يحتفل المصريون بعيد الأضحي المبارك ، ويتسابق الكثير منهم لإظهار هذا الإحتفال بالمظهر اللائق … والعيد مناسبة سعيدة ينتظرها الصغار والكبار على السواء لما في العيد من معاني البهجة والسرور ، والحب والمودة . والعيد تتجسد فيه المعاني السامية للعلاقاتالإنسانية بين المصريين …. تارة عبر الزيارات العائلية زيارة الأهل والأقارب وتارة بين إستخدام وسائل التواصل وثورة الإتصالات …. بين ذلك وتلك تتأرجح العلاقات الإنسانية …. موقع "أخبار مصر" أجرى حواراً شاملاً مع الدكتور أسامة قناوي …. خبير التدريب وإستشاري التطوير المؤسسي حول أهمية العيد ,كيف تؤثر الأعياد على العلاقات الإنسانية بين الناس؟ نص الحوار **** في البداية ماهو المفهوم الحقيقي للعيد …؟ كلمة العيد صغيرة في عددِ حروفها، كبيرة في معناها، فهي تجمعُ في طياتها كل معاني الفرح والحبّ والسرور ….. تجتمع في حروفها كل المعاني الإنسانية الراقية في آن واحد، للعيد ألف معنى معنى …… معنى إجتماعي, حينما يلتقي الغني بالفقير , يُصلون سوية , يبتسمون ويضحكون لبعضهم , ويسلمون على أنفسهم , فيعود الغني مسرورا ويعود الفقير مرضيا ...ومعنى إنساني … ففي العيد معنى الفرح , والتوبة , والطاعة ,والتضحية, والتكافل ,والكرم والهدية والصدقة …. ومعنى مجتمعي عالي …. فالعيد هو وصلة الرحم والبركة والعطاء والإلفة ... لذلكيجب علينا أن تستحضر كل تلك المعاني في إحتفالاتنا بالأعياد ….. خاصة الدينية منها التي يجب الا تخرج عن الموازين والضوابط التي يحبها الله سبحانه وتعالى …. **** هل هناك تجلي لقيم إنسانية نعيشها في عيد الأضحى هذه الأيام …؟ بالتأكيد فمن المعاني الإنسانية ذات الأبعاد السامية في السلوك الإنساني التي نستحضرها في عيد الأضحى …. مشروعية الأضحية وتوزيعها على الأصدقاء والفقراء ….. معنى سامي ينعكس على السلوك الإنساني …. تشعر أن للأضحية دور عظيم في تقريب كافة شرائح المجتمع وصهرهم في بوتقة الألفة والأخاء والحب والمودة …. فمابين زكاة الفطر بين يدي العيد في عيد الفطر وبين الأضحية في عيدالأضحى تتجلى قيم حق للفقراء لدى الأغنياء، تؤدى إليهم قبل يوم العيد أو بعد صلاه العيد ؛ لتكون عونا للفقير كي يشارك بقية أفراد المجتمع في الإحساس بمعنى العيد، فلا يشعر بحرمان الحاجة، … تجعله يشعر بالبهجة والسرور . **** ماهو المكان الذي شعرت أن معنى العيد تجسد فيه هذا العام …؟ الفرحة تعم أرض مصر بالكامل.. ومن لم يعش أيام العيد في أرض الكنانه فاته الكثير …. ولكن شدنى اليوم فرحة حي الأسمرات … وهو يستقبل ثاني عيد يمر عليم هذا العام ….. شدنى الفرحة في عيون الصغار قبل الكبار … حينما عاشوا تجربة واقعية ونقله حضارية من وضع مهمش طوال عشرات السنين … إلى فرحة يومية لاتقل عن فرحة العيد ….. رأيت المعنى الجديد للفرحة المستمرة … فلم تعد القضية قاصرة على نقل أسر من مساكن مهددة بالإنهيار إلى مساكن جديدة … بل تعددت إلى أفاق العيد اليومي المستمر …. رأيتها في توفير أكثر من أتوبيس مكيف الهواء لتنقل السكان من داخل المدينة، حتي موقف أتوبيسات هيئة النقل العام، تعمل من الفجر إلى منتصف الليل… رأيتها في التطوير الدائم للمدينة لكي تظل علي نفس مستوى جمالها المعماري … رأيتها في مجمع استهلاكي لبيع السلع التموينية بأسعار مدعمة … رأيتها في مركز طبي متكامل داخل المدينة لتقديم الخدمات العلاجية لجميع سكان مدينة الأسمرات….. أشعر ان أبواب العيد فتحت على مصرعيها في حي الأسمرات … إيذاناً بتكلمة مشوار التنمية في مصر *** هل أثرت التكنولوجيا الحديثة على العلاقات الانسانية في الأعياد … ؟ لا تستطيع أن تجزم بالتأثير السلبي للتكنولوجيا الحديثة في الأعياد ….. ولكن دعنا نتفق على أن هناط خلل قد أصاب علاقاتنا الاجتماعية ….. خلل قادها إلى ضعف وركود يشتكى منه جيل كان يقطع مسافات كبيرة للإطمئنان عليك والسؤال عنك .. وتقديم واجب الفرح والحزن إليك … هذا الجيل يحمل المسئوليه الكبرى للركود على التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الهواتف المحمولة والرسائل النصية القصيرة … والإستخدام المفرط لشبكات التواصل الإلكتروني مثل "تويتر وفيسبوك"، ويرى أنها هي من أصاب هذه العلاقات بمقتل، وأدت إلى عزلة اجتماعية بين مكونات المجتمع. بينما يقف على الجانب الآخر من يرى أن للتكنولوجيا الحديثة دور أيجابي أكبر من السلبي …. يعتبرون أن وسائل التكنولوجيا أقامت علاقات وشبكات متنوعة وقوية من العلاقات الاجتماعية في المجتمع .. فيكفى بضغطه زر تصل من مكان في أقصى الشرق إلى آخر في أقصى الغرب …. فالمحمول و تطبيقات الإنترنت وأستخدام ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها إيجابية جدًا في اختصارها للمسافات وعبورها القارات والمحيطات وتخطيها لحدود المكان وتقريبها للأشخاص مهما باعدت بينهم الأميال. *** وكيف تراها عين خبير مواد بشرية وتطوير مؤسسي … ؟ أرى ان التكنولوجيا الحديثة سلاح ذو حدين، الشخص نفسه هو من يختار ويتحكم في كيفية استخدامها بإيجابية أو بسلبية. … والقاعدة الإنسانية تقتضى التواصل الأسري المباشر وصلة الأرحام طالما جمعنا مكان واحد …. فذلك الإتصال الأسري المجتمعى المباشر يعد بمثابة صيانة للعلاقات الأسرية حتى لا تصاب بالفتور أوالتباعد، وحتى يشعر الجميع من خلالها بكل معاني الدفء الأسري والاحتواء والتعاون والذي ينعكس إيجابيًا على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية السوية الناجحة، فالتماسك العائلي يمثل وقود النجاح . ويكون الدور الأعظم للإستخدام الجيد لوسائل التواصل الإجتماعي عندما لايجمع الأسرة مكان واحد …. واعنى بها السفر ..أو تعذر اللقاءات المباشرة.. عندها يكون التواصل الإلكتروني له معنى … بل عده معاني … الاطمئنان والمشاركة دون الانفصال عن الواقع… *** ترتبط مظاهر الإحتفال بالأعياد غالبا بالأكل… من منظور تنموى ماذا يجب أن نفعل في الأعياد ؟ علم الموارد البشرية حريص على تنشئة إنسان منتج قادر على حمل راية العمل بالجد والمثابرة من أجل الموصول إلى سلسلة عظيمة راقية من الأهداف سواء الحالية أو المستقبيلة …. من خلال منظومة الإهتمام بكافة الجوانب في حياة الإنسان …. الجانب الغذائي … الجاني الصحي … الجانب الروحاني … الجانب التنموى …. وغيرها … في الأعياد نعتم بالتركيز على الجانب الغذائي … غافلين كل الغفلة بقة الجوانب الهامة في التكوين المثالي للشخصية … لذك وسط ممارساتنا الغذائية بالأكل في الأعياد … علينا الإهتمام بالجوانب الأخرى … مثل الجانب الصحى …. فمثلا التنزه سيرا على الأقدام صباحا بعد صلاة الفجر ….. أو مساءاً عقب العشاء …. يحدث نشاطا واسعا وبصورة كبيرة حيث يعد طريقة رائعة لتغذية الروح بالهدوء والسكينة وتجديد النشاط …… فالتجول يشعرك بالسعادة والرضا ويمنحك توازنا نفسيا. ويعد تخصيص يوم للخروج للمتنزهات أمر محمود في العيد ,…. فكل الدراسات الحديثة أكدت أن الخروج في نزهات في الطبيعة يساعد في الترويح عن النفس والنظر بتفاؤل إلى الحياة …. أمر لا يتحقق إذا أمضى الإنسان معظم وقته داخل حيز جغرافي ضيق سواء كان ذلك في المنزل أو العمل. *** العيد مرتبط بالعيدية …. هل للعيدية أثر على العلاقات الإنسانية ؟ يبتسم الدكتور أسامة ضاحكا ُ … بالرغم ان البعض يقولانه عيد أكل ولا داعي للعيدية " …. ولكن هذا مفهوم خاطئ ….. فالعيدية واحدة من اهم مظاهر الفرح والسرور في الأعياد ….. خاصة لدى الأطفال ….. ولا تنسى أن أصل كلمة العيدية مشتقة من كلمة العيد ….. ولكني أري كمتخصص في الموارد البشرية أن يتم توظيف العيدية مع المهارات الإنسانية لدي الأطفال ….. فمع تعلم الأطفال مهارات التواصل الاجتماعي مع الأخرين من خلال الزيارت العائلية … يجب أن نستغل هذا التواصل على تقديم العيدية …. سواء النقدية أو العينية في شكل هدايا ….. مما يغرس في الطفل الكرم والعطاء والشعور بالأخرين في وقت مبكر وهذا يساعد في التخلص من الأنانية وحب الذات والتي قد توجد اثناء نمو الطفل وقد تستمر للكبر في بعض الاحيان،……. ولا ننسى ان العيدية تلفت نظر الطفل الى تميز المناسبة وتحببه في هذه الأيام وتعطيها قيمة لها اثر جميل. …….. وتساعد العيدية الطفل في التخلص من المشاعر السلبية مثل الكآبة أو القلق أوالخوف عندما يجد الطفل نفسه محاطاً بالأسرة والأصدقاء أفضل من أي وقت مضى …… فالطفل الذي يتلقى الحب والقبول يصبح محبا لغيره وقابلا لهم والعكس صحيح تماما، *** هل للأباء توجية الأولاد كيف يتصرف في العيد ؟ نعم …. خاصة العيدية …. من خلال التوجية بضرورة الإستفادة منها وتوظيفها بشكل جيد …. بعيد عن الإستخدام الخاطئ لها عبر شراء ألعاب تشكل خطورة او ايذاء للطفل مثل الالعاب الخطرة والالعاب النارية او الالعاب الحادة او التي لا تتناسب مع سن الطفل ….. ودور الأب أو الأم توجية الأولاد إما للدخار للإحساس بقيمة المال في وقت الشدة …. أو شراء لعبة يتعلم منها الطفل بعض المهارات الذهنية او المعرفية اوالرياضية *** هل تقتصر العلاقات الإنسانية في العيد على الأطفال فقط ؟ رد الدكتور أسامة بسرعة جدا …. لا لا …. العلاقات الإنسانية علاقات بين كافة أفراد العائلة … صلة الرحم مع تقديم الهدايا للكبار أيضا ….. فكما إتفقنا مثلا على مفهوم العيدية لدى الأطفال …. يجب تقديم الهدايا والعيديات للكبار أيضا …. وعند إهداء العيدية للوالدين فان العيد يكون عيدين ببر الوالدين والاحسان اليهما والاهداء لهما لإسعادهم ولمنحهم الشعور بالتقدير الذي يستحقونه منا….ويجب أن تكون شيئ رمزي …. وارجو أن نبتعد عن الهدايا المستهلكة .. كالحلوى مثلا … فقد يكون لدى كبار السن نظام غذائي نعين يتعارض مع هديتك …. وعلينا أن نختار الهدايا التي تذكر الكبار بأولادهم …. مثل . شال للأم … محفظة مثلا للأب … فالهدايا لها مردود نفسي رائع .. فهو تأكيد لمفهوم الحنان والرعاية بين أفراد العائلة ….. وتأكيد للاخوة والصداقة والألفة والمحبة …. ولنتخيل المشهد من منظور متكامل …. فحين يرى الأطفال ذويهم وهم يقدمون الهدايا والعيدية لكبار السن، لن ينسوا مثل هذا السلوك أبدا بل سيحملونه معه في ذاكرتهم وسيقومون في المستقبل بدورهم بتقديم العيدية إلى آبائهم وأجدادهم. ويهمس الدكتور أسامة في أذن الزوج … بضرورة تقديم العيدية للزوجة …. التي تتذكر من خلال عيديتك أن التواصل الأسري متكامل داخل العائلة ….. فتسمو أرواح الزوجين، وتتصافى نفوسهم، وتتلاقى قلوبهم, فنرى روح السعادة ، ونلمس معاني الود والتسامح.. الحب والمرح.. حينها يتحقق مفهوم العيد بمعناه الصحيح. *** هل العيد فرصة للتخلص من العادات السلبية ؟ نعم …. فبكل الحرص على إستغلال العيد لترسيخ قيم إنسانية جميلة نحرص عليها … علينا أن نستعل فترة الأعياد ونتخلص من بعض العادات السلبية في حياتنا ….. فالعيد دعوة للنشاط …. علينا التخلص من النوم الذائد لذي يولد الشعور بالكسل …. ويلقي بظلال الكابة داخل الأسرة … ولا معنى أطلاقا للحجة السائدة أن العيد فترة نوم وكسل تعويضا عن المجهود البدني المبذول طوال العام … فالعيد يختلف مفهومه عن الأجازة الأسبوعية ….. يجب التخلص من عادة وضع العيد في دائرة الأكل فقط … فالأكل جزء من الإحتفال بالأعياد … ولكن إختيار الوجبة المناسبة بالكمية المناسبة بالوقت المناسب قد يكون كلمة السر في الخروج من فترة الأعياد بجسم صحي قادر على مواصلة العطاء …. *** رسائل قصيرة نوجهها للعاملين … حتى في فترة الأعياد ؟ صدقت ….. وهم يستحقون منا كل الشكر والتقدير …. فمعنى العيد يستقيم بهم …. فرجال الأمن وحماية المواطنين …….. رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة هم العين الساهرة على حماية الوطن، والمواطنين، والحفاظ على الأمن والأمان فى البلاد وخاصة فى الأعياد. فهم من يقومون بحماية مظاهر الاحتفال بالعيد، في كل أنحاء مصر… فلهم من كل كل المصريين التقدير والإحترام الأطباء والممرضات ………… إن كانت الأعياد إجازة من الأعمال، فإنها ليست إجازة من الأمراض، لذلك لا يجد الطبيب لنفسه مفرًا من العمل في مثل تلك الأيام، خاصة أن المستشفيات ترفع حالة التأهب القصوى، تحسبًا لاستقبال أية حالات خاصة طوال ساعات اليوم.….. . فلهم من كل كل المصريين التقدير والإحترام رجال الإسعاف ….. دورهم لا يقل في أهميته عن دور الأطباء، فهم من يقومون بإنقاذ أي إنسان مر بحادث أو أزمة صحية مفاجئة. ….. فلهم من كل المصريين كل التقدير والاحترام..