كانت الأزمة الحقيقية التي واجهها الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي اليها انه لم يفرق بين مسئوليته عن وطن كبير في حجم مصر بكل رصيده الحضاري ومسئوليته كرمز من رموز جماعة دينية سياسية محدودة الفكر والرؤي ولم تمارس تجربة الحكم في يوم من الأيام.. وحين قام المصريون بثورتهم يوم 25 يناير 2011 رفعوا شعارا واضحا في عدة كلمات عيش.. حرية عدالة اجتماعية.. كرامة انسانية.. ولأن جماعة الإخوان المسلمين كانت التنظيم السياسي الديني الوحيد الذي سمح به نظام حسني مبارك فقد استطاعت ان تسطو على الثورة منذ ايامها الأولى وابعدت تماما جميع التيارات السياسية التي شاركت في هذه الثورة. وحين وصل الرئيس السابق مرسي إلى السلطة كان ينبغي ان يحرص على ثلاثة أهداف واضحة يبدأ بها حكمه.. ان يتخلى عن ثوابته الفكرية التي اعتنقها سنوات كعضو في جماعة الإخوان المسلمين وان يتخلص من كل انتماءاته السابقة. ان يسعى إلى توحيد الشارع المصري وجمع كلمته بعد ثورة يناير وان يجمع المصريين حوله على هدف واحد وهو تحقيق أحلام الشعب في ثورته وبناء تجربة ديمقراطية تشارك فيها جميع القوى السياسية. ان يبدأ تجربته في الحكم بفتح آفاق للحوار الوطني لتحديد مسار الثورة وان يعطي الفرصة كاملة للشباب باختلاف انتماءاتهم. لم ينجح رئيس مصر السابق د. مرسي في تحقيق هدف واحد من هذه الأهداف بل انه اتخذ خطوات ابعدته تماما عن هذا المسار. كانت مواقف الرئيس وسياسة جماعته تؤكد كل يوم رغبة محمومة في السيطرة على مفاصل الدولة المصرية حتى لو تطلب الأمر اقصاء جميع القوى عن المشهد السياسي، إن احادية الرؤى عند الرئيس السابق وجماعته كانت تقوم على السيطرة بحيث يحتوي الجزء الكل ويصير الوطن مجرد جماعة وهنا ظهرت مخاوف اطياف كثيرة من المصريين ومنهم الأقباط والأحزاب التقليدية القديمة مثل الوفد ونخبة اليسار المصري الليبرالي. وهنا ايضا برز هذا السؤال إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين تريد تحويل مصر إلى جماعة دينية بما في ذلك فصائل كثيرة من المواطنين المصريين المسلمين فماذا يفعل أقباط مصر وكنائسهم وطقوسهم الدينية. لم تكتف جماعة الإخوان المسلمين بإقصاء القوى السياسية ولكنها استطاعت في شهور قليلة من حكم د. مرسي ان تقسم مسلمي مصر إلى فرق وأحزاب وفصائل. وهنا ظهرت قوى السلفيين والجهاديين وأهل السنة وكان التحالف الأخطر ان جمع الإخوان المسلمون القوى الإسلامية المتطرفة ومنها من قام بأعمال إرهابية أو شارك في اغتيال السادات. وكان خطأ رئيس مصر السابق ان سمح لقوى التطرف الديني ان تتصدر المشهد السياسي وان تعلن الحرب الدينية على كل من يخالفها في الفكر أو الرأي وانقسم المصريون لأول مرة في تاريخهم إلى مؤمنين وكفار أكمل د. محمد مرسي قصته مع الحكم حين أصدر فرمانا بإعلان دستوري يمنحه صلاحيات لم تمنح لرئيس مصري سابق لكي يضع أسسا جديدة لدولة الإستبداد والقمع باسم الدين تمهيدا لإعلان دولة الخلافة وتحويل 90 مليون مصري إلى مجرد أعضاء في جماعة الإخوان المسلمون. هنا خرج 30 مليون مصري يوم 30 يونيو 2013 يرفضون دولة الاستبداد باسم الدين ويطالبون بتعديل مسار ثورة يناير التي اختطفها الإخوان المسلمين ووقف الجيش المصري وقوات الأمن والشرطة تحمي ارادة هذا الشعب. إذا كانت الديمقراطية هي حق الشعب في اختيار من يحكمه فهي أيضا التي تعطي الشعب نفس الحق في ان يعزله. ..ويبقى الشعر هانت على الأهل الكرام دمانا مازالت أرواح شهداء ثورة يناير تحلق في سماء ميدان التحرير وفي كل ارجاء المحروسة رغم ما شهدته مصر في السنوات الماضية من الصراعات والانقسامات والاتهامات بين القوى السياسية.. في نهاية المطاف يبقى الدم أغلى وأقدس وأنبل ما يقدمه الإنسان لوطن أو حلم أو قضية.. تحية للشهداء الذين رحلوا دون وداع وبقيت دماؤهم لعلها تطهر خطايا من لم يرحل. هانت على الاهل الكرام دمانا وتفرقت بين الرفاق خطانا عدنا إلى الميدان نسأل حلمنا بكت الربوع وحزنها أبكانا أين القلوب تضيء في أرجائه وتزف شعبا في الصمود تفاني ؟! أين الرفاق وأين صيحات بدت للكون بعثا عاصفا أحيانا ؟! أين الشباب وقد توحد نبضهم وتجمعوا في بأسهم إخوانا ؟! أين الحناجر كيف قامت صرخة كم أيقظت بصهيلها الفرسانا ؟! وجه الشهيد وقد تناثر في المدي وغدا نجوما في دجي دنيانا جسد يحلق في الأيادي سابحا في حضن أم أشبعته حنانا هانت على الأهل الكرام دمانا *** نامت على الدرب الحزين جوانح وتجمدت خلف الرؤي أجفانا والناس تسأل: ما الذي يبقي لنا بعد الشهادة موطنا ومكانا ؟ يوما غرسنا الحلم في أعماقنا حتى غدا في يأسنا بركانا أن نطلق الشمس السجينة بيننا ليطل صبح من خريف صبانا في ساحة الميدان كنا أمة وهبت رحيق شبابها قربانا أجسادنا كانت تلوذ ببعضها حزن التراب يعانق الأكفانا يتعانق الدم الجسور على الثري كنا نراه كنيسة وأذانا في ساحة الميدان صلينا معا قمنا حشودا نرجم الشيطانا وتطوف في الميدان أرواح بدت فوق البيوت أزاهرا وجنانا الكون صلي.. والسماء تطهرت من رجس عهد مظلم أعمانا هانت على الأهل الكرام دمانا *** هل تذكرون شبابنا وصبانا والأرض تحضن بالدموع دمانا ؟! ونطوف في صخب الشوارع لا نرى غير الرصاص على المدى يلقانا وقذائف القناص تسكن أعينا ويتيه بين جنوده نشوانا لم يرحم العين السجينة في الأسى رسم النهاية خسة وهوانا يلقي علينا النار وهي خجولة والنار ترحم بعضها أحيانا كنا نرى أن الوفاء ضريبة حق لمن وهب الحياة وعاني عدنا إلى الميدان نسأل ما به؟ صرخ الحزين وبؤسه أدمانا حين انتفضنا في الشوارع لم يكن سوق الغنائم مطمعا أغوانا هانت على الأهل الكرام دمانا *** أترى نسيتم دمعنا ودمانا عرس تبدل بيننا أحزانا ما عادت الأيدي تصافح بعضها حتى خطانا.. لم تعد كخطانا كيف الدماء تمردت في مهدها وبكل قلب مزقت شريانا ؟ صرنا أمام الناس خدعة صبية هدموا البلاد.. وخربوا الأوطانا هانت على الأهل الكرام دمانا *** عاد الزمان الوغد يعبث خلسة ويدور حول دماءنا ظمآنا وطن يساومنا.. وعهد فاجر وفساد طاغية.. وشعب عانى وتسابقت للثأر عصبة قاتل حشدوا الفلول.. وحاصروا الفرسانا فرعون في صخب المزاد يبيعنا ويطل خلف جنوده سكرانا وعصابة التدليس ترتع حوله وتشيد من أشلائنا التيجانا فإذا انتشي الفرعون قام رجاله سحلوا النساء.. وضاجعوا الشيطانا ركب العبيد الساجدين بعرشه ألغوا الأذان.. وحرفوا القرآن وعلى بقايا النهر جاعت أمة كم أطعمت من خيرها بلدانا نهبوا ثمار الأرض.. باعوا سرها الذئب يعوي.. واللصوص حزانى تتنكرون لمن أضاءوا ليلكم وتبايعون الأفك والبهتانا! من شردوا وطنا وباعوا أمة وتواطأوا في غيهم أزمانا هانت على الأهل الكرام دمانا *** هل تذكرون دموعنا ودمانا الركب ضل.. فمن يعيد خطانا ؟! الموت لم يهزم جسارة عمرنا لكن ظلم الأهل قد أشقانا حتى الأماكن هاجرت من حلمها وتبدلت أشواقها هجرانا في كل ذكرى سوف نرفع رأسنا لنري المفارق كلها ميدانا فإذا غفا يوما وشاخ شبابه أو عاد يشكو العجز والنسيانا وأفاق في صخب الجموع وقد رأي فرعون آخر يجمع الكهانا سيطل من صمت الحناجر يمتطي زمن الإباء.. ويعلن العصيانا ويعود يحكي عن شباب ثائر وهب الحياة لشعبنا وتفاني كانوا رجالا في الخطوب وأنجما كالبرق لاحت في ظلام سمانا كانوا دعاء الأم.. فرحة عيدها ونقاء أرض أنجبت فرسانا فإذا خبت في ليلكم ذكرانا وغدا الشباب محاصرا.. ومهانا لا تسألوا كيف الرفاق تفرقوا ولتسألوا: من في الضمائر خانا ؟ عودوا إلى الميدان.. قوموا فتشوا عن عاشق في حبه كم عانى من قام يوما يرفض الطغيانا لا.. لن يكون منافقا وجبانا هو لم يكن جيلا طريدا ضائعا بل كان شمسا أيقظت أوطانا "قصيدة هانت على الأهل الكرام دمانا سنة 2012" نقلا عن جريدة الأهرام