أبناء سيناء: الإرهاب أوقف الحياة وشهدائنا مع الشرطة والجيش طهروها بدمائهم    4 أيام متواصلة.. موعد إجازة شم النسيم وعيد العمال للقطاعين العام والخاص والبنوك    بعد ارتفاعها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وغرامات التأخير    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 مايو 2024 في البنوك بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكي    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    إسرائيل تؤكد مقتل أحد الرهائن المحتجزين في غزة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    إبراهيم سعيد يهاجم عبد الله السعيد: نسي الكورة ووجوده زي عدمه في الزمالك    أحمد شوبير منفعلا: «اللي بيحصل مع الأهلي شيء عجيب ومريب»    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    جمال علام يكشف حقيقة الخلافات مع علاء نبيل    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغزى زيارة رئيس وزراء اليونان لتركيا
نشر في أخبار مصر يوم 25 - 01 - 2008

فى خطوة مهمة على صعيد تعزيز علاقات التعاون بين تركيا واليونان و احياء محادثات توحيد شطري قبرص ، جاءت زيارة رئيس الوزراء اليوناني كوستاس كرامنليس الى تركيا بدءً من الأربعاء الموافق 23 يناير وحتى اليوم الجمعة 25 يناير، في أول زيارة رسمية يقوم بها زعيم يوناني لتركيا منذ نحوخمسين عاما.. فآخر زيارة لتركيا قام بها رئيس وزراء يوناني هوقنسطنطين كارامنليس عم رئيس الوزراء الحالى ، تعود إلى عام 1959. بينما قام رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان بزيارة لاثينا فى مايو 2004 .
وخلال الزيارة التقى " كرامنليس" بالرئيس التركى عبدالله جول الخميس الموافق 24 يناير لمناقشة عدة قضايا من أهمها :سبل تدعيم العلاقات الثنائية وحل قضية قبرص وانهاء النزاع على السيادة ببحر ايجة وعضوية تركيا بالاتحاد الاوربى وغيرها الى جانب مشاركته نظيره التركى فى اجتماع لرجال الاعمال من الجانبين لتوطيد العلاقات الاقتصادية بعدما انتعشت الحركة التجارية بينهما حيث تزايد حجم الواردات التركية الى اليونان باكثر من ضعفين بين عامى 2000 و2006 وصولا الى 3,1 مليار يورو فيما صارت اليونان مستثمرا مهما فى تركيا لاسيما فى القطاع المصرفى . و فى هذا السياق ذكرت صحيفة ميليت الليبرالية التركية أن"المصالح الاقتصادية اليونانية في تركيا تنمو بسرعة رغم ظهورتقارير بين الحين والاخر بشأن اشتباكات بين مقاتلات تركية ويونانية فوق بحر ايجة." ويدلل على ذلك أن البنوك اليونانية التي تستثمر منذ فترة طويلة بمنطقة البلقان حولت أنظارها مؤخرا الى تركيا حيث اشترى ناشونال بنك أكبر البنوك اليونانية مصرف فاينانس بنك التركي في عام 2006. ووعد كرامنليس ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بزيادة حجم التجارة الثنائية وتشجيع العلاقات في مجال السياحة والطاقة والأمن.
وفي مؤتمر صحفي أعقب مباحثات "كرامنليس"مع "اردوغان" ،أكد الجانبان على التطورات التي شهدتها العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة..وأضاف كرامانليس أن اثينا ترغب في تنحية الخلافات التي ثارت بينها وبين تركيا في الماضي جانبا كى ينظر البلدان الى المستقبل. أما اردوغان فأعرب عن تفاؤله بأن العام الجديد سيتضمن فرصا جديدة في تحسين علاقات البلدين. ولم يتوقع المراقبون ان تسفر هذه الزيارة عن انجازات في ظل ضعف التوقعات بشأن قدرة الطرفين على حل خلافاتهما المستعصية منذ عدة عقود، كمسألتي السيادة على جزيرة قبرص، وعلى عدد من جزر بحر إيجة.
وقد علق كرامنليس على القضيتين بدعوة تركيا الى الالتزام بالقانون الدولي في التعامل بشأنهما. وفيما يتعلق بالنزاع في بحر إيجه اعتبر أن الحل الوحيد اللجوء إلى محكمة العدل الأوروبية في لاهاي بحيث يتم حسمها على أساس القانون الدولي. لكن أردوغان خالفه الرأي مشددا على ضرورة حل هذا الخلاف في الإطار الثنائي، بعدما أوشكت الدولتان العضوان في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على خوض حرب عام 1996 بسبب نزاع على جزيرة مهجورة في بحر إيجه، وهو الصدام الذي تدخلت الولايات المتحدة لمنعه . وأخيراً قررت تركيا واليونان وقف الطلعات المسلحة بأجواء بحر إيجه كجزء من إجراءات بناء الثقة، بعد حادث اصطدام كبيرة بين مقاتلتين العام الماضى .
أما بخصوص تسوية مشكلة جزيرة قبرص، فقد حث رئيس الوزراء التركي نظيره اليوناني على التدخل شخصيا لاستئناف المفاوضات برعاية الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة المقسمة منذ العام 1974.
وأكد كرامنليس ان بلاده ترغب في انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي ولكن على تركيا تلبية معايير الاتحاد الاوروبي بما في ذلك احترام حقوق الانسان والحريات الدينية ،ومواصلة السير على درب الإصلاح وتطبيع علاقاتها مع قبرص ودعا لاستعادة الثقة المتبادلة تدريجيا.
وفى محاولة لاستخدام شروط ومعايير العضوية بالاتحاد الاوربى كورقة ضغط لضمان حقوق الاقليات اليونانية،ذكرت صحيفة "حريت" التركية أن اعادة فتح مدرسة الرهبان الارثوذكس على إحدى الجزر قبالة ساحل إسطنبول التي أغلقت عام 1971تصدرت الموضوعات التى ناقشها كرامنليس فى لقائه ببطريرك الارثوذكس بارثوليميو مشيرا لضرورة حمايتهم كمواطنين يحترمون القانون التركى بينما اشارت صحيفة الصباح الى ان رئيس الوزراء التركى لا يبدى ممانعة تجاه الاعتراف بوضع الكنيسة الارثوذكسية التى تمثل الاقلية اليونانية فى تركيا كبطريركية عالمية مبينة أن الخط الرسمى التركى المتشدد تجاه عدم الاعتراف بالكنيسة بدأ يتغير تدريجيا منذ عام عام 1999 بعد بدء المفاوضات مع الاتحاد الاوربى . ورد "أردوغان" على طلب نظيره اليوناني أن حكومته تعمل للتوصل إلى حل لإعادة فتح كلية اللاهوت، مشدداً على ضرورة التزام أثنيا بحماية الأقلية المسلمة التي تتحدث التركية في شمال اليونان.
وتضم تركيا جالية صغيرة من اليونانيين الارثوذكس يمثلون البقية المتبقية ،من عدد كبير كان يتمتع بالثراء والنفوذ خلال العصر العثماني، ولكنهم يشكون حاليا من التمييز ضدهم حيث يبلغ عدد الأرثوذكس اليونانيين في تركيا حوالي 4000 شخص ويعيش أغلبهم في إسطنبول التي تعتبر مقر البطريرك المسكوني الزعيم الروحي للأرثوذكس في أوروبا الغربية.
وينظر الدبلوماسيون الى الزيارة باعتبارها خطوة ايجابية على طريق تسوية القضايا العالقة بين البلدين خاصة مايتعلق بالاقليات لكن من غير المتوقع أن تسفر عن انفراجة بخصوص جزيرة قبرص المقسمة أو الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن الاراضي والاقليات والتي اضرت باّمال تركيا في الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي ، لكن العلاقات بين البلدين تحسنت بشكل ملحوظ خلال الأعوام العشرة الأخيرة حيث قاما بتوصيل خط أنابيب بينهما عند الحدود اليونانية التركية. ولكن لا تزال نقطة خلاف عالقة بين الدولتين هي جزيرة قبرص المقسمة حيث صوت القبارصة الاتراك لصالح خطة لتوحيد شطري الجزيرة فى استفتاء أجري في 24 من ابريل 2004 وبينما رفضها القبارصة اليونانيون.وكان أحد الأسباب هو الوجود المستمر لقوات تركية على الجانب التركي من قبرص. وحول أصداء الزيارة ،اكدت الصحف التركية ان الزيارة لم تحمل اى تغيير فى مواقف اليونان الثابتة بينما ابدى اردوغان مرونة فى التوصل الى توافق بين البلدين حول القضايا العالقة .
ويعتبر الطرفان هذه الزيارة -التي استغرقت ثلاثة أيام- مرحلة هامة قد تسهم في تدعيم العلاقات بينهما. ولم يشمل جدول رئيس الوزراء اليونانى زيارة البرلمان التركى بسبب القرار الذى اتخذه البرلمان فى عام 1995 واعتبر فيه مد اليونان مياهها الاقليمية الى عمق 12 ميلا فى بحر ايجة من أسباب اشعال الحرب بين البلدين حيث يحد هذا المد من تحركات تركية البحرية والجوية بالمنطقة بسبب الجزر اليونانية المتناثرة فى بحرايجه . وكانت العاصمتان ،قد تبادلتا عشية الزيارة الاتهام بالاستفزاز في مجال السيادة علي بحر ايجه، فاخذت انقرة على اليونان انها انتهكت 28 مرة منذ مطلع يناير مياهها الاقليمية في حين افادت الصحف اليونانية ان تركيا كثفت حوادث الانتهاك خلال الايام القليلة الماضية. وتعيد تلك التوترات الى الاذهان ذكريات اخر زيارة قام بها وزير خارجية يوناني الى تركيا في ابريل 2005،حين تمركزت بوارج حربية تركية ويونانية وجها لوجه لعدة ساعات اثر اتهامات متبادلة بانتهاك المياه الاقلمية. ورغم الخلافات القائمة بين البلدين الجارين والحليفين فى حلف الاطلسى بشأن السيادة على بحر ايجة الفاصل بينهما الاأنهما حسنا من التعاون المشترك بينهما إثر تشكيل حركة تضامن شعبية عقب زلازل مدمرة اجتاحت الدولتين عام 1999.
ويفسر المحللون السياسيون مساعى اليونان بشكل حثيث لتقريب تركيا من أوروبا وتأييد انضمامها لعضوية الاتحاد الاوروبي شريطة اجراء اصلاحات والسعى لاعادة توحيد قبرص العضو بالاتحاد الاوروبي بأن حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم ذى التوجه الاسلامى يركز في إستراتيجيته على قضية الانضمام للاتحاد الأوربي كهدف رئيسي يساعد الحزب ضمنا في تحجيم سلطة الجيش التركي، ومن هنا بدأ الحزب يسعى لتسريع عجلة توحيد الجزيرة القبرصية (شمال وجنوب) خاصة أن الشطر الجنوبي اليوناني المسيحي في طريقة للانضمام للاتحاد الأوربي .ومن المتوقع أن يحث البلدان الامم المتحدة على استئناف مساعي توحيد قبرص المقسمة منذ غزتها تركيا في عام 1974 ردا على انقلاب في نيقوسيا بتشجيع من اليونان.
وعلى خلاف الساسة الأوروبيين، يقوّم المراقبون الأوروبيون الإصلاحات التركية، منذ (ديسمبر) 2004 الى اليوم، تقويماً إيجابياً. ولا تواجه معظم القوانين الإصلاحية التي اقرها البرلمان التركي قبل أعوام مشكلات أو انتقادات. ولذا يرى المحللون أن المشكلة الوحيدة المتبقية أمام دخول تركيا الى الاتحاد الأوروبي هي قبرص، وفي هذه القضية تُقيد أخطاء الاتحاد الأوروبي السابقة تركيا، وتحول دون المضي قدماً على تذليل هذه المشكلة.
المشكلة القبرصية :
تفرض القضية القبرصية نفسها على جدول أعمال المجتمع الدولي من جديد، حيث شهدت السنة الماضية نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا بهدف دفع محادثات السلام إلى الأمام وحل مشكلة انقسام الجزيرة بعد انضمام جمهورية قبرص إلى الاتحاد الأوروبي . غير أن رفض الحل الذي طرحه الأمين العام السابق للأمم المتحدة في استفتاء24/4/ 2004 من قبل القبارصة اليونان أضاف إلى ملف المحادثات التركية الأوروبية تعقيدًا جديدًا.
جذور النزاع
تعود جذور النزاع في جزيرة قبرص إلى عام 1571م عندما قام العثمانيون بغزو الجزيرة المأهولة باليونانيين وقتها , حيث بدأت هجرة حوالي 20 ألف تركي من الأناضول إلى الجزيرة, ليشكلوا مع القبارصة الذين أعتنقوا الإسلام أصل القبارصة الأتراك. وفي يونيو 1878 تنازلت الدولة العثمانية في مؤتمر برلين عن حق إدارة قبرص لبريطانيا، مع احتفاظها بالسيادة الرسمية على الجزيرة, وفي نوفمبر 1914م، عقب إعلان الدولة العثمانية الحرب على الحلفاء، قامت بريطانيا بضم قبرص, وفي 24 يوليو 1923م، وبعد هزيمة الدولة العثمانية وتفككها اعترفت تركيا بضم قبرص إلى بريطانيا، وتنازلت عن أية مطالب لها بالجزيرة طبقا لاتفاقية لوزان. وفي 16 أغسطس 1960م ،تم إعلان استقلال الجمهورية القبرصية وتولى القس مكاريوس (قبرصي يوناني) رئاسة الجمهورية بينما تولى فاضل كوجوك (قبرصي تركي) منصب نائب الرئيس. وضمنت كل من بريطانيا وتركيا واليونان سيادة ووحدة الدولة الجديدة.
ونص الدستور التأسيسي القبرصي 1960على:
- أن تكون قبرص جمهورية مستقلة ذات سيادة, وتتكون من جماعتين متساويتين في الحقوق والواجبات, إحداهما قبرصية يونانية والأخرى قبرصية تركية.
- إنشاء محاكم منفصلة لكل طائفة, وأخرى مشتركة.
- أن يكون لكل طرف حق الفيتو على النواحي التشريعية.
- تقسم مقاعد البرلمان القبرصي على أساس 35 لليونانيين و15 للأتراك والمناصب الوزارية بنسبة 7لليونانيين : 3 الأتراك , مع تقسيم القوات المسلحة بنسبة 60% لليونانيين نظير 40% للأتراك.
كما شمل الدستور في نصوصه "اتفاق الضمان" الموقع بين بريطانيا وتركيا واليونان سنة 1960م، والذي يمنح تركيا حق التدخل لحماية القبارصة الأتراك في حالة تعرضهم للاعتداء من جانب القبارصة اليونانيين, شريطة أن تدعو تركيا الطرفين الضامنين الآخرين للتدخل معها , فإذا رفضا يكون لها حق التدخل المنفرد. وينطبق الشرط نفسه على اليونان بالنسبة للقبارصة اليونانيين. إضافة إلى ذلك يمنع اتفاق الضمان قبرص من الانضمام إلى أية منظمة دولية لا تتمتع فيها بريطانيا وتركيا واليونان بذات الوضع.
وفي نوفمبر 1963م، وعقب إعلان القس مكاريوس اعتزامه إدخال تعديلات على الدستور تتعلق بإلغاء حق النقض الذي يتمتع به كل من رئيس الدولة ونائبه في شؤون الأمن والدفاع والسياسة الخارجية, اندلعت أعمال عنف بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك حيث اعتبر القبارصة الأتراك أن تلك التعديلات تحد من سلطاتهم. وانتشرت الاشتباكات بين الجانبين في أنحاء قبرص. وتواصلت المساعي لتهدئة الأمور, بدءً بمؤتمر لندن 1964م، مرورًا بقرار مجلس الأمن رقم 186/1964 بإرسال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى قبرص , ثم الوساطة الأميركية, ولكن الأمور استمرت في التدهور.
وفي 15 يوليو 1974م ،وقع انقلاب عسكري مدعوم من النظام العسكري الحاكم في أثينا، وتولى الرئاسة نيكولاس سامبسون المعروف بعدائه للأتراك وتأييده لإقامة وحدة قبرصية يونانية. فقرر بولاند أجاويد - رئيس الوزراء التركي آنذاك - إرسال قوات تركية للجزيرة بهدف حماية القبارصة الأتراك. وتم يوم 23 يوليو إسقاط النظام العسكري في أثينا, مما انعكس على قبرص بوضع حد للانقلاب العسكري فيها.
ثم اجتمعت كل من بريطانيا واليونان وتركيا في جنيف وأنشأوا منطقة أمنية عازلة تحت سيطرة قوات الأمم المتحدة, واعترفوا بوجود إدارتين مستقلتين في الجزيرة, وفي أغسطس قام الجيش التركي باحتلال الجزء الشمالي من الجزيرة (38% من مساحة الجزيرة) ونتيجة لذلك تبنى مجلس الأمن مجموعة من القرارات التي قضت بتوسيع صلاحيات قوات الأمم المتحدة في الجزيرة لتشرف على وقف إطلاق النار يوم 14 أغسطس 1974م، وعلى المنطقة العازلة بين قوات الطرفين.
لكن رغم اللقاءات التي تمت بين «دنكتاش» زعيم القبارصة الأتراك وبين الرئيس القبرصي بالوكالة «كلافكوس كليريدس», ورغم الحظر الأمريكي على بيع الأسلحة لتركيا, وقرار مجلس الأمن رقم 365 الصادر عام 1974م المطالب باحترام سيادة واستقلال الجمهورية وسحب القوات الأجنبية. فقد تم إعلان قيام الدولة القبرصية التركية الاتحادية في 13 فبراير 1975م.
وفي نهاية عام 1976م تطور الوضع نسبيًا إثر اتفاق وزيري خارجية تركيا واليونان على استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، وأعقب هذا الاتفاق لقاءان بين الرئيسين فى 1977م بحضور الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم, لتحديد المبادئ التي تستند إليها المفاوضات ،وقد تم الاتفاق خلال اللقاءين على عدة نقاط ، أهمها : إنشاء جمهورية اتحادية مستقلة, تشكيل حكومة مركزية تستطيع تأمين وصيانة وحدة الجزيرة.
وفي مايو 1979م ،التقى الرئيس القبرصي اليوناني «كبريانو» ب«دنكتاش» بحضور فالدهايم, وتم التوصل إلى اتفاق من عشر نقاط تحدد الخطوط الأساسية للمفاوضات بين الطرفين مع إعطاء الأولوية لمسألة إعادة توطين اللاجئين والمسائل الدستورية ومسألة تقاسم أراضي البلاد إداريًا وفق عدة معايير (إنتاجية الأرض, أهميتها الاقتصادية, الملكية) وأخيرًا احترام حرية التنقل والإقامة وحق الملكية في كل المناطق.
وفي 15 نوفمبر 1983م، أعلن قيام الجمهورية التركية لشمال قبرص التي لم تحصل على اعتراف أى دولة باستثناء تركيا. بل أدانها قرار مجلس الأمن رقم 541 الصادر في 18 نوفمبر وطالب بإلغائها, داعياً الدول الأعضاء إلى مقاطعتها. وعقب هذه التطورات ،تم استئناف المفاوضات بين ممثلى الطرفين وكل من تركيا واليونان تحت إشراف وزير الخارجية البريطانية انذاك جيمس كالاهان فى أغسطس 1984م. وقد سعت تركيا خلال الجلسات لفرض تقسيم الجزيرة إلى منطقتين منفصلتين مع سلطة مركزية محدودة, الأمر الذي رفضه القبارصة اليونانيون بشدة مما أدى إلى فشل المباحثات.
وتتركز نقاط الخلاف الجوهرية: فى الأمن, والسيادة, والأراضي, والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي:
موقف القبارصة اليونانيين:
يطالب القبارصة اليونانيون بما يطلق عليه «ضرورة إيجاد أرضية مشتركة». ويتحدد موقفهم في النقاط الاتية:
الأمن: يتمسك القبارصة اليونانيون بإلغاء اتفاق الضمان أو على الأقل تعديله بما يضع قيودًا على تدخل تركيا, كما يوافقون على الاقتراح الأميركي بوجود قوات دولية في الجزيرة مع توسيع مساحة المنطقة العازلة بين الجانبين. وفي هذا الاطار , تقدم الرئيس كليريدس في 1995م بمبادرة لنزع سلاح الجزيرة, وإنشاء صندوق تحت إشراف الأمم المتحدة يتم تمويله من الأموال التي كانت تخصص لشراء الأسلحة, لإعادة بناء البنية الأساسية في الجزء الشمالي من الجزيرة.
السيادة: يرى القبارصة اليونانيون أن هناك سيادة واحدة لدولة قبرص لا يمكن تجزئتها, ويرفضون الاعتراف بأية حقوق سيادية للجانب القبرصي التركي على الأقاليم التي يسيطر عليها.
الأراضي: يتمسك القبارصة اليونانيون بضرورة تنازل القبارصة الأتراك عن بعض الأقاليم الخاضعة لسيطرتهم بتقليصها من 38% من مساحة الجزيرة إلى 24% منها فقط.
الانضمام إلى الاتحاد الأوربي: ضغط القبارصة اليونانيون من أجل انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي قبل تسوية المشكلة القبرصية. وهددوا بالتعويق الكامل لمسيرة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في حالة عدم قبول القبارصة الأتراك انضمام قبرص قبل التسوية النهائية.
موقف القبارصة الأتراك:
يرى القبارصة الأتراك أن الحكومة القبرصية لا تملك إرادة حقيقية للتوصل إلى تسوية وتتعمد وضع العراقيل, خصوصًا أن «الأرضية المشتركة» قائمة منذ فترة طويلة من خلال نتائج المباحثات رفيعة المستوى بين الطرفين في أواخر السبعينيات والتي لم يكتب لها التنفيذ, والتي تمثلت في:
- إنشاء جمهورية فيدرالية ثنائية المناطق والطوائف, تكون مستقلة وغير منحازة.
- تحديد حدود الأراضي التي يسيطر عليها كل طرف على ضوء الحالة الاقتصادية وظروف الإنتاج والملكية لكل منهما.
- يتم بحث حرية التنقل والسكن والتملك مع مراعاة الطبيعة الفيدرالية للدولة.
*ورغم عدم إحراز مباحثات الطرفين أي تقدم ملموس، فقد حركت المياه الراكدة وأعادت قبرص إلى دائرة الاهتمام الدولي, وأحيت الأمل في إمكانية التوصل إلى تسوية ملائمة للقضية القبرصية.
خطة الأمين العام للأمم المتحدة:
في 11 نوفمبر 2002م قدّم الأمين العام للأطرف القبرصية والأطراف الضامنة خطته لحل الأزمة، التي استغرق إعدادها عامين وشارك في وضعها دبلوماسيون بارزون .وفي الأسبوع الأخير من شهر فبراير2004م قام كوفي أنان الامين العام السابق للامم المتحدة بزيارة تركيا واليونان وقبرص, وقدم النسخة الثالثة من مشروعه التي من المفترض أن تكون الأخيرة, وكان عنوانها: «أسس لحل شامل للمشكلة القبرصية», والتي أخذت بعين الاعتبار, المطالب القبرصية التركية واليونانية. إلا أن فرص النسخة الثالثة من هذا المشروع لم تكن أفضل من سابقاتها مما دفع كوفي أنان إلى طلب عرض مشروعه للاستفتاء في 24 إبريل 2004, وهو ما رفضه "دنكتاش" معلناً انسحابه من المفاوضات.
وتضمن المشروع معالم الدولة القبرصية من حيث :
شكل الدولة :أن يصبح اسمها الجمهورية القبرصية المتحدة، بحيث يكون لها حكومة فيدرالية (مطلب قبرصي يوناني) وولايتان (دولتان) ،مؤسستان (مطلب قبرصي تركي).
السيادة: أكد المشروع على أن الوضع والعلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات المؤسسة سيكون مماثلاً للوضع في سويسرا بين حكوماتها الفيدرالية والكانتونات, على أن يكون للجمهورية القبرصية المتحدة شخصية دولية قانونية وسيادة واحدة, وفي الوقت نفسه، تمارس الولايات المؤسسة كل السلطات غير الموكلة للحكومة الفيدرالية استرشادا بالنموذج السويسرى .
الرئاسة: طرح المشروع إنشاء مجلس رئاسي مكون من 6 أعضاء, اثنين منهم من القبارصة الأتراك والأربعة الآخرين من القبارصة اليونانيين, على أن يكون منصب الرئيس بالتناوب بين الأعضاء الستة, و يتم اتخاذ القرارات في المجلس الرئاسي بالإجماع, أو بالأغلبية البسيطة على أن تضم تلك الأغلبية على الأقل عضوًا قبرصيًا تركيًا مقابل عضو قبرصي يوناني.
السلطة التشريعية (البرلمان الفيدرالي): يقترح المشروع أن يكون البرلمان ثنائي المجلس بحيث يضم مجلسًا للشيوخ تتوزع مقاعده بنسبة 50% لكل طرف, وذلك تحقيقاً للمساواة بين الولايتين, ومجلسًا للنواب يعكس الوزن النسبي لكل من الطرفين بشرط ألا يقل عدد المقاعد المخصصة للولاية الواحدة عن 25% من اجمالى عدد المقاعد .
توزيع الاختصاصات: أكد المشروع على عدة اختصاصات خاصة بالحكومة الفيدرالية,حتى تتحرك قبرص وتتكلم بصوت واحد في الاتحاد الأوروبي, ولكي تحمي وحدتها وحدودها ومواردها وتراثها, أما السلطات الأخرى والمتعلقة بالحياة اليومية للمواطنين فتقع ضمن دائرة اختصاص الولايات المؤسسة.
انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوربي 2004:
شكلت هذه المسألة بؤرة النزاع بين الطائفتين القبرصيتين - اليونان وتركيا. فقد اعتبر الجانب التركي هذه المسألة ورقة الضغط الأخيرة في يد تركيا لإدارة علاقاتها غير المستقرة مع الاتحاد الأوروبي. ومن هنا يمكن فهم أبعاد التعنت التركي والقبرصي التركي. أما الجانب اليوناني ،فيرى أن المسألة قديمة سبق حسمها في مارس عام 1995م على أساس «الصفقة المتكاملة», والتي بمقتضاها لم تستخدم اليونان الفيتو ضد ارتباط تركيا باتفاق اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي .
وكانت جمهورية قبرص قد وقعت عام 1972م اتفاقية شراكة مع دول السوق الأوروبية المشتركة, لاقامة اتحاد جمركي بين قبرص ودول السوق, لكن العملية العسكرية التركية في الجزيرة عام 1974م أدت إلى تعطيل تنفيذ هذه الاتفاقية. إلا أن انضمام اليونان إلى دول السوق الأوروبية عام 1981م أدى إلى حدوث بعض التقدم في تنفيذ الاتفاقية. وفي عام 1987م تم الاتفاق على إقامة اتحاد جمركي بين قبرص ودول السوق الأوروبية المشتركة مع بداية القرن الحادي والعشرين.
وقد أدت الاتفاقية إلى إقامة بعض المشاريع المشتركة بين الجانبين القبرصي والأوروبي, إلا أن القبارصة الأتراك رأوا أن ثمار ذلك لم تعد عليهم, فقد ذهبت أغلب المساعدات الأوروبية والبالغ قيمتها 210 ملايين وحدة نقد أوروبي (إيكو) إلى القبارصة اليونانيين في الجنوب.
وقد أكد مؤتمر القمة الأوروبي بألمانيا في ديسمبر عام 1994م أن التوسع المقبل للاتحاد الأوروبي سوف يضم قبرص ومالطا. وقد أعيد تأكيد ذلك القرار في مؤتمرات القمة لدول الاتحاد الأوروبي مثل مؤتمر مدريد 1995م وفلورنسا 1996م ونيس 2000م.
وفي ظل هذه التوازنات, جاء إقرار المجلس الأوروبي في يوليو 1997م لتقرير أجندة 2000م ليزيد الأمور تعقيدًا. فقد قرر المجلس بدء مفاوضات انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي في أعقاب المؤتمر الوزاري للاتحاد في نهاية عام 1997م. مع إيضاح الخطوط العريضة لمنهج الانضمام, في ذات الوقت الذي أكد فيه التقرير أحقية تركيا بالانضمام «مستقبلاً» في صياغة عامة لا تتضمن أية خطوات محددة. ولم يجد هذا القرار سوى صدى عنيف في الدوائر التركية أسفر عن إعلان تركيا توقيع اتفاق اندماج جزئي مع جمهورية شمال قبرص التركية, والتهديد بالضم الكامل في حالة انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي قبل إيجاد تسوية للمشكلة القبرصية.
بينما اعتبر اليونانيون والقبارصة اليونانيون الانضمام بمثابة محرك ضروري لحل مشكلة تقسيم الجزيرة, حيث اعتقدوا أن ذلك سوف يجبر تركيا على إقناع القبارصة الأتراك بتقديم بعض التنازلات بما يمكن تركيا نفسها من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وحتى لو لم يتم التوصل إلى حل للمشكلة فإن انضمام الجنوب سوف يضع تركيا في موقف بالغ الحرج حيث تعتبر القوات التركية في الشمال بمثابة قوات أجنبية تحتل جزءًا من أراضي إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
وقد بادرت الأمم المتحدة إلى إجراء استفتاء على خطة الأمين العام في شطري الجزيرة يوم24/4/2004م قبيل انضمام الجمهورية القبرصية إلى الاتحاد الأوروبي أول مايو من العام نفسه. غيرأن النتيجة عقدت الأزمة ، حيث رفض القبارصة اليونانيون الخطة بنسبة عالية (75%) وقبلها القبارصة الأتراك وبنسبة عالية أقل (66%)، مما وضع الاتحاد الأوروبي أمام معضلة كبيرة: هى التعامل مع الحدود التي تمزق دولة ذات سيادة ضمن الاتحاد ومتاخمة لدولة غير معترف بها من قبل الاتحاد، مع أخذ تأييد القبارصة الأتراك للخطة بعين الاعتبار والمطالبة بضرورة تقديم تعويض مناسب لهم، مثل رفع الحظر التجاري عن جمهورية شمال قبرص التركية أو حتى الاعتراف بها.
الموقف الدولي من المشكلة القبرصية:
تمثل قبرص دولة قائمة على جزيرة في شرق حوض البحر الابيض المتوسط في جنوب شرق أوروبا و جنوب غرب آسيا. استقلت عام 1960 عن بريطانيا. تم تقسيمها بعد التدخل العسكري التركي عام 1974 إلى جزئين:أحدهما ذو أغلبية سكانية يونانية (في الوسط و الجنوب) و الثانى ذو أغلبية سكانية تركية (في الشمال). و في عام 1983 ،أعلن قيام جمهورية شمال قبرص التركية ،وتبلغ مساحة جزيرة قبرص 9250 كم2, وتقع على بعد 65 كم جنوب ساحل هضبة الأناضول في تركيا وهذا جعل انضمام الجزيرة إلى اليونان أو انفراد اليونان بالسيطرة عليها يعني استراتيجيًا انكشاف الساحل والهضبة التركية، بل وإمكانية توجيه ضربات صاروخية إلى منطقة خليج اسكندرونة الواقعة تحت السيادة التركية والتي يشكل ميناؤها مركز تصدير بترولي ضخم.
ومن ثم انعكست أهمية الجزيرة الاستراتيجية على مواقف الدول الفاعلة في المسرح الدولي حيث شكل الموقف من المشكلة القبرصية نقطة خلاف حادة بين بريطانيا والولايات المتحدة، فبريطانيا مع إضفاء الطابع اليوناني البحت على الجزيرة، بينما تؤيد الولايات المتحدة حليفتها الاستراتيجية تركيا نظراً لأن الاستراتيجيين الأميركيين ينظرون إلى المشكلة نظرة عسكرية بحتة، ومن هنا تبنت واشنطن الحل الكونفدرالي الذي يضمن للقبارصة الأتراك كامل حقوقهم، ولا يزال لروسيا مصالح في أن تكون السيادة للقبارصة اليونانيين، ففي عام 1994م ،زودت روسيا الجمهورية القبرصية ببطاريات صواريخ، ولذلك فإن واشنطن مع قطع الطريق على روسيا، من خلال الاعتراف السياسي بالقبارصة الأتراك باعتبار تركيا عضوًا في حلف الناتو يلعب دورًا بارزًا في الاستقرار الإقليمي. أما الاتحاد الأوروبي فيؤيد الاتفاق على حل فدرالي محدود في الجزيرة.
ويرى بعض المحللين أن الظروف المحيطة بالمشكلة تمر بمرحلة غاية في التشابك والتعقيد بما لا يجعل الوضع مهيئاً للتسوية. مع ملاحظة أن حل المشكلة لا يكمن بالأساس داخل قبرص, وإنما يتركز الحل إقليمي في اليونان وتركيا ، ودولي بأميريكا.
ورغم أن توقيع اليونان وتركيا مؤخرًا على «إعلان مدريد» لتخفيف التوتر بينهما قد يمثل خطوة للتحول نحو علاقات ثنائية أكثرقوة ، فإن عدم الاستقرار الحكومي وضعف البنية السياسية في اليونان, إضافة إلى اهتمام الحكومتين بتدعيم مركزهما الداخلي، كلها أمور لا تساعد على التوصل إلى حلول وسط، بل الأرجح أن تثير حفيظة الرأي العام على الجانبين.
كما ربط عدد من المعلقين السياسيين الرفض القبرصي اليوناني لخطة الامم المتحدة بالعامل الأمني لأن الخطة سمحت ببقاء قوات تركية في الجزيرة وبقاء المهاجرين الأتراك فيها والسيادة لدى القبارصة الأتراك، حيث توقع عدد من المعلقين أن يتصرف القبارصة الأتراك ككيان مستق داخل الكيان القبرصي لو أن خطة الأمم المتحدة قد أقرت، مع التركيز على المصلحة المشتركة لكل منهما في حالة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي, والنظر بصورة أكثر إيجابية إلى علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي, فبانضمام قبرص اليونانية يرث الاتحاد الأوروبي قضية استعصت على الحل طيلة أربعة عقود من الزمن، لأن حل المشكلة القبرصية لا ينبغي أن يقتصر على كونه حلاً مؤقتًا بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك، وإنما ينبغي أن يتسع ليشمل تمكين الجزيرة من أن تصبح طرفًا فاعلاً على المستوى الدولي بالقضاء على تأثير أية تداعيات داخلية في الجزيرة على الاتحاد الأوروبي. بل أن تطورات ملف قبرص سواء كانت لصالح تركيا أو اليونان أو لصالح الدولتين معًا هي تطورات وثيقة الصلة بالاستقرار الإقليمي في البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط، وهذا ينعكس بقوة على الوضع في الاتحاد الأوروبي والعالم بأكمله.
موقف مصر
منذ انضمام قبرص إلي عضوية الاتحاد الأوروبي في مايو عام 2004 ،تؤيد قبرص القضايا العربية ومواقف مصر في الأمم المتحدة وأيضا في الاتحاد الأوروبي وتتعاون مع مصر في عملية برشلونة في مواقعها، ومصر من جانبها تؤيد قبرص فيما يتعلق بتسوية المشكلة القبرصية وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي علي نحو يحقق وحدة قبرص.
و فيما يتعلق بمزايا عضوية تركيا بالاتحاد الأوروبى ،أعلنت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات أن القبارصة اليونانيين بقبولهم اقامة اتحاد فيدرالي بين الطائفتين اليونانية والتركية وبين المنطقتين سيحصلون على الامن والقدرة على الوصول الى الاقتصاد التركي ويحظون بدفعة كبيرة لصناعة الخدمات.وفي المقابل سيحصل القبارصة الاتراك على مزايا العضوية الكاملة للاتحاد الاوروبي. ومن شأن انهاء النزاع القبرصى توثيق التعاون بين الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي في مناطق الصراع من أفغانستان الى كوسوفو.. فتركيا عضو في حلف الاطلسي بينما لم تنضم قبرص للحلف بعد .
ويرى الخبراء أن سياسات الحكومات التركية السابقة وسجلها في مجال حقوق الإنسان ،تعتبر من أبرز أسباب عدم قبول تركيا في النادي الأوربي ، يضاف لذلك البعد الإسلامي كحجة إضافية لعرقلة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوربي ، و نتيجة لسياسيات الحكومات السابقة و أطماعها ، دعت أصوات لإستراتيجيين عالميين إلى تقليص الدور التركي و تهميش مساهماتها في أحداث المنطقة .
و فى هذا السياق ،يرى ثانوس دوكوس الباحث في مؤسسة ايلياميب اليونانية للسياسة الخارجية فى تصريح لوكالة فرانس برس أن الافاق الاوروبية لا تدفع بانقرة الى البحث عن حل لنزاعاتها الكثيرة مع جارتها. مؤكداً أن اثينا كانت دائما من اكبر داعمي انضمام انقرة الى الاتحاد الاوروبي مما كان يضفي اهمية على العلاقة اليونانية التركية، لكن الان وقد اعرب عدد من كبار دول الاتحاد عن معارضتهم ذلك الانضمام صارت تركيا اقل رغبة في التوصل الى تسوية مع اليونان في بقية القضايا.مشيراً الى أن النقطة الايجابية الاساسية في العلاقات اليونانية التركية تتمثل في انه رغم تعثر العلاقات السياسية ما زالت المبادلات الاقتصادية بين البلدين الجارين تشهد مزيدا من التحسن على مختلف الأصعدة.
25/1/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.