أكد المجلس القومى لحقوق الإنسان على ضرورة تفعيل القانون وإنفاذ مواده وتطبيقه على جميع المواطنين مما يرسخ في نفوسهم شعورهم أن الجميع أمام القانون سواء، وأن يتم الانتهاء من سير التحقيقات الخاصة بأحداث الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في أسرع وقت ممكن وإعلان نتائجه. وتضمنت التوصيات الصادرة عن تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها المجلس لبحث هذه الأحداث أهمية إلزام جميع أجهزة الدولة بتفعيل مواد الدستور والنصوص القانونية بتطبيق العدالة الاجتماعية على جميع المواطنين بدون اعتبار للون أو الجنس أوالدين بما يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية. وذكر التقرير الصادر عن المجلس اليوم الثلاثاء أن تحقيق العدالة الاجتماعية كفيل بالقضاء على الشعور بالاضطهاد والقضاء على ما يمكن أن يؤدى إليه من عنف وعدم انتماء. وطالب التقرير بتغيير الخطاب الدينى ومتابعة ما يتم بثه للمواطنين عبر المنابر فى المساجد أو الإجتماعات فى الكنائس، ومد الجسور واللقاءات الدورية المثمرة بين الأزهر والكنيسة لتعميق مفهوم المواطنة والانتماء للوطن، ونبذ كل ما يحض على الكراهية والطائفيه. كما أوصى بتعديل المناهج الدراسية بمراحل التعليم المختلفة حتى يتسنى تنشئة جيل جديد ينبذ العنف والكراهية ومؤمن بالانتماء للوطن وقادرعلى النهوض به. واستعرض تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن أحداث الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الجوانب المختلفة للأحداث من خلال استقصاء على أرض الواقع، حيث التقت لجنة تقصي الحقائق بشهود العيان فى الأحداث من مواطنين وأصحاب المحال التجارية المحيطة بالكاتدرائية وقاطنى العقارات المطلة عليها. كما انتقلت للمستشفيات التى تلقت المصابين وهما مستشفى القبطى والدمرداش، وتوجهت إلى مقر نيابة الوايلى للوقوف على ملابسات الأحداث ومقابلة مسئولى وزارة الداخلية. ورصد التقرير تحرك وعمل لجنة تقصى الحقائق ,حيث ذكر أن البعثة قامت بلقاء مسئول قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، ومدير إدارة التواصل المجتمعى بقطاع حقوق الإنسان اللواء أبو بكر عبد الكريم، واللذين أفادا بضرورة توجيه خطاب من رئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن طلب المعلومات التى لدى الوزارة عن تلك الأحداث، وذلك لعرضه على السيد اللواء وزير الداخلية لإرسال المعلومات الكاملة والموثقة عن تلك الأحداث إلى المجلس. واستخلص تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن أحداث الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، عددا من الملاحظات أرجعها إلى رصده للواقع الذى يعيشه الشارع المصرى، وأهمها أن هناك شعورا عاما لدى المواطنين بفقدان سيادة القانون وهو شعور يمكن أن يدفع إلى انجراف المواطنين لنعرات العنف والطائفية والقبلية دون خوف من وازع أو رادع، وذلك بحسب وصف التقرير. كما أبرزت الملاحظات عدم قيام المؤسسات الدينية بالدور الواجب عليها من تهذيب النفوس وصبغتها بسماحة الأديان، ونبذ التطرف وتعميق الإنتماء للوطن للقضاء على البواعث الآثمة التى تكمن داخل الصدور وأصبح دورها يتلخص فى عدد من البيانات والإدانات اللاحقة على أى حدث أو فعل يكدر السلم والصفو العام المجتمعى. وأكدت الملاحظات أن هناك حقائق لا يمكن إغفالها أبرزتها هذه الأحداث، وأهمها على الإطلاق كمية السلاح الذى أصبح الحصول عليه لا يشكل أى عناء للمواطن فى ذلك بل وصل الأمر إلى أن الحصول على السلاح أصبح أخف وطأة على المواطن من عناء الحصول على رغيف الخبز. وأبرز التقرير مدى قصور الفهم الأمنى فى التعامل مع الأساليب المستحدثة من الاضرابات والاعتصامات، وكذا أحداث العنف الجماعى التى استجدت على الشارع المصرى. ووضع التقرير مقدمة تاريخية لظاهرة الفتنة الطائفية فى مصر وهى الفتنة وفقا للتقرير- التى فجرتها الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 والتى كانت علامة فارقة فى تاريخ مصر والمنطقة العربية الا إنها كانت مفجرة شرارة الفتنة الطائفية التى مازالت تعانى منها مصر حتى الآن. وأشار التقرير الى أن الفتنة الطائفية تعد من أعقد الملفات الداخلية التي تواجه الحكومات المصرية على مر العصور، وجددت الاشتباكات الدموية الأخيرة بين المسلمين والمسيحيين في مصر مخاوف الصراع الطائفي الذي يهدد الوحدة الوطنية المطلوبة للإنتقال الديمقراطي والإقتصادي في البلاد . وأوضح أن وقائع أحداث الكاتدرائية كشفت بما لايدع مجالا للشك فى أن السبب الحقيقي لهذه الفتن في مصر، هو تنامى واقع الإضطهاد الدينى والطائفية في المقام الأول، ففي كل مرة كانت تثور فيها فتنة طائفية كانت ثمة دوافع تقف خلفها متعلقه بشعور عام بالإضطهاد أو على الأقل تكون هناك أسباب تطويها الصدور متعلقه بحقوق للأقباط يعجزون عن الحصول عليها وأيضاk دوافع لدى بعض المسلمين من ضعاف الدين والفكر تجعلهم يندفعون وراء نداءات الطائفية. وتناول التقرير الوقائع التى شهدتها مصر بعد الثورة فأكد أن الفتنة الطائفية قد أصبحت أخطر وأنكى أدوات الثورة المضادة، ومن أكبر معاول هدم استقرار وأمن البلاد التي تعاني بالفعل اضطراباً واهتزازاً داخلياً من جراء التخلص من آثار العهد البائد. وذكر التقرير أنه رغم المشهد الوطني الرائع الذي سجله ثوار التحرير في التعايش المشترك ووحدة الهدف والمصير، إلا أن المشهد سرعان ما تحول إلى صورة درامية ومأساوية ترجمت في عدد من مشاهد للفتنة في نواحي متفرقة من البلاد، فسالت الدماء وأزهقت الأرواح وإحترقت البنايات، وتفسير الأمر على أنه مجرد عداوة دينية يدفعنا لا محالة نحو هاوية التقسيم الجغرافي على أساس ديني مثلما حدث بين الهند وباكستان قديماً وشمال السودان وجنوبه حديثاً. وأكد التقرير أن درأ هذه الفتن مرتبط أساسا بداية بالتطبيق الصارم للقانون على الجميع والعقاب الرادع لمن تسول له نفسه تقويض الوحدة الوطنية، وعدم غض الطرف عن مسببات الإحتقان الطائفى والذى يظهر جلياً في إنفعالات الأفراد فور حدوث أى خلاف، هو الحل الأمثل لمنع تصاعد الصراع الطائفي. كما إستعرض التقرير فى ختامه خلفية الأحداث التى وقعت في يوم الجمعة الموافق 5 إبريل 2013، كانت بقيام مجموعة من الصبية المسيحيين برسم الصلبان على جدران معهد ديني في مدينة الخصوص بالقليوبية قرب القاهرة ما أدى الى وقوع مواجهات دموية خلال الليل بين عائلتين إحداهما مسلمة والأخري مسيحية أسفرت عن مقتل (5) أشخاص مسيحيين و(1) مسلم، وإصابة العشرات من الجانبين، وما تلتها من أحداث عنف إندلعت أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (الكنيسية الرئيسية في العاصمة المصرية)، عقب تشييع آلاف الأقباط لجثامين أربعة مسيحيين لقوا مصرعهم في أحداث العنف الطائفي بالخصوص . وفور وقوع هذه الأحداث أصدر المستشار حسام الغريانى رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان قرارا بتشكيل لجنة تقصى حقائق تشكلت من فريق عمل بالمجلس مكون من أحمد جميل، محمد طلعت رامى علام .