نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرا تحت عنوان " مصر تحتاج لما هو اكثر من قرض صندوق النقد " و تؤكد فيه ان القرض ما هو الا جزء يسير من الحل الذى يكمن اساسا فى داخل قلب المعترك السياسى و فصائله المختلفة .. فمع التوافق و وقف الصراع و الاستقطاب يكمن الحل . و تقول الصحيفة ان مصر الان تتأرجح على حافة الهاوية الاقتصادية ، و كلا من الإخوان المسلمين وشركائهم الغربيين يعلقون آمالهم للانقاذ في اللحظة الاخيرة على قرض 4.8 مليار دولار الذى طال انتظاره من صندوق النقد الدولي. لكن في سيناريو يتكرر في كثير من الأحيان ، وفى أفضل الأحوال، فإن القرض سيساهم فى إلغاء الحظر الواسع على حزمة من التعهدات بالتمويل الخارجي مما يسمح بتدفق نحو 14.5 ملياردولار إلى البلاد. على نفس القدر من الأهمية، فإن التزام القاهرة بتدابير التقشف التي يحددها الصندوق، بما في ذلك زيادة ضريبة المبيعات وخفض دعم الوقود، واستعادة الثقة في الاقتصاد قد تؤدي إلى استئناف الاستثمار وخلق فرص العمل. ويعد الدعم السياسي المحلي هو أمر حاسم لنجاح هذا السيناريو، بل هو شرط مسبق لمنح القرض المنصوص عليها في صندوق النقد الدولي. و بتامل المسيرة السياسية في مصر منذ قيام ثورة 2011 نجد ان كل خطوة في مرحلة انتقال البلاد تؤدى إلى مزيد من الصراع والاستقطاب الاعمق بين الإسلاميين وخصومهم. ومع الاعلان عن موعد الانتخابات البرلمانية أبريل المقبل فمن السهل التكهن بانه لا شيء مختلف ينتظرنا. مصر بحاجة إلى قرض صندوق النقد الدولي، ولكن أكثر من ذلك تحتاج إلى توافق حقيقى في الآراء السياسية حتى تتمكن من تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية الصعبة والتعامل مع غيرها من العواقب التي من شبه المؤكد ستؤدى لزعزعة الاستقرار على المدى القصير. وعبء خلق هذا التوافق يقع فقط على كاهل الرئيس مرسي ، والإخوان المسلمين كاكبر قوة سياسية في البلاد وهما من سيتحمل تبعية ومسئولية الفشل الاقتصادي.. فالإخوان يأملون فى انتخابات ابريل بانها سوف تسمح لهم بتشكيل الحكومة التى سيكون منوط بها تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي. وهنا نقول انه في اى عالم مثالي، يمكن اقناع سكان مصر مع ديمقراطيتهم الوليدة بابتلاع الدواء المر لدفع فاتورة الإصلاح حتى يتمكنوا من الانتقال إلى مستقبل افضل ، لكن كل الإصلاحات اللازمة تمثل خطر و مخاطرة اكيدة فى دولة فقيرة تعانى من انقسامات عميقة وحالة من التغير السياسي المستمر. ومن ابرز الاصلاحات المطلوبة تخفيف البروقراطية واعادة هيكلة قوة الشرطة الوحشية التى تعانى نقص الكفأة ، فضلا عن تنفيذ نظام فعال لضمان أن تصل السلع المدعومة للفقراء. وفي هذا الجو، نجد ان أعداء الرئيس مرسي و هم عديدين و من بينهم فلول النظام السابق، الذين يتربصون لضمان أن أي إجراءات صعبة سيتخذها ستأتي بنتائج عكسية ضده. لذا فان الامل فى تحقيق الاستقرار، الذى من شأنه أن يعيد السياح والمستثمرين، قد يكون بعيد المنال حتى بعد الانتخابات وقرض صندوق النقد الدولي. حتى الآن، يسعى الإخوان لاستبعاد تحالف جبهه الخلاص العلمانية المعارضة و اضعافها والسعي لتقسيمها و تفكيكها ونزع الشرعية عنها. وعندما دعوا المعارضين لمحادثات، جعلوها مناسبة لالتقاط الصور دون أي تأثير على صنع القرار السياسي. بل إن الاخوان سعوا أيضا لاصدار تشريعات أكثر صرامة وتقييدا للحد من الاحتجاجات وتاثير جماعات المجتمع المدني . التحدي الحقيقي الآن، و كما يقول المراقبون، هو استعادة الرئيس للثقة في قيادته ، ولتحقيق ذلك فإنه لن يكون كافيا لجماعته الفوز في الانتخابات البرلمانية.. و يقول مايكل حنا "إن نتيجة الانتخابات لن تكون مقياسا دقيقا للاستياء في البلاد بسبب ضعف تنظيم المعارضة ، ومرسي يحتاج التعامل مع الإصلاحات بطريقة تشاورية وضم مزيد من الناس لجانبه. لذا فانه مضطر للتنازل عن بعض مواقع السلطة وإعطاء المعارضة فرصة للمشاركة بطريقة ذات مغزى في هذه المرحلة، وهذا هو السبيل الوحيد لانقاذ السفينة من الغرق ".