بدأت أمس الحملة الرسمية للانتخابات الرئاسية وفق الجدول الزمني الذي حددته اللجنة العليا المشرفة عليها، وتستمر هذه الحملة نحو ثلاثة أسابيع لا غير. وهذه فترة قصيرة للغاية لا تتيح لأي مرشح فرصة كافية للتواصل مع الناخبين في 27 محافظة بوسائل الدعاية المعروفة. ولذلك تكتسب التغطية الإعلامية أهمية مضاعفة. وتزداد بالتالي الحاجة إلى ضوابط موضوعية لهذه التغطية. ففي غياب مدونة سلوك أو ميثاق شرف إعلامي، وهيئة وطنية مستقلة مختصة بضمان احترام أخلاقيات المهنة، تصبح تغطية الانتخابات خاضعة للانحيازات المسبقة والمصالح السابقة واللاحقة بخلاف ما يحدث في الدول التي تحترم وسائل الإعلام فيها القواعد والمعايير وعقول الناس. ولذلك ينبغي أن تضع لجنة الانتخابات ضوابط مؤقتة هذه المرة إلى أن يوضع ميثاق الشرف الذي سيعمل على أساسه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المنصوص عليه في المادة 211 من الوثيقة الدستورية الجديدة (المعطلة فعلياً حتى الآن). وعلى الجماعة الإعلامية أن تبدأ فورا في مناقشة الجانب المتعلق بتغطية الانتخابات في هذا الميثاق والقواعد التي ينبغي اتباعها في هذه التغطية وهذه قواعد معروفة ومحددة في العالم الآن. في مقدمة هذه القواعد المساواة بين المرشحين في مختلف وسائل الإعلام، وليس فقط في الإعلام العام بخلاف ما يتضمنه قانون الانتخابات الرئاسية المشكوك في دستوريته. ولا تكتفي المواثيق التي تطبقها هيئات الإعلام المستقلة في الدول الديمقراطية بإقرار قاعدة المساواة بين المرشحين، رغم أن أخلاقيات المهنة صارت راسخة في وسائل الإعلام في هذه الدول. فالاتجاه الغالب في هذه المواثيق يميل إلى وضع آليات لضمان الالتزام بالمساواة وكيفية التحقق منها. فعلى سبيل المثال، لابد أن تحدد وسيلة الإعلام المرئي مدة كل ظهور على شاشاتها للمرشحين، وأن يظهر ذلك خلال بث المداخلة بطريقة العد التنازلي، وأن تلتزم إلى جانب المساواة في ذلك بالتعادل في الوقت المتاح للجميع. وتراقب هيئات الإعلام المستقلة تغطية وسائل الإعلام والتزامها بالقواعد المحددة أولاً بأول، وتصدر في النهاية وثيقة توضح نتائج تقييمها للتغطيات الانتخابية. فهل يأتي يوم نرى فيه شيئا من ذلك في مصر؟. نقلا عن جريدة الأهرام