كلما اشتدّت حدّة البرد يواظب المشاهدون العرب على متابعة النشرات الجويّة التي تقدمها القنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية على السواء بهدف معرفة ما يمكن أن تكون عليه حال الطقس في الغد والأيام التي تليه بما يمكّنهم من برمجة أيامهم وتحديد ما يمكنهم عمله خلالها. الرّصد الجوّي شهد خلال العقدين الماضيين تطورات ملحوظة أصبحت معها قدرة الرّاصد الجوّي على توقع ما تشهده الأرض عالية، ما أسهم في مد البرامج الزراعية والسياحية بمعلومات تفيدها وتسهم في تحقيق برامجها في صورة أمثل وأكثر اكتمالاً. وهو تطوّر كان للمنطقة العربية نصيبها الوافر منه. هكذا ازدادت ثقة المشاهد بما تقدّمه القنوات التلفزيونية من نشرات جوّية كانت تتعرّض في السابق إلى سيل من التشكيك وإطلاق النكات التي تعبّر كلها عن عدم الثقة في الراصد الجوّي وحتى في فكرة الأرصاد ذاتها. مع كل هذا التطور، يلاحظ المتابع لغالبية ما تقدمه القنوات التلفزيونية العربية من نشرات خاصة بالطقس غياب الاهتمام الجدّي بمسألة هي في غاية الأهمية، وتتعلق بالمصطلحات التي يتداولها العاملون في هذه المهنة العلمية والتي لا يعرفها المشاهد ولا يعرف دلالاتها العملية والواقعية وما تعنيه من تأثيرات على حال الطقس. ففي حين استقر في وعي المشاهد أن عبارة «منخفض جوّي» تعني البرد والمطر يفاجأ في بعض الأحيان أن مرتفعاً جوّياً يحمل هو الآخر البرد والمطر لسبب علمي لا يفهمه هذا المشاهد ولا يهمه كثيراً أن يفهمه. هي مسألة تتعلّق بما يهم المشاهد، وما يهمه في حال كهذه هو المعلومة والإخبار عنها بأكبر درجة من الوضوح والبساطة والابتعاد عن الشرح التفصيلي الذي يهم المتخصص ولا يعني المشاهد العادي من قريب أو بعيد. هنا من المهم تقديم صورة عن حال الطقس المتوقّعة من دون التورّط في فكرة شرحها وإثباتها وتفصيلها من خلال معلومات علمية دقيقة ويمكن القياس عليها، فالتبسيط والإخبار المباشر يحقّقان المطلوب ويحفظان للمشاهد قدرته على المتابعة والفهم ويمكّنانه من الحصول على الخلاصة. ما يزيد عن ذلك هو فائض معلومات لا مبرّر له إلا إضاعة الوقت وإضاعة الفائدة خصوصاً ونحن نتحدث عن بث تلفزيوني سمته الأساس والأهم تقديم المعلومة في صورة مباشرة.