش التي أصدرت أمرا لقواتها- وقوامها 500 ألف فرد- بتناول البطاطس أن يسجل استهلاكها قفزة كبيرة في السنوات المقبلة، مع استبعاد خبراء أن تعود أسعار الأرز مرة أخري لمستوياتها المنخفضة السابقة. ونظراً لأهمية محصول البطاطس، الذي يصفه البعض ب «الذهب البني»، فقد تصاعد الخلاف علي أصل المحصول بين البلدين الجارين شيلي وبيرو. فلم يكد وزير الزراعة الشيلي ينتهي من تفاخره بأن بلاده هي أول بلد زرع البطاطس في تاريخ البشرية، حتي بادرت بيرو مؤخراً بالتأكيد أن منطقة بحيرة تيتيكاكا هي مهد البطاطس في العالم. ومع تزايد حدة الخلاف بين الدولتين كان لابد من اللجوء إلي طرف محايد لفض الخلاف، حيث اكد ديفيد سبونر أستاذ العلوم الزراعية بجامعة ويسكونسين الأمريكية بأن بيرو هي أول دولة في العالم صدرت البطاطس لأوروبا وبالتحديد في عام1570 في حين لم تصل البطاطس الشيلية إلي أوروبا سوي بعد 241عاما من وصول بطاطس بيرو وبالتحديد في عام 1811. ورغم ما أعلنه خبير الزراعة الأمريكي، فإن وسائل الإعلام في شيلي لم تقتنع بأن ذلك يعني أن بيرو هي الدولة الأم للبطاطس علي أساس أن وصول أول حبة بطاطس من بيرو إلي أوروبا قادمة من أمريكا الجنوبية لا يعني أن بيرو هي أول من زرع البطاطس، فيما اتهمت الصحافة الشيلية بيرو بمواصلة تزوير التاريخ لسلب حق بلادها في الفوز بلقب «أم البطاطس». الغريب في الأمر أن باحثين في بوليفيا أكدوا أنهم اكتشفوا آثاراً لثمار بطاطس أكثر قدماً من تلك التي وجدت في شيلي أو بيرو.