عندما أعقد مقارنة بين «عبدالوهاب» و«أم كلثوم» أنحاز مباشرة إلي «أم كلثوم» ولو كانت الإذاعة تقدم علي موجة أغنية أحبها لعبدالوهاب وعلي موجة أخري أغنية أحبها لعبد الحليم أختار «عبدالحليم».. هكذا دائماً كانت مشاعري إلا أنني اكتشفت خلال السنوات الأخيرة أن هناك شيئًا ما يقربني من «عبدالوهاب» وأنني أحمل بداخلي جينات وهابية مستترة تبحث عن وسيلة للإعلان عن نفسها وأنها كانت فقط تتحين الفرصة.. وجاءت الفرصة في عيد ميلاد «عبدالوهاب» والذي يبلغ فيه العام رقم 109 حيث إن إذاعة الأغاني المصرية قررت أن تترك كل المساحة وهابية وتأملت الكثير منها «أنت عمري» ذروة لحنية بل هي ثورة كلثومية لأول مرة تنتظر «أم كلثوم» حتي تنتهي الفرقة من تقديم مقدمة موسيقية متكاملة.. «عبدالوهاب» كان موازياً لأم كلثوم في لقائه الموسيقي معها بعد ذلك فتح «عبدالوهاب» الطريق لبليغ حمدي لكي يواصل نفس الاتجاه وهو أن يقدم موسيقي تقف علي قدم وساق أمام صوت «أم كلثوم» وليست تابعة لها.. أستعيد لحن «عبدالوهاب» لشادية «أحبك أحبك» ألحان قليلة جداً قدمها «عبدالوهاب» لشادية، بينما استحوذت أصوات «نجاة» ثم «فايزة»، «صباح»، «وردة» علي النصيب الأكبر من ألحانه.. كانت «شادية» تري ملامح صوتها أكثر مع «محمد فوزي»، «محمود الشريف»، «منير مراد» قبل أن تبدأ مشوارها مع «بليغ حمدي» ورغم ذلك نلمح «عبدالوهاب» مع «شادية» في لحن آخر يقطر خفة ظل «البسبوسة».. «عبدالوهاب» مثلاً منح «سعاد مكاوي» لحنا شعبيا لا ينسي «قالوا البياض أحلي ولا السمار أحلي» يغني بصوته مثلاً أغنيات خفيفة «حبيبي لعبته الهجر والجفا» ورائعتيه «أنا والعذاب وهواك» و«آه منك يا جارحني».. اكتشفت أنني أحب «عبدالوهاب» ولكن ما سر هذا التباعد النفسي أعود بكم أكثر من 25 عاماً كنت قد كتبت تحقيقاً في مجلة اسمها «الوادي» كانت تصدرها مؤسسة «روز اليوسف» عنوان التحقيق «أنا والعذاب وعبدالوهاب» تناولت فيه السرقات الموسيقية لعبدالوهاب وكان شهود وقائع السرقة أحياءً يرزقون «محمود الشريف»، «محمد الموجي»، «رؤوف ذهني» كل منهم حكي أكثر من واقعة.. ونشرت التحقيق وغضب «عبدالوهاب» وثار وحاول منعي من الكتابة عن طريق الاتصال مباشرة بمجلس الشوري، كل هذه الوقائع حكاها لي بعد ذلك الأستاذ «لويس جريس» ولم أكن أدري شيئاً وقال لي سوف نصالحه بطريقتنا وشاركت مجلتا «روز اليوسف» و«صباح الخير» في نشر أكثر من مقال يشيد بعبدالوهاب وظلت هذه الواقعة ربما تحول بيني وبينه حتي ضبط نفسي يوم ذكراه السبت الماضي وقد نسيت كل شيء وصرت في السنوات الأخيرة من دراويش وحواريين «عبدالوهاب»!!