لا أدري شخصيا لماذا كان كل هذا النقاش والحوار والأخذ والعطاء حول الأهمية التاريخية لتعديل المادة77 من الدستور الحالي المعطل خلال السنوات الأربع الماضية; إذا كنا في النهاية سوف نتوافق علي نظام الجمهورية البرلمانية التي لا يؤثر كثيرا في ديمقراطيتها قصر فترة الرئاسة للرئيس علي فترتين فقط. فالمعروف أن الشخصية الرئيسية في النظام البرلماني هي لرئيس الوزراء الممثل للأغلبية البرلمانية, ولا يوجد ما يمنع في هذا النظام نظريا علي الأقل من استمرار رئيس الوزراء, مادام رضيت عنه أغلبيته, حتي توافيه المنية أو يصل له السأم من المنصب. أما التغيير المستمر لرئيس الجمهورية فهو لا يعني الكثير لأن المنصب شرفي رمزي ومناسب لأوقات الأزمات وتشكيل الحكومات الائتلافية التي لا تعد ضمن فضائل النظام الديمقراطي. المسألة إذن هي أن فضيلة تحديد زمن الرئاسة بفترتين رئاسيتين فقط تكون عندما يكون النظام السياسي جمهوريا ديمقراطيا, كما هو الحال في الولاياتالمتحدة ومعظم دول أمريكا الجنوبية وعدد من دول أوروبا الشرقية. هنا فإن رئيس الجمهورية يكون له سلطات قوية يرأس السلطة التنفيذية ويجمع ما بين الرمز والقيادة, ويحد سلطاته البرلمان والمحكمة العليا والرأي العام وحقيقة أن عليه أن يستمر في السلطة فترتين معدودتين أو حتي فترة واحدة طويلة نسبيا يعلم تماما أنه سوف يذهب بعدها إلي غير رجعة. وفي مصر فإن الثقافة السياسية الفرعونية لا تعرف رأسا للبلاد, وقائدا للعباد, إلا إذا كان رئيسا قويا وديمقراطيا في آن واحد. وقد فشل النظام البرلماني المصري قبل الثورة لأسباب كثيرة, ولكن واحدا منها كان ذلك التنازع بين شرعية رأس الدولة ممثلا في الملك, وشرعية رئيس الوزراء المنتخب. أيها السادة لا تقيموا شرعيتين في بلد واحد, واختاروا نظاما رئاسيا ديمقراطيا. *نقلا عن صحيفة الاهرام