أفردت صحيفة الواشنطن بوست تقريرا حول انتشار الجماعات الجهادية المسلحة في أنحاء العالم العربي مؤكدة انها تشكل تهديدا جديدا للاستقرار في المنطقة، و تقوض الديمقراطيات الناشئة . فمن صحراء سيناء المصرية إلى شرق ليبيا ومعارك الحرب الأهلية في سوريا، نجد ان الضغط من أجل مزيد من الديمقراطية التي تحققت بفضل الثورات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، قد أطلق العنان أيضا لحريات جديدة يستغلها المتشددون للتبشير وللتجنيد وممارسة العنف. صعود الجهاديين المتشددين في المنطقة ، كان واحد من الأسباب التي دفعت صانعي القرار في الغرب لعدم الرغبة في تسليح المعارضة في سوريا مع تزايد حدة النزاع في البلاد منذ 19 شهرا . ويقول المحللون ان معظم المجموعات الجديدة التى ظهرت كانت نتيجة الاوضاع الصعبة المحلية وهناك علامات قليلة على انها اسست علاقات تنظيمية مع حركة القاعدة الإرهابية العالمية . والعديد من هذه المجموعات تبني أيديولوجيات شبيهة بتلك التي تتبناها القاعدة ويمكن أن تهدد مصالح الولاياتالمتحدة.. ويعد هجوم الشهر الماضي على القنصلية الأمريكية في بنغازي مثال على هذا . ويقول آرون زيلين، وهو خبير في الحركات الجهادية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "إن إمكانية عولمة هذه الجماعات الآن يرجع لحقيقة أن هناك تشابه كبير فى الأيديولوجية ، وإن احتمال الخطورة يصبح أكبر إذا ما وصفت هذه الجماعات بأنها جزء من الجهاد العالمي لتنظيم القاعدة، وإذا ما تم دفعها الى الهامش بشكل اعمق في مجتمعاتها المحلية". ولقد اعترفت وزيرة الخارجية هيلاري رودام كلينتون ان نطاق التهديد من هذه الحركات في يمثل التحديات التي تواجه صانعي السياسة الأميركية في شمال أفريقيا. وقالت في كلمة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن " انه بعد عام من التحول الديمقراطي لم نكن نتصور انه سيتم استنفار مخزون التطرف المتراكم خلال عقود من الدكتاتورية، وكما تعلمنا من البداية، هناك المتطرفين الذين يسعون لاستغلال فترات من عدم الاستقرار واختطاف هذه التحولات الديمقراطية". و يعود تقرير الواشنطن بوست للتركيز على الوضع فى سوريا ، و يشير الى انه من بين المجموعات الاكثر اثارة للقلق بالنسبة للمسؤولين الغربيين ، هو تزايد نشاط جماعة "جبهه النصرة" التي ظهرت في سورية لتأكيد مسؤوليتها عن سلسلة من التفجيرات الانتحارية الغامضة في دمشق وحلب واصبحت مشاركا في المعركة الحيوية ضد نظام الرئيس بشار الاسد. وجبهة النصرة لأهل الشام هي منظمة سلفية جهادية تم تشكيلها أواخر سنة 2011 خلال أحداث سوريا.. ولا يعرف بالضبط ما أصل هذه المنظمة غير أن تقارير استخبارية أمريكية ربطتها بتنظيم القاعدة في العراق. ودعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير 2012 السوريين للجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري. وتعلن الجماعة عن اعمالها ، بنشر بياناتها وإصداراتها بشكل حصري على واحد من أهم منتديات الانترنت – المراقبة بشدة – من خلال "مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي" والتي يستخدمها تنظيم القاعدة، مما يوحي على الأقل بوجود مستوى معين من التنسيق بين الجانبين.. كما يقول الخبراء أن هناك أيضا دلائل على أن المجموعة تعمل بشكل وثيق مع الجيش السوري الحر، الذي يقاتل نظام الأسد. ومقاتلو جبهه النصرة يعملون علنا في مقر في مسجد في مدينة حلب فى الشمال ، و يحوزون على الثناء من وحدات متمردة أخرى لشجاعتهم.. حيث نجحوا مع مجموعات اخرى يوم الجمعة، في عملية لانتزاع السيطرة على قاعدة الدفاع الجوي خارج حلب التى تحتوي على صواريخ متطورة من طراز ارض جو ، وفقا لشريط فيديو نشر على موقع يوتيوب. وهناك علامات صغيرة تطفو على السطح بأن المتطرفين قد كسبوا بعض التعاطف في شوارع المدن السورية. ويقول تشارلز ليستر، وهو محلل للإرهاب باحد المراكز البحثية في لندن ، انه كلما طال أمد الصراع ، وهذا امر لا يزال قائما، كلما زاد احتمال أن ينمو الدعم و التاييد لهؤلاء المتطرفين، مشيرا الى ان وحشية الصراع فى سوريا تدفع كثير من الناس الذين انضموا الى الانتفاضة السلمية في البداية دون أي قصد الى مزيد من التطرف لاسقاط النظام الذي يحكم. و تختتم الواشنطن بوست تقربرها بالتاكيد على انه بالإضافة إلى جبهه النصرة، هناك عدد من الجماعات الجهادية المتطرفة لكنها أصغر واقل تاثيرا ، بما في ذلك المجاهدين الشورى ، والتي يبدو أنها نجحت فى إغراء عدد من المقاتلين الأجانب، من بينهم بريطانيون، ويعتقد أن يكون نفذت خطف اثنين من الصحفيين الأوروبيين في يوليو الماضى.