مع بداية العد التنازلي لانتخابات مجلس الشعب المقبلة، اشتعلت حملة الدعاية الانتخابية، وواكبت الصحف الحدث بتخصيص صفحات للتغطية الإخبارية، إلا أن بعضها خلط الإعلان بالتحرير، مما يطرح الأسئلة حول معايير تطبيق ميثاق الشرف الصحفي، والخطوط الفاصلة بين الإعلان والتحرير، وهل القول بأن مرشحاً متقدما علي منافسيه نابع من دراسات علمية واستطلاعات للرأي قامت بها الصحيفة، أم لتوجهاتها ومصالحها؟ وما حقوق القراء وحقوق المرشح المنافس الذي يضار من تضليل الرأي العام بنشر إعلانات تحريرية دون الإشارة لذلك؟ القضية نناقشها في هذا التحقيق. غش وتدليس مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين استنكر بشدة نشر بعض الصحف لإعلانات تحريرية دون الإشارة إلي أنها إعلان تسجيلي ووضعها في إطار، معتبراً أن ذلك مخالف لميثاق الشرف الصحفي مضيفاً الصحيفة التي تفعل ذلك تمارس الغش والتدليس الكامل لتقليل القارئ وتغييب وعيه خاصة أن أغلب المواطنين يصوتون وفقاً لما حصلوا عليه من معلومات قرأوها في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام. وأكد مكرم أن مهنة الصحافة تعاني الخلط بين الإعلان والتحليل الأخباري والمجاملات بالترويج لسلع وخدمات ومن المؤسف أن ينتقل هذا المرض إلي تغطيات انتخابات الشعب. وكشف مكرم تلقي النقابة إلي شكاوي من بعض المرشحين ضد صحف قالوا إنها دأبت علي مهاجمتهم تنشر ادعاءات بحقهم عارية تماماً من الصحة وتقوم النقابة بدورها بارسال هذه الشكاوي لهذه الصحف، وغيرها عن التمادي في ذلك وإلا تعرض رئيس تحريرها لعقوبات نقابية لافتاً في الوقت ذاته إلي أن النقابة ستدرس هذا الأمر بجدية للحد من تلك التجاوزات. جلال دويدار الأمين العام للمجلس الأعلي للصحافة رأي ضرورة متابعة اللجنة العليا للانتخابات للتغطيات الصحفية وتطبيق ضوابط الدعاية عليها كما تطبق علي الإذاعة والتليفزيون، لما تملكه الصحف من تأثير علي توجهات الرأي العام واتجاهات التصويت مما يمثل خطورة حال كانت تلك المادة المنشورة مضللة. وشدد دويدار علي ضرورة أن تراعي الصحفي الفصل بين الإعلان والتحرير عملاً بأخلاقيات المهنة وميثاق الشرف الصحفي. حق الرد مكفول محمد علي إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية رأي أن الصحف تلتزم بالفصل بين الإعلان والتحرير حيث توضع المادة الإعلانية في إطار حميد لها لافتًا إلي أن الرأي العام لا يتأثر بالإعلان فهو لن ينتظر أن يشكله الإعلان توجهاته. وقال إبراهيم أن صفحات الانتخابات بالصحف تشمل تغطيات إخبارية ومواجهات بين المرشحين وتقارير وتحليلات وهو ما لا يوجد في الإعلان التحريري مضيفًا إذا كانت هناك رغبة خفية لدي الجماعة الصحفية لتفعيل ميثاق الشرف الصحفي فعليها تطبيق الميثاق علي كافة الأمور وليس التغطية الانتخابية فقط مشيرًا إلي أن للمرشح الذي ينشر عنه معلومات مغلوطة الحق في الرد وعلي الصحف أن تمنحه هذا الحق. جريمة مهذبة نبيل زكي رئيس تحرير جريدة الأهالي السابق رأي أن خلط الإعلان بالتحرير جريمة مهنية في حق الصحافة والقارئ علي حد سواء لافتًا إلي أن الفصل بين الإعلان بالتحرير من أبسط حقوق القارئ. وأوضح زكي أن الإعلان يتم تمييزه من خلال الإخراج الصحفي الذي يميزه محملا المجلس الأعلي للصحافة مسئولية رصد المخالفات في تقرير الممارسة الصحفية، ورصد الصحف المخالفة بالاسم مضيفًا وعليه إلزامها بنشر مخالفاتها علي صفحاتها. وأوضح الدكتور فاروق أبو زيد رئيس لجنة الممارسة الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة إن من المبادئ الأساسية للإعلام هو عدم الخلط بين المادة التحريرية والإعلانية، مشيرًا إلي أن المادة الصحفية يكون فيها الصحفي محايداً في كتاباته بين الرأي والرأي الآخر بينما المادة الإعلانية فهو يكون رأياً منفرداً. وأشار أبو زيد إلي أن المادة الإعلانية يتم وضعها داخل «إطار» أو يشار إلي أنها مادة إعلامية موضحًا إلي ضرورة محاسبة أي صحيفة تتجاوز المعايير المهنية والصحفية إضافة إلي محاسبتها أيضًا إذا نشرت أخبار غير صحيحة علي مرشح دون ذكر إنه مجرد إعلان فهذا يعد خطأ في حق مواطن.