نقلا عن/ القدسالفلسطينية20/07/07 يحق لكل متتبع لمجريات الامور على مسرح الحياة السياسية في الشرق الاوسط ان يلحظ تقاربا عاطفيا بين ثلاثة من اهم المساهمين في الاحداث السياسية وهم جورج دبل يو بوش , رئيس الولاياتالمتحدة واهم دول العالم بدون منازع حقيقي , وايهود اولمرت- رئيس حكومة اسرائيل, ومحمود عباس, رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. واول سؤال يفرض نفسه على المراقب في مثل هذه الحالة هو : - ما هو هو مصدر هذا التقارب بين هؤلاء السادة ؟ والرد الحاسم على هذا السؤال هو ان مصدر هذا التقارب ليس حبا من النظرة الاولى, فقد سبق لهم اجراء اكثر من لقاء على مدى السنوات الاخيرة, ولم يتم لاحد ان لاحظ انجذابا بين الفرسان الثلاثة حتى الان, ولن اضيف لهذا التوصيف كثيرا من التعابير والملاحظات السلبية التي تهامس بها كافة القادة على حساب الاخرين من افراد الثلاثية. اذن علينا ان نبحث فيما حدث مؤخرا عن السبب وراء هذه الظاهرة الجديدة نسبيا, واغلب الظن ان وراء التحول في مواقف بوش واولمرت من ابو مازن هو ما اتفق عليه كافة عقلاء المراقبين للنشاط السياسي وهو ان طبقة رجال الحكم من كل شعب ولون تتصرف ويجب ان تتصرف طبقا لمصالحها ( وبعيدا عن اهوائها!). وبما ان الانقلاب الغريب في قطاع غزة كان بمثابة البصمة التي تدمغ وثيقة الفشل النهائي لسياسة الولاياتالمتحدة ( بتشجيع من اسرائيل واصدقاء اسرائيل) والقائلة بان القوة العسكرية قادرة على جعل الولاياتالمتحدة تفرض نفسها على افغانستان, والعراق, وايران, وسوريا, والصومال, وجنوب لبنان وشماله، وبعد الانقلاب في غزة , والهزة الارضية التي اصابت نظام برفيز مشرف في باكستان على اثر احتلال المسجد الاحمر, اضطرت واشنطن الى قلب جدول اعمالها والبحث عن خطة بديلة تقوم بخلط عناصر سياستها في المنطقة والقيام بمحاولة لمواجهة الازمة التي تعدت الافق. ويظهر ان السياسة الجديدة تعتمد نصوصا جديدة بصورة نسبية, ولكنها غير غريبة على تاريخ العلاقات الاميركية- الاسرائيلية. لقد كانت الولاياتالمتحدة, حكومة وشعبا, تدعم الدعوة لقيام دولة يهودية في فلسطين وذلك لاسباب سياسية,عاطفية وثقافية. ولكن هذا الدعم اقتصر على الاعتراف الدبلوماسي, بعد تأييد قرار التقسيم, وبعض المساعدات المادية. ولكن هذا الدعم لم يقف على طريق الرئيس ايزنهاور في مطلع الخمسينات حين امر رئيس حكومة اسرائيل دافيد بن غوريون بصورة علنية ان يمتنع عن التحرش بسوريا بتحويل نهر الاردن في منطقة الحولة من موقع كان موضع خلاف مع سوريا. وبعد سنوات قليلة, وغداة العدوان الثلاثي على مصر عاد ايزنهاور وفرض على بن غوريون ان ينسحب من شبه جزيرة سيناء وكان له ما اراد. ولكن واشنطن وقعت في غرام اسرائيل بعد انتصارها في يونيو1967 ,فحولتها الى حليف عسكري,وزودتها بكل ما احتاجته من الاموال والخبرات, والاسلحة ( والغطاء الدبلوماسي في الاممالمتحدة!). بل لقد وصل الامر بخبراء في اسرائيل الى التساؤل »ان كان الكلب الاميركي يحرك ذنبه الاسرائيلي , او ان الذنب يحرك الكلب!«. واليوم وبعد ان نجحت سياسة واشنطن في فوعان خلايا النحل المنتجة للعسل, واثارة عدوانيته من جذب اسامة بن لادن و حتى سقوط جنودها في حقول الافيون في افغانستان, وغرقهم مع هيبة اميركا في وحول العراق, ونجاح حلف حماس- ايران في اختطاف ابناء قطاع غزة رهينة للجوع والفاقة وجعلهم طعما لفرض مواقف هذا التحالف على واشنطن واوروبا. ومن هذا جاءت محاولة بوش للقيام بهجوم معاكس ومحاولة اطفاء مصادر اشتعال النيران. ومن هنا التقت مصالح بوش مع اولمرت المأزوم مثله لتدني شعبيته طيلة العام الاخير بعد فشل حملته العسكرية على لبنان. ورأى اولمرط انه من خلال استجابته لمطالب بوش يستطيع خفض الضغط الشعبي والبرلماني المعادي- اذ لايعقل مثلا ان ينسحب حزب العمل من حكومة داعية السلام الجديد !. وكذلك الامر بالنسبة للجنة فينوغراد التي ستنشر على الناس تقريرها النهائي حول المسؤولية عن حرب لبنان الثانية وما رافقها بعد موسم العطلات الصيفية في حين تكون فيه حكومة اولمرط في عز الاستعدادات للمؤتمر الدولي للسلام. وهكذا وجد ابو مازن نفسه في اوضاع مثالية قدمت له فرصة لم تلح له في الافق القريب,وابرز ملامحها ثورة الانظمة العربية المجاورة ضد »حماس« والانقلاب وظهور مبادرة السلام العربية من جديد, ويجدر بالرئيس عباس ان لا يتأخر في استغلالها- واول البنود التي تحتاج الى معالجة وعلاج, وهي مشكلة الاسرى والمطلوبين- تظهر جلية على جدول الاعمال ولكن هناك مشكلة لا تقل عنها الحاحا وهي مشكلة الاستيطان في الضفة الغربية. ويجدر بنا ان نذكر بان هذه المشكلة تاتي ضمن مطالب بوش نفسه في خطابه الاخير والذي طالب فيه حكومة اسرائيل ان تقوم بتنفيذ وعود قطعتها على نفسها لحكومته باخلاء مئات المستوطنات غير القانونية. وحين يتم ذلك يحق لنا ان نتوقع بعض التحولات في الاجواء السياسية الشعبية وارتفاع منسوب التفاؤل على مختلف المستويات, والبدء في بحث الامور السياسية الكبرى, مما يقرب موعد الاقتراب من بزوغ الفجر.