شهد العراق انتكاسة أمنية كبيرة بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام أو ما يعرف ب (داعش) على محافظة نينوى شمالي البلاد ، ومناطق في كركوك المجاورة. وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "حالة التأهب القصوى" ، في وقت طلب فيه رئيس البرلمان أسامة النجيفي تدخل واشنطن ومساندة اقليم كردستان لطرد (داعش). وناشد المالكي المواطنين حمل السلاح والاستنفار لإعادة الحياة الى طبيعتها في محافظة نينوى وغيرها من المدن التي استولى عليها تنظيم (داعش) ، واعلن ان الحكومة اتخذت قرارا باعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتوعد بمحاسبة كل من قصر وتخاذل عن أداء مهامه. وقال المالكي في بيان تلاه بعد انتهاء اجتماع لحكومته لمناقشة الوضع الأمني في نينوى "قررت الحكومة ان يقوم رئيس الوزراء وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية بالطلب الى مجلس النواب لاعلان حالة الطوارىء في البلاد" ، لافتا الى أن الحكومة قررت اعلان "حالة التأهب القصوى" في جميع الوزارات لمواجهة "التحديات الارهابية". وطالب المالكي ، مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية والمنظمات الدولية بدعم العراق في حربه ضد "الارهاب" ، داعيا دول الجوار العراقي الى ضبط حدودها وعدم السماح بتسلل "الارهابيين" والأسلحة الى العراق. وسقطت محافظة نينوى بيد (داعش) بحسب ما أعلنه رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي حيث قال "ان محافظة نينوى كلها سقطت بيد داعش والارهاب يتوجه الى محافظة صلاح الدين، وهذا بسبب اهمال القيادات الامنية". مضيفا انه "اتصل برئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وطلب منه المساعدة في تطهير محافظة نينوى"، مبينا ان بارزاني ابلغه باستعداد اقليم كردستان لدعم قوات الامن العراقية في طرد عناصر داعش. وحذر النجيفي من ان ما حدث في محافظة نينوى لايهدد امن ووحدة العراق وحده بل يهدد امن كل منطقة الشرق الاوسط، قائلا "إن هذه الهجمة لن تقف عند حدود نينوى بل ستصل الى كل انحاء العراق". وتابع "اجريت اتصالات مع القيادات السياسية في البلد للوصول الى حل لهذه الازمة"، مبينا انه اتصل بالسفير الامريكي في بغداد وطلب منه ان تقدم بلاده الدعم للعراق ضمن اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين لحفظ الأمن خاصة مع تطورات الاوضاع في نينوى وسقوطها بيد الارهاب. الى ذلك ، كشف محافظ نينوى اثيل النجيفي ، ان قادة الاجهزة الامنية والجيش هربوا خارج الموصل دون ان يقاتلوا (داعش)، ثم سلموا سياراتهم واسلحتهم لقوات الامن الكردية التي نقلتهم الى اربيل.وطالب بمحاكمة هؤلاء امام محكمة عسكرية لهروبهم من ساحة المعركة وتسليمهم الموصل لتنظيم داعش. واشار المحافظ الى ان العديد من عناصر القوات الامنية وجنود الجيش العراقي تركوا اسلحتهم ومعداتهم وارتدوا الملابس المدنية ثم هربوا مع النازحين خارج المدينة. واظهرت لقطات بثتها قناة تلفزيونية عراقية محلية، آليات عسكرية تابعة للجيش العراقي والشرطة محترقة ومتروكة في شوارع الموصل، كما اظهرت صور اخرى عناصر تنظيم داعش وهم يتجولون بعجلات الجيش والشرطة العراقية في شوارع الموصل التي رفعت على بعضها اعلام داعش. وذكرت تقارير اعلامية محلية ان عناصر داعش فتحوا ابواب السجون في الموصل واطلقوا سراح اكثر من 2700 سجين بعضهم محكوم عليه بالاعدام. وشهدت الموصل نزوح آلاف العوائل من احيائها الى المناطق الواقعة تحت إدارة القوات الكردية أو الى مناطق اقليم كردستان، المجاورة لمحافظة نينوى. وقررت رئاسة البرلمان عقد جلسة طارئة ،لمناقشة طلب الحكومة في اعلان حالة الطوارىء، لان البرلمان هو الجهة الوحيدة التي يمكن ان تعلن حالة الطوارىء بعد تقديم طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وفقا للدستور العراقي. على صعيد متصل ، ذكرت قناة ((العراقية)) المملوكة للدولة في خبر عاجل لها نقلا عن وزارة الخارجية الامريكية قولها ، ان "الولاياتالمتحدة ستقدم المساعدات اللازمة للحكومة العراقية بحربها ضد الإرهاب"، مضيفة "أن الولاياتالمتحدة تدعم ردا قويا ومنسقا لدحر اعتداء داعش في الموصل". ولاحقا ، أكدت مصادر امنية في محافظة كركوك الغنية بالنفط الواقعة على بعد (250 كم) شمال بغداد، سيطرة عناصر داعش على الابنية الحكومية والامنية في بلدات الحويجة (55 كم) جنوب غرب كركوك ، وبلدات الزاب والرياض والعباسي غرب كركوك التابعة للحويجة، وبلدة الرشاد (30 كم) جنوب كركوك، من دون مقاومة من قبل القوات الامنية". واشارت مصادر امنية في محافظة صلاح الدين شمال بغداد الى ان بلدة سليمان بيك الواقعة على بعد (70 كم) شرق تكريت، وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش . إلى ذلك اكدت وزارة البيشمركة في اقليم كردستان، انها قدمت معلومات تحذيرية لبغداد تفيد بتخطيط مجموعات مسلحة لاقتحام الموصل، مشددة على انها لم تستلم طلبا من الحكومة المركزية لمشاركة الجيش باستعادة الموصل. وقال اللواء جبار ياور امين عام وزارة البيشمركة في تصريح صحفي " قدمنا معلومات تحذيرية لبغداد منذ مطلع العام الماضي، بشأن مجموعات مسلحة تخطط لاقتحام الموصل ، وكررنا ذلك خلال عدة اجتماعات مع قيادات الجيش العراقي، لكنهم لم يأخذوا الامر على محمل الجد". واشار الى أن قوات البيشمركة سهلت عملية اخلاء ضباط كبار في الجيش العراقي الى اربيل للعودة الى بغداد عن طريق مطار المدينة. بدوره ، دعا الائتلاف الوطني، الذي يضم (معظم الاحزاب الشيعية) الى انزال اقصى العقوبات العسكرية بحق القادة العسكريين المتقاعسين عن حماية وطنهم ومقراتهم العسكرية، كما دعا القوى السياسية الى تشكيل خلية ازمة لمتابعة تطورات الاحداث وعقد اجتماع وطني لتدارس مستجدات الازمة الامنية. وطالب الائتلاف ابناء عشائر نينوى وصلاح الدين والانبار بدعم الجيش في تصديه "للارهاب". ودفعت هذه التطورات الامنية الخطيرة المحافظاتالعراقيةالجنوبية الى تشديد اجراءاتها الامنية تحسبا لتنفيذ هجمات مماثلة فيها، كما اعلنت محافظة الانبار غربي العراق حظرا للتجوال في عموم مدنها لنفس الاسباب. يذكر ان تنظيم داعش سيطر يوم الخميس الماضي على ستة احياء في مدينة سامراء (120 كم) شمال بغداد لعدة ساعات، اعقبه الهجوم على مديرية الاستخبارات ومكافحة الارهاب في محافظة ديالى شرقي العراق، في مساء اليوم نفسه ، واحتجاز مجموعة من الطلبة في جامعة الانبار. وسيطر التنظيم على الاحياء الغربية من الموصل قبل خمسة ايام، قبل احتلالها بالكامل اليوم.