قال أحمد ربيع من علماء وزارة الأوقاف ان مدخل الفهم هو الذى يستطيع ان يعيد الأمور الى نصابها الصحيح وعدم النظر الى الإسلام كعقيدة وشريعة ونموذج أخلاقى وقيمى بصورة كلية يجعل البعض يجتزئ منه ما يشاء مؤكداً ان مصر لن تنهض إلا بالعلم وصناعة الوعى. وأوضح ربيع خلال لقاء لبرنامج صباح الخير يا مصر بالتليفزيون المصرى الاربعاء ان الإسلام له مقاصد هى العبادة وتعمير الأرض والعمل والذى حثنا الله على اتقانه وهو الذى يعتبره الغرب شهادة الأيزو مشيراً الى ان البطالة المقنعة ضد مبادئ الإسلام وتتطلب إعادة بناء العقل المسلم حتى يكون قادراً على تطبيق مبادىء الدين الإسلامى ،ان القرأن ذكر كلمة العمل 359 مرة والكسب 67 مرة وهذا دليل على أهمية العمل وان الأمة الإسلامية أمة عمل. وتابع ان الإسلام وضع منظومة للإرتقاء بالشعوب وأهتم بالصناعات الصغيرة وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشجع الناس على العمل مضيفاً انه يجب ان نعيد للمجتمع ثقافة تقدير العمل حتى وان كان بسيطاً والحكم على المواطن ليس من خلال عمله وانما من خلال هل هو يتقن عمله وفعال فيه أم لا. ولفت ان الرسول صلى الله عليه وسلم شجع على الإنتاج و إحلال العمل محلة الصحيح من عوامل الإنتاج ، و إعطاء الأولوية للعمل الاستثماري ، ومعالجة البطالة فقد روى عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ : " أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ ؟ " قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ قَالَ : " ائْتِنِي بِهِمَا " قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ : " مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ ؟ " قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ ، قَالَ : " مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ؟ " قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ : " اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ " فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ : " اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا " فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ. وتابع انه كان فى وسع النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطي هذا الرجل بعض المال يسد به حاجته ، ولكنه لم يفعل ولم يستجب لسؤال هذا السائل رغم أنه لا يرد سائلاً لأن إعطاء هذا الرجل بعض المال لا يحل المشكلة بل يؤجل حلها ، بل ربما يزيدها تعقيداً ، لأنه يزيد بذلك المتعطلين واحداً، ولكنه أراد أن يحل مشكلة هذا الرجل من جزورها ، وأن يتيح فرصة الإسهام في حل مشاكل المجتمع ، وتقديم الخير والمنفعة لنفسه ولمن حوله ، فصحح له سلوكه ووجهه أحسن توجيه إلى العمل والإنتاج ، لأنه لاحظ قدرته على العمل فأراد أن يضرب له وبه المثل للكثيرين على مدى تعاقب الأجيال الإسلامية مشيراً الى ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بوصف الحلول وصفاً نظرياً علمياً فقط ، بل تولى الحل بنفسه ، فرفع الحلس والعقب وهما كل ما يملكه هذا الرجل ، ونادى بالمزاد عليهما ، ومثله مثل وكيل أمين رغب في الزيادة لموكله ، فرفض أن يبيع لأول مبتاع ، وباع بأحسن الثمنين لموكله ، ثم أخذ رأس المال فقسمه نصفين ، ثم جعل النصف الأول لطعام الرجل وأهله ، حتى تكون لديه كفاية فيتفرغ للعمل ، ثم أمره بشراء آلة الإنتاج وهي ( قدوم ) ليكون رأس مال منتج ، ثم أمره بخلط رأس المال المتمثل في هذه الآلة البسيطة بالعمل والعرق ، ثم أمره أن يحتطب ، فاختار له الحرفة المناسبة ، لأنها حرفة لا تحتاج إلى رأس مال كبير ، ولا بها مهارات ذهنية وفكرية ، بل كل ماتحتاجه قليل من رأس المال – الآلة – وكثير من الجهد العضلي ، أما الأول فقد توفر في القدوم ، وأما الثاني فإن الرجل كان شاباً ، وفي نفس الوقت اختار له الحرفة التي يحتاج إليها أهل بيئته ليقبلوا عليه بالشراء ، فينفعهم بجهده وينتفع بمالهم . كما نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بمباشرة بداية التجربة ووضع الشاب على الطريق الصحيح ، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ، حيث أنه تابعه عن قرب ليرى بنفسه نتائجها ، ولذلك قال للرجل : " احتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما" ، أي أنه ضرب له موعداً يلتقيان فيه ليقيما نتائج التجربة بعد مهلة معقولة ، وقد كانت النتائج طيبة للغاية، حيث ربح العامل عشرة أضعاف رأس المال الذي تم به المشروع الاستثماري الذي أعطى له النبي صلى الله عليه وسلم الأولوية وقدمه على كثير من الأشياء الهامة جداً، والتي في مقدمتها الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضور الجماعات معه. وأشار الى ان هذا الحديث يحتوي على خطوات سباقة سبق بها الإسلام كل النظم التي عرفتها الإنسانية بعد قرون طويلة من ظهور الإسلام ،فالرسول لم يعالج السائل المحتاج بالمعونة المادية الوقتية كما يفكر كثيرون، ولم يعالج بالوعظ المجرد والتنفير من المسألة كما يصنع آخرون، ولكنه أخذ بيده في حل مشكلته بنفسه وعلاجها بطريقة ناجحة ، علمه أن يستخدم كل ما عنده من طاقات وإن صغرت، وأن يستنفد ما يملك من حيل وإن ضؤلت، فلا يلجأ إلى السؤال وعنده شئ يستطيع أن ينتفع به في تيسير عمل يغنيه.