الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    بعد قليل.. النواب يناقش الحساب الختامي لموازنة 2022 - 2023    رئيس النواب يحيل اتفاقيتين دوليتين إلى لجنة الشؤون الدستورية    التموين تواصل صرف مقررات مايو.. والسكر الحر ب 27 جنيها على البطاقات    تعرف على خطوات التقديم للتصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها    تباين مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الثلاثاء    وزير الإسكان: تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الغلق الآمن لمقلب السلام العمومي    ممثل «المركزي للمحاسبات» أمام «النواب»: بعض الصناديق أنفقت مبالغ في أمور غير مخصصة لها    رئيس «النواب»: ندعم جهود الرئيس السيسي في الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني    المتحدث الرسمي للزمالك : نعمل على حل أزمة إيقاف القيد    كريم شحاتة: كثرة النجوم في البنك الأهلي قد تكون سبب سوء النتائج    تين هاج: الهزيمة الكبيرة أمام بالاس مستحقة.. ولا أفكر في مستقبلي    «عايز أعرف فين الأخطاء».. شوبير يعلق على بيان الزمالك بشأن الحكام    ضبط المتهم بالاستيلاء على أرصدة البنوك بانتحال صفة خدمة العملاء    تحرير 182 محضرًا للمخالفين لقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    رمال مثيرة للأتربة هذا الأسبوع.. الأرصاد تكشف طقس غداً الأربعاء وموعد ارتفاع درجات الحرارة    عاجل:- التعليم تعلن موعد تسليم أرقام جلوس امتحانات الثانوية العامة 2024    عادات وتقاليد.. أهل الطفلة جانيت يكشفون سر طباعة صورتها على تيشرتات (فيديو)    ياسمين عبدالعزيز: مش بحب أحمد العوضي أنا بعشقه | فيديو    في أول أسبوع.. إيرادات فيلم «السرب» تتخطى 15 مليون جنيه    انطلاق فعاليات مهرجان المسرح الجامعي للعروض المسرحية الطويلة بجامعة القاهرة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه.. وسبب لجوئه لطبيب نفسي    طبيب نفسي يكشف العوامل المساعدة لتحسين الحالة المزاجية (فيديو)    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية التجارة    خارجية الاحتلال: اجتياح رفح يعزز أهداف الحرب الرئيسية    حفلات وشخصيات كرتونية.. سائحون يحتفلون بأعياد الربيع بمنتجعات جنوب سيناء    ضبط 18 كيلوجرامًا لمخدر الحشيش بحوزة عنصر إجرامي بالإسماعيلية    إعلام أمريكي: إدارة بايدن أجلت مبيعات الآلاف من الأسلحة الدقيقة إلى إسرائيل    "تم عرضه".. ميدو يفجر مفاجأة بشأن رفض الزمالك التعاقد مع معلول    الأمم المتحدة: العمليات العسكرية المكثفة ستجلب مزيدًا من الموت واليأس ل 700 ألف امرأة وفتاة في رفح    اعتقال 125 طالبا.. الشرطة الهولندية تفض مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين بجامعة أمستردام    المتحف القومي للحضارة يحتفل بعيد شم النسيم ضمن مبادرة «طبلية مصر»    اقوى رد من محمود الهواري على منكرين وجود الله    تخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية اللازم لإدارج بيانات الرقم القومي 1 أغسطس    «الصحة» تحذر من أضرار تناول الفسيخ والرنجة.. ورسالة مهمة حال الشعور بأي أعراض    في اليوم العالمي للربو.. تعرف على أسبابه وكيفية علاجه وطرق الوقاية منه    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    إصابة 3 اشخاص في حادث تصادم سياره ملاكي وموتوسيكل بالدقهلية    لقاح سحري يقاوم 8 فيروسات تاجية خطيرة.. وإجراء التجارب السريرية بحلول 2025    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    كيفية صلاة الصبح لمن فاته الفجر وحكم أدائها بعد شروق الشمس    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    ياسمين عبدالعزيز: «بنتي كيوت ورقيقة.. ومش عايزة أولادي يطلعوا زيي»    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    ياسمين عبدالعزيز عن محنتها الصحية: «كنت نفسي أبقى حامل»    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    شكر خاص.. حسين لبيب يوجه رسالة للاعبات الطائرة بعد حصد بطولة أفريقيا    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالغفار شكر: هذا الفراغ السياسي
نشر في أخبار مصر يوم 23 - 07 - 2011

يوجد في مصر الآن أكثر من خمسة وثلاثين حزبا سياسيا،‏ بعد أن اعترفت لجنة الأحزاب بما يقرب من عشرة أحزاب جديدة،‏ بعضها إسلامي والبعض الآخر ليبرالي ويصنف أحدها كحزب ينتمي إلي يسار الوسط‏،‏ ورغم هذا العدد الكبير نسبيا من الأحزاب إلا أننا لا نلمس لها تأثيرا يذكر‏.‏
في الحياة السياسية للبلاد، هناك تصريحات وبيانات تصدر عن قادة هذه الأحزاب، وهناك مؤتمرات تعقدها هذه الأحزاب في المحافظات، وهناك تحالفات تعقدها مع بعضها مثل التحالف الديمقراطي الذي يضم ما يقرب من عشرين حزبا مع الإخوان المسلمين والوفد، وكذلك ائتلاف الأحزاب الوسطية، وجبهة القوي الاشتراكية. ولا يبدو حتي الآن ما يشير إلي أن هذه البيانات والمؤتمرات والتحالفات لها صدي علي أرض الواقع. آخر دليل علي هذا أن كل أحزاب مصر تقريبا توافقت علي مشروع قانون مجلس الشعب وقانون مباشرة الحقوق السياسية والتقت إرادتها حول ضرورة أن تجري الانتخابات بنظام القائمة النسبية غير المشروطة علي كل مقاعد مجلس الشعب وضرورة تجنب النظام الفردي لأنه يعطي فرصة كبيرة لفوز القوي التقليدية في معظم دوائر الفردي سواء كانت هذه القوي من رجال الأعمال أو العائلات الكبيرة في الريف أو العصبيات العائلية والقبلية في الصعيد، وأنه سوف يفتح المجال واسعا لاستخدام المال الانتخابي للتأثير علي نتائج الانتخابات وإستخدام البلطجية والرشوة الانتخابية علي نطاق واسع.
وقد توسعت هذه الأحزاب في شرح مزايا الأخذ بنظام القائمة النسبية سواء من حيث أنه يعزز الحياة الحزبية لأنه يقوم علي المنافسة بين برامج انتخابية وليس بين الأفراد، وأنه يضعف المنافسة الفردية التي تتسم بالشراسة، ويمنع ظاهرة نائب الخدمات ليحل محله نائب الشعب الذي يختاره الناخبون علي أساس سياسي ليمثلهم في المجلس التشريعي لمراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها وإصدار التشريعات التي تحقق مصالح المواطنين، ولكن مجلس الوزراء والمجلس الأعلي للقوات المسلحة لم يأخذا بما طلبته الأحزاب السياسية، وأصدرت هذه القوانين دون أي تعديل وعلي الصورة التي طرحتها من قبل للمناقشة العامة وهو ما يعني بوضوح أن السلطة الحاكمة لا تعطي اعتبارا لهذه الأحزاب. ومن ناحية أخري فإن الأحزاب السياسية ليست طرفا أساسيا في الصراع الدائر حاليا حول مستقبل ثورة 25 يناير وما تتعرض له من مخاطر بل يدور هذا الصراع أساسا بين قوي الثورة ممثلة في ائتلافات الشباب التي تملك القدرة علي الحشد الجماهيري المؤثر وبين مجلس الوزراء والمجلس الأعلي للقوات المسلحة.
ومن يراقب ميدان التحرير وما يجري فيه من حشد وتحركات أثناء الجمعة المليونية سيكتشف أن هذه الأحزاب لا تملك المبادرة سواء من حيث القدرة علي الحشد أو القدرة علي التوجيه أثناء التواجد في الميدان ولا تملك القرار بإنهاء الحشد أو استمراره علي شكل الاعتصام، من هنا فإن هذا الضغط الجماهيري وما يطرحه شباب الثورة من مطالب هو الذي يضغط علي السلطة فتتجاوب معه بتنفيذ هذه المطالب بعد حوارات ومناقشات مع ائتلافات الشباب المحرك الحقيقي لهذا الحشد الجماهيري. هذه الحقيقة لا تنفي وجود بعض الأحزاب التي تشارك بفاعلية ولكن من خلال أعضائها الشباب الموجودين في قيادة الائتلافات الشبابية.
من هنا فإن غياب الأحزاب السياسية عن التأثير في مجري الأحداث والتطورات السياسية التي تشهدها البلاد يخلق فراغا سياسيا لا يوجد من يملؤه، خاصة أن شباب الثورة رغم مضي ستة شهور لا يبدو أنهم يرغبون في تأسيس أحزاب سياسية يمارسون من خلالها دورا أكبر في الصراع الراهن حول مستقبل الثورة ومستقبل البلاد، والتهيؤ للمشاركة في العملية السياسية من خلال انتخابات مجلس الشعب أو من خلال تولي مناصب سياسية.
هذا الفراغ السياسي هو أحد أسباب حالة السيولة القائمة في المشهد السياسي الراهن والعجز عن حسم كثير من القضايا المعلقة، ومن المهم البحث في كيفية تقوية دور الأحزاب السياسية ودخولها الساحة السياسية كأطراف أساسية.
وهناك إمكانية فعلية لتحقيق هذا التطور إذا تداركت الأحزاب السياسية القديمة ما تعانيه من آثار الماضي حيث واجهت في ظل العهد البائد حصارا شديدا وملاحقات أمنية فظة منعتها من الحصول علي عضوية كبيرة كما منعتها من العمل السياسي الجماهيري وأجبرتها علي الاكتفاء بالعمل في المقرات. ولكي تعود هذه الأحزاب مرة أخري إلي الساحة كقوي فاعلة فإنها مطالبة بأن تبذل كل جهدها من أجل كسب عضوية جديدة من القطاعات الجماهيرية التي اجتذبتها ثورة 25 يناير إلي الاهتمام بالقضايا العامة والمشاركة السياسية هذه القطاعات التي يغلب عليها العنصر الشبابي، والتي تشارك بقوة في المظاهرات المليونية والتي شاركت في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، والتي يزيد عددها علي عشرين مليون مواطن يشكلون الآن الاحتياطي الاستراتيجي للحركة السياسية المصرية وما لم تكسب الأحزاب القديمة عضوية جديدة منها تقدر بعشرات الألوف لكل حزب فإنها لن تتمكن من العودة إلي التأثير في الحياة السياسية، وبالإضافة إلي ذلك فإن الأحزاب القديمة مطالبة بإعادة النظر في برنامجها السياسي علي ضوء المستجدات التي خلقتها ثورة 25 يناير والقضايا والإشكاليات التي يهتم بها المواطنون حاليا، وأن تعيد النظر في خطابها السياسي ليتلاءم مع سيكولوجية الجماهير التي فجرت الثورة وتساندها وتحميها مستعدة للتضحية بالروح من أجل انتصارها، لم يعد الخطاب السياسي القديم لهذه الأحزاب مناسبا للمرحلة الجديدة، خاصة أنه كان يتجه أساسا لإقناع النظام الحاكم بتبني بعض الإصلاحات أو الاستجابة لبعض المطالب. كما أن هذه الأحزاب مطالبة بأن تطور مناهج اقترابها من الجماهير وأساليب عملها معها لكي تنجح في تعبئتها حول برنامجها وأطروحاتها السياسية.
أما الأحزاب الجديدة فإنها تواجه مشكلة حقيقية لأنها تحتاج إلي فترة زمنية قد تمتد إلي ثلاث أو خمس سنوات لكي تحقق الانسجام بين مكوناتها، ولكي تطرح نفسها علي الجماهير وتتفاعل معها فتكسب ثقتها وتؤكد مصداقيتها في المجتمع، ورغم أن الأحزاب الجديدة في أي مجتمع تحتاج إلي المشاركة في معركة انتخابية أو أكثر للمجلس التشريعي والمجالس المحلية لكي يتعرف عليها المواطنون فإن الأحزاب الجديدة في مصر يمكن أن تختصر هذا المدي الزمني عندما تتفاعل مع الأحداث الجارية وتشارك بقوة في التجمعات الجماهيرية وتطرح حلولا للمشكلات التي يعاني منها المجتمع وتقدم قياداتها للشعب من خلال المعارك الجماهيرية والصراعات التي تدور حول المطالب الثورية. تستطيع الأحزاب الجديدة أن تكسب ثقة الشعب المصري عندما تتواجد في قلب المعارك الجماهيرية وفي انتخابات مجلس الشعب المقبلة وانتخابات المجالس المحلية التي ستجري في نهاية الفترة الانتقالية. أما شباب الثورة فإنهم مطالبون بالانتقال من الصيغ التنظيمية التي تجمعهم حاليا كحركات احتجاجية إلي صيغ تنظيمية جديدة علي شكل أحزاب سياسية لكي يتمكنوا من التأثير بدرجة أكبر علي التطورات السياسية. وفي كل الحالات فإن إقامة تحالفات سياسية بين هذه القوي لزيادة نفوذها في المجتمع مسألة ضرورية. بهذا كله يمكن سد الفراغ السياسي الراهن ومواجهة المخاطر التي تهدد البلاد إذا استمر هذا الفراغ وقتا طويلا.
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.