بحسب موقع 'بلوغ هيرالد' الذي يرصد التطور الرقمي و الاحصائي لعملية التدوين فإن هناك 100 مليون مدونة حول العالم مع نهاية عام 2007، وذلك على الرغم من ان موقع 'تكنورايت' يؤكد أن هناك 71 مليون مدونة فقط حول العالم. وبنظرة لتوجه المدونات في اسرائيل، فإننا سنجد ان حالة التدوين قد بدأت مبكرة جدا وتحديدا في العام 2001 حيث كان هناك قرابة 200 مدونة اسرائيلية.. أما اليوم وفي أواخر عام 2007 فإن موقع بلوغ هيرالد يسجل وجود 100 الف مدونة في اسرائيل .وهو رقم كبير جدا اذا ما قارناه بعدد السكان، ولذلك فإن ثمة أسئلة تدور في الاذهان: ما هي طبيعة المدونات الاسرائيلية ... ما هي توجهاتها .. هل هي في أغلبها مدونات ذات طبيعة سياسية أم اجتماعية؟! هل هي معتدلة أم متعصبة؟ هل المدونات الاسرائيلية هى مستوطنات جديدة تحاول غزو العالم .. وهل خطابها محلي أم عالمي.. بمعنى: هل التدوين في اسرائيل يميل الى الكتابة باللغة العبرية أم الى الانكليزية.. وماذا عن حرب المدونات الاسرائيلية- العربية! طبيعة المدونات:- الحقيقة ان رصد حركة التدوين داخل اسرائيل تقول ان المدون الإسرائيلي بطبعه يفضل ان تكون مدونته على مواقع أو بوابات إسرائيلية كموقع: 'نعنع'.. 'سوتبوز'.. و'إسرائيل بلوج'.. وهو غالبا ما يتحدث في مدونته حول قضايا شخصية ومشاكل يومية اضافة لقضايا جنسية والقليل من القضايا السياسية والفكرية... ولكن هذا التوجه انحسر في السنوات الاخيرة بحسب مقال للصحافي 'لجال مور' حول المدونات حيث بدأت تأخذ منحى آخر، فقد بدأ المدون الإسرائيلي يلتف حوله بقضايا أكثر عمقا. من جانب آخر فإن النطاق العمري للمدونين الاسرائيليين أخذ بالانتشار على جميع الأعمار والمستويات. المرتبة والأهمية:- ووفق بحث لموقع 'يديعوت احرونوت' حول أهم المدونات في اسرائيل جاء فيه أن من أهم المدونات المتداولة في اسرائيل مدونة لمراقب ومنظم برامج السينماتيك حيث تحمل مدونته آخر اخبار السينما العالمية وجديد السينما الاسرائيلية والتي لا يمكن للاسرائيلي ان يرى تغطيتها المستمرة والمدققة في مكان آخر. وتأتي في المقام الثاني مدونة لشخصية مجهولة حيث تدور هذه المدونة حول كل مايتعلق بالمخدرات واحدث أفلام وقضايا الجنس وعما يدور في العالم من قضايا جنسية وبالطبع فإن المدونة فاضحة جدا اما المدونة رقم ثلاثة في اسرائيل من حيث المتابعة فهي لأحد العاملين في يديعوت احرونوت وتحمل كل مايتعلق بالتكنولوجيا والدراسات المتعلقة بالحاسوب. وتأتي من بعد تلك المدونات مجموعة اخرى لمدونات متعلقة بفن التصوير الفوتوغرافي والموسيقى والأدب وغيرها. وغالبا ما يفضل المدون الاسرائيلي الكتابة بالعبرية وبعضهم يكتب بالانكليزية... ولكن أين المدونات السياسية في اسرائيل.. وهل المساحة الحرة التي توفرها المدونات تمنع الاسرائيلي من الحديث بحرية في الشؤون السياسية حد النقد والاختلاف... هل يمكن وصف المدونات الاسرائيلية بأنها تلعب دورا مكررا لوسائل الاعلام الاسرائيلية التي تحارب العرب بخطاب اعلامي هجومي امني قبل ان تحاربهم بالدبابة والطائرة؟! بمعنى آخر هل المدونات الاسرائيلية هي مدونات أمنية؟! بنظرة علمية إحصائية يقدر عدد مستخدمي الانترنت في اسرائيل بنحو 51% من السكان.. حيث بدأ الانترنت يزيد في اسرائيل بنسبة 26% في الفترة 1999-2000 ثم بدأت الثقافة الالكترونية في التغلغل، فقد ذكرت الاحصاءات ان 75% يستخدمون الانترنت للبحث عن معلومات و73% تستخدم البريد الالكتروني و39% للانضمام الى غرف الدردشة وفي عام 2007 اصبحت اسرائيل متقدمة في مواقع الانترنت حيث كانت من ضمن اعلى 36 دولة تغلغلا في الانترنت. المدون العربي والإسرائيلي:- بحكم الصراع العربي- الاسرائيلي فإن المدون الاسرائيلي يختلف مع المدون العربي سياسيا وفكريا ودينيا وفي كل القضايا، ومع ذلك فإن المدون الاسرائيلي لا يختلف على حرية المدون العربي في التدوين، خصوصا مع اعتقال الانظمة العربية للمدونين، وبذلك فإن المدون الاسرائيلي يختلف مع المدون العربي في الايديولوجية ويتفق معه في مبدأ حرية التعبير، ولذا كانت في اسرائيل تقارير مفصلة حول احداث القبض على المدونين في الوطن العربى بل وانحاز المدونون الاسرائيليون للمدونين المصريين، على سبيل المثال، ولم يكن هذا الانحياز توافقا في الاراء او تسليما بعدالة القضايا العربية فهم على اختلاف ايديولوجي مع المدونين المصريين والعرب، لقد كان انحيازا من أجل حرية التعبير عن الرأي وحق المدون العربي في التعبير عن ارائه، وربما يبدو ذلك واضحا عبر مقال منشور في احدى المدونات الاسرائيلية تحت عنوان: 'ان تكون مدونا عربيا' حيث يتهجم المقال على كل ما يمس حرية المدون ويصف معتقليه بالاغبياء. ولكن كيف يحارب المدونون الاسرائيليون من اجل حرية التعبير ومن اجل حق المدون العربي في التدوين وهم لا يفعلون ذلك "حيث يلعب الرقيب الداخلي الامني الاسرائيلي دورا هاما في ذلك. المدونات السياحية:- هناك خبر ملفت للنظر في المدونات الاسرائيلية يقول الخبر: 'ان إسرائيل قامت بحملة إعلانية عن طريق تلك المدونات وكانت ميزانيتها 4 ملايين دولار وذلك لتحسين صورة الدولة العبرية وجذب السياحة والاستثمارات الأجنبية وتتضمن الإعلانات صورا مثيرة لفتيات يرتدين المايوهات على الشواطىء الإسرائيلية على حسب ماذكرت الصحيفة البريطانية دايلي تليغراف في العدد الصادر يوم 17/9/2007. وتعاقدت وزارة السياحة الإسرائيلية مع وكالة إعلانات لإنتاج أفلام دعائية يتم توزيعها عبر البريد الإلكتروني- لترويج السياحة الجنسية في البلاد. حرب المدونات:- تعد حرب تموز 2006 أول حرب في التاريخ تقع بين مدونات دولتين. كما انها أول حرب يحارب فيها الشباب العربي الاسرائيليين دون معارك عسكرية. في الجانب اللبناني استطاع اللبنانيون (حزب الله) نقل المجازر الاسرائيلية التي وقعت في لبنان بالصور وبالفيديو الى العالم عبر مدوناتهم المكتوبة باللغتين الفرنسية والانكليزية، وبالتالي كسبوا الرأي العام العالمي، وفي المقابل أخطأ المدونون الاسرائيليون بإرسالهم صورا لأطفال اسرائيليين يمسكون بصواريخ ويكتبون عليها عبارات القتل للاطفال اللبنانيين. الحرب العالمية الاولى للمدونات:- في حرب اسرائيل على لبنان (حرب 2006) كان هناك طفل يولد كل 3 ثوان على مستوى العالم بينما كانت هناك مدونة تولد كل ثانية حتى وصل عدد المدونات الى 50 مليون مدونة حول العالم فقط خلال شهر يوليو 2006 حسب إحصاء لموقع اميركي. ومع بداية الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان كانت الحرب مباشرة فقط مابين بين المدونات اللبنانية والاسرائيلية.. فيما بعد اضحت الحرب بين تحالف المدونات العربية اللبنانية من جانب والمدونات الاسرائيلية مع مشاركة اميركية على استحياء من جانب آخر، ومع هذا فقد كان النصر الاعلامي العالمي ان جاز التعبير للمدونات اللبنانية وذلك لسبب بسيط ان صدق الصور والمشاعر اللبنانية وصل للرأي العام العالمي في أول حرب عالمية للمدونات. وقد بررت المدونات الاسرائيلية هجومها على لبنان مستعينة بأخبار ومقالات رأي نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية. وعلى هذا يقول المدون الاسرائيلي 'ديفيد' في مدونة Israellycool أرجوكم إفهمونا: حكومتنا لديها واجب الدفاع لحمايتنا من الصواريخ التي تستهدف المدنيين في صفوفنا: هل لديكم خيار آخر لحمايتنا'. في حين نشرت ليزا جولدمان في مدونتهاOn the Face رسما كاريكاتيريا لحسن نصر الله يعلن فيه 'دخوله للتو على موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية لاحتجازه أكبر عدد من الرهائن، ألا وهم كل أفراد شعب لبنان'. بينما ظهر الدعم الأميركي لإسرائيل والذي لم يكن فقط على ارض المعركة لكنه شمل أيضا شبكة الإنترنت، حيث ظهرت العديد من المدونات الأميركية، مثل مدونة Hot Air التي عرضت أغنية مصورة تحث الجنود الإسرائيليين على تصفية حسن نصر الله. وقد حللت ليزا جولدمان من موقع 'غلوبال فويسيز' أو 'أصوات عالمية' الذي يهتم بالمدونات ظاهرة حرب المدونات الاسرائيلية- اللبنانية بقولها: 'هذه أول مرة في التاريخ يتمكن فيها مواطنو دولتين في حالة حرب من التواصل والتعبير عن مشاعرهم لبعضهم البعض'. مدونات بطابع أمني:- وصف المدونات الاسرائيلية بانها مدونات امنية لا يأتي من فراغ ليس فقط لرصدها المدونات العربية ومع ان العكس غير صحيح ولكن لان خطابها ومنهجها وحدود حرية التعبير فيها 'حيث الرقيب الذاتي الامني للمحافظة على دولة اسرائيل موجود داخل كل مدون اسرائيلي' وهذا يبدو لكون المدون الاسرائيلي ينتهج الى حد بعيد نفس منهاج الاعلام الاسرائيلي الذي لا ينشر اي قضية إلا أن يتأكد من عدم مساسها بالأمن الإسرائيلي وبمفهوم مخابراتي، لذلك نجد على موقع يوتيوب مثلا (موقع فيديو المدونين) كيف يتم التشهير بفضيحة أولمرت السياسية وتلك القضايا الملتبسة في إسرائيل وفضح ممارسات المؤسسة العسكرية والسياسية، إلا أننا نجد هناك حربا شرسة على الموقع ضد حزب الله وضد العرب وهذه المرة باللغة الانكليزية. نتانياهو المدون الأول:- من بين الشخصيات السياسية في اسرائيل والذي يرى ان امتلاك مدونة امر ضروري بنيامين نتانياهو، حيث يمتلك موقعا على الانترنت ينشر فيه مقالاته ويرد على المعلقين.. وقد دعا نتانياهو الاسرائيليين لطرق مدوناته والتعليق عليها وتحدث عن ان اختياره للمدونة جاء لاكمال مسيرة التواصل مع الجمهور ووعد القراء بان يحدث مدونته على الاقل مرة كل اسبوعين. وبخلاف المدونة فان الموقع يتحدث عن حياة نتانياهو والكتب التي ألفها مثل: 'مكان تحت الشمس' سنة 1992 و'محاربة الارهاب' 1996. ولنتانياهو مدونتان وعلى نفس الموقع كانت هناك مدونة اخرى له يتحدث فيها عن إيران ووصفها بانها مازالت تعلن نواياها لمحو دولة إسرائيل وينتقد سياسة الحكومة الإسرائيلية الضعيفة والتي سمحت بسرعة تسليح حزب الله وحماس بفضل امتناعها عن اتخاذ اي إجراءات ضدهم منذ ان اعلنت وقف إطلاق النار وعشرات من صواريخ القسام اطلقت على النقب الغربي كما شكا من ضعف اولمرت الذي تسبب في تراجع مكانة إسرائيل سواء في الشرق الاوسط او في العالم. يتحدث نتانياهو في مدونته عن منظمة nefesh b neefesh ذاكرا انه مشروع صهيوني خارق للعادة انشأته الولاياتالمتحدة لليهود وهدفه تشجيع الهجرة لإسرائيل وضمان وجود تدفق مستمرمن المهاجرين من امريكا الشمالية وتركز المنظمة على إزالة كل العقبات التي تواجه المهاجرين والمنظمة موجودة من خمس سنوات وجلبت حوالي 10000 مهاجر من الولاياتالمتحدة مدونون أميركيون في إسرائيل:- تعاقدت إسرائيل مؤخرا مع 5 من أشهر المدونين في الولاياتالمتحدة، وأحضرتهم لقضاء إجازة مجانية في إسرائيل خلال شهر أغسطس الماضي. حيث تهدف هذه الخطوة إلى أن يقوم هؤلاء المدونون برصد ما شاهدوه في إسرائيل خلال الرحلة والكتابة عنها مستقبلا، وبالتالي تصل رسالة الحملة الإعلامية إلى أكبر عدد من قراء العالم .والهدف من تلك الحملة كما جاء على لسان نائبة المدير العام لوزارة السياحة أبيب شيرعون هو تغيير الصورة المنطبعة في الأذهان عن إسرائيل من حيث كونها بلدا مرتبطا بالصراعات. وحول أسلوب الإثارة المعتمد في الحملة، تقول شيرعون: 'أجرينا العديد من استطلاعات الرأي بشأن صورة إسرائيل في العالم بشكل عام، وفي الولاياتالمتحدة بشكل خاص، ووجدنا أن الصورة كانت سلبية للغاية عند الشباب الذكور من سن 18 إلى 35 عاما، وتوصلنا إلى أن أفضل وسيلة لتغيير الصورة لديهم هي استخدام الصور الجنسية المثيرة عبر المدونات'. وليست هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل هذا الأسلوب، فلطالما لجأت إلى استغلال صور 'البيكيني' لإغواء السياح، وجذب الاستثمارات الأجنبية. وبما ان اسرائيل والمسؤولين الاسرائيليين يقدرون قيمة المدونات كوسيلة اعلامية او كوسيلة لمخاطبة الشباب الاسرائيلي و الامريكان والرأي العالمي .. فإن هناك اهتماما إسرائيليا كبيرا بإجراء مسابقات بين المدونات الاسرائيلية ففي عام 2005 تم التصويت على جميع اصناف المدونات من حيث افضل مدونة مصممة وافضل مدونة عامة وافضل مدونة يهودية مرحة وافضل مدونة سياسية وغيرها وكانت النتائج فوز مدونات التيارات المتقاطعة بالمركز الاول كافضل مدونة مصممة وهي 'مجلة فكر وتأملات' من قبل الكتاب اليهود الارثوذكس حيث تهتم بقضايا العصر التي تمثل مصالح اليهود الفردية شأنها شأن معظم المجلات في شكل مدونة و قد دشنت عام 2004 كما فازت مدونات 'العظام الجافة' كافضل مدونة سياسية وافضل مدونة عامة وافضل مدونة يهودية مرحة في نفس الوقت كما فازت بالمركز الاول مدونات 'يوني' في اسرائيل كأفضل مدونات عن حياة طالب جامعي فقد استحوذت على اهتمام الناس بشكل عشوائي على مدار سبعة اشهر.