لا يصلح تبريرا لوجود الفساد في مصر أن يستهل كل مسئول حديثه بأن الفساد موجود في معظم دول العالم! لان الفساد شاع وانتشر في مصر لاسباب تخص مصر. الي حد ان أصبحت مصر ضمن الدول الاكثر فسادا, يأتي ترتيبها112 من193 دولة وهي في حالة تراجع مستمر, اي ان الفساد يكبر يوما وراء يوم وينتشر مثل السرطان علي كافة المستويات من قمة الرأس الي اخمص القدم.., هذه هي اولي الحقائق الصادمة التي أظهرها مؤتمر علمي ضخم نظمته جامعة عين شمس, وشارك فيه عدد كبير من خبراء الاجهزة الرقابية ومسئوليها, وعدد من الوزراء والمسئولين, كما شارك فيه31 دارسا قدموا بحوثا متنوعة تناولت كل عناصر الظاهرة, كما تناولت دور أجهزة الرقابة في مكافحتها. الحقيقة الثانية, انه برغم تعدد اجهزة الرقابة وكثرتها, يضرب الفساد أطنابه في كل مكان بسبب تضارب هذه الاجهزة وتنافسها غير المحمود وعدم تشاركها في المعلومات, ولانها لا تملك استقلالا حقيقيا عن السلطة التنفيذية يمكنها من إقامة الدعوي دون استئذان الوزير او الغفير, وفي احسن الاحوال يتم اعتبار جرائمها مجرد مخالفات ادارية, واكثر المناطق فسادا طبقا لترتيب التقارير الرسمية, مصلحة الجمارك ثم الهيئة العامة للبترول, فوزارة الداخلية وأجهزة المدن الجديدة. الحقيقة الثالثة, ان ضخامة البيروقراطية المصرية التي تشكل اكثر من6 ملايين موظف وعامل تمثل أحد الاسباب الرئيسية لفساد الصغار في ظل تعقيد الاجراءات وصعوبتها, والرغبة في الابقاء علي بعض المناطق المظلمة التي يصعب علي المواطن التعامل معها, وفي المناطق المظلمة يعشعش الفساد وتنتشر الرشوة, يساعد علي ذلك ضعف الرواتب والاجور, وإحساس الموظف العام بانه سيتقاضي راتبه, سواء عمل ام لم يعمل, والاهتمام بدورة المستندات الورقية بصرف النظر عن الواقع الفاسد. الحقيقة الاخيرة ان عائد الفساد في غضون شهور معدودة ضخم ومخيف,60 الف طن من الاغذية الفاسدة, و18 الف طن من الوقود المدعوم المهرب, و7 مليارات جنيه فاقدا من فساد الجمارك و70 مليار جنيه فواقد رؤوس الاموال بسبب الجريمة والتهرب الضريبي والرشوة, جعلت مصر تحتل المركز الثاني بعد نيجيريا ضمن5 دول هي الاعلي في رؤوس الاموال غير المشروعة..! هذا هو فساد الصغار فماذا عن فساد الكبار؟! * نقلا عن صحيفة الاهرام