أثار رجل الأعمال والمرشح للرئاسة الأمريكية المثير للجدل دونالد ترامب موجة عارمة من الانتقادات العالمية بعد تصريحات له حرض فيها على منع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتصدر ترامب، البالغ من العمر 69 عاماً، العناوين على صفحات الجرائد ووسائل الاعلام الأمريكية والغربية بعد تصريحاته التى قوبلت بالاستنكار من جانب البيت الأبيض نفسه، حيث دعا أعضاء الحزب الجمهورى، فى بيان على لسان المتحدث الرسمى للبيت الأبيض، بنبذ المرشح، واصفين خطته لمنع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة ب "السامة"، والتى تجعله مستبعداً من سباق الرئاسة. وقال المتحدث الرسمى جوش ارنست إن دعوة ترامب بمنع المسلمين (حتى من حاملى الجنسية الأمريكية) من دخول الولاياتالمتحدة أمر غير دستورى، واصفاً تصريحاته بالمهينة، والتى أتت فى أعقاب الحادث الارهابى بمنطقة سان برناردينو الأمريكية والتى أسفرت عن مقتل 14 شخصا. وبعد الهجوم عليه من داخل حزبه الذى يسعى للترشح على رأسه للسباق الرئاسى 2016، هدد ترامب بالخروج من الحزب، وعلق على الهجوم الشرس عليه قائلاً ببساطة: "أنا لا أهتم". ولم تقتصر تصريحات رجل الأعمال، والذى تقدر ثروته بحوالى 4 مليارات دولار، على المسلمين بالولاياتالمتحدة فقط، بل تعدت ذلك لتصل الى بريطانيا، حيث صرح بأن هناك مناطق داخل لندن "راديكالية" ويغمرها التطرف للدرجة التى تجعل رجال البوليس خائفين على حياتهم. بريطانيا تطالب بمنع المرشح الامريكى من دخول بلادها.. وفى رد فعل غاضب قام عدد من أعضاء البرلمان البريطانى، وعدد من الجمعيات الاسلامية بإطلاق دعوات لاستغلال التشريع البريطانى الخاص بمناهضةالتطرف لمنع الملياردير الأمريكى الطامح فى الرئاسة من دخول بريطانيا حال رغبته فى زيارتها. وتم رفع عريضة على موقع البرلمان البريطانى تطالب بمنعه من دخول البلاد، والتى لاقت ترحيباً ووقّع عليها أكثر من 30 ألف شخص ، فى أقل من يومين، فيما يشار إلى أن الحكومة البريطانية مطالبة بالرد على أى عريضة يصل عدد الموقعين عليها لأكثر من 10 آلاف شخص. من جانبه، رفض المتحدث الرسمى لرئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون التعليق على ما إذا كان سيتم اتخاذ اجراء لمنع ترامب من دخول بريطانيا أم لا ، فى حين أكد رفض كاميرون للتصريحات تماماً والتى اعتبرها تؤدى لإحداث شقاق. ترامب .. جدل متكرر وبالنظر الى تاريخ دونالد ترامب، نجد ان هذه ليست المرة الأولى التى يثير فيها جدلاً بتعليقات هجومية على فصيل أو طائفة بعيها، فقد اتهم قبل ذلك بمعاداة النساء، وله سوابق عدة فى هذا الأمر. وقد شن ترامب عدة حملات هجومية ضارية على عدد من الشخصيات النسائية الأمريكية البارزة بالمجتمع، منهن مطربات ومذيعات وممثلات وشخصياتسياسية، مثل شير وروزى أودونيل وسارة جيسيكا باركر، واصفاً النساء بألفاظ مثل "بدينات"، "خنازير" و"مهملات". ومن ضمن تصريحاته المهينة للنساء تعليقه خلال إحدى التغريدات له على موقع التواصل "تويتر" والتى علق فيها على حوادث الاغتصاب فى الجيشالأمريكى، معتبراً اياه شيئا متوقعا نتيجة دخول النساء فى الهيكل النظامى للجيش. ولم يسلم المهاجرون من المكسيكوأمريكا الجنوبية من هجمات ترامب اللاذعة، حيث كان صرح من قبل بأنه على الولاياتالمتحدةالأمريكية بناء حائط صد وجدران عازلة على حدودها الجنوبية لمنع المهاجرين اللاتينيين من دخول الولاياتالمتحدة. أما فيما يخص تصريحاته الأخيرة الخاصة بالمسلمين، فتجدر الإشارة الى تصريحات سابقة له فى هذا الإطار، حيث كان قال فى تصريحات سابقة ل "سى إن إن" فى سبتمبر الماضى: "أنا أحب المسلمين"، وأوضح انه يقبل بكل تأكيد أن يكون أحد الوزراء فى الحكومة الأمريكية أو نائب الرئيس الأمريكى مسلما. كما انه لديه العديد من الأعمال الاستثمارية بدول عربية، مثل امتلاكه ملعب الجولف "أكويا" فى الإمارات العربية المتحدة، كما انه كرّم من قبل لاعب الملاكمة الأمريكى المسلم الشهير محمد على كلاى فى إحدى المناسبات. ويبدو ان المرشح الأمريكى الطموح لم يتأثر بالانتقادات التى طالت تصريحاته وأساليبه، بل قد تكون هذه التصريحات سبباً فى زيادة شعبيته لدى الأمريكيين. وبحسب استطلاعات الرأى، فان ترامب يقبع على رأس قائمة مرشحى الحزب الجمهورى المفضلين، حيث توضح الاحصائيات أنه مع كل تصريح مثير للجدل يعلو نجمه أكثر فأكثر. الخبراء يحذرون من خطورة مرشح الرئاسة الأمريكي.. خبراء السياسة اعتبروا أن دعوة دونالد ترامب مرشح الجمهوريين للسباق الرئاسي الأمريكي، التي دعا فيها إلى منع دخول المسلمين إلى أمريكا، امتدادا للسياسة الأمريكية التي تسعى إلى التفرقة وتأجيج الصراعات الدينية، مؤكدين أنها ستؤثر على شعبيته كمرشح للرئاسة، وعلى وضع الجالية المسلمة على حد سواء. وكان دونالد قد دعا إلى حظر دخول المسلمين إلى الولاياتالمتحدة بعد أيام من حادث إطلاق النار في ولاية كاليفورنيا، حتى يتمكن المشرعين من فهم مايحدث، بقوله: " من الواضح أن الكراهية تجاوزت حدود الفهم، ولذا يجب أن نعرف من أين تأتي الكراهية ولماذا". ويرى الخبراء أن خطاب ترامب قام على التمييز والعنصرية، الذي يستدعى بهما فكر النازية في التعامل مع الجاليات الإسلامية، مشيرًا إلى أن ترامب كثفخلال هذه الفترة من تصريحاته الاستفزازية تجاه المسلمين؛ لأنه يعتمد في الانتخابات على قطاعين فقط من المؤيدين. و القطاع الأول الذي يستهدفه دونالد هو اليمين الأمريكي الصاعد المتواجد في ولايات شمال شرق أمريكا، والذي يتبع الفكر اليهودي بدعم من منظمة " إيباك" الموجودة بالولاياتالمتحدة وتتبع الفكر الإسرائيلي المتشدد،اما القطاع الثاني فهو منظمة "جي استريست" التي تأسست عام 2008، لتكون بمثابة لوبي مضاد ل"إيباك". ويحاول ترامب إرضاء هذه الفئات المستهدفة عن طريق هجومه على الجاليات المسلمة؛ لأنه يدرك من سيصوت له ومن سيقف معه، فلابد أن يرضي الفئة المستهدفة من جانبه، بإطلاق التصريحات التي يريدون سماعها. ويقول الخبراء أن هذه التصريحات لا تخدمه لأن هناك حوالي 7 مليون مسلم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنه يعد دليلًا مبكرًا على سياسة زعماء أمريكا القادمين، ومؤشر على أن الإدارة الأمريكية القادمة ستكون متطرفة فكريًا، وخطابها السياسي والإعلامي تجاه قضايا العرب سيكون عنصري. وجاء تصريح ترامب عقب دقائق قليلة من دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى وحدة الصف في كلمة ألقاها ، مؤكدًا فيها أن داعش لا يمثل الإسلام بل هم مجموعة من القتلة والمجرمين، وأن أغلبية ضحايا الهجمات الإرهابية حول العالم من المسلمين. ويصف الخبراء الدعوة بالعنصرية، التى تكشف السياسة الأمريكية المبنية على اضطهاد ذوي الأديان الأخرى، واعتبار المسلمين إرهابييين، وتأجيج الصراعات الدينية .