تعيش اليابان الأن أجواء ديمقراطية جديدة حيث من المقرر أن تبدأ الحملة الانتخابية التشريعية فى اليابان رسمياً غدا الخميس الموافق 12 يوليو، حيث يسعى رئيس الوزراء اليابانى " شينزو آبى " لتهدئة غضب الناخبين إزاء سوء إدارة سجلات معاشات التقاعد والفساد السياسى وتبديد المخاوف بخصوص زعامته بعد خروج ثلاثة وزراء من حكومته، حيث قدم اثنان منهم استقالتهما والثالث انتحر كما تحيط الآن فضائح فساد بوزير رابع . ويرى المحللون أن الإصلاحات الاقتصادية قد تتوقف إذا خسر معسكر رئيس الوزراء شينزو ابى فى الانتخابات المقررة فى 29 يوليو الحالى وهو ما يتوقعه الكثيرون ،وقد يضطر" آبى" للاستقالة إذا مُنى الحزب الديمقراطى الحر وحليفه فى الائتلاف الحاكم بهزيمة ثقيلة، وهو ما يهدد بالعودة إلى الحكومات قصيرة العُمر التى مرت على اليابان فى العهود الماضية وبحلول فترة جمود سياسى ،وستكون هناك عودة إلى أوائل التسعينيات من حيث تعاقب رؤساء الوزراء والمرور بحالة الارتباك السياسى.
كما يشير المراقبون الى أن آبى سيحاول تسريع الإصلاحات الاقتصادية لكسب تأييد النواب الديمقراطيين الأصغر سناً الذين يشاركونه وجهات نظره المتشددة بخصوص الأمن ويفضلون إصلاحات السوق الحرة .
وليس من المنتظر أن تتسبب الخسارة الانتخابية فى الإطاحة بالائتلاف الحاكم من الحكومة إذ أنه يحتفظ بأغلبية كبيرة فى مجلس النواب الأكثر نفوذاً، والحزب الديمقراطى الحر وشريكه فى الائتلاف حزب "كوميتو الجديد" بحاجة إلى الفوز بإجمالي 64 مقعداً للحفاظ على الأغلبية فى مجلس المستشارين حيث تجرى الانتخابات على نصف عدد المقاعد البالغ عددها 242 مقعداً، ويسعى حزب كوميتو الجديد إلى الفوز بثلاثة عشر مقعداً، ويُشير المحللون إلى أنه إذا فاز الائتلاف بما لا يقل عن 55 مقعداً من بينها 45 للحزب الديمقراطى الحر، فربما أمكن لآبى أن يحتفظ بمنصبه وتشكيل أغلبية عبر جذب مستقلين ومشرعين ينتمون إلى حزب محافظ صغير أو حتى أعضاء من الحزب الديمقراطى اليابانى وهو الحزب المعارض الرئيسى باليابان، ويضم نوابا سابقين من الحزب الديمقراطي الحر ونوابا كانوا يتبنون النهج الاشتراكي في وقت ما وآخرين محافظين أصغر سنا .
فى حين ذكر روبرت فيلدمان خبير شؤون اليابان في بنك مورجان ستانلي في تقرير أصدره مؤخرا "اذا فقد الائتلاف الذي يقوده الحزب الديمقراطي الحرالأغلبية، فإن ذلك من شأنه أن يسرع على الارجح وتيرة الاصلاحات من خلال دفع مجموعة انفصالية في الحزب الديمقراطي الياباني الى الانشقاق فيما سيبقى رئيس الوزراء ابي في منصبه."غير أن محللين آخرين يشككون في مثل تلك التكهنات حيث يرون أن إلحاق هزيمة كبيرة بالمعسكر الحاكم سيصعب من سن القوانين وسيشكل ضغوطاً على آبى ذى النبرة الهادئة والذى ينتمى إلى الجناح المتشدد للتنحى عن منصبه .
ومن جانبه،تعهد رئيس الوزراء شينزو آبى 52 عاماً -الذى حاز على الإعجاب الشديد لتحسينه العلاقات المتوترة مع الصين وأكد فى الوقت نفسه على ضرورة تدعيم العلاقات القوية بالفعل مع الولاياتالمتحدة - بإعادة صياغة الدستور السلمى لليابان وتعزيز دورها فى الأمن العالمى، ويرغب فى قيادة البلاد للخروج من نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذى يقول المحافظون أنه بالغ فى التأكيد على خطأ اليابان وقت الحرب، وأكد النزعة الفردية على حساب القيم التقليدية مثل الخدمة العامة والنزعة الوطنية ،وإنه فى حالة احتفاظ آبى بمنصبه، فإنه قد يميل بشكل أكبر إلى اليمين لمحاولة تعزيز قاعدته بين المشرعين المحافظين .
ويتصدر وزير الخارجية "تارو اسو" 66 عاماً ،المتفق مع آبى فى كثير من وجهات نظره بخصوص الأمن ،المرشحين لتولى رئاسة الوزراء فى حالة تنحى رئيس الوزراء وأنه بغض النظر عمن سيتولى رئاسة الوزراء خلفاً لشينزو آبى فى حالة تنحيه، فانه من المرجح حدوث عدم استقرار سياسى وتغير فى الولاءات الحزبية، كما يرى المحللون أنه لا يوجد ما يستدعى إجراء انتخابات عامة حتى عام 2009 .
والمعروف أن اليابان تقع فى شرق آسيا بين المحيط الهادى وبحر اليابان وشرقى شبه الجزيرة الكورية، وتتكون من حوالى ثلاثة آلاف جزيرة ومساحتها 377.835 كم مربع، ويصل عدد سكانها ما يقرب من 130 مليون نسمة ونظامها السياسى ملكي دستوريً، والدستور لا يكفل للإمبراطور أية سلطات فعلية ورئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية المسئولة أمام البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين، كما تتألف السلطة الشريعية من مجلس النواب وعدد أعضائه 480 عضواً يتم انتخابهم عن طريق اقتراع عام شعبى كل أربع سنوات ثم مجلس المستشارين وعددهم 242 مقعداً يتم انتخابهم أيضا عن طريق اقتراع عام كل ست سنوات . والجدير بالذكرأن شينزو آبى رئيس الحزب الديمقراطى الليبرالى الحاكم فى اليابان ،وتم انتخابه رئيسا جديدا للوزراء فى البلاد يوم الثلاثاء 26 سبتمبر الماضى.
وقد أصبح شينزو آبى ،وهو احد الصقور المحافظين وحفيد رئيس وزراء سابق وابن وزير خارجية سابق، اصغر رئيس وزراء فيما بعد الحرب فى اليابان وأول رئيس يولد بعد الحرب العالمية الثانية. وقد وضع آبى، فى برنامج سياساته الذى أعلنه خلال حملة الحزب الديمقراطى الليبرالى، تغيير الدستور الحالى الذى صاغته الولاياتالمتحدة بدستور آخر تعده اليابان بنفسها فى الصدارة ودعا الى تدعيم سلطات صنع القرار بالنسبة لرئيس الوزراء فى شؤون الدفاع والخارجية.
وبينما اكد على ضرورة تشكيل تحالف يابانى أمريكى أقوى ووصفه بانه "أهم شيء" لدبلوماسية اليابان وأمنها القومى، تعهد ابى ايضا بمحاولة تحسين العلاقات مع الجيران فى اسيا.كذلك وضع السعى للحصول على عضوية دائمة فى مجلس الامن الدولى، وإصلاح نظام التعليم المحلى بصورة كبيرة، واقامة نظام تأمينات اجتماعية دائم فى قلب برنامج سياساته.