بعد سبعه اشهر من النداءات والمحاولات المستمره استضاف مقر وزارة الخارجية الايطالية بالعاصمة روما المؤتمر الدولي حول' العدالة والنظام القضائي ودور القانون في أفغانستان' الذي كرس حيزا هاما من مناقشاته لتحديد الطرق المثلي لإصلاح النظام القضائي الأفغاني وتدريب وتأهيل الشرطة والعاملين في الأجهزة القضائية من أجل تعزيز ثقة المواطن الأفغاني بقدرة حكومته وتوسيع سلطة هذه الحكومة لتشمل كافة أقاليم البلاد. وقد شارك في المؤتمر العديد من الشخصيات السياسيه الدوليه في مقدمتهم بان كي مون الامين العام للامم المتحدة والرئيس الافغاني حامد كرزاي والسكرتير العام لحلف شمال الأطلسي' الناتو' ياب دي هوب شيفر ومفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بنيتا فيريرو فالدنر والمندوب الامريكي الدائم في الأممالمتحده زالماي خليل زاد ومساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون آسيا رتشارد بوتشر ومن الدوله المضيفة رومانو برودي رئيس الوزراء ونائبه ماسيمو داليما وزير الخارجية بالإضافة إلي وفود26 دوله. وكان من الطبيعي ان تتحول المناقشات واللقاءات التي دارت علي هامش المؤتمر إلي هجوم حاد علي قوات حلف شمال الأطلسي' ايساف' والتي ما زالت تعاني من صعوبات كبيرة في ضبط الوضع الأمني في أفغانستان بسبب مصرع المئات من الافغان المدنيين جراء الغارات التي تشنها قوات الناتو وخاصه في جنوب البلاد بالاضافة الي عجزها عن ملاحقة عناصر حركة طالبان المستمرة في نشاطها العسكري في مختلف أنحاء البلاد. وجهه النظر الايطالية اتفق كل من وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما والرئيس الافغاني حامد كرزاي علي ضرورة ان يتم تنسيق العمليات العسكرية لحلف شمال الاطلسي ضمن مهمة( ايساف) في إطار الالتزام بتوفير الأمن للسكان المدنيين مع الحرص علي اتخاذ كافة التدابير الرامية إلي تفادي وقوع ضحايا أبرياء بعد اللقاء علي هامش المؤتمر كما تطرق كرزاي إلي المعطيات المشجعة المتمثلة في انخفاض مستوي وفيات الاطفال فضلا عن الارتفاع الملموس في معدل الدخل الفردي, كما اشاد داليما بالجهود البناءة التي بذلت في سبيل تعزيز الحوار السياسي بين كابل وإسلام آباد مما سيتمخض عنه تعاون مثمر علي المستوي الاقليمي علي صعيد التنمية الاقتصادية والاستقرار والكفاح ضد الإرهاب الدولي. اما رومانو برودي فقد طالب في كلمته امام المؤتمر بوقفة محاسبة وتقييم للجهود الدولية في أفغانستان مؤكدا ان الالتزام في أفغانستان مسئولية ينبغي لها أن تستمر حتي تبرأ ذمة الجميع معا وعن اقتناع واضاف بأنه علينا الاعتراف بأنه كان بوسعنا ان نفعل أكثر حيث لم نستطع بعد أن نقنع تماما الشعب الأفغاني والرأي العام ببعض النتائج القيمة التي تحصلنا عليها فللأسف لا يزال ينظر إلي عمل المجتمع الدولي والحكومة الأفغانية من الزاوية التي تظهر الأخطاء فقط وهو فهم متناقض علي ضوء الأمل الذي أعدناه إلي ملايين النساء الأفغانيات اللاتي يستعدن حقوقهن الأساسية بالإضافة إلي ملايين الفتيات الأفغانيات اللاتي استرجعن حقهن في مزاولة الدراسة من دون ذكر عودة اللاجئين والانتخابات الرئاسية والبرلمانية فهي كلها عناصر تقدم وكأنها مفروغ منها وهي ليست كذلك خاصة وأنها جرت في زمن قصير جدا بعد أن حاول المتعصبون جذب أفغانستان إلي الوراء بمئات السنين وبعد أن عاشت البلاد عشرات الصراعات وهذا من شأنه أن يمدنا بشيء من التفاؤل والقوة للمضي قدما كما انتقد برودي بشدة سقوط ضحايا مدنيين جراء غارات قوات الناتو حين قال في كل مرة تؤدي العمليات العسكرية إلي مقتل ضحايا مدنيين فإن جهودنا لكسب قلوب الأفغان وعقلوهم تشهد ضربات مأساوية تعيق مسيرها وأضاف في بعض مناطق البلاد العديد من الأشخاص يحملون السلاح لأنه لا يوجد أمامهم خيار آخر إزاء غياب الامن أو لأنهم غاضبون بسبب الخسائر المأساوية الناجمة عن العمليات العسكرية لذلك فعلينا أن نقدم لهم الأمل أيضا مؤكدا ان الاعمال الفاعله في القطاعات المدنية والاقتصادية هي غالبا أسلحة أكثر فعالية من تلك الحربية. الرئيس الافغاني اما الرئيس الأفغاني كرزاي فقد شدد في كلمته علي ضرورة احترام حق المدنيين الأفغان في الحياة حيث انهم يقعون ضحايا لأخطاء ضمن عمليات الحرب علي الإرهاب في البلاد واضاف إن حربنا علي الإرهاب هي جزء من معركة الشعب الأفغاني من أجل العدالة مؤكدا أن مواطنيه يريدون حدا لحالات الإفلات من العقاب وسوء استخدام السلطة وختم كرزاي كلمته معربا عن امتنان الشعب الأفغاني لدعم المجتمع الدولي معربا عن امله في تواصل هذا الدعم إلي أن تصبح القوات الافغانيه قادرة علي مواجهة المسئولية بمفردها. وكان الرئيس الافغاني قد اتهم مؤخرا القوات الاجنبية في بلاده بالتصرف بشكل متهور حيث تقوم بقتل المدنيين بسبب استخدامها للقوة المفرطة وانعدام التنسيق بينها وبين قوات الحكومة الافغانية كما قرر كرازي تشكيل لجنه للتحقيق في الظروف المحيطة بمقتل46 من المدنيين الافغان اثر غارة جوية نفذتها القوات الاجنبية في اقليم هلماند مؤخرا وقد رحب حلف شمال الاطلسي من جانبه بقرار الرئيس الافغاني حيث اعلن جون توماس الناطق باسم قوات التحالف إن الحلف سيتعاون مع لجنه التحقيق بكافة السبل الممكنة مؤكدا ان عدد القتلي المدنيين في الغارات الاخيره لا يتجاوز12 شخصا كما اصر علي ان قوات الحلف لم تكن لتطلق النار لو كانت تعلم بوجود المدنيين في المنطقة المستهدفة. الأممالمتحدة اما بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة فقد جدد مناشدته للقوات باحترام القوانين الإنسانية بصورة ملموسة خلال قيامها بعمليات عسكرية كما لفت مون في كلمته امام المؤتمر إلي أنه يجب علي الجميع الاقرار بما يشكله العصيان المسلح الراهن من خطر محدق بأسس الدولة الأفغانية مطالبا القوات الدولية والأفغانية التي تشارك في العمليات العسكريه ضد عناصر حركه طالبان ان تتحرك في إطار اقصي درجات احترام الشرائع الانسانية. ويذكر ان ادريان ادوارد المتحدث الرسمي باسم الاممالمتحده قد اعلن ان ضحايا الافغان من المدنيين وصل الي نحو600 شخص منذ بدايه العام الجاري واضاف بأن نسبه52% منهم لقوا مصرعهم علي ايدي قوات حلف الناتو والشرطه الحكوميه ونسبه48% علي ايدي حركه طالبان. دفاع الناتو ويبدو ان الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دي هوب شيفر لم يجد امامه سوي الدفاع عن قواته في افغانستان حيث اكد أن قوات الناتو لم تقم ابدا بقتل مدنيا بريئا مشددا علي انه إذا كان من الضروري الإبقاء علي الضغط العسكري فلا مناص من تقليص حجم الأضرار المادية والخسائر بين المدنيين فاذا لم نفعل ذلك فسنخاطر بفقدان دعم السواد الأعظم من الشعب الأفغاني واضاف ان قواته تضطر إلي التحرك في وضعية الدفاع عن النفس وتتعرض غالبا إلي اخطار محدقة من قبل مسلحي حركه طالبان الذين يستخدمون الدروع البشرية ويتعمدون ممارسة أنشطتهم في مناطق مأهولة بالمدنيين. وفي ختام كلمته اشار شيفر إلي ان عملية إعادة اعمار أفغانستان لا يجب ان تدفع إلي تحجيم الوجود العسكري والجهد الحربي باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لإنجاح مهمتنا. المفوضيه الاوروبية بينما اعلنت بينيت فيريرو فالدنر المفوضة الأوروبية المكلفة بالشئون الخارجية وسياسة الجوار عن منحه ماليه لافغانستان تقدر بنحو200 مليون يورو جديدة حتي عام2010 من أجل إقامة وتعزيز الهياكل القضائية والإصلاح الدستوري في البلاد علي ان يتم صرف هذا المبلغ بحسب مصادر المفوضية علي البرامج المخصصة لتأهيل العاملين في مجال العدل والقضاء ودفع رواتب رجال الشرطة وتفعيل برامج العمل لتأهيل وتدريب العاملين في قطاع الداخلية وذلك للتوصل إلي تعزيز سيادة القانون في مختلف أنحاء البلاد علي اعتبار إن مشكلة أفغانستان لن تحل فيما لو بقيت سيادة القانون ضعيفة واستمر الفساد في البلاد وعليه فيجب إن نكرس جهودنا لتحقيق هذا الهدف من اجل اعاده الثقه من جانب الشعب الافغاني في حكومته وقوات الشرطه واضافت ان المفوضية الأوروبية عبر هذه المنحه الجديده تؤكد استمرار التزامها في العمل لإنقاذ الشعب الأفغاني ومساعدته علي بناء بلده حيث إن التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو العمل علي بسط سلطة الحكومة الأفغانية ومؤسساتها المختلفة لتغطي كل أقاليم البلاد. ويذكر أن المفوضية الأوروبية ساهمت منذ عام2002 بمبالغ تقدر ب135 مليون يورو في مجال دفع رواتب وتأهيل عناصر الشرطة والعاملين في المؤسسة القضائية في أفغانستان كما كانت خصصت من قبل مبلغ610 ملايين يورو للسنوات الاربع القادمة. وفي النهاية لم اجد تعبيرا واضحا وقويا للمشكله الافغانيه سوي ما ذكره ماسيمو داليما في كلمته امام المؤتمر حين قال ان النصر في أفغانستان لا يمكن ان يكون عسكريا فقط وبأن بوادر هذا النصر لن تلوح في الافق إلا حينما ينعم كل مواطن أفغاني برغد من العيش في ظل دولة ديمقراطية مستقرة وتشديده علي ان تحقيق الظروف الموضوعية بالعيش الكريم للشعب الافغاني لن يتم مالم يتبلور الانتقال من حالة قانون القوة إلي حالة قوة القانون