"أم حمزة" فليم وثائقي للمخرجة الفرنسية جاكلين جيستا تفرد فيه مساحة واسعة لنساء فلسطينيات عايشن النكبة للحديث عن لحظات التشرد والنزوح وذكريات الحياة في قرى لم تعد موجودة. وقالت المخرجة جيستا بعد العرض الأول لفيلمها في مسرح وسينماتيك القصبة في رام الله بالضفة الغربية مساء الثلاثاء "اخترت النساء للحديث في هذا الفيلم عن قصد لأن هؤلاء النسوة هن مصدر الذكريات والمنبع لهذه الأحداث وهن أفضل من يعبرن عنها." وأضافت "بدأت رحلة الإعداد لهذا الفيلم(أم حمزة) منذ خريف 2004 وزرت مجموعة كبيرة من العائلات وقمت باختيار ما شاهدتموه في الفيلم وكان التركيز على عائلة شرايعة التي تملك مجموعة كبيرة من الوثائق منذ عام 48 وما قبلها." ويبدأ الفيلم بحديث عجوز فلسطينية تجاوزت السبعين من العمر برواية لبداية أحداث النكبة وهي تجلس في بيتها في مخيم بلاطة في نابلس بالضفة الغربية "كان بيت واسع مبني من الحجارة 14 في الدار طلعنا كان معي الولد صغير على صدري كنت أرضعه مني ما كان في حليب أو أي شيء يؤكل كنا تحت الزيتونة بس حرام معنا." وهذه المرأة من قرية كفرعانة التي دمرت بعد عام 1948 ولم يبق منها سوى آثار لمسجدها وبعض واجهات منازلها واقيمت مكانها منطقة سكنية إسرائيلية معظمها عمارات شاهقة.كانت تنظر بحسرة إلى بعض صور للعائلة ومنزلها الذي هجرته عام 48. وقالت جسيتا "لقد ذهبت إلى المكان الذي تحدثت عنه (قرية المرأة الفلسطينية) وجدت بقايا المسجد القديم (تظهره في الفيلم) وبعض جدران المنازل." وتقدم المخرجة الفيلم الناطق باللغتين الفرنسية والعربية على مدى 78 دقيقة في وقت قالت إنها تعمل على أن تكون هناك ترجمة إنجليزية وإسبانية للفيلم لعرضه كنماذج لقصص إنسانية مؤثرة يرويها أصحابها عن ترك بيوتهم لا يحملون معهم منها شيئا على أمل العودة بعد أيام. وتقول امرأة في الفيلم : عند النكبة كان عمرها 18 عاما وكان لديها ولد وبنت "البنت حصبت وماتت اللي شفناه ولا حدا في العالم شافه...عشنا في خيم اجا مطر كثير ثلج صارت الخيمة تطير وتترك اصحابها بلا غطى." وتعرض امرأة أخرى كان لدى عائلتها بقالة في تلك الفترة دفترا يضم معظم أسماء أهل قريتها الذين كان يشترون بعض الأغراض من البقالة ويقومون بسدادها عند المحصول وتتحدث بحسرة عن بيارات البرتقال والبساتين في تلك المرحلة. ومن بين الوثائق التي يقدمها الفيلم "حصر ارث شرعي صادر عن قاضي محكمة يافا الشرعية عام 1943" إضافة إلى شهادات ميلاد صادرة من"حكومة فلسطين دائرة الصحة." وبعد ستين عاما على نكبة الفلسطينيين فإن حلمهم بالعودة ما يزال قائما وتقول عجوز "معتمدين على الله أن نعود إلى ديارنا. بعد وطنه الواحد ما لشهوه ايشي لو عشت مهما عشت بقولوا عنك لاجئ." وتشير إلى حفيدها "امك اجابتك وصرت زلمة وانا يا حبيبي مياتي على النار." ويرى الجيل الثالث للنكبة ان لا مستقبل في فلسطين ويقول فتى بينما كان يحمل دفترا يتعلم الانجليزية متحدثا الى المخرجة "كل هذه الكلمات مات يموت الموت كلها كلمات موجودة في فلسطين سلام لا سلام في فلسطين مستقبل لا مستقبل في فلسطين." وتنقل المخرجة المشاهدين في كثير من اللقطات بين صور من داخل المخيمات التي سكنها الفلسطينيون وتلك الارض التي تركوها هربا من المعارك او اجبروا على تركها ومنها قرية كفرعانة التي تشتت سكانها في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا. ويحمل الفيلم اشارة تمسك الفلسطينيين بالعودة الى تلك القرى والبلدات التي هجروا منها من خلال شاب ولد في المخيم زار مسقط راس والده في قريته كفرعانة ويحاول من خلال الحديث مع والده على الهاتف ان يعرف مكان بيتهم من خلال بعده عن المسجد الذي مازالت اثاره قائمة الى اليوم. ودافعت المخرجة عن عدم ظهور رواية الجانب الاسرائيلي في فيلمها وقالت"لم ادخل شهادة الطرف الاسرائيلي في هذا الفيلم لانني اردت اعطاء فرصة للطرف الفلسطيني الذي لم يعط الفرصة للحديث عن مشاعره وذكرياته ولهذا السبب لم اقاطع ايا من النساء خلال حديثنا عن ماجرى." ويأتي العرض الأول للفيلم الوثائقي (أم حمزة) في وقت يستعد فيه الفلسطيينون إاحياء الذكرى الستين للنكبة فيما يستعد الإسرائيليون لإحياء الذكرى الستين لقيام دولتهم. وقضية اللاجئين المقدر عددهم أربعة ملايين ونصف المليون إحدى قضايا مفاوضات الحل النهائي للوصول إلى اتفاقية سلام تنهي عقودا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. (رويترز)