الموت أو الخطف قد يكون مصيرهم، تلك هي الطبقة الكادحة بمصر ممن يبحثون عن سفر بطرق غير مشروعة أملا في حياة افضل غير مُبالين الموت الذي يقابلهم خلال رحلتهم الشاقة فهم ضحايا لظروف اقتصادية لا ذنب لهم فيها و"سماسرة" الهجرة غير الشرعية الذين يوهمونهم بالحياة الكريمة خارج حدود الوطن. وتتعدد حوادث الهجرة غير الشرعية بدول العالم ،ومنها حادثة مفزعة شهدتها مصر منذ أيام بعد غرق مركب للمهاجرين غير الشرعيين قرب مدينة رشيد بدمياط راح ضحيتها أكثر من مائتى شخص ومازال مصير الاخرين مجهولا. موقع اخبار مصر أجرى تحقيقا مع الشباب والخبراء والمسئولين للتعرف علي ابعاد المشكلة ومحاولة وضع الحلول لها. الإغراء أول طريق الهجرة الشاب مصطفي حسين كان أحد ضحايا الهجرة غير الشرعية ولقي حتفه في حادث غرق مركب رشيد ويروي قصته أحد أقاربه حمادة الغنام قائلا لموقع أخبار مصر إن مصطفي شاب يبلغ من العمر 19 عاما وقد حصل علي شهادة الثانوية الصناعية حديثا وله اخ واخت ووالده علي قيد الحياة ولكنه كان ضحية ل"سمسار الموت او الهجرة".. فكان الشاب يري من خلال موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" نجل هذا السمسار وهو يعمل بايطاليا ويتفاخر بما لديه من منزل وسيارة والحياة الرغدة هناك، ما جعل الشاب يفكر جديا في الهجرة غير مبال بالمخاطر. ويوضح الغنام قريب الشاب الضحية ان السمسار ويدعي محمد شرارة يعمل في تسفير الشباب عن طريق المراكب منذ سنوات طويلة ولكن لم يحدث ان غرقت اي مركب له سوي مركب واحد غرق به 20 شابا وكان ذلك قبل ثورة يناير 2011ولم تجد هذه الحادثة صدي واسع لدي وسائل الاعلام حينها لقلة عدد الضحايا. و يؤكد الغنام ان مركب رشيد كان عليه اكثر من 400 شخص، بينما قام هذا السمسار بتسفير نجله لايطاليا بمركب اكثر امنا من هذه المركب. 45 ألف جنيه كان المبلغ الذي طلبه سمسار الموت من الشاب مصطفي حسين كما اوضح قريب الضحية ولكن الشاب لم يستطع إلا دفع 10 آلاف جنيه وحرر علي نفسه ايصالات امانة بباقي المبلغ واعطاها لهذا السمسار وهذا ما يفعله مع كل الشباب الذين يريدون السفر اذا لم يستطيعوا دفع المبلغ كاملا وهو معتاد علي ذلك. وقد قام قريب الضحية بتحرير محضر رسمي في قسم الشرطة ضد السمسار الذي فر هاربا بعد غرق المركب مباشرة وقام ايضا بتسفير نجله رغم ان حفل زفافه كان قبل يوم واحد من غرق المركب. رفض الهجرة وتحسين الاوضاع وباستطلاع رأى العديد من الشباب أكدوا رفضهم فكرة الهجرة غير الشرعية ولكن تباينت اراؤهم حول المهاجرين بهذه الطريقة ،فيقول هشام بدوي طالب جامعي انه يجب تحسين الاوضاع الاقتصادية واتاحة فرص عمل للشباب حتي لا يلجأ أحد لهذه الهجرة ولكن يصعب اقناع الشباب بالامتناع عن هذه الهجرة ما لم تتحسن الظروف الاقتصادية وبالنسبة له هو يرفض هذه الهجرة وسيعمل جاهدا في المجال الذي تعلم فيه. بينما يري محمد عبد النبي طالب جامعي ان المهاجرين كان من الممكن ألا يلجأوا لهذه الهجرة ويمكنهم اقامة مشروع صغير بالاموال التي دفعوها ل"سمسار الهجرة" موجها رسالة لهم ان يغيروا من طريقة تفكيرهم وعدم القائهم بانفسهم للموت. توفير فرص العمل وتحسين الظروف الاقتصادية خطوة يراها محمد عادل يعمل باحد المحال التجارية للحد من الهجرة غير الشرعية مع رفضه التام لفكرة الهجرة لكنه يقول ان البعض يري ان الموت والحياة في هذه الاوضاع متساويان لذلك يجب احياء الامل لدي الشباب. ويري ابراهيم اسامة يعمل سائقا أن توفير فرص تعليم جيدة قد يحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية لان هناك اطفال تركوا المدارس لانها غير جاذبة وفكروا في العمل حيث ان الاوضاع الاقتصادية فرضت علي البعض الالقاء بنفسه في المخاطر . الحبس في مخيمات من يحالفه الحظ ويصل بسلام إلي الدولة المهاجر إليها يواجه الحبس في مخيمات عقوبة له كما أوضحت الدكتورة غادة صبيح استاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية حيث ان المهاجرين غير الشرعيين يتم حبسهم في مخيمات غير آدمية واعطائهم اقل القليل من الطعام والقوت اليومي حتى يتم البت في امرهم واذا ما كان سيتم ترحيلهم إلي بلادهم او اعطائهم حق اللجوء والذي يتم اعطائه طبقا لشروط محددة منها الظروف الامنية للبلد القادم منها المهاجر أو اذا كانت المهاجر ملاحق من سلطات بلاده جنائيا. ضياع حق واستغلال تؤكد ايضا هذا الكلام الدكتورة هيام الببلاوي استاذ بمعهد الدراسات الافريقية بجامعة القاهرة وتقول إن المهاجر غير الشرعي لا حقوق له في الدولة التي دخلها بطريقة غير مشروعة واذا لم يتعرض للحبس في مخيمات فقد يتعرض للاستغلال من اي مكان يعمل به ويعمل بأجر منخفض ولساعات طويلة. وردا علي ما تردد حول رعاية هذه الدول للاطفال المهاجرين بطريقة غير شرعية أوضحت الدكتورة هيام الببلاوى ان هذه الدول قد توفرالتعليم والرعاية الصحية والغذاء لهم من معونات يقدمها الاتحاد الاوروبي لهؤلاء الاطفال وذلك للاستفادة منهم في سن الشباب وادخالهم سوق العمل، خاصة وانالقارة الاوروبية تعاني من نقص عدد الشباب بها ولكن في الواقع قد يساء استخدام الاطفال في أعمال اجرامية أو منافية للآداب. أزمة انسانية تهدد المجتمعات قضية الهجرة غير شرعية تعد أزمة انسانية هذا ما أكدت عليه الدكتورة اماني مسعود استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة موضحة انه يجب علي المجتمع الدولي ان يتعاون في التعامل معها لأن تداعياتها خطيرة وتهدد كافة المجتمعات البشرية، كما يجب علي المجتمعات ان تقوم بمعالجة المشكلات التي تؤدي للهجرة غير الشرعية لانها نتاج لازمات انسانية. واشارت الدكتورة أماني الى أن اكثر الفئات تضررا من هذه الظاهرة هم الاطفال حيث يمثلون نصف المهاجرين في كل دول العالم كما أن دور المرأة يتأثر بظاهرة الهجرة. قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وللحد من جريمة الهجرة غير الشرعية قدمت الحكومة للبرلمان مشروع قانون للحد من هذه الظاهرة ينص علي السجن المؤبد او المشدد وغرامة لا تقل عن 50 الف جنيه ولاتزيد عن 500 الف جنيه لكل من أسس جماعة لتهريب المهاجرين أوكان أحد أعضائها أوإذا كان موظفا عاما وارتكب الجريمة باستغلال وظيفته أو إذا أدت الهجرة لوفاة او اصابة المهاجر بعاهة مستديمة أو استخدم المهرب وثائق وهويات مزورة اواستولي علي وثائق سفر المهاجرين أو استخدم سفينة بالمخالفة للغرض المخصص لها، وكانت الهجرة تنفيذا لغرض إرهابى، أوإذا كان عدد المهاجرين يزيد على 20 شخصا أو أقل من ذلك أو استخدم الأطفال فى ارتكاب جرائم. كما توقع هذه العقوبات علي من المهربين غير المصريين وقاموا بالتهريب من خارج مصر اذا كان الفعل مجرما فى الدولة التى وقع فيها الهجرة بموجب قانونها الداخلى أو اتفاقية دولية انضمت إليها. جزء من الحل واعتبر ايهاب الطماوي وكيل لجنة الشؤون التشريعية بمجلس النواب ان قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية هو جزء من الحل ويبقي الجزء الاكبر علي دور وسائل الاعلام في توعية المواطنين لمواجهة هذه الظاهرة عبر الوطنية اي الدولية التي تصيب جميع الدول. واوضح الطماوي أن مشروع القانون مستوحي من القانون الاممي الذي اعدته منظمة الاممالمتحدة في ضوء الاتفاقيات الدولية في مجال الهجرة كنموذج للدول التي تعاني من هذه الظاهرة للاسترشاد به. كما اشار الطماوي الى أن القانون يؤدي لتحقيق الردع وتقنين وضع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الظاهرة بما يجعل لها شخصية قانونية والتواصل مع المنظمات المجتمعية التي تكافح هذه الظاهرة للتعاون معها وكذلك انشاء صندوق لرعاية ضحايا هذه الجريمة وتقديم المنح لمكافحتها علي ان يكون الصندوق له شخصية اعتبارية، موضحا ان القانون يعفي المهاجر الذي تم تهريبه وتهجيره قسرا من العقوبة أما من هاجر برغبته, فتقع عليه العقوبة بما في ذلك الاسرة الذي تقوم بتهجير ابنها الذي لم يبلغ 18 عاما. والتعاون بين كل الدول ذلك ما شدد عليه الطماوي لمواجهة الظاهرة وابرام الاتفاقيات الدولية لمواجهة الثورة التكنولوجية التي أدت لصعوبة السيطرة عليها. خطة تنسيقية بين 18 وزارة وكشفت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية عن خطة استراتيجية متكاملة لمجلس الوزراء يتم تنفيذها بالتنسيق بين 18 وزارة معنية بمكافحة الهجرة غير الشرعية منها وزارة الداخلية ووزارة القوي العاملة ،تتماشي مع استراتيجية الحكومة 2030 وهي خطة تفصيلية تعمل في جميع الاتجاهات ويبدأ تنفيذها في الرابع من اكتوبر الجاري . كما اشارت السفيرة إلي القانون الذي وافق عليه البرلمان لمكافحة الظاهرة لتحقيق عنصر الردع وحماية ضحايا الهجرة غير الشرعية وكذلك انشاء صندوق لهؤلاء الضحايا وان الحكومة قامت بدراسات ميدانية للتعرف علي خريطة الهجرة في مصر واكثرالمناطق التي تكثر بها الهجرة غير الشرعي