شهد منتصف شهر مارس2007 تحركات روسية علي الساحة الأفريقية حيث توجه وفدان الي القارة السمراء ولهما هدف واحد واضح وصريح وهو..فتح سوق نوويةجديدة في القارة الأفريقية. وكان رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف قد توجه الي القارة الافريقية في منتصف شهر مارس مصطحبا معه جيشا من المسئولين الروس و رؤساء المؤسسات الروسية الكبري العاملة في مجال الطاقة والتعدين حيث زار3 دول افريقية في خمسة ايام وهي انجولا وناميبيا وجنوب افريقيا. وفي تزامن مع جولة الوفد الأول انطلق وفد آخر من شركة أتومزتروإكسبورت تعد اكبر محتكر لتصدير المعدات النووية في روسيا متجها الي المغرب بهدف عرض خدماتها. ويمكن الإشارة الي ان التحرك الروسي الاخير في القارة الافريقية قد جاء في ظل مجموعة من العوامل التي دفعت متخذ القرار داخل الكرملين الي طرق الابواب الافريقية النووية بقوة في ذلك التوقيت. اولا: جاءت التحركات الروسية الاخيرة للبناء علي ما حققه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسئولين في جولاتهم السابقة داخل القارة الافريقية خلال العام الماضي علي وجه التحديد حيث رفع الرئيس الروسي شعارا واضحا وهو العودة الي القارة الافريقية والتوسع في التعاون التجاري والتقني معها. ثانيا: ادراك متخذ القرار في الكرملين ان الوقت قد حان لإيجاد توازن في القوي مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والصين. ثالثا: الاصرار الروسي العلني منذ عام2005 علي تبني سياسة واضحة تتجه الي تحويل روسيا الي دولة عظمي في مجال الطاقة بكافة انواعها وهو الامر الذي بدا بشكل واضح من خلال تركيز الكرملين علي استخدام ادوات الطاقة في تحقيق اهداف السياسة الخارجية الروسية تجاه دول اوروبا الشرقية والاتحاد الاروبي علي وجه الخصوص وباقي دول العالم بوجه عام. رابعا: محاولة العودة الي القارة الافريقية بعد عقود من تقلص التواجد الروسي في نهايات حقبة الحرب الباردة انطلاقا من حقيقة كون القارة الافريقية سوقا واعدة(800 مليون نسمة تقريبا) تمر بمرحلة تنمية.. بالاضافة لكونها مستودعا رئيسيا للموارد الطبيعية وفي مقدمتها البترول والغاز والالماس.. واليورانيوم اللازم لأي صناعة نووية. وتمهيدا لتلك الخطوة الإستراتيجية ألغت روسيا ديونا مستحقة علي دول افريقية قدرت ب11.3 مليار دولار وتم تقديم250 مليون دولار كمنح لبرامج التنمية في القارة. وكان الوفد الروسي الأول الذي قاده رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف قد اتجه الي عرض امكانيات التعاون في المجال النووي علي ناميبيا الغنية بالنحاس والالماس والذهب واليورانيوم. وتم التأكيد علي استعداد وكالة الطاقة النووية الفيدرالية الروسية روساتوم للمشاركة في اقامة مشروعات لتوليد الطاقة النووية( مفاعلات نووية)بقدرات مختلفة وتمت الإشارة الي وجود العديد من الشركات الروسية المستعدة للمشاركة في تلك المشروعات. ولم يكن ذلك العرض بالامر الجديد فقد شهد شهر فبراير الماضي اعلان قيام مشاركة بين3 مؤسسات روسية كبري هي تكسناب إكسبورت ورنوفا وفينشتروج بنك وكان الهدف الرئيسي من تلك المشاركة هو.. استخراج وانتاج اليورانيوم في ناميبيا. وجاءت تلك الخطوة بعد ان تمكنت بعض الشركات الروسية بالفعل من الحصول علي تراخيص للتنقيب عن وانتاج اليورانيوم في ناميبيا في اطار تعاون اوسع واشمل تسعي ناميبيا من خلاله الي تقليص عجز الطاقة لديها. وفي جنوب افريقيا عرض الوفد الروسي امكانيات بلاده فيما يتعلق بالمشاركة في المشروعات النووية بجنوب افريقيا وذلك في خطوة تالية علي نشاط روسي نووي في هذه الدولة. فقد شهد شهر فبراير الماضي الاتفاق علي قيام شركات روسية رنوفابإستخراج اليورانيوم وهو ما يفتح الباب امام الاشتراك مستقبلا في اقامة مفاعل نووي جديد بالبلاد بالاضافة الي تقديم الخبرات الفنية, كما تقدمت روسيا بعرض لتوريد اليورانيوم المخصب لمفاعلات جنوب افريقيا حتي عام2020. وأتي الاهتمام الروسي بجنوب أفريقيا في ظل دخول فرنسا كمنافس نووي لروسيا حيث عرضت شركة أريفا الفرنسية وشركة ويستينجهاوس المشاركة في اقامة مفاعل نووي بجنوب افريقيا في عام2014 وهو المشروع الذي تسعي روسيا لأن تجد لنفسها مكانا فيه. وفي المغرب عرض الوفد الروسي( شركة أتومزتروإكسبورت)خدماته وخبراته في المجال النووي خاصة فيما يتعلق بإقامة اول مفاعل نووي مغربي وقد زار الوفد الموقع الذي تم ترشيحه لإقامة المفاعل به. وتجدر الإشارة الي ان روسيا والجزائر جرت بينهما مفاوضات مكثفة في يناير2007 للتعاون المشترك في مجال الطاقة النووية حيث عرضت روسيا ممثلة في وفد برئاسة وزير الطاقة الروسي فيكتور خريستنكو المشاركة في اقامة منشآت نووية بالجزائر وتدريب الكوادر الجزائرية من علماء وفنيين للتعامل مع الطاقة النووية... وهكذا اصبح من الواضح ان روسيا الاتحادية تطرق ابواب افريقيا بقوة.. نووية.