فرحة عارمة شعر بها شعب مصر عقب بيان القوات المسلحة، بعد فترة صمت فتحت مجالاً واسعاً للشائعات، فمنذ أن بدأت التظاهرات والاعتصامات الجمعة 28 يونيو، والقوات المسلحة في حالة من الصمت جعلت الكثير من المصريين يتساءلون عن ولائها بخاصة بعد أن كرر الرئيس محمد مرسي أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة في خطابه أكثر من مرة. وفي الرابعة والنصف من عصر الاثنين صدر بيان القوات المسلحة ليدخل جموع المصريين في حالة اختلفت من البعض للآخر ما بين سعادة وغضب وحيرة. ففي الوقت الذي رأى فيه بعض المصريين إنقلابا على الرئيس لصالح المتظاهرين، فقد رأى آخرون أنه انقلاب على الرئيس ولكن لصالح الجيش نفسه، بينما رأى الفريق الثالث انه ما يزال يخطب ود الرئيس مرسي وجماعة الإخوان. الإخوان وآل البيت قال القيادي في جماعة الاخوان المسلمين محمود غزلان الإثنين أن الجماعة التي ينتمي اليها الرئيس محمد مرسي "تدرس بيان الجيش" الذي حذر فيه من أنه سيتدخل في الحياة السياسية إذا "لم تتحقق مطالب الشعب خلال 48 ساعة"، مضيفا أنه سيتم تحديد موعد لاجتماع مكتب الارشاد لتحديد موقفه من هذا البيان، رافضا الإدلاء بمزيد من التفاصيل. فيما نجد الشريف د.عبدالله الناصر حلمي، امين عام اتحاد القوى الصوفية وتجمع آل البيت الشريف ووكيل مؤسسي حزب البيت المصري، يطالب قيادة القوات المسلحة المصرية بعزل مرسي فورا تنفيذا لأمر الشعب مصدر السلطات. وقال: "إننا لا نرغب فى إضاعة وقت أكثر ونريد بناء مصر القادرة على التقدم والازدهار"، مؤكدا على ضرورة تشكيل مجلس يضم كل أطياف المجتمع لتقرير مصير هذا الوطن وتحديد خطة واقعية لبناء هذا الوطن. المحافظين والتيار الشعبي وفي المقابل أشاد حزب المحافظين ببيان القوات المسلحة على لسان الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع بشأن مسئولية القوات المسلحة لتحقيق المستحيل من أجل الشعب. وأكد اللواء عاصم جنيدى أمين عام حزب المحافظين أن تصريحات السيسى أثلجت صدور المصريين ونجحت فى بث الطمأنينة بقلوبهم وتجعل الإخوان المسلمين يفكرون ألف مرة قبل التلويح أو استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين. ومع ذلك يرى جنيدى ان الأمر ما يزال بيد الرئيس محمد مرسي حيث شدد على ضرورة اتخاذه قرارات حاسمة الليلة بالإستجابة لمطالب الشعب المصرى. في حين توجه التيار الشعبي بتحية للجيش المصري العظيم الذي أثبت أنه جيش الشعب بإعلانه انحيازه لمطالبه واحترامه لإرادته التي أعلن عنها الشعب في الميادين، إلا أنه أكد أن الخطر ما يزال قائماً، لذا فإنه يدعو ملايين المصريين إلى الاحتشاد في الشوارع والصمود السلمي، حتى تتحقق كامل مطالبهم، معتبراً أن ذلك الاحتشاد المليوني الحضاري السلمي يشكل أكبر حائط صد في مواجهة أي عنف قد تدبره أطراف آثمة تسعى لاستغلال الأحداث لإشاعة الفتنة. ويُثمن التيار الشعبي في ذات الوقت الرؤية الصحيحة والتقدير الواعي الذي أعلنه الجيش المصري، باستشعاره خطورة الظرف الراهن وتبعات إهدار الوقت، وما قد ينتج عنه من تفاقم الانقسام والتصارع، وتحديد موقعه من الأزمة بأنه لن يكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم. تجرد وتمرد ويصف القذافي عبدالرازق، المسؤول التنفيذي لحملة تجرد، التي تدعو لجمع التوقيعات للدفاع عن شرعية الرئيس محمد مرسي، خطاب الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ب "المعتدل". ويرى عبدالرازق أن الخطاب لا يعد انقلاباً ولا يشير إلى أي انقلاب مؤكداً أن الأمر لا يعدو مجرد مهلة أعطاها السيسي للناس من أجل نشر الأمن وحماية المواطنين الموجودين في الميادين من وجود عناصر مندسة حولهم. وأضاف مسؤول حملة تجرد في تصريحات صحفية: "الفريق السيسي اجتمع بقيادات الجيش، ولم يكن اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك لعدم حضور الرئيس محد مرسي، ولابد من وجود تنازلات لحماية الجميع، والبيان معتدل ولا توجد به أخطاء". ومن جهتها أعلنت حركة تمرد في مؤتمر صحفي عن ترحيبها ببيان الجيش، وأكدت أن البيان معناه الوقوف مع مطالب الشعب، ما يعني إجراء انتخابات مبكرة. رابعة والاتحادية وفي الوقت الذي دعت فيه منصة رابعة العدوية المتظاهرين للاحتشاد أمامها، مرددين الهتافات المؤيدة للرئيس محمد مرسى، وجماعته، والمناهضة للتحرير عقب إلقاء بيان القوات المسلحة، وسادت حالة من الاستياء الشديد بين المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية بعد سماع البيان، حيث ذكر أحد المتظاهرين أن هذا الخطاب دليل على إسقاط شرعية مرسى، وإسقاطه من الرئاسة، وإن الجيش سوف يقوم بالقيادة، وهذا ما يريده متظاهرو التحرير، مؤكدا أنهم لن يسكتوا على ما حدث؛ لأنه دليل على أن الجيش يقف بجانب متظاهري التحرير. وعلى الجانب الآخر، نجد ارتفاعا في أعداد المتظاهرين أمام قصر الاتحادية بصورة كبيرة بعد بيان القوات المسلحة حيث تخطت الأعداد عشرات الآلاف الذين امتد تواجدهم من بداية شارع الميرغنى وحتى نهايته من ناحية شارع الخليفة المأمون وشارع الاهرام أمام بوابة 4 لقصر الاتحادية وحتى شارع ابراهيم اللقانى. وحمل المتظاهرون اللافتات المطالبة برحيل الرئيس محمد مرسى ورحيل نظام الاخوان المسلمين وأخرى مطالبة بمحاكمة النظام لقتله الشهداء، وشارك فى التظاهرات أعداد كبيرة من العائلات والاطفال وانتشر العديد من كبار السن الذين حرصوا على المشاركة وأعداد كبيرة من الاطفال بصحبة أهاليهم، وأكد المتظاهرون على استمرارهم فى الشارع حتى نهاية مهلة الساعات الثماني والاربعين ورحيل النظام، مشددين على أن ما حدث هو ميلاد جديد لمصر. موسى يرحب والسادات يشيد وأعلن عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، عن ترحيبه ببيان القوات المسلحة وانحيازها لمطالب الشعب، لافتاً إلى أن هذا هو الدور الذي تتعلق به آمال الجماهير للحفاظ على وحدة الوطن وسلامته. وأضاف موسى في بيان له: "إن ضياع مزيد من الوقت سيزيد الأمور سوءاً، وإن الدعوة لتلبية مطالب الشعب خلال الساعات القليلة القادمة هي فرصة تاريخية لا يجب إضاعتها". ومن جانبه، أشاد الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطي، بالبيان الصادر عن القوات المسلحة والذي منحت فيه القوى السياسية والرئاسة مهلة 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب، وإلا فإنها ستتخذ إجراءات فورية لوضع خارطة طريق المرحلة المقبلة. وأكد السادات إلى أن القوات المسلحة والفريق السيسي لم يخذلوا الشعب المصري الذي خرج بالملايين في شوارع القاهرة والمحافظات بأعداد غير مسبوقة للمطالبة بإسقاط حكم الإخوان المسلمين الذي فشل فشلاً ذريعاً خلال الفترة الماضية. منع تهريب الأموال وفي ذات الوقت، أثنى د.عصام أمين الامين العام لحزب مصر الثورة على البيان مؤكداً انحيازه للجيش والشرطة والشعب ومشدداً ضرورة أن يكون الجميع يداً واحدة لآخر الزمن لتحقيق مطالب ثورة 25 يناير من العيش والحرية والكرامة الانسانية وتعبيرا عن الوحدة الوطنية ضد أى غزو إخوانى . وفي الوقت نفسه طالب د.عصام امين، الأمين العام لحزب مصر الثورة، الرئيس محمد مرسي بأن يحقن دماء المصريين من الطرفين سواء معارضيه ومؤيديه وأن يتنحى فورا بعد خروج هذه الحشود المطالبة برحيله عن الحكم، كما طالب الامين العام للحزب رئيس البنك المركزي بحظر خروج وتهريب أى أموال فى ذلك الوقت لعدم تهريب أموال الدولة كما حدث فى 28 يناير 2011. بيان عتاب وتهديد ومن جهته اكد الدكتور شعبان عبد العليم الامين العام المساعد لحزب النور وامين بنى سويف، في بيان اليوم الإثنين، ان البيان الذى اذاعه الجيش يعكس قلق القوات المسلحة على الامن القومي المصري وحرصه على منع انهيار مؤسسات الدولة و تمكنه من حقن الدم المصري. موضحا أن البيان جاء فيه عتاب شديد للقوى السياسية المعارضة لعدم تفاعلها مع المهلة السابقة كما جاء في البيان، مشيرا إلى انه رسالة واضحة وصريحة إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب تقوم القوات المسلحة بعمل خارطة طريق تقوم على تنفيذها وأمهل الفرقاء السياسيين مهلة 48 ساعة واذا لم يتم شئ فسندخل في سيناريو ادارة القوات المسلحة للمشهد مرة أخرى.