وهي أمام الكعبة سألت ابنها: وأنت تحب أطلب لك من ربنا إيه. قال لها بسرعة: أن أكون لاعبا لكرة القدم. فانزعجت أمه وهي تقول: يا نهار أسود.. أنا أمام الكعبة استغفر الله العظيم.. استغفر الله العظيم. ولما عادت استأنفت الصراخ مع ابنها: نعلمك في أحسن المدارس وبأعلى الأسعار, وسوف تسافر إلى أمريكا لاستكمال دراستك في أعظم الجامعات.. وأنت تريد أن تلعب.. ليه يا ابني!. والابن عينه على الملايين التي يتقاضاها اللاعبون في مصر وفي أوروبا وأمريكا. فهو مثل كثير من الشبان يريد الشهرة والفلوس والبنات الجميلة وكل ذلك متوافر عند اللاعبين. ثم قال لأمه: ألم تقرئي ما كتبه توفيق الحكيم؟. وهو قال أيه؟! قال: انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم. أن الملايين التي يحصل عليها اللاعب الصغير الجاهل تعادل ما يتقاضاه جميع المؤلفين منذ أيام الشاعر الفرعوني نبتنآور والشاعر حافظ إبراهيم. طبعا الحكيم حزين على حال الأدباء في مصر. فلا هو يكسب من كتبه ولا أستاذنا العقاد. وقديما قالها فيلسوف عظيم أنه يفضل أن يكون سقراط الفقير لا روتشيلد الخنزير. ولكن روتشيلد هذا لم يصبح غنيا ألا بذكائه وكفاحه وبعد نظره.. ولكن الشباب يريد أن يكون مليونيرا بجزمته وبسرعة غدا صباحا أو اليوم مساء؟!. والشباب ينسى أن هؤلاء اللاعبين لديهم موهبة فذة. أما أين ذهب هذا الابن.. أنه أحد المتفرجين على كرة القدم يصرخ ويتحسر على أنه لا توفيق الحكيم ولا رينالدو!.. نقلاً عن صحيفة الأهرام المصرية