بين أعداد قديمة من مجلتي «اللطائف المصورة» و«المصور»، فضلاً عن الموقع الرسمي للنادي الأهلي علي شبكة النت، نقلب في صفحات من تاريخ النادي الأهلي ومسيرة تأسيسه بدءاً من نادي طلبة المدارس العليا الذي كان يشكل مصدر قلق لسلطات الاحتلال البريطاني لمصر، فقد كان الزعيم مصطفي كامل يلقي فيه خطبه النارية فيشعل حماس الشباب، فرأت سلطات الاحتلال أن إنشاء نادٍ رياضي آخر هو أفضل الطرق لسحب البساط من تحت أقدام نادي الطلبة، وشغل الشباب بالرياضة لإلهائهم عن السياسة، غير أنهم لم يفلحوا، غير أن مجموعة من الوطنيين قد قطعوا الطريق علي سلطات الاحتلال وأخذوا زمام المبادرة فتلقفوا الفكرة واضطلعوا هم بالمهمة، ومضوا يؤسسون لنادٍ رياضي بأموال وسواعد مصرية، فكان النادي الأهلي الذي ما لبث أن تحول إلي نادٍ سياسي ووطني، فضلاً عن كونه ناديا رياضيا، كان ذلك في عام 1907م أي قبل قرن من الآن. أما الفكرة فقد كانت لعمر بك لطفي، ولذلك فقد كان أحد مؤسسي النادي وعضو اللجنة الإدارية العليا في 24 أبريل 1907. ويعتبر تاريخ انعقاد أولي جلسات اللجنة الإدارية العليا هو تاريخ الميلاد الفعلي للنادي، وكان عمر لطفي قد عرض فكرة إنشاء النادي علي مجموعة من أصدقائه فتحمسوا للفكرة، وفي «الحزب الوطني» - حزب الزعيم مصطفي كامل آنذاك - اجتمع المؤسسون وقرروا تأسيس شركة يبلغ رأسمالها خمسة آلاف جنيه علي شكل ألف سهم قيمة السهم خمسة جنيهات. وكانت اللجنة الإدارية العليا «مجلس الإدارة» عند تأسيس النادي قد اختارت مستر «ميتشل أنس» الإنجليزي كأول رئيس للنادي الأهلي لاستثمار نفوذه لدي البريطانيين لتسهيل الإجراءات والحصول علي أرض لإنشاء النادي عليها، وكان ميتشل هو أول رئيس للنادي وعقد أول اجتماع لمجلس الإدارة في الرابع والعشرين من أبريل عام 1907م، في منزل مستر ميتشل بالجيزة برئاسة وعضوية راغب بك وسري باشا وأمين باشا سامي وعمر بك لطفي ومحمد أفندي شريف سكرتيراً، وفي الاجتماع الثاني طرح إسماعيل سري باشا الرسم الهندسي لتصميم المبني الرئيسي للنادي، فيما عرض عمر بك لطفي عقد الشركة وقد وافق المؤسسون علي إنشاء شركة مدنية باسم «النادي الأهلي للألعاب الرياضية»، ووقع المؤسسون علي العقد، وطرحوا أسهم الشركة للاكتتاب في 26 مايو 1907. وفي الثالث عشر من يونيو عام 1907 عقدت اللجنة الإدارية العليا اجتماعاً لمناقشة الاحتياجات المالية اللازمة التي طرحها إسماعيل سري باشا علي النحو التالي: تكاليف إنشاء المبني «1800 جنيه»، وإصلاح الأرض للعب «240 جنيهاً» والمنقولات «200 جنيه وإنشاء ملعبين للتنس «240 جنيهاً»، وإنشاء ملعبين احتياطيين «220 جنيهاً»، وفي الجلسة ذاتها تقرر نقل حساب النادي من البنك المركزي إلي البنك الأهلي، وتعيين شركة محاسبة لإدارة حسابات النادي، وكان اسم هذه الشركة «راسل كوردويت». وعلي مدي عام لم يمكن جمع سوي «3150 جنيهاً فقط» في حين كان المطلوب خمسة آلاف، مما دفع إدارة النادي للاقتراض لاستكمال المبلغ المطلوب وكانت قيمة أول قرض ألف جنيه من البنك الأهلي، وفي 19 يونيو عام 1907 تسلم الجيل الأول من أبناء النادي الأهلي الأرض من مصلحة أملاك الدولة وكانت مساحتها أربعة أفدنة وثمانية قراريط وسبعة عشر سهماً، حصل عليها المؤسسون بإيجار رمزي قدره «قرش صاغ واحد» سنوياً ولمدة عشر سنوات. وبعد سفر مستر ميتشل باشا لبلاده تم اختيار عزيز عزت باشا رئيساً لمجلس الإدارة، وفي السابع عشر من ديسمبر 1908م قرر المؤسسون الإعلان عن قرب افتتاح النادي الذي كان في يناير عام 1909 وتم توزيع استمارات الاشتراك علي نادي طلبة المدارس العليا، وفي 26 فبراير عام 1909 أقيم حفل الافتتاح الرسمي للنادي في مبناه الرئيسي، وفي عام 1922م دخلت الكهرباء للنادي، وكان قبل ذلك يضاء بالفوانيس، وكانت حديقته تضاء بالغاز، وكان دخول الكهرباء للنادي قد تكلف 52 جنيهاً. وفي عام 1923 كانت أسرة راتب قد تقدمت بطلب لإدارة النادي يفيد برغبتها في التبرع ببناء صالة كبري وغرفة لخلع الملابس علي نفقتها بتكلفة إجمالية قدرها أربعمائة جنيه وحملت هذه الصالة اسم «راتب» وهي التي كانت تقام فيها حفلات للأسرة المالكة. وفي الرابع من يناير 1924 اتخذت الجمعية العمومية قراراً مفاجئاً لسلطات الاحتلال، إذ قررت طرد الأعضاء الأجانب من عضوية النادي، وصدر قرار بهذا عام 1925م وفي عام 1929م أصبح النادي الأهلي يخضع لرعاية صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول.. كان ذلك في عهد رئاسة جعفر والي باشا للنادي الأهلي. أما شعار النادي فقد تم تصميمه في 13 نوفمبر 1917 وكان مصممه هو «محمد شريف صبري بك» عضو النادي وخال الملك فاروق، وكان الشعار قديماً مزيناً بتاج الملك في الطرف الأعلي، أما المبني الاجتماعي فكانت فكرة إنشائه لعضو النادي محرم باشا سنة 1945 وتم افتتاحه في 14 ديسمبر 1968وفي الخامس عشر من مارس عام 1940 تم تعديل اسم النادي من «النادي الأهلي للألعاب الرياضية» إلي النادي الأهلي للرياضة البدنية. وكان لقب كابتن النادي ل«محمود مختار التتش» الذي قاد منتخب مصر طوال عشر سنوات وقرر الاعتزال وهو في مجده عام 1940 ويعود له الفضل في إرساء القيم الرياضية والأخلاقية في النادي وتعميق روح الانتماء والولاء في نفوس اللاعبين. وعن قصة اختيار اللون الأحمر لفانلة النادي الأهلي والشورت الأبيض فتعود لعام 1911م، وكانت الفانلة مخططة طولياً بخطوط حمراء عريضة تتخللها خطوط بيضاء، ثم تطورت فأصبح نصفها أحمر والآخر الأبيض «طولياً» إلي أن استقر الأمر علي أن تكون الفانلة كلها حمراء ذلك لأنه كان لون العلم المصري «وهو العلم العثماني» في فترة حكم الخديو عباس حلمي الثاني أما اللون الأبيض فكان لون الهلال والنجوم الموجودين علي العلم. يذكر أن أم كلثوم كانت نجمة حفلات النادي الأهلي في الأربعينيات والخمسينيات وكان الأهلي يستفيد بالدخل للصرف علي الأنشطة، لكنه كنادٍ وطني كان يساهم أيضاً في مشروعات خيرية مثل مشروع يوم المستشفيات عام 1943 حيث تبرع بمائتي جنيه، وكان الملك فاروق يحضر حفلات أم كلثوم حتي إنه أنعم عليها بوسام الكمال في عيد الفطر عام 1946، وفي 17 يناير 1956 كان الرئيس عبدالناصر هو الرئيس الشرفي للنادي. وقد قبل هذا تقديراً للدور الوطني الذي لعبه النادي في مساندة الثورة وتدريب الفدائيين، وكان ناصر قد زار النادي في أكتوبر عام 1960 وشاهد مبارة دولية في الهوكي وكان عبود باشا آنذاك هو رئيس النادي. وبعد عزيز عزت باشا تعاقبت علي النادي مجموعة من الرؤساء كانوا كالتالي: «جعفر والي باشا» و«محمد طاهر باشا» و«أحمد حسنين باشا» و«أحمد عبود باشا» و«صلاح الدين دسوقي الششتاوي» والفريق أول عبدالمحسن مرتجي» و«إبراهيم الوكيل» ثم «صالح سليم» وهو الرئيس الحادي عشر للنادي، وظل رئيساً له علي مدي ست دورات من الرابعة عشرة إلي الدورة العشرين باستثناء الدورة السادسة عشرة،التي كانت من نصيب عبده صالح الوحش، وكانت الدورة الأخيرة لصالح سليم قد انتهت عام 2002 ليشغل منصب الرئاسة الكابتن حسن حمدي، وتظل مرحلة الستينيات في النادي الأهلي من مراحله الذهبية، وقد نسيها تماماً بعض المؤرخين في رصدهم مسيرة الأهلي، ويمكن تصنيف المسيرة الكروية للنادي عبر أجيال متعاقبة وأسماء بارزة في هذه المسيرة، ومن هذه الأسماء مختار التتش ومن بعده توتو ثم جاء الجيل الذهبي الذي كان من نجومه: عادل هيكل وصالح سليم ومكاوي وفؤاد صدقي وصبحي أبوالمعاطي وعبدالجليل، ولقد حقق هذا الجيل الكثير من بطولات النادي في الداخل والخارج.