بعد سنوات من العلاقات المتأزمة مع السياسيين الشيعة في العراق، استقبل الرئيس الاميركي جورج بوش في ديسمبر الماضي عبد العزيز الحكيم في البيت الأبيض. ووطدت الزيارة موقع الحكيم وحزبه باعتباره الحليف المفضل لواشنطن وفي مايو (أيار) الماضي تم الكشف عن إصابة الحكيم 57 سنة بسرطان الرئة وهذا ما أثار التساؤلات حول مستقبل الزعامة في تنظيمه المجلس الإسلامي العراقي الأعلى والذي يعد أكبر كتلة ضمن الائتلاف الشيعي في البرلمان العراقي. ومع بدء علاج الحكيم بالعقاقير الكيماوية في إيران برز ابنه عمار، 36 سنة باعتباره الوريث له حيث بدأ يؤدي مهمات والده حسبما قال مسؤولون عراقيون. ويضع عمار الحكيم نظارة من دون إطار ويشذب لحيته بعناية شديدة وهو واحد من الجيل الجديد من رجال الدين بمن فيهم المتشدد مقتدى الصدر الذين يحددون طيف السياسة الشيعية في العراق وقال دبلوماسي عراقي رفيع: «الحكيم يحرك الأحداث داخل الخيمة، بينما الصدر يحركها خارج الخيمة الشيعية». وقال عمار في مقابلة صحافية خلال زيارة أخيرة قام بها لنيويورك للتأكيد على توحيد معسكري الحكيم والصدر: «دعني أخبرك بسر. أبي هو من عائلة الحكيم لكن امي هي من عائلة الصدر. لذلك فأنا الموحد للعائلتين!». ويدير الحكيم الابن الآن وقفية الحكيم المسؤولة عن مشاريع خيرية وتعليمية تبلغ قيمتها ملايين الدولارات وخلال انتخابات عام 2005 أثبت أنه منظم حملات يتمتع بالكاريزما على عكس الأسلوب الصارم الذي يتميز به والده وقال دبلوماسي عربي رفيع في بغداد إن «عمار الحكيم يتمتع بشعبية واسعة وهو في طور التشكل منذ فترة طويلة لا على حين غرة. ويسمي العراقيون عمار بعدي على اسم عدي ابن صدام الذي كان يتميز بحب الاستعراض لأن عمار يتمتع أيضا بروح الاستعراض ولديه الأموال والسيارات والحراس». وفي شوارع بغداد تجري مقارنة عمار بِعُدي ابن صدام حسين بسبب الشائعات غير المثبتة التي تتهمه بالضلوع في صفقات مالية سرية واحتمال تورطه بالفساد وقال أبو عبد الله صاحب محل للكمبيوترات في منطقة الكرادة ببغداد: «لا أحد يستطيع أن يمسه لأنه عمار الحكيم». وقال القاضي راضي الراضي رئيس لجنة النزاهة العامة التي تحققت في أعمال فساد مزعومة، إنه حقق في شكاوى تقول إن عمار الحكيم متورط في عقد تجاري بين السفارة الأميركية ووزارة النفط العراقية، لكن المزاعم تخلو من الأدلة «ولم يفرض أي شخص ضغطا ما علي». بعد شهرين على زيارة أبيه للبيت الأبيض كان لعمار الحكيم نوع آخر من المواجهات مع مسؤولين أميركيين؛ ففي فبراير (شباط) الماضي تم احتجازه مع حاشيته حينما رجع من إيران البلد الذي تربى فيه وما زال يزوره كثيرا. وتم تعصيب عينيه في طريقه إلى مركز أميركي متقدم حيث جرى تفتيشه بدقة. وقالت الوحدات الأميركية إن صورته على الجواز لا تشبهه وإن جوازه موشك على النفاد. وقال مسؤولون أميركيون لاحقا إنهم قلقون أيضا حول كمية الأسلحة التي عثروا عليها معه، بينما قال الحكيم الابن إنها لحرسه. وفي وقت لاحق اعتذر السفير الأميركي في حينه زلماي خليلزاد. وقال الحكيم «قبلنا الاعتذار». وفي الوقت الحالي يريد الحكيم بقاء القوات الأميركية في العراق. ولكنه يشعر بالإحباط ايضا لأن الغزو الأميركي خلق طائفة من النزاعات الأخرى. وفي اوائل يونيو(حزيران) شاركت مؤسسة الحكيم في رعاية اجتماع في الأممالمتحدة حول «العراق لكل العراقيين» جمع عشرات من رجال الدين الشيعة والسنة والأكراد ليدعو الى وحدة طائفية وإثنية ضد الايديولوجيات المتطرفة. وفي الوقت نفسه، اتخذ الحكيم شأن والده موقفا قويا من قضيتين تسببان القلق الأكبر لدى الأقلية السنية في العراق، وهما إقامة محافظة شيعية في الجنوب الغني بالنفط وحرمان الأعضاء السابقين في حزب البعث من الوظائف الحكومية. وقال «نحن نؤمن بالتوازن السياسي في العراق، ولهذا فانه عندما يكون هناك إقليم في الشمال فاننا نعتقد بالتالي ان من حق الآخرين ان يكون لديهم النظام الاداري ذاته»، مشيرا الى المنطقة الكردية في شمال العراق، مضيفا «اننا سندعم الناس في غرب العراق على اقامة اقليمهم». وعلى الرغم من أنه ينفي ان تكون هناك قاعدة طائفية أو اثنية، فان إقليم الغرب سيهيمن عليه السنة وموارده النفطية محدودة. ولا يدعم الصدر والأحزاب الشيعية الأخرى إقامة إقليم شيعي في الجنوب. ويقول مسؤولون أميركيون انهم يخشون أن تؤدي إقامة اقليم يضم ثلاث محافظات تهيمن عليه جماعات دينية او اثنية الى تقسيم العراق في خاتمة المطاف الى دول منفصلة. وقال الحكيم إنه يريد «شراكة حقيقية مع السنة»، ولكنه ينتقد أيضا الضغط الأميركي لتغيير قانون بهدف المساعدة على المصالحة مع السنة خصوصا أعضاء حزب البعث. وقد طرحت صحة الحكيم الأب أسئلة حول ما اذا كان المجلس الأعلى سيفقد دوره المهيمن في السياسة العراقية. وقال الدبلوماسي العربي في بغداد ان «الشخص الوحيد الذي يتمتع بدعم شعبي هو الصدر. وقد بدأ نفوذ الحكيم في جنوب العراق يتقلص منذ نهاية 2006. وجاءت مشاكله الصحية في وقت بدأ فيه يواجه مشاكل سياسية». غير أن المجلس الأعلى بدأ يعيد صياغة نفسه في مؤتمر عقده في الربيع، مبعدا ولاءاته الدينية عن ايران. وقال سياسي كردي بارز «إنه وسع زعامته وغير اسمه ووافق على الولاء لآية الله العظمى علي السيستاني وليس لقم». اما بالنسبة للحكيم الابن فان منافسيه المحتملين لا يتمتعون باسم ديني أو عائلي ضروري لقيادة الحركة، وفقا لما يقوله عراقيون.