قال الدكتور محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر للحوار إن الأزهر الشريف وهو يستعيد بقوة وكفاءة دوائره التاريخية الثلاث: الدائرة الوطنية المصرية في هذه المرحلة الدقيقة من حياة مصر، والدائرة العربية الإسلامية مع ما يدور في المنطقة من أحداث جِسام، ثم الدائرة العالمية، مع ذلك كلِّه فإن الأزهر ينظر بعين الاهتمام إلى شمال المتوسط وما يدور فيه من حياةٍ علمية، وما يمسُّ الإسلام وعلومه وحضارته في جامعات أوروبا وجامعات ألمانيا على وجه الخصوص. وأضاف في كلمته خلال افتتاح مركز دراسات العقيدة الإسلامية بجامعة مونستر بألمانيا: إن الأزهر يرى إنشاء قسم أو مركز لدراسات العقيدة الإسلامية لهو أقوى دليل على قدرة ألمانيا ورغبتها الصادقة في إدماج مسلميها في الحياة العلمية والبحثية والثقافية، مع احتفاظهم بعقيدتهم ودينهم وشعائرهم التي ستكون - ولا شكَّ - نوعًا من الإضافة وإثراء للحياة الثقافية والاجتماعية في ألمانيا. وأشار إلى أنَّ هذا التنوُّع في الثقافات المتجاورة والمتداخلة عرفته الحضارة الإسلامية وحقَّقته في مجتمعات وعواصم عالمية كانت مراكز إشعاع وتعايُش وتكامُل في بغداد وقرطبة والقاهرة وغيرها، وقد تُرجِمت علوم الإسلام التي طوَّرها خلال أربعة قُرون حيث كانت العربية لغة العلم الأولى ترجمت هذه العلوم في طليطلة وباليرمو في القرن الثالث عشر إلى اللغات الأوروبية، وكانت من أهم ركائز عصر النهضة التي اعتمد عليها العقل الأوروبي الناشئ في ذلك الوقت. وأكَّد أنَّ الأزهر على استعداد تام للتعاون والمشاركة بتبادُل الأساتذة والطلاب مع جامعاتكم ومراكزكم حتى نتكامل في تدعيم أواصر المعرفة والحوار الخلاَّق. والأزهر يفخَرُ بأبنائه الذين درسوا ويدرسون في أوروبا والذين يعرفون لكلِّ مجتمع خصوصيَّاته الثقافية والحضارية، والأزهر يُطبق ذلك وهو يستقبل شباب الأئمة من ألمانيا وإنجلترا وغيرهم لتدريبهم في إطار المنهج الأزهري الوسطي المعتدِل الذي يُرسِّخ قيم التنوُّع وحق الاختلاف وآداب الاختلاف. وأشاد عزب في كلمته بجامعة مونستر لأنها تبتكر نموذجًا جديرًا بالانتشار والتطبيق في جامعات أخرى سيكون لها فيما بعدُ آثار بنَّاءة تؤدِّي إلى مزيدٍ من تماسُك المجتمع الألماني وتقويته، وسيكون ذلك دافعًا لبلاد أوروبا المجاورة؛ حتى تعطي الفرصة لمسلميها في أنْ يندمجوا ويتقاربوا ويعملوا في سبيل مزيدٍ من الرقي لمجتمعهم، والإسلام الصحيح حيويٌّ وقادرٌ على تحقيق ذلك، وفي التاريخ ما يشهد عليه.