بينما لقى قبول السودان للمرحلة الثانية من خطة الدعم الأممي للقوة الأفريقية في دارفور,أشادة من جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووصف موقفه بأنه "إشارة إيجابية جداً"،معرباً عن رغبته فى التحرك بسرعة مع الاتحاد الأفريقي لنشر قوة سلام لدعم القوة الأفريقية في الإقليم, وشاكرا للسعودية والجامعة العربية والولاياتالمتحدة والصين وجنوب أفريقيا ودول أفريقية أخرى دورها في إقناع السودان بالموافقة على هذه المرحلة، إلا أن قوى غربية أخرى حثت السودان الثلاثاء17/4على السماح بنشر قوة كبيرة تابعة للامم المتحدة لحفظ السلام في منطقة دارفور التي مزقها العنف. ومن ناحيته أكد جون نيجروبونتي نائب وزيرة الخارجية الامريكية خلال زيارته أمس إلى تشاد والتى أعقبت زيارته للسودان ان قائد قوات الاتحاد الافريقي في دارفور أبلغه بأن قواته البالغ قوامها خمسة الاف جندي ليست كافية للقيام بمهامها الامنية في منطقة دارفوروالتي تشهد صراعا مسلحا بين المتمردين من جهة وقوات الحكومة السودانية وميليشيات الجنجويد العربية من جهة أخرى. وأضاف نيجروبونتي "وبالتالي يعتقد الاتحاد الافريقي والاممالمتحدة أن من الضروري زيادة حجم قوة حفظ السلام من خمسة الاف الى ما يتراوح بين 17 ألفا و20 ألفا." وفي إشارة تدل على التوجس من موافقة السودان الاخيرة قال السفير الامريكي أليخاندرو وولف انه على الرغم من خلو خطاب الموافقة السوداني على الحزمة المؤقتة من الغموض فقد "كانت هذه حالة خطابات سابقة." ومن ناحيتهم أكد مسؤولون من الاممالمتحدة ان القوة العسكرية الجديدة، قد تستغرق ستة شهور لتجنيدها ونشرها،حيث لم يوافق السودان بعد على قوة أكبر قوامها يزيد عن 20 ألف فرد.وبينما يتوقع المراقبون أيضا أن تؤدي الموافقة السودانية على الخطة الى تعطيل بشكل مؤقت للخطط الامريكية والبريطانية لفرض عقوبات على الخرطوم لمنح السودان فرصة لتنفيذ الاتفاق،الا أن الولاياتالمتحدة أبدت تشككها مشيرة الى أن السودان نكث باتفاقات سابقة متعلقة بنشر القوات في دارفور، مما أدى إلى سقوط 200 ألف قتيل على الاقل كما تشرد 2.5 مليون حسب مصادرأمريكية.وقال اليخاندرو وولف القائم بأعمال السفير الامريكي لدى الاممالمتحدة "لقد سرنا في هذا الطريق من قبل... ولذا سنرى هل سيحدث ومتي يحدث." وفي لندن انتقد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هو الآخر ممانعة السودان لنشر قوة أكبر تابعة للامم المتحدة قائلا انه ينبغي ممارسة ضغوط على الخرطوم لجعلها "تفهم مسؤولياتها"،مهدداً بأنه اذا لم يوافق السودان على حزمة الاممالمتحدة فستكون هناك حاجة الى اصدار "قرار قوي يتضمن عقوبات" في مجلس الامن. أما فى الاممالمتحدة ،فقد أعرب الامين العام بان كي مون عن تفاؤله حيال قبول السوادن "حزمة دعم مكثف" مؤلفة من ثلاثة الاف جندي اضافي لحفظ السلام، لكنه أكد على أن "الشيء الاهم هو كيفية تطبيق هذه الاتفاقات في صورة خطوات فعلية."كما أبلغ بان الصحفيين بعد يومين من المحادثات مع الرئيس التنفيذي للاتحاد الافريقي ألفا عمر كوناري ،أن الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي يريدان إكمال الحزمة المؤقتة والانتقال الى المرحلة الثالثة التي تنتهي بنشر عملية مختلطة في دارفور." حيث تعرف القوة المقترحة البالغ قوامها 20 ألف بأنها "مختلطة". لكن دبلوماسيين في الاممالمتحدة يقولون انه حتى قوة حفظ السلام المؤلفة من ثلاثة آلاف فرد والتي وافق السودان عليها قد تحتاج الى ستة أشهر لتجنيدها ونشرها. وستعمل هذه القوة في مراكز القيادة والتحكم ولن تنضم الى وحدات المشاة.و أن الاتحاد الافريقي يحتاج لتمويل كتيبتين جاهزتين للذهاب الى دارفورلحماية قوة حفظ السلام الجديدة.وقال بان إن الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي يسعيان أيضا الى تسوية سلمية في دارفور وأصدرا أوامرهما لمبعوثيهما الخاصين يان أليسون وسالم أحمد سالم لوضع "خارطة طريق أكثر تفصيلا وقابلية للتطبيق من أجل عملية سياسية." ومن ناحيته أعرب سفير بريطانيا في الاممالمتحدة والرئيس الحالي لمجلس الامن الدولي امير جونز باري للصحفيين عن قلقه من وجود ما أسماه بمشكلة حقيقية في الوقت قائلاً "ستستغرق هذه (القوة) فترة لتشكيلها وبعد ذلك متى تستطيع الذهاب الى هناك.. الأمل يحدونا في أن تبقى(قوة لحفظ السلام) هناك وأن يذهب آخرون أيضا." ويرى المراقبون أنه من المشكلات التي لم تجد حلا أيضا مشكلة التمويل. وسيتعين الحصول على الاموال من المنح التطوعية الى أن تصل قوة الاممالمتحدة، ويتم تقييم الحصة المطلوبة من الدول الاعضاء في الاممالمتحدة في عملية التمويل، ولكن يتعين على السودان أولا تخصيص أراض للمخيمات وتوفير احتياجاتها من المياه. وكان السودان قد قبل رسميا يوم 16/4 المرحلة الثانية من خطة الدعم الأممي، التي تشمل نشر ثلاثة آلاف فرداً من العسكريين والشرطة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى دارفور، وذلك لدعم قوة تابعة للإتحاد الإفريقى قوامها سبعة آلاف جندي فى المنطقة التى مزقها العنف فى إقليم دارفور الواقعة غرب السودان،وذلك بعد إعتراض السودان فى البداية على طبيعة المروحيات التي ستزود بها، قبل أن يلين موقفه أمام طمأنة أمين الأممالمتحدة بأنها ستكون دفاعية أساسا وبقيادة أفريقية. وأشاد أيضاً مجلس الأمن بجهود الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي لتسهيل نشر قوة السلام في الإقليم لكن التشكك كان واضحاً فى بيان أصدره المجلس دعا فيه كل الأطراف وبلا إبطاء إلى تسهيل تشكيل القوة المختلطة الأكبر .كما دعا فيه أيضا إلى وقف فوري لإطلاق النار في الإقليم والدفع بالعملية السياسية وتحسين الوضع الإنساني.وكان وزير الخارجية السودانى لام أكول قد أكد أن السودان بقبوله المرحلة الثانية أوفى بالتزامات اجتماع أديس أبابا، ومهد الطريق للخطوات القادمة بحيث يمكن القول إنه تم تجاوز مسألة حفظ السلام في دارفور، دون أن يوضح ما إذا كان ذلك يعني قبول انتشار قوة مختلطة أم لا. غير أن مبعوث السودان إلى الأممالمتحدة عبد المحمود عبد الحليم قال إن "القوة يجب أن تكون قوة أفريقية بقيادة أفريقية مع دعم أممي في تقنيات المراقبة والتحكم".وشدد السفير السوداني على تعزيز مجلس الأمن خطوة الخرطوم وإبرام اتفاق مع الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي يحدد مهام قواتهما في دارفور. وفي محاولة أمريكية لطمأنة السودان و إقناعها بجدوى قبول قوة مختلطة -كما فعلت بتعليقها حزمة عقوبات جديدة لإقناعه بقبول المرحلة الثانية- أكد نائب وزيرة الخارجية الأميركية جون نيجروبونتي إن الولاياتالمتحدة قبلت أن "تجند أغلبية هذه القوات من الدول الأفريقية وسيكون قائد هذه القوة الأممية الأفريقية أيضا من أفريقيا".
وجدير بالذكرأن الاتفاق مع السودان له ثلاث مراحل .. المرحلة الاولى عبارة عن نشر دعم محدود في صورة معدات ورجال شرطة وموظفين مدنيين ومستشارين. والمرحلة الثانية التي أقرها السودان يوم الإثنين 16/4 تتضمن نشر ست طائرات هليكوبتر هجومية وهو ما كانت الخرطوم تعارضه حتى اللحظة الاخيرة لخشيتها من استخدام هذه الطائرات فى أغراض هجومية. والمرحلة الثالثة هي نشر قوة حفظ سلام يزيد قوامها عن 20 ألف من القوات ورجال الشرطة وهو ما لم يوافق عليه السودان بعد.وقال جان ماري جيهينو رئيس عمليات حفظ السلام في الاممالمتحدة للصحفيين انه سيجتمع لاحقاً مع الدول المحتمل أن تشارك بقوات وكثير منها يشعر بالتردد بخصوص مستقبل القوة التي ستخدم تحت قيادة الاتحاد الافريقي وقال جيهينو ان اتفاق يوم الثلاثاء ليس الا بداية لقوة أكبر.وتابع "ليست هذه القوة الفعالة التي تحتاج اليها دارفور. انها خطة دعم لارساء الاساس لقوة فعالة في المستقبل."
وكان السودان أوضح أنه يتوقع أن المرحلة الثالثة من الخطة أو ما يسمى القوة "المختلطة" لن تتضمن قوات مشاة من الاتحاد الافريقي فحسب لكن الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي أوضحا أن دولا أخرى سوف تدعى لارسال قوات اذا لم يتيسر ايجاد قوات كافية من الافارقة.وقال ألفا عمر كوناري رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي بعد ابلاغ أعضاء مجلس الامن بما حدث ان هناك كتيبتين افريقيتين مستعدتين للذهاب الى دارفور ولكنه أضاف أنهما تحتاجان الى التمويل لإعاشتها وأسلحتها.وأكد أنه دون تمويل حقيقي قد لا تنجح هذه العملية.ويجب أن يأتي التمويل من الدول المانحة بشكل تطوعي الى أن تصل قوة الاممالمتحدة وفي ذلك الوقت سيجرى تحديد نصيب كل من الدول الاعضاء بالاممالمتحدة في التمويل، ولكن أولا السودان بحاجة الى تخصيص أراض من أجل المعسكرات وتوفير المياه اللازمة. وفي الخرطوم ،قال جون نيجروبونتي نائب وزيرة الخارجية الامريكية "يجب أن نتحرك سريعا من أجل نشر قوة حفظ سلام مختلطة أكبر مؤلفة من الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي ولها تسلسل قيادي واحد وموحد وتعمل وفق معايير وممارسات الاممالمتحدة.وحث نيجروبونتي الخرطوم على نزع سلاح الميليشيات المتهمة بارتكاب الهجمات على المدنيين في دارفوروقال "يتعين على حكومة السودان نزع سلاح الجنجويد .. الميليشيات العربية التي ما كان يمكن أن توجد لولا الدعم النشط من الحكومة السودانية." وفي أحدث أعمال العنف اتهمت جماعة متمردة قوات حكومية وميليشيات بقتل العشرات في مجموعة من القرى في شمال دارفور وهو اتهام نفاه الجيش السوداني وأنحى باللائمة فيه على اشتباكات "عادية" بين القبائل. 18/4/2007