وافقت الحكومة السودانية على نشر قوة دولية مشتركة لحفظ السلام في إقليم دارفور تتألف من جنود تابعين للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي كما قبلت الخرطوم صلاحيات تلك القوة وهيكلها وهي الخطوة التي من المتوقع أن يكون لها العديد من التداعيات الإيجابية على مستقبل الأزمة في الإقليم. وقال مفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي سعيد جنيت إن الاتفاق مع السودان ينص على نشر قوة يتراوح عددها بين 17 و19 ألف جندي تكون مهمتهم حفظ السلام في الإقليم الواقع غربي السودان. وجاءت موافقة الخرطوم على هذه الصيغة بعد يومين من الاجتماعات بين مسؤولين سودانيين وآخرين من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقد حصل السودان على إيضاحات من المسؤولين الدوليين ومسؤولي الاتحاد الأفريقي بشأن التفاصيل الخاصة بمكونات القوة ومهامها. ورغم أن جنيت لم يكشف تلك التفاصيل فإنه قال إن الاتفاق يدعو أيضا إلى وقف شامل وفوري لإطلاق النار وإلى عملية سياسية تشمل الجميع في دارفور وناشد مجلس الأمن الدولي إجازة نشر القوة المختلطة دون إبطاء. وأضاف أن السودان أثار مسألة وضع إستراتيجية لانسحاب القوات الدولية مشيرا إلى أن جميع الأطراف وافقوا على خضوع العملية لمراجعة دورية ولم يحدد المدة الفاصلة بين المراجعات. وأوضح أن غالبية جنود القوة سيكونون أفارقة.مضيفا أن القوة المشتركة ستنتشر في غضون عدة أشهر بعد حصولها على الضوء الأخضر من مجلس الأمن. وترأس الاجتماع جنيت مع مدير أفريقيا في قسم عمليات حفظ السلام في الأممالمتحدة دميتري تيتوف فيما رأس الوفد السوداني وكيل وزارة الخارجية مطرف صديق. وقال صديق – بحسب وكالة الصحافة الفرنسية - إن موقف السودان لم يتغير ووافق على مبدأ القوة المشتركة منذ نوفمبر الماضي واليوم تمت المصادقة عليها بعد أن حصل السودان على التصريحات والتوضيحات اللازمة. أما تيتوف فقد حذر من أن عملية حفظ السلام لن تنهي أزمة دارفور ولن تكون مجدية دون حوار سياسي جاد. وفي أول رد فعل له على موافقة الخرطوم رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقبول السودان تشكيل القوة المشتركة وشدد على أهمية الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار في دارفور. وقالت ميشال مونتا المتحدثة باسم بان في بيان إن الأمين العام مسرور لتوصل المشاورات التي أجرتها الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي اليوم مع الحكومة السودانية إلى نتائج إيجابية حول القوة المشتركة, ويتلهف إلى سرعة تطبيق هذه الخطة المكونة من ثلاث مراحل لحفظ السلام في دارفور. من جانبه قلل السفير الأمريكي زلماي خليل زادة من هذه الخطوة قائلا إن السودان لم يوضح ما إذا كان يوافق على أن تشمل القوات أفرادًا غير أفارقة أم لا. ويأتي هذا الموقف في إطار المحاولات الأمريكية لعرقلة أية خطوة إيجابية تقوم بها الحكومة السودانية تجاه تسوية ملف دارفور حيث كانت قد أعلنت أنها ستُوقع عقوباتٍ منفردةً على السودان بعد قليل من إعلان السودان أنها وافقت على تطبيق المرحلة الثانية من نشر القوات الدولية في دارفور. يُشار إلى أن نشر القوات الدولية في إقليم دارفور يأتي بمقتضى القرار الدولي 1706 الذي نصَّ على نشْرِ 21 ألفًا من رجال الشرطة والعسكريين الدوليين في إقليم دارفور بدلاً من قوات الاتحاد الإفريقي العاملة في الإقليم حاليًا إلا أن القرار اشترط موافقة الحكومة السودانية. لكنَّ السودان رفضت بالنظر إلى أن دخول القوات إلى الأراضي السودانية سوف يمسّ الكرامة الوطنية للدولة السودانية إلى جانب أنه سوف يفتح الباب أمام دخول عناصر تنظيم القاعدة إلى الإقليم لقتال القوات الدولية في تكرار لسيناريو العراق. وبعد وساطات ومفاوضات وافقت الحكومة السودانية على تقسيم عملية نشْر القوات إلى 3 مراحل، على أن تعمل تلك القوات بالاشتراك مع قوات الاتحاد الإفريقي الذي سيكون له السيطرة على القوات، وقد تم تنفيذ الأولى منها والخاصة بنشر المراقبين الدوليين وتقديم الدعم اللوجيستي للقوات الإفريقية العاملة في الإقليم، كما بدأ تنفيذ المرحلة الثانية التي تشمل نشْرَ حوالي 4 آلاف من رجال الشرطة والعسكريين الدوليين في الإقليم. إلا أن الخلاف كان في تطبيق المرحلة الثالثة الخاصة بنشر 17 ألفًا من أفراد الأمن والعسكريين؛ حيث طالبت الحكومة السودانية بضمانات تكفل ألا تظهر تلك القوات على أنها قوات احتلال تسيطر على الأراضي السودانية في دارفور، وهو ما يبدو أن السودان قد نالته؛ حيث تضمنت شروط اتفاق الأمس أن تكون غالبيةُ القوات من الدول الإفريقية، وهو الأمر الأقل وطأةً- بالنسبة للحكومة السودانية- من القوات التي تسيطر عليها الدول غير الإفريقية وخاصةً الغربية