ربما أحدثت الهواتف الذكية والبريد الإلكتروني ثورة في عالم التجسس، لكن الجاسوسية على الطراز القديم لم تفقد أهميتها قط حين يتعلق الأمر بحماية أو اختراق أسرار الدول والشركات. وتضغط الصين وروسيا والسعودية والإمارات والهند حتى يتسنى لوكالاتها الأمنية التجسس على أجهزة بلاكبيري، وتقول إن هذا ضروري لمراقبة المتشددين الخطرين. وقال نائب لرئيس مؤسسة أمريكية لاستشارات المخاطر السياسية فريد بيرتون - وهو ضابط سابق عمل بمكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة- إنه "في مكان مثل الإمارات.. لو كنت رئيسا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) أو جهاز المخابرات البريطانية (MI6) لربما ذهبت لرئيس المخابرات المحلية وطلبت مساعدته في متابعة أو مراقبة شخص ما". وأضاف أن "الكثير يتوقف على العلاقات الشخصية، من يتمتع بأفضل علاقات على صعيد الاتصالات يحصل على المعلومات"، لكن التكنولوجيا أحدثت بالقطع ثورة من حيث كم ما يمكن سرقته. ويستطيع التسلل الإلكتروني نقل كميات هائلة من الوثائق دون ترك أي أثر، لكن الوسائل الأقدم في عالم الجاسوسية لم تنته. في بعض الدول تزرع أجهزة تنصت في حجرات الفنادق وربما يتم دفع مبالغ إضافية لبعض العمال خاصة عمال النظافة والسائقين ليراقبوا مستخدميهم. وربما تكون هناك علاقات وثيقة بين وكالات المخابرات المحلية - من الدول الصغيرة بإفريقيا جنوب الصحراء إلى القوى العالمية - وبين قوى أخرى. ويلف الغموض كم الدعم الذي تتلقاه الشركات الغربية من أجهزة مخابراتها الوطنية، لكن مرة أخرى يبدو أن الاتصالات الشخصية أساسية. ويعرف عن بعض الشركات أنها تتمتع بعلاقات جيدة بشكل خاص، على سبيل المثال عمل من قبل مسؤولون من المخابرات البريطانية (MI6) ووزارة الخارجية لحساب شركات بريطانية مثل عملاق الطاقة (BP) بعد ترك الخدمة الحكومية. ويقر موقع المخابرات البريطانية على الإنترنت علنا بأن الجهاز يعمل من أجل المصلحة الاقتصادية لبريطانيا فضلا عن الأمن القومي والدفاع ومكافحة الجريمة. وفي الاقتصادات الصاعدة - التي لا تتسم بنفس القدر من الشفافية من المقبول بوجه عام - أن يبيع مسؤولو المخابرات أو الأمن معلومات للقطاع الخاص من أجل تحقيق مكاسب شخصية. وهذا الأمر أقل انتشارا بكثير في الاقتصادات الغربية، لكن بيرتون قال إنه يحدث بالطبع. وأضاف أن "أشخاصا يستغلون موارد مخابراتية من أجل أهدافهم الخاصة.. كنت أود أن أقول أن هذا لا يحدث، إسداء معروف لشخص ما أو ربما ضمان موقع جيد في أحد مجالس الإدارات حين تذهب للعمل في القطاع الخاص.. هذا يحدث.. حتى في الولاياتالمتحدة". وقال محللون إن المساعدة التي يقدمها ضباط بأجهزة المخابرات الغربية لمعارفهم الشخصية في الشركات تنطوي عادة على تقديم نصائح أو معلومات سرية إضافية بغرض حماية المؤسسات التي ربما يستهدفها المجرمون أو وكالات المخابرات الأجنبية ولا تدخل في نطاق استغلال معلومات المخابرات للتجسس على منافسين. وقال المحلل السياسي لدى بنك "نومورا" الياباني الستير نيوتن - الذي عمل بوزارة الخارجية البريطانية في مجالي الحرب الإلكترونية والتجارة - إن التمتع بعلاقات جيدة مع السفارة والحكومة له فوائده. وأضاف أنه "إذا كنت في زيارة إلى روريتانيا - نظمتها وزارة التجارة والصناعة البريطانية - وتلقيت معلومات من المفوض السامي عن فرص الأعمال فإنك لن تسأل من أين جاء تحديدا بمعلوماته تلك"، متعمدا استخدام اسم دولة خيالية. وقال "أنت تفترض أنه يعرف ما يتحدث عنه جيدا وحسب".