مع بداية الدراسة فى 24 سبتمبر ،تتجدد حيرة وقلق الأمهات بين "الساندوتشات البيتى"و"الوجبة المدرسية " و"أطعمة الكانتين" بما قد تحويه من سموم فى مكسبات الطعم واللون والرائحة وعربات الباعة الجائلين .. فأى منها تجذب وتكسب معدة أطفالنا ؟. وبعد إعلان وزارة التربية والتعليم، عن خطة التغذية المدرسية الجديدة،أثير الجدل فى كثير من المنازل عن جدوى هذه الخطة التى تشمل توزيع الوجبة الجافة لأول مرة بجانب الفطيرة والبسكويت وتتكون من قطعتى جبنة وقطعة حلاوة طحينة ورغيفى فينو ،بحيث توزع يومين فى الأسبوع على طلاب محافظاتالجيزة وبنى سويف والمينا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر والبحر الأحمر، إضافة إلى يوم فطيرة و يومين بسكويت بالعجوة ، فى حين توزع مدارس محافظات الوجه البحرى على الطلاب فطيرة وبسكويت فقط. وترجع أهمية وجبة الإفطار الى معاناة غالبية أطفال المدارس من الانيميا ،وإصابة نحو 29% من الأطفال دون سن خمس سنوات بالتقزم نتيجة سوء التغذية حسب احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وتأكيد الدراسات العلمية أن توفير الغذاء الصحى المتوازن يساعد على اكتمال الصحة البدنية والعقلية ويرفع مستوى التحصيل الدراسى لأطفال المدرسة. مقاطعة "الكانتين " موقع أخبار مصر فتح باب النقاش حول مكونات الوجبة وما لها وما عليها ،فرحب محمود حسين مهندس وأب لطفلين بالجيزة بالوجبة المدرسية المتوازنة لأنها فرصة لمقاطعة "الكانتين" الذى يبيع أغذية غير صحية، وبشجع الأولاد على العزوف عن وجبة الافطار المنزلية . واستدرك الأب، قائلا "لكن البسكويت فقط لايكفى لتغذية طفل يمضى ثلث يومه بالدرسة ويحتاج طاقة بدنية وذهنية ،وبالتالى لن يقاطع "الكانتين ". وتساءل "حسين" : لماذا التفرقة بين طلاب القبلى والبحرى فى مكونات الوجبات المدرسية ؟. ويرى حسام السيد تاجر موبيليا وأب لطفل فى الصف الثانى الابتدائى أن الاقتصاد بهذه الوجبات ومنحها لمن يستحق فقط أوفر للدولة لأن ابنه لايهتم بالوجبة المدرسية ولا بالساندوتشات ويفضل "التيك أواى" ، وبالتالى توفير وجبته لطفل محتاج بالصعيد أحسن من منحه الوجبة دون الاستفادة بها . أين ..الحشو ؟ بينما أكدت سهاد جاد موظفة وأم لأكثر من طفل بمدارس مدينة نصر أن البسكويت بالمدارس من انتاج مصنع غير معروف وغير محشو وأولادها عادة يلقون به فى القمامة، فطلبت منهم يحضرونه للبيت كى نتصدق به أو نعمل به تورتة بالشيكولاتة او جيلى بدلا من إلقائه فى القمامة . والتقط ابنها محمد 10 سنوات بالصف الخامس الابتدائى خيط الحديث ليعلق بسخرية " ده مش بسكويت ده حجر …طعمه مش حلو باخده وأديه للبواب ، احنا عايزين الحاجات اللى بنحبها ..شيبسى ولبن بالفراولة وبيتزا ..بس مفيش بالمدرسة باشترى من برة بمصروفى ". أماميرفت ربة منزل وأم لطفلتين بمدارس لغات ،فقالت الوجبة مطبقة بالمدارس الحكومية فقط ولا أعلم هل من حق المدارس اللغات وجبة مماثلة أو حتى مدعمة أم لا ؟. واستطردت قائلة إن المدرسة الخاصة توفر لهم عصيرمعلب وبسكويت ب"الكانتين" بأسعار مضاعفة لسعر السوق . وعبرت فريدة على ثالثة ابتدائى بمدرسة حكومية تجريبية بعابدين عن رأيها فى الوجبة، بقولها : " عايزة وجبة مطهية يعنى مثلا ربع فرخة وأرز وسلطة وعصير.. لكن المديرة رفضت لأنه لازم يكون فيه مطبخ مجهز فى المدرسة وتشرف عليه مدرسة التدبير المنزلى". وتعجب هانى كمال مهندس من تصرفات ابنته بمدرسة لغات بالهرم لأن مصروفها 10 جنيهات فى اليوم وبتنزل من البيت معها المياه المعدنية والساندويتشات وترجع بها تانى ،وتطلب زيادة المصروف لأن البنات بفصلها بتشترى "كنز وشيبسى وهوت دوج " بحوالى 20 جنيها..ومطعم المدرسة بيقدم طبق المكرونة ب15 جنيها . وجبات جاهزة وصحية وهنا اقترحت سعاد يوسف عضو مجلس أمناء التعليم بحى النزهة دراسة مطالب ورغبات التلاميذ ومحاولة توفيرها فى صورة مفيدة ونظيفة وصحية حتى لايهربوا من الوجبة ويشتروا الأكل الجاهز المضر ،قائلة "بمعنى أن الأم أوالمدرسة ممكن تعمل شيبسى منزلى ودواجن مقرمشة مثلما أفعل مع أحفادى حتى لايشتروا الشيبسى المطهى بزيت منتهى الصلاحية ووجبات تيك أواى ". وأشارت الى امكانية الاتفاق مع مصانع شهيرة لتقديم وجبات جاهزة مفيدة ومغلفة وجذابة مقابل تخفيض الضرائب عليها . واستنكرت التمييز بين الوجهين البحرى والقبلى فى الطعام بحجة الفقر أو التوفير والافضل إلغاء الوجبة المطهية للجميع لأنه من الصعب تقديمها طازجة وساخنة بكل المدارس خاصة غير المجهزة . وطالبت بتشديد الرقابة والتفتيش والتحقق من استفادة التلاميذ من الوجبات وتنويعها من وقت لاخر وتوافر مخازن صحية او مطابخ للتجهيز والتسخين . وأشارت الى انها كانت تتلقى بمدرستها فى المرحلة الابتدائية وجبة من مصانع شهيرة عبارة عن لبن وبسكويت بالعجوة وكانت مغذية وصحية.. فلماذا لا نكرر تجارب زمان الناجحة ؟. وترى الهام أم لطفل بإحدى مدارس السيدة زينب أن المشكلة فى فساد الوجبة بالمخازن وتعرضها للفئران والبكتريا وعموما لا أعتمد عليها واضغط على الاولاد لتناول الساندوتشات والكعك والعصائر والألبان المعلبة . وأضافت أنها تمنع أولادها من شراء أى أغذية محفوظة وحلوى ومشروبات غازية ووجبات التيك أواى لكنها تفاجأ بأن صاحب الكانتين والبواب يجبرونهم على الشراء بكل المغريات الممكنة فى سبيل المكسب . ندوات توعية وتعتبر غادة فاروق رئيس جمعية المستقبل للاعلام والتنمية و النهوض بالمرأة أن الوجبة إن كانت صحية ومتكاملة افضل من الوجبات السريعة مثل قطعة جبنة كيرى ورغيف وعلبة عسل وبسكويت وعصير ولبن ،وهنا لابد من منع الوجبات السريعة بالكانتين و"الديلفيرى" والعربات الجائلة . وطالبت بتنويع الوجبات بحيث تتضمن مرة الأغذية البروتينية كاللحوم بأنواعها والألبان والأسماك والبيض والبقوليات وكذلك الأغذية الغنية بفيتامين ج كالليمون والخضراوات والفواكه الطازجة . وأكدت أن الأكل الصحى مسألة ثقافة ولذلك اتفقت مع عدد من المدارس على تنظيم ندوات توعية للاهالى والتلاميذ لغرس العادات الغذائية السليمة وتحفيزهم على شراء الوجبات المدرسية باقناعهم بفوائدها مع إدخال التثقيف الغذائى والصحى فى المناهج الدراسية. 6عناصر غذائية وحول مواصفات الوجبة المدرسية المتكاملة ، صرح د.أشرف عبد العزيز أستاذ التغذية وعميد كلية الاقتصاد المنزلى بجامعة حلوان بأن كلمة وجبة تعنى الغذاء الذى يحتوى على كل العناصر الغذائية من بروتينيات وكربوهيدرات وسكريات ونشويات وأملاح معدنية وفيتامينات ووفق هذا التعريف ،فالبسكويت الجاف وحده لايعتبر وجبة متكاملة لأن به نسبة سكريات وكربوهيدرات أى سعرات حرارية التى تمد الجسم بالطاقة ولكن الفطير بالعجوة به نسبة حديد ويكافح انيميا الاطفال وكان توزيعه ناجح جدا . واضاف د.أشرف عبد العزيز عضو فى اللجنة الوطنية للتغذية انه من المهم مراعاة الاشتراطات الصحية ومعايير الوجبة المتكاملة مع المصانع والشركات التى تتولى الانتاج والتوزيع بالتعاقد مع المدارس . وحذر من الالبان أو الماكولات القابلة للتلف او الاصابة بالبكتريا حتى لا تتكرر حوادث التسمم بالمحافظات نتيجة زيادة كبريتات الحديد . ونبه الى خطورة المياه الغازية التى تسبب الحساسية للأطفال والأنيميا ونقص المناعة والسمنة، وارتفاع ضغط الدم وأمراض السكر وهشاشة العظام على المدى البعيد، خاصة مع اتجاه الأطفال للمياه الغازية كبديل عن الألبان. وحث عبد العزيز على تدعيم الوجبة بثمرات من الفاكهة الطازجة والخضروات بشكل يومي وتقديم أنواع من الحليب مخفض الدسم أوحليب بالشوكولاتة خالي من الدسم. ودعا لتخصيص مطابخ بالمدارس لتكون الوجبات ساخنة وطازجة ورخيصة تحت اشراف صحى . الوقاية من الأمراض وأكد الدكتور مجدي بدران استشاري الأطفال وعضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس أهمية غرس العادات الغذائية الصحية فى التلاميذ لتقوية الذاكرة والوقاية من الامراض . واشار الى أن أنيميا نقص الحديد وتسوس الأسنان من أكثر الأمراض انتشاراً فى سن المدرسة ونقص الحديد يؤدى إلى بطء النمو العقلى والذهنى وتأخير الاستيعاب. ونبه الى أن التلاميذ فى سن المدرسة يتعرضون لأمراض مرتبطة بالإكثار من وجبات "التيك اواى" والأغذية المحفوظة المحتوية على مكسبات طعم ولون ورائحة وهو ما قد يؤدى إلى السرطان والفشل الكلوى والتشوهات. وأكد د.بدران أن معظم الدول المتقدمة تصدر قرارات بمنع بيع الأطعمة الضارة فى الكانتين وتحض على الإكثار من الأطعمة المفيدة صحياً، بل توفر بالمدارس مطابخ وثلاجات لحفظ الأطعمة وخلاطات لعصر الفواكه الطازجة وأكواب بلاستيك تستخدم لمرة واحدة. ودعا الى تسجيل اسماء الطلبة المصابين بحساسية لبعض الاطعمة كالفول والبيض واللبن والبقوليات لحمايته من أضرارها . وشدد على ضرورة عودة دور المدرسة فى توجيه التلاميذ نحو التغذية السليمة عن طريق المناهج المدرسية أوحصص التدبير المنزلى ، وذلك لأن التلاميذ فى سن المدرسة من 6 إلى 18 سنة يمرون بأهم مراحل نموهم مما يتطلب توفير للغذاء المتوازن الكامل المحتوى على جميع العناصر الغذائية اللازمة للنمو وتوليد الطاقة مع تجنب المشكلات الغذائية وأخطرها أمراض سوء التغذية والسمنة خاصة مع معاناة معظم الأسرمن السلوكيات الغذائية الخاطئة مثل الهروب من تناول وجبة الإفطار والإكثار من الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات والمقرمشات المحتوية على نسب عالية من الدهون والمواد الحافظة. خطة لتعميم الوجبة ومن جانبها ، أعلنت وزارة التربية والتعليم أن خطة التغذية المدرسية يتم تطبيقها هذا العام بالتنسيق مع وزارات التضامن والصحة والتموين لتوزيع وجبة متكاملة على تلاميذ رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية بنسبة 100%، من الأسبوع الثانى بالعام الدراسى. وأشارت الى أن التغذية لها هدف تربوى، لوجود ارتباط بين التربية والوجبة الغذائية، لكون بعض الأطفال يتوجهون للحصول على الوجبة بسبب الظروف الاقتصادية ، كما أنها تعمل على علاج نقص التغذية بين الأطفال. وأوضحت أن محافظات الوجه البحرى توزع على الطلاب فطيرة والبسكويت فقط، لأن محافظات الوجة القبلى الأكثر فقرا وبالتالى تم تخصيص وجبة جافة توزع على التلاميذ بجانب الفطيرة والبسكويت، الى جانب توزيع الوجبة المطهية على طلاب المدارس الداخلية "المتفوقين وذوى الاحتياجات الخاصة". واشارت الى أن هناك خطة طموح لتعميم الوجبة على جميع الطلاب، لكن المخصصات المالية تحول ذلك رغم زيادة المخصصات للوجبة المدرسية، مؤكدة أنها تجاوزت المليار جنيه. وذكرت أن عدد الطلاب الذين استفادوا من الوجبة المدرسية العام الدراسى الماضى 2015،2016 وصل إلى ما يقرب من 13 مليون و518 ألف طالب وطالبة بتكلفة مالية بلغت 957 مليون و821 ألف جنيه. ولمراعاة الاشتراطات الصحية التى يجب توافرها فى الوجبة، هناك تعليمات بعدم تخزين وجبات البسكويت فى المدارس لمدة تتخطى ال5 أيام على أن توزع الوجبة الجافة والفطيرة يومًا بيوم دون التخزين فى المدارس، و يتم تشديد الرقابة على التغذية عن طريق المتابعات الميدانية بمشاركة لجنة من وزارة الصحة والتموين والتربية والتعليم للتعرف على المشكلات التى قد تطرأ على الوجبة، والتأكد من سلامة التخزين.